من عبر التاريخ (2):
اشتقاقُ اسمِ معاويةَ بن
أبي سفيان، رضي الله عن غيرهما!؟
بسم الله الرحمن الرحيم
(رَبَّنَا: عَلَيْكَ
تَوَكَّلْنَا، وَإِلَيْكَ أَنَبْنَا، وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ.
رَبَّنَا: لَا تَجْعَلْنَا
فِتْنَةً لِلَّذِينَ كَفَرُوا، وَاغْفِرْ لَنَا.
رَبَّنَا: إِنَّكَ أَنْتَ
الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ).
(رَبَّنَا: افْتَحْ
بَيْنَنَا وَبَيْنَ قَوْمِنَا بِالْحَقِّ، وَأَنْتَ خَيْرُ الْفَاتِحِين).
أرسل إليّ أحد الإخوة
منشوراً لناصبيّ، يُعدّ من مفكّري جماعةِ الإخوان المسلمين السوريين، فيه: «في اسم
معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنهما..
وكتب صديق متين ان اسم
" حسن وحسين" "رضي الله عنهما" منتشر بين المسلمين أكثر بعشر
مرات من اسم معاوية.. وهذه قضية فيها "إنّ" كما نقول.
واسم علي وحسن وحسين"
ودائما رضي الله عنهم أكثر انتشارا بين المسلمين.
وأكاد أقول أكثر من اسم
عمر وعثمان وعامر وسعد وسعيد رضي الله عن الجميع..
وهذه الأسماء أيضا أكثر
انتشارا من اسم معاوية، ذلك ان اسم معاوية
فيه إنّ كما قلت..
فاسم معاوية مشتق من ظروف
الحياة البدوية، والاسم في ذاته كناية عن كرم المسمى، وهو مشتق على النحو المعقد
التالي، وظلت الأجيال، تستوحش منه قول القائل «وما معاوية إلا كلبة عوت فاستعوت
الكلاب»!
وقصة هذا الاسم المكنى به
عن الكرم والسؤدد؛ أن العربي كان إذا تاه في وسط الصحراء في قلب الليل، قام يقلد
صوت الكلب في النباح، ويرسل صوته في اتجاهات البادية الأربعة…
فإذا كان قريبا منه صوت
سيد من سادات العرب الكرام الفضلاء، هب لنجدته" يعاويه" أي يشاركه
العواء لأنه اوسع وأسرع انتشارا، فيجيب على العواء بعواء، فهو المعاوي، كرما ونجدة
وشهامة..
والتأنيث في قولنا معاوية
هو تأنيث التفخيم والتعظيم كما نقول في العالم علامة وفي الفهيم فهامة..
فاسم معاوية مبني على قيمة
من قيم السيادة والكرم والجود ربما يصعب على أجيال بعدت عن حياة البادية ان تدرك
مراميها..
مَعنى في الكرم أي طاقة
لشعوبي منحطٍّ أن يدركه..
وصلى الله وسلم على سيدنا
محمد وعلى الآل والصحب أجمعين أبتعين أبصعين» انتهى!
قال
في القاموس المحيط «عوى» (ص: 1316): «العَوَّاءُ، ويُقْصَرُ «العوّى»: الكَلْبُ،
والاسْتُ، كالعُوَّةِ، بالضم والفتح، واسْتَعْواهُمْ: اسْتَغَاثَ بهم.
والمُعاوِيَةُ:
الكَلْبَةُ، وجِرْوُ الثعْلَبِ، وبِلا لامٍ: ابنُ أبي سفيانَ الصَّحابِيُّ».
وفي أساس البلاغة
للزمخشريّ «عوى» (ص: 687): «ومعاويةُ منقولٌ من المعاوِيَة وهي الكلبةُ التي
تستحرم، فتعاوي الكلاب!
وقال شريكُ بن الأعور
لمعاوية بن أبي سفيان: إنّك لمُعاويةُ، وما معاويةُ إلا كلبةٌ عَوت فاستعْوَتْ»
ونحوه في تاج العروس (29: 130).
فاسمُ سيّده معاويةُ من
الكلبة المعاوية، وليست تاؤه للتعظيم ولا للتفخيم!
ليت هذا المفكّر الكبير
يأتينا بمصدر يؤكّد اشتقاقاته الناصبيّة القميئة هذه!
فزعمه أنّ هذا الاسمَ
دالٌّ على تلك الصفات النبيلةِ التي ذكرها؛ كذبٌ محض، قاده إليه النصب الشاميّ
القبيح!
وزعمه أنّ شيوع اسم (عليّ
والحسن والحسين) أكثر من اسم معاوية بسبب قول شريكِ بن الأعور الحارثيّ هذا؛ كذبٌ
هو الآخر، إن قصد نقله عن غيره، وباطلٌ إن كان تحليلاً من عنديّاته، والحقّ أنّه
ظِلالٌ لقول إبراهيم خليل الرحمن عليه السلام (وَاجْعَلْ لِي لِسَانَ صِدْقٍ فِي
الْآخِرِينَ (84) [الشعراء].
فعقل الأمة الجمعيّ يعظّم
أهل الكساء فطرةً، حتى أكثر من أبي بكر وعمر وبقية العشرة؛ لأنّ الله تعالى جعل
لهم لسان صدقٍ في الآخرين!
وقول هذا المفكّر الناصبيّ
أن اسم معاويةَ «مَعنى في الكرم أيُّ طاقة لشعوبي مُنحطٍّ أن يدركه» باطل هو
الآخر، فأيّ سفهٍ وانحطاطٍ شرٌّ من النصبِ؟
وهل يوجد رجل مؤمنٌ يحبّ
الله ورسوله؛ يستطيع أن يحبَّ إمامَ الطغاةِ البغاةِ، قائدِ المجرمين القتلةِ
قطّاع الطرقِ إلى نار جهنّم؟!
اللهم احشر مع معاويةَ
وأبيه وأمّه وجِرْوه يزيد جميعَ من يحبهم ويدافع عنهم؛ فهم مهما كثروا في تقديري،
ممّن قال الله عزّ وجلَّ فيهم: (وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيرًا مِنَ
الْجِنِّ وَالْإِنْسِ لَهُمْ قُلُوبٌ لَا يَفْقَهُونَ بِهَا وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لَا
يُبْصِرُونَ بِهَا وَلَهُمْ آذَانٌ لَا يَسْمَعُونَ بِهَا أُولَئِكَ
كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ أُولَئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ (179) [الأعراف].
ويحسن أن أذكّر بشعر شريك
بن هانئ هذا في معاويةَ بن صخرٍ إمام الناصبّة الأنجاس، إذ يقول:
أيَشتمني
مُعاوية بن صخرٍ
وسيفي
صارمٌ، ومعي لساني؟
وحولي
مِن ذَوي يَمنٍ ليوثٌ
ضراغمة
تَهَشّ إلى الطِعانِ
يُعيّرني
الدمامةَ مِن سِفاهٍ
ورباتُ
الحجالِ؛ هي الغواني
ذواتُ
الدَلِّ، والرئبالٌ شثنٌ
كريهٌ
وجهه ماضي الجنانِ
فلا
تَبسط لسانك يا ابنَ حَربٍ
علينا،
إذ بلغتَ مَدى الأماني
فإنْ
تَكُ - للشَقاء - لنا أميراً
فإنّا
لا نُقرُّ على الهَوانِ
وإنْ تكُ مِن أميّة في ذُراها
فإني مِن بني عبدِ المَدان»
انتهى.
من كبرى مصائب الأمة أن
يكون معاويةُ ويزيدُ أميرين للمؤمنين، وإنّا لله وإنا إليه راجعون.
(رَبَّنا: ظَلَمْنَا
أَنْفُسَنا، وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنا؛ لَنَكُونَنَّ مِنَ
الْخَاسِرِينَ).
هذا.. وصلّى الله على
سيّدنا محمّد بن عبدالله، وعلى آله وصحبه وسلّم تسليماً.
والحمد لله على كلّ حال.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق