مَسائل حديثية (35):
مِن المتشابه في الرسم !؟
بسم الله الرحمن الرحيم
(رَبَّنا: عَلَيْكَ
تَوَكَّلْنا، وَإِلَيْكَ أَنَبْنا، وَإِلَيْكَ الْمَصيرُ.
رَبَّنا: لَا تَجْعَلْنا
فِتْنَةً لِلَّذِينَ كَفَرُوا، وَاغْفِرْ لَنَا.
رَبَّنَا: إِنَّكَ أَنْتَ
الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ).
رَبَّنَا افْتَحْ بَيْنَنَا
وَبَيْنَ قَوْمِنَا بِالْحَقِّ، وَأَنْتَ خَيْرُ الْفَاتِحِين).
وقع في حلية الأولياء لأبي نعيم (2: 212) ما نصّه: حَدَّثَنَا عَبْدُاللهِ بْنُ
مُحَمَّدِ بْنِ جَعْفَرٍ، مِنْ أَصْلِهِ: ثنا مُوسَى بْنُ هَارُونَ: ثنا خَالِدُ
بْنُ يَحْيَى الْبَلْخِيُّ: ثنا يُونُسُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْمُؤَدِّبُ: حَدَّثَنَا
الْوَلِيدُ بْنُ أَبِي ثَوْرٍ: حَدَّثَنِي سَعْدٌ الطَّائِيُّ أَبُو مُجَاهِدٍ
عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ يَعْنِي ابْنَ سَابِطٍ , عَنِ ابْنِ أَبِي أَوْفَى،
قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ، وساق
حديثاً.
وأعاد أبو نعيم الحديث ذاته في
الحلية أيضاً (2: 269) فقال: حَدَّثَنَا أَبُو مُحَمَّدِ بْنُ حَيَّانَ، مِنْ
أَصْلِهِ: ثنا مُوسَى بْنُ هَارُونَ: ثنا خَالِدُ بْنُ يَحْيَى الْبَلْخِيُّ: ثنا
يُونُسُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْمُؤَدِّبُ، به مثلَه.
ووقع في كتاب القدر للفريابي
(ص: 23) ما نصّه: حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ يَحْيَى الْبَلْخِيُّ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ
هُوَ ابْنُ عُيَيْنَةَ: حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ نَافِعٍ عَنْ قَيْسِ بْنِ
سَعْدٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، قَالَ: قُلْتُ لِابْنِ عَبَّاسٍ: يَا أَبَا
عَبَّاسٍ، السَّاعَةُ الَّتِي تُذْكَرُ فِي يَوْمِ الْجُمُعَةِ؟ الحديث.
قال محقّق كتاب القَدَر
للفريابي في تخريج الحديث (ص: 34): «إن كان شيخ الفِريابي هو
زكريا بن يحيى البلخي, ووهم الناسخ في كتابته؛ فالإسناد صحيح، وأخرجه ابن منده في:
التوحيد (76).
قال الفقير عداب: أخرج أبو عبدالله بن منده هذا الحديث في كتاب
التوحيد، من طريقين:
قال في الطريق الأولى (72): أَخْبَرَنَا أَبُو حَاتِمٍ
مُحَمَّدُ بْنُ عِيسَى الرَّازِيُّ بِهَا , وَعَبْدُوسُ بْنُ الْحُسَيْنِ
النَّيْسَابُورِيُّ بِهَا، وَأَبُوعُمَرَ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ
إِبْرَاهِيمَ قَالُوا: حَدَّثَنَا أَبُو حَاتِمٍ مُحَمَّدُ بْنُ إِدْرِيسَ
الرَّازِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْأَنْصَارِيُّ
قَالَ: حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ حَسَّانَ قَالَ: حَدَّثَنِي قَيْسُ بْنُ سَعْدٍ قَالَ:
حَدَّثَنَا عَطَاءُ بْنُ أَبِي رَبَاحٍ قَالَ: كُنْتُ جَالِسًا عِنْدَ ابْنِ
عَبَّاسٍ، فَأَتَاهُ رَجُلٌ فَقَالَ: يَا أَبَا عَبَّاسٍ أَرَأَيْتَ السَّاعَةَ
الَّتِي ذَكَرَهَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى
اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي
الْجُمُعَةِ) الحديث، ثمّ عقّب قائلاً: « هَذَا حَدِيثٌ مَشْهُورٌ عَنْ هِشَامِ
بْنِ حَسَّانَ».
وقال
في الطريق الثانية (73): أَخْبَرَنَا عَبْدُوسُ بْنُ الْحُسَيْنِ قَالَ:
حَدَّثَنَا أَبُو حَاتِمٍ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ «الفضلُ» قَالَ:
حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ نَافِعٍ قَالَ: حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ مُسْلِمٍ
قَالَ: سَمِعْتُ سَعِيدَ بْنَ جُبَيْرٍ قَالَ: سَأَلْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ, أَوْ
سُئِلَ، فَقِيلَ لَهُ: يَا ابْنَ عَبَّاسٍ السَّاعَةُ الَّتِي تُذْكَرُ مِنْ
يَوْمِ الْجُمُعَةِ» الحديث.
ثم
قال ابن منده: «رَوَاهُ ابْنُ عُيَيْنَةَ عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ نَافِعٍ، عَنْ
قَيْسِ بْنِ سَعْدٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَزَادَ
فِيهِ قَالَ: (خَلَقَهُ مِنْ أَدِيمِ الْأَرْضِ كُلِّهَا أَحْمَرِهَا
وَأَسْوَدِهَا وَخَبِيثِهَا وَطَيِّبِهَا) نَحْوَ الْأَوَّلِ.
ورَوَاهُ
أَبُو حُصَيْنٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا» انتهى.
قال
الفقير عداب: لست أدري كيف غفل محقّق الكتابِ عن نقل هذه الأسانيد، من كتاب
التوحيد، وتعيين المدار العالي، الذي يَستغني بتعيينه عن خالد بن يحيى أو زكريّا
بن يحيى، إذ يصبح شيخُ جعفرٍ الفريابيّ فَضْلةً دون المدار، لا يؤثّر في الحكم على
الحديثِ البتّةَ، ثقةً كان أم ضعيفاً!
هذه
واحدة.
والثانية:
شيخ جعفر الفريابي مصنّف كتاب القدَر؛ ليس خالد بن يحيى البلخي، وليس هو زكريّا بن
يحيى البلخيّ في هذا الحديث؛ لأنّ زكريا - وإن كان من كبار شيوخ جعفر الفريابي - لكنه
لا يروي عن سفيانَ بن عيينة!
إنّما
الذي يروي جعفر الفريابي عنه، عن سفيان بن عيينة؛ هو حامد بن يحيى البلخي.
ترجمه
المزيّ في تهذيبه (5: 325) فقال: حامد بن يَحْيَى بن هانئ البلخي أَبُو عَبْدِاللهِ نزيل طرسوس.
رَوَى
عَن أيّوب بْن النجار اليمامي، وبكر بْن صدقة الجدي، والحسن بْن مُحَمَّد بْن
عُبَيداللهِ بْن أَبي يزيد، وحسين بن
عَلِيٍّ الجعفي، وحفص بْن سالم، وسفيان بْن عُيَيْنَة (د).
وذكر
في الرواة عنه (5: 326): «إسماعيل بْن مُحَمَّد العذري، وجعفر بْن مُحَمَّدِ بْنِ
الحسن الفريابي، وأَبُو بكر جنيد بْن حكيم الدقاق الأثرم».
وفي
ترجمة سفيان بن عيينة من تهذيب المزيّ أيضاً (11: 184) ذكر المزيّ في الرواة عن
ابن عيينة: «الحارث بْن مسكين المِصْرِي (س) وحامد بْن يَحْيَى البلخي (د) وحجاج
بْن منهال الأنماطي (خ).
وقال
في ترجمة سفيان (11: 188): «قَال حامد بْن يَحْيَى البلخي: سمعت سُفْيَان بْن
عُيَيْنَة يقول: رأيت كأن أسناني كلها سقطت، فذكرت ذلك للزهري فقَالَ: تموت أسنانك،
وتبقى أنت... إلخ القصّة!
وحامد
بن يحيى البلخيّ؛ أثنى عليه عليّ ابن المدينيّ، وقال أبو حاتم: صدوق، وترجمه ابن
حبّان في الثقات، وأخرج له في صحيحه أحاديثَ، منها (624، 751، 781، 1254، 3573)
ومواضع أخرى.
أمّا
خالد بن يحيى البلخيّ؛ فلم يخلقِ الله تعالى رجلاً بهذا الاسم، حسب ما بين أيدينا
من مصادر!
فيُرجى
من محقّق كتاب القدر للفريابي أن يصحح هذا الخطأ في كتابِه، كما يُرجى من طابع
كتاب حلية الأولياءِ تصحيح الخطأ في الموضعين، مع جزيل الشكر والتقدير.
(رَبَّنا: ظَلَمْنَا أَنْفُسَنا، وَإِنْ لَمْ
تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنا؛ لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ).
هذا.. وصلّى الله على سيّدنا محمّد بن عبدالله،
وعلى آله وصحبه وسلّم تسليماً
والحمد
لله على كلّ حال.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق