المشكلة الشيعيّة (1):
هَل التَشيُّعُ مُشكِلةٌ؟!
(إعادةُ نَشرٍ)
بِسمِ اللهِ الرَحْمنِ الرَحيمِ
(رَبَّنَا: عَلَيْكَ
تَوَكَّلْنَا، وَإِلَيْكَ أَنَبْنَا، وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ.
رَبَّنَا: لَا تَجْعَلْنَا
فِتْنَةً لِلَّذِينَ كَفَرُوا، وَاغْفِرْ لَنَا.
رَبَّنَا: إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ).
(رَبَّنَا: افْتَحْ بَيْنَنَا وَبَيْنَ قَوْمِنَا
بِالْحَقِّ، وَأَنْتَ خَيْرُ الْفَاتِحِينَ).
أيها الإخوةُ المؤمنون: السلام عليكم ورحمة الله
وبركاته.
أمّا بعد: سبق لهذه الحلقات الأربعِ أن نشرتُها في
فتراتٍ متباعدة، وقد نظرتُ فيها، وسأعيد نشرَها تِباعاً، حتى تكون تصوُّر المسألةِ
أقربَ وأهدى.
وسأستغلّ هذا الشهرَ المبارَك «محرّم الحرام»
للكلام على المشكلة الشيعيّة وخطورتها على أمّة الإسلام، في هذا العصر، فأرجو
الانتباهَ إلى ذلكَ، والاحتفاظَ بهذه المنشوراتِ، عن هذه المشكلة!
هَل التَشيُّعُ مُشكِلةٌ؟!
إنّ قيامَ الدولةِ الشيعيّة الكبرى المعاصرة في
إيران، وممارساتِها التوسعيّة الواضحة في «الأهواز، والبحرين، والمنطقة الشرقية من
جزيرة العرب، وفي العراق، وسوريا ولبنان، واليمن».
وإنّ تشابه المنهج العسكريّ «المليشياويّ»
والسياسيّ الطائفيّ، في كلّ بلدٍ من هذه البلدان؛ يحتّم على المراقبِ المحايِدِ أن
يجيب نفسه على السؤال الملحّ منذ نصفِ قَرنٍ: هل التشيّع مشكلة؟!
إذا قُصِد بالتشيّعِ؛ حبُّ الإمام عليّ وأسرتِه
وذريّتهِ، عليهم السلامُ، ونصرتهم والإحسان إليهم؛ فالتشيّع محمدةٌ ومكرمةٌ،
وقيامٌ بواجبٍ دينيّ من وجهة نظري!
وأكثرُ ذريّةِ الإمامِ عليّ، المحفوظةِ أنسابهم؛ هي
ذاتها ذريّة الرسول صَلّى اللهُ عَليهِ وآلِه وسَلّمَ، ليس للرسول الأكرم ذريّةٌ
باقيةٌ سواها.
(قُلْ لَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِنْ هُوَ
إِلَّا ذِكْرَى لِلْعَالَمِينَ (90) [الأنعام].
يُلاحَظ في
هذه الآية الكريمةِ؛ أنّ الرسولَ صَلّى اللهُ عَليهِ وآلِه وسَلّمَ ينفي أن يكون
طالباً لأيّ أجر، وسورة الأنعام مكيّة، كما هو معلوم!
وحين أُذن بالقتالِ، وأباح اللهُ تعالى الغنائم
للمسلمين؛ كان للرسولِ صَلّى اللهُ عَليهِ وآلِه وسَلّمَ خمسها:
(وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ
فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى
وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ (41) [الأنفال].
وحين قَويت دولة النبوّة و استقرّت نسبيّاً؛ صار
ثمة فيء وركاز وأموال عامّة، فشرع اللهُ تعالى لرسولِه التصرّف في الفيء:
(مَا أَفَاءَ اللهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ
الْقُرَى فَلِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى
وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ كَيْ لَا يَكُونَ دُولَةً بَيْنَ
الْأَغْنِيَاءِ مِنْكُمْ (7) [الحشر].
فسياسةُ توزيع الفيء؛ إلى الرسول صَلّى اللهُ
عَليهِ وآلِه وسَلّمَ، بإذن ربّه تعالى وتوجيهه.
وتأكيداً لهذا المعنى؛ جاء قولُ اللهِ تبارك
وتعالى:
(قُلْ مَا
سَأَلْتُكُمْ مِنْ أَجْرٍ فَهُوَ لَكُمْ، إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلَى اللهِ وَهُوَ
عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ (47) [سبأ].
أجلْ كان رسول اللهِ صَلّى اللهُ عَليهِ وآلِه
وسَلّمَ يوظّف الفيءَ في مصالح عامّة
المسلمين وضعفائهم (كَيْ لَا يَكُونَ دُولَةً بَيْنَ الْأَغْنِيَاءِ).
فلمّا وَضحَ كلّ شيء أمام المسلمين؛ أراد اللهُ
تعالى أن يوضحَ للأمةِ ما يتوجّب عليها تجاهَ رسولها صَلّى اللهُ عَليهِ وآلِه
وسَلّمَ بعد وفاته!
فكان من جملة ذلك؛ مودّةُ قراباتِ الرسول صَلّى
اللهُ عَليهِ وآلِه وسَلّمَ!
(قُلْ لَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلَّا
الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى (23) [الشورى].
ومهما حاولنا تأويل كلمة (الْقُرْبَى) وتوسيعَ
دائرتها؛ فإنها لا تنطبقُ على شيءٍ، أكثرَ من انطباقِها على أولادِ رسول اللهِ
صَلّى اللهُ عَليهِ وآلِه وسَلّمَ وبناتِه، ثمّ على أحفاده وأسباطِه.
فأحفادُه وأسباطُه؛ أقربُ إليه من إخوانه، ومن
أعمامه وأخواله؛ لأنهم امتدادٌ لنسبه الخاصّ!
أمّا إن قُصِدَ بـ «التشيّعِ» أيَّ شيءٍ وراءَ ذلك؛
فهو مشكلةٌ حقيقيّةٌ مؤلمة!
خاصّةً منهاجَهم السياسيَّ الغريبَ العجيبَ، الذي
يؤمن به أكثرُ من (200) مليون مسلمٍ شيعيٍّ إماميّ، وليس عليه دليلٌ واحدٌ من كتاب
اللهِ تعالى، وسنّة رسوله صَلّى اللهُ عَليهِ وآلِه وسَلّمَ!
ولو أننا فتّشنا كتبَ الشيعةِ من أوّلها إلى آخرها،
صحيحها ومقبولها عندهم؛ فلن نجدَ دليلاً واحداً صالحاً للحجيّة، على أيّ مسألةٍ من
مسائل الإمامةِ السياسيّة الاعتقاديّة «النصِّ، والتعيينِ، والعصمةِ، والإمامةِ
الاثني عشريّة الوراثيّة، وانحصارها وتسلسلها في ذرية الحسين عليه السلام، والبداءِ،
والرجعةِ، والمهديّ».
وإذ كانت هذه المسائلُ كلّها اعتقاديةً لديهم؛ فإنك
ستقف في المعسكَر المُقابلِ لهم فتكون مًباشرةً في مواجهتهم، ومن دون أدنى تفكير؛
لأنّ مسائل الاعتقاد ليست قابلةً للتفاوضِ، أو التنازلِ، أو المجاملة، أو التعايش!
وإذْ كان المرجعُ الدينيُّ؛ هو نائبَ الإمام
المعصوم، والمعصوم متحدّثٌ باسم اللهِ تبارك وتعالى؛ فقد صار للمرجع الدينيّ
قدسيّةُ المعصوم تماماً، على مدى قرون!
ولذلك تجد في خطابهم إياه: «الإمام المقدّس، الجناب
المقدّس، المرجعيّة المقدّسة»!
بل إنّ فتاواه تغدو مقدّسة، والناتجُ عن تلك الفتاوى؛
يأخذ عظمةَ القداسة ذاتها «الكتائب الشيعية المقدسة، الحشد الشعبيّ المقدس، قاسم
سليماني الشهيد المقدس».
ويترتّب على بعضِ ما تقدّم أنّ «الحاكم الشرعيَّ»
هو المرجع الدينيّ الحَوزويّ، وهو الذي يَمنح الشرعيّة للحاكم السياسيّ!
وإذا كان النظام ديمقراطيّاً مثلاً؛ فلا يكتسب أدنى
شرعيّة باختيار الناسِ إيّاه، وتغدو أموالُ الأمةِ التي تحوزها وتحوطها وتحميها
الدولة «مالاً مجهول المالك»!
يحقّ لكلّ سابقٍ قادرٍ أن يحوزه، ثمّ يذهب إلى
المرجع «الحاكم الشرعيّ» ليأخذ منه الخُمسَ، فيطهّره له بذلك!
وبهذه الفتوى الشائعة في كتب الإمامية؛ نَهبَ
القادرون على الوصولِ إلى مالِ الأمة، من الساسة العراقيين «مِليارات الدولاراتِ»
بوجهٍ مشروعٍ، ليس من حقّ أحدٍ أن يحاسبَهم عليه!
وبمثل هذه الفتاوى الإجراميّة الباطلة؛ لا يمكن أن
تقومَ دولةٌ أصلاً، ولا يمكن أن يسودَ التوزيعُ العادلُ للثرواتِ بين سوادِ
الأمّة، إلا تساويهم في الفقر والذلّ والحاجة!
ختاماً: نحن سنتناولُ على هذه المدوّنة «المشكلةَ
الشيعيّة» بآفاقِها وأبعادها، بموضوعيّة وعُمقٍ، محاولين الوصولَ إلى فهم صحيح
دقيقٍ لها، وساعين في تصوّرِ حلٍّ واقعيّ لأكبر مشكلةٍ في حياةِ الأمّة المعاصرةِ
والمستقبلَة!
واللهُ تَعالَى أعْلَمُ.
(رَبَّنا: ظَلَمْنَا
أَنْفُسَنا، وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنا؛ لَنَكُونَنَّ مِنَ
الْخَاسِرِينَ).
هذا.. وصلّى الله على سيّدنا محمّد بن عبدالله،
وعلى آله وصحبه وسلّم تسليماً.
والحمد لله على كلّ حال.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق