مَسائِلُ عَقَدِيّةٌ (13):
تَبْليغُ الإِسلامِ إلى
غَيْرِ أَهْلِه !؟
بسم الله الرحمن الرحيم
(رَبَّنَا: عَلَيْكَ
تَوَكَّلْنَا، وَإِلَيْكَ أَنَبْنَا، وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ.
رَبَّنَا: لَا تَجْعَلْنَا
فِتْنَةً لِلَّذِينَ كَفَرُوا، وَاغْفِرْ لَنَا.
رَبَّنَا: إِنَّكَ أَنْتَ
الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ).
(رَبَّنَا: افْتَحْ
بَيْنَنَا وَبَيْنَ قَوْمِنَا بِالْحَقِّ، وَأَنْتَ خَيْرُ الْفَاتِحِين).
(رَبِّ اشْرَحْ لِي
صَدْرِي، وَيَسِّرْ لِي أَمْرِي.
وَاحْلُلْ عُقْدَةً مِنْ
لِسَانِي (27) يَفْقَهُوا قَوْلِي).
أيها الإخوة المؤمنون:
استمعوا إلى ما يقوله لكم ربكم الرحمن الرحيم!
(يَاأَيُّهَا الَّذِينَ
آمَنُوا: لَا تَتَوَلَّوْا قَوْمًا غَضِبَ اللهُ عَلَيْهِمْ، قَدْ يَئِسُوا مِنَ
الْآخِرَةِ، كَمَا يَئِسَ الْكُفَّارُ مِنْ أَصْحَابِ الْقُبُورِ (13) [الممتحنة].
إنّ رحمةَ العلمانيين بغير
المسلمين، من أبرز أسبابها التبعيّةُ الفكريّةُ والسياسيّةُ والنفسيّةُ لأولئك
الكافرين، وربما هي الرغبةُ في مجاراتهم، وردّ كيدهم عنهم:
(يَاأَيُّهَا الَّذِينَ
آمَنُوا: لَا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ.
بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ
بَعْضٍ.
وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ
مِنْكُمْ؛ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ، إِنَّ اللهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ
(51) فَتَرَى الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ؛ يُسَارِعُونَ فِيهِمْ!
يَقُولُونَ: نَخْشَى أَنْ
تُصِيبَنَا دَائِرَةٌ!
فَعَسَى اللهُ أَنْ
يَأْتِيَ بِالْفَتْحِ، أَوْ أَمْرٍ مِنْ عِنْدِهِ، فَيُصْبِحُوا عَلَى مَا
أَسَرُّوا فِي أَنْفُسِهِمْ نَادِمِينَ (52) [المائدة].
إنّ مسألةَ تعليمِ الإسلام
لأبنائه، ونَشرِ الإسلامِ بين غير المسلمين؛ من أهمّ واجباتِ الدولة الإسلاميّة،
إذ هي القادرة على توظيفِ طوائفَ متخصّصةً في الدعوة إلى الله تعالى، والتربية
والتعليم.
وعلى افتراضِ وجود هذه
الدولة، أو عدم وجودها؛ فما القدر الواجب على المسلمين تبليغُه إلى غير المسلمين،
حتى تقومَ عليهم الحجّة، ويتحقق في المسلمين قول الله تبارك وتعالى:
(وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ
أُمَّةً وَسَطًا لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ
عَلَيْكُمْ شَهِيدًا (143) [البقرة].
سأجيبُ على هذا السؤال
الضروريّ بفقرات موضحة.
أوّلاً: قال الله تعالى:
(1) - (كَانَ النَّاسُ
أُمَّةً وَاحِدَةً فَبَعَثَ اللهُ النَّبِيِّينَ مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ
وَأَنْزَلَ مَعَهُمُ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِيَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ فِيمَا
اخْتَلَفُوا فِيهِ.
وَمَا اخْتَلَفَ فِيهِ
إِلَّا الَّذِينَ أُوتُوهُ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَتْهُمُ الْبَيِّنَاتُ بَغْيًا
بَيْنَهُمْ فَهَدَى اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا لِمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ مِنَ الْحَقِّ
بِإِذْنِهِ، وَاللهُ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ (213)
[البقرة].
(2) - (إِنَّا أَوْحَيْنَا
إِلَيْكَ كَمَا أَوْحَيْنَا إِلَى نُوحٍ وَالنَّبِيِّينَ مِنْ بَعْدِهِ
وَأَوْحَيْنَا إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْبَاطِ
وَعِيسَى وَأَيُّوبَ وَيُونُسَ وَهَارُونَ وَسُلَيْمَانَ وَآتَيْنَا دَاوُودَ
زَبُورًا (163) وَرُسُلًا قَدْ قَصَصْنَاهُمْ عَلَيْكَ مِنْ قَبْلُ وَرُسُلًا لَمْ
نَقْصُصْهُمْ عَلَيْكَ وَكَلَّمَ اللهُ مُوسَى تَكْلِيمًا (164) رُسُلًا
مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ حُجَّةٌ
بَعْدَ الرُّسُلِ وَكَانَ اللهُ عَزِيزًا حَكِيمًا (165) [النساء].
(3) - (إِنْ أَنْتَ إِلَّا
نَذِيرٌ (23) إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ بِالْحَقِّ بَشِيرًا وَنَذِيرًا، وَإِنْ مِنْ
أُمَّةٍ إِلَّا خَلَا فِيهَا نَذِيرٌ (24) [فاطر].
(4) - (مَنِ اهْتَدَى
فَإِنَّمَا يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ وَمَنْ ضَلَّ فَإِنَّمَا يَضِلُّ عَلَيْهَا وَلَا
تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ
رَسُولًا (15) [الإسراء].
هذه الآيات القرآنيّة،
توضح رحمةَ الله تعالى بعباده، إذ أرسل إليهم الأنبياء والرسلَ؛ ليعلّموهم الدين
الذي ارتضاه الله تعالى لهم، وآخرهم سيّدنا محمّد صلّى الله عليه وعليهم وسلم.
فماذا قال الله تعالى
لرسوله؟
(يَاأَيُّهَا الرَّسُولُ
بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ
رِسَالَتَهُ، وَاللهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ، إِنَّ اللهَ لَا يَهْدِي
الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ (67) [المائدة].
(قُلْ أَيُّ شَيْءٍ
أَكْبَرُ شَهَادَةً؟ قُلِ: اللهُ شَهِيدٌ بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَأُوحِيَ إِلَيَّ
هَذَا الْقُرْآنُ لِأُنْذِرَكُمْ بِهِ وَمَنْ بَلَغَ!
أَئِنَّكُمْ لَتَشْهَدُونَ
أَنَّ مَعَ اللهِ آلِهَةً أُخْرَى؟ قُلْ لَا أَشْهَدُ قُلْ إِنَّمَا هُوَ إِلَهٌ
وَاحِدٌ وَإِنَّنِي بَرِيءٌ مِمَّا تُشْرِكُونَ (19) الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ
الْكِتَابَ يَعْرِفُونَهُ كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَاءَهُمُ الَّذِينَ خَسِرُوا
أَنْفُسَهُمْ فَهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ (20) [الأنعام].
(إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللهِ
الْإِسْلَامُ وَمَا اخْتَلَفَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ إِلَّا مِنْ بَعْدِ
مَا جَاءَهُمُ الْعِلْمُ بَغْيًا بَيْنَهُمْ وَمَنْ يَكْفُرْ بِآيَاتِ اللهِ فَإِنَّ
اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ (19).
فَإِنْ حَاجُّوكَ فَقُلْ
أَسْلَمْتُ وَجْهِيَ للهِ وَمَنِ اتَّبَعَنِ.
وَقُلْ لِلَّذِينَ أُوتُوا
الْكِتَابَ وَالْأُمِّيِّينَ: أَأَسْلَمْتُمْ؟
فَإِنْ أَسْلَمُوا؛ فَقَدِ
اهْتَدَوْا، وَإِنْ تَوَلَّوْا؛ فَإِنَّمَا عَلَيْكَ الْبَلَاغُ، وَاللهُ بَصِيرٌ
بِالْعِبَادِ (20) [آل عمران].
(قُلْ: أَطِيعُوا اللهَ
وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ، فَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّمَا عَلَيْهِ مَا حُمِّلَ
وَعَلَيْكُمْ مَا حُمِّلْتُمْ وَإِنْ تُطِيعُوهُ تَهْتَدُوا، وَمَا عَلَى
الرَّسُولِ إِلَّا الْبَلَاغُ الْمُبِينُ (54) [النور].
قام رسول الله صلّى الله
عليه وآله وسلّم بالبلاغِ، فماذا بلّغ؟
(قُلْ إِنَّمَا
أُنْذِرُكُمْ بِالْوَحْيِ، وَلَا يَسْمَعُ الصُّمُّ الدُّعَاءَ إِذَا مَا
يُنْذَرُونَ (45) [الأنبياء].
(وَاتْلُ مَا أُوحِيَ
إِلَيْكَ مِنْ كِتَابِ رَبِّكَ لَا مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِهِ وَلَنْ تَجِدَ مِنْ
دُونِهِ مُلْتَحَدًا (27) [الكهف].
(إِنَّمَا أُمِرْتُ أَنْ
أَعْبُدَ رَبَّ هَذِهِ الْبَلْدَةِ الَّذِي حَرَّمَهَا وَلَهُ كُلُّ شَيْءٍ
وَأُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ (91) وَأَنْ أَتْلُوَ الْقُرْآنَ
فَمَنِ اهْتَدَى فَإِنَّمَا يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ وَمَنْ ضَلَّ فَقُلْ إِنَّمَا
أَنَا مِنَ الْمُنْذِرِينَ (92) [النمل].
(وَقَالُوا لَوْلَا
أُنْزِلَ عَلَيْهِ آيَاتٌ مِنْ رَبِّهِ، قُلْ إِنَّمَا الْآيَاتُ عِنْدَ اللهِ، وَإِنَّمَا
أَنَا نَذِيرٌ مُبِينٌ (50) أَوَلَمْ يَكْفِهِمْ أَنَّا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ
الْكِتَابَ يُتْلَى عَلَيْهِمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَرَحْمَةً وَذِكْرَى لِقَوْمٍ
يُؤْمِنُونَ (51) [العنكبوت].
جميعُ هذه الآياتِ
الكريمةِ، تشير إلى أنّ الرسولَ صلّى الله عليه وآله وسلّم؛ كان يدعوهم بالقرآن
الكريم، وليس بفلسفة أرسطو وأفلاطون وابن سينا والفارابي.
ثانياً: لنذهب إلى السيرة
النبويّة، وننظر تطبيقَ الرسولِ صلّى الله عليه وآله وسلم لتبليغ الرسالة!
(1) أخرج البخاريّ في
الزكاة (1496) ومسلم في الإيمان (19) من حديث
أَبِي مَعْبَدٍ - واسمه
نافذ - عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ؛ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
بَعَثَ مُعَاذًا إِلَى الْيَمَنِ فَقَالَ لَهُ: إِنَّكَ تَأْتِي قَوْمًا أَهْلَ
كِتَابٍ، فَادْعُهُمْ إِلَى شَهَادَةِ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، وَأَنِّي
رَسُولُ اللهِ.
فَإِنْ هُمْ أَطَاعُوا
لِذَلِكَ؛ فَأَعْلِمْهُمْ أَنَّ اللهَ افْتَرَضَ عَلَيْهِمْ خَمْسَ صَلَوَاتٍ فِي
الْيَوْمِ وَاللَّيْلَةِ.
فَإِنْ هُمْ أَطَاعُوا
لِذَلِكَ؛ فَأَعْلِمْهُمْ أَنَّ اللهَ افْتَرَضَ عَلَيْهِمْ صَدَقَةً فِي
أَمْوَالِهِمْ، تُؤْخَذُ مِنْ أَغْنِيَائِهِمْ وَتُرَدُّ عَلَى فُقَرَائِهِمْ.
فَإِنْ هُمْ أَطَاعُوا
لِذَلِكَ؛ فَإِيَّاكَ وَكَرَائِمَ أَمْوَالِهِمْ، وَاتَّقِ دَعْوَةَ الْمَظْلُومِ؛
فَإِنَّهَا لَيْسَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ اللَّهِ حِجَابٌ)
وأخرجه الترمذي في الزكاة
(625) وقال: «حَدِيثُ ابْنِ عَبَّاسٍ حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ».
(2) أخرج البخاريّ في الإيمان
(53) ومسلم في الإيمان (17) من حديث أَبِي جَمْرَةَ «نصر بن عمران الضُبَعيِّ» قَالَ:
كُنْتُ أُتَرْجِمُ بَيْنَ يَدَيْ ابْنِ عَبَّاسٍ وَبَيْنَ النَّاسِ، فَأَتَتْهُ
امْرَأَةٌ تَسْأَلُهُ عَنْ نَبِيذِ الْجَرِّ؟
فَقَالَ: إِنَّ وَفْدَ
عَبْدِ الْقَيْسِ، أَتَوْا رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ،
فَقَالَ رَسُولُ اللهِ: (مَنْ الْوَفْدُ)؟ أَوْ (مَنْ الْقَوْمُ)؟ قَالُوا:
رَبِيعَةُ.
قَالَ: (مَرْحَبًا
بِالْقَوْمِ، أَوْ بِالْوَفْدِ، غَيْرَ خَزَايَا وَلَا النَّدَامَى)
فَقَالُوا: يَا رَسُولَ
اللَّهِ: إِنَّا نَأْتِيكَ مِنْ شُقَّةٍ بَعِيدَةٍ، وَإِنَّ بَيْنَنَا وَبَيْنَكَ
هَذَا الْحَيَّ مِنْ كُفَّارِ مُضَرَ وَإِنَّا لَا نَسْتَطِيعُ أَنْ نَأْتِيَكَ
إِلَّا فِي الشَهْرِ الْحَرَامِ، فَمُرْنَا بِأَمْرٍ فَصْلٍ، نُخْبِرْ بِهِ مَنْ
وَرَاءَنَا، نَدْخُلُ بِهِ الْجَنَّةَ!
قَالَ: فَأَمَرَهُمْ
بِأَرْبَعٍ، وَنَهَاهُمْ عَنْ أَرْبَعٍ!
قَالَ «ابنُ عبّاسٍ»: أَمَرَهُمْ
بِالْإِيمَانِ بِاللهِ وَحْدَهُ، وَقَالَ: (هَلْ تَدْرُونَ مَا الْإِيمَانُ بِاللهِ)؟
قَالُوا: اللهُ
وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ!
قَالَ: (شَهَادَةُ أَنْ
لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ ، وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللهِ، وَإِقَامُ
الصَّلَاةِ، وَإِيتَاءُ الزَّكَاةِ، وَصَوْمُ رَمَضَانَ، وَأَنْ تُؤَدُّوا خُمُساً
مِنْ الْمَغْنَمِ، وَنَهَاهُمْ عَنْ الدُّبَّاءِ وَالْحَنْتَمِ وَالْمُزَفَّتِ.
وفي رواية: (أَنْهَاكُمْ
عَمَّا يُنْبَذُ فِي الدُّبَّاءِ وَالنَّقِيرِ وَالْحَنْتَمِ وَالْمُزَفَّتِ).
(3) أخرج البخاريّ في
الجهاد (2942) ومسلم في فضائل الصحابة (2406) من حديث الصحابيّ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ
الساعديّ؛ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ يَوْمَ
خَيْبَرَ: (لَأُعْطِيَنَّ هَذِهِ الرَّايَةَ رَجُلًا يَفْتَحُ اللهُ عَلَى
يَدَيْهِ، يُحِبُّ اللهَ وَرَسُولَهُ، وَيُحِبُّهُ اللهُ وَرَسُولُهُ) قَالَ سهلٌ:
فَبَاتَ النَّاسُ يَدُوكُونَ لَيْلَتَهُمْ، أَيُّهُمْ يُعْطَاهَا؟
فَلَمَّا أَصْبَحَ
النَّاسُ؛ غَدَوْا عَلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ،
كُلُّهُمْ يَرْجُونَ أَنْ يُعْطَاهَا!
فَقَالَ: أَيْنَ عَلِيُّ
بْنُ أَبِي طَالِبٍ؟ فَقَالُوا: هُوَ يَشْتَكِي عَيْنَيْهِ، يَا رَسُولَ اللهِ!
قَالَ صَلَّى اللهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (فَأَرْسِلُوا إِلَيْهِ) فَأُتِيَ بِهِ، فَبَصَقَ رَسُولُ اللهِ
صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي عَيْنَيْهِ، وَدَعَا لَهُ، فَبَرَأَ، حَتَّى
كَأَنْ لَمْ يَكُنْ بِهِ وَجَعٌ، فَأَعْطَاهُ الرَّايَةَ!
فَقَالَ عَلِيٌّ «عليه
السلام»: يَا رَسُولَ اللهِ، أُقَاتِلُهُمْ حَتَّى يَكُونُوا مِثْلَنَا؟
فَقَالَ صَلَّى اللهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (انْفُذْ عَلَى رِسْلِكَ، حَتَّى تَنْزِلَ بِسَاحَتِهِمْ،
ثُمَّ ادْعُهُمْ إِلَى الْإِسْلَامِ وَأَخْبِرْهُمْ بِمَا يَجِبُ عَلَيْهِمْ مِنْ
حَقِّ اللهِ فِيهِ، فَوَاللهِ لَأَنْ يَهْدِيَ اللهُ بِكَ رَجُلًا وَاحِدًا؛
خَيْرٌ لَكَ مِنْ أَنْ يَكُونَ لَكَ حُمْرُ النَّعَمِ).
(4) وأخرج المصنّفون في
الصحابة، ومنهم أبو نعيم الأصبهاني في معرفة الصحابة (2: 515) من حديث مُحَمَّدِ
بْنِ إِسْحَاقَ عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ عَبْدِالرَّحْمَنِ بْنِ
الْحَارِثِ بْنِ هِشَامٍ، عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ، عَن جَعْفَرِ بْنِ أَبِي طَالِبٍ؛
أَنَّ النَّجَاشِيَّ، سَأَلَهُ مَا دِينُكُمْ؟
قَالَ جعفر رضي الله عنه:
بُعِثَ فِينَا رَسُولُ اللهِ، نَعْرِفُ لِسَانَهُ، وَصِدْقَهُ، وَوَفَاءَهُ.
فَدَعَانَا إِلَى أَنْ
نَعْبُدَ اللهَ وَحْدَهُ، لَا نُشْرِكَ بِهِ شَيْئًا، وَخَلْعِ مَا كَانَ يَعْبُدُ
قَوْمُنَا وَغَيْرُهُمْ مِنْ دُونِهِ.
فَأَمَرَنَا
بِالْمَعْرُوفِ، وَنَهَانَا عَنِ الْمُنْكَرِ، وَأَمَرَنَا بِالصَّلَاةِ
وَالصِّيَامِ وَالصَّدَقَةِ وَصِلَةِ الرَّحِمِ.
فَدَعَانَا إِلَى مَا
نَعْرِفُ، وَقَرَأَ عَلَيْنَا تَنْزِيلًا جَاءَ مِنْ عِنْدِ اللهِ، لَا يُشْبِهُهُ
غَيْرُهُ، فَصَدَّقْنَاهُ وَآمَنَّا بِهِ، وَعَرَفْنَا أَنَّ مَا جَاءَ بِهِ حَقٌّ
مِنْ عِنْدِ اللهِ، فَفَارَقْنَا عِنْدَ ذَلِكَ قَوْمَنَا، فَأَذَوْنَا
وَقَهَرُونَا، فَلَمَّا أَنْ بَلَغُوا مِنَّا مَا نَكْرَهُ، وَلَمْ نَقْدِرْ عَلَى
أَنْ نَمْتَنِعَ مِنْهُمْ؛ خَرَجْنَا إِلَى بَلَدِكَ، وَاخْتَرْنَاكَ عَلَى مَنْ
سِوَاكَ».
هذه النصوص تدلُّ على أنّ الرسول
صلّى الله عليه وآله وسلّم؛ كان يتلو على المدعوّين إلى الإسلام القرآنَ العظيم،
ويبيّن لهم أركان الإسلام!
انظر إلى حديث سهلِ بن سعد،
وما جرى من حوارٍ بين الرسول وعليّ صلّى الله عليهما وسلّم؛ تجد مسألة الدعوةِ
المطلوبةِ يسيرةً، ليس فيها ذاك التعقيد الفلسفيّ، الذي يفترضه بعض العلمانيين،
وبعض طلبة العلم الشرعيّ، وللأسف!
وفي زماننا هذا؛ لا يوجد
إنسانٌ في العالم المتحضّر لم يسمع باسم الإسلام، فعلى من سمع باسم الإسلام؛ أن
يبحث ليتعرّف إليه، فالقرآن الكريم مترجم إلى لغاتِ الأرضِ الرئيسة كلّها، فيمكن
لغير العربيّ أن يطّلع على ما اطّلع عليه النجاشيّ، غير العربيّ، وقيصر الروم غير
العربيّ أيضاً، وفهما دعوةَ الرسول صلّى الله عليه وآله وسلّم، الموافقةَ للفطرة
البشريّة!
على أنه لم يكن خلافُنا مع
قومنا في هذه الأيام، بشأن الأوربيين والصينيين، إنما اختلفنا معهم بشأن قومٍ
عربٍ، ولغتهم هي العربية، فما أيسرَ أن يَتعرّفوا إلى الإسلام لو أرادوا.
ثالثاً: تشويه صورة
الإسلام:
يقول هؤلاء الرحماء بغير
المسلمين: من وصلته صورة الإسلام مشوّهةً؛ فهو معذور!
ونقول لهم: الله أعلم
بخلقه منكم، فقد ضرب لنا ولكم الأمثالَ، وأوضح لنا ما عاناه رسل الله تعالى مع
أقوامهم، وما قام به هؤلاء من تشويه صورة الرسول والرسالة على حدّ سواء!
ولنترك جميعَ الأنبياء
السابقين، فلم أرَ للعلمانيين مشكلة معهم، مشكلتهم مع الإسلام ورسوله، وحسب!
فكيف كانت مواقف غير
المسلمين من الرسول صلّى الله عليه وآله وسلّم، ومن الرسالة؟
قال الله تعالى:
(فَذَكِّرْ فَمَا أَنْتَ
بِنِعْمَتِ رَبِّكَ بِكَاهِنٍ وَلَا مَجْنُونٍ (29) أَمْ يَقُولُونَ شَاعِرٌ
نَتَرَبَّصُ بِهِ رَيْبَ الْمَنُونِ (30) قُلْ تَرَبَّصُوا فَإِنِّي مَعَكُمْ مِنَ
الْمُتَرَبِّصِينَ (31) [الطور].
(وَإِذْ يَمْكُرُ بِكَ
الَّذِينَ كَفَرُوا لِيُثْبِتُوكَ أَوْ يَقْتُلُوكَ أَوْ يُخْرِجُوكَ
وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللهُ، وَاللهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ (30) وَإِذَا
تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتُنَا قَالُوا قَدْ سَمِعْنَا لَوْ نَشَاءُ لَقُلْنَا
مِثْلَ هَذَا إِنْ هَذَا إِلَّا أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ (31) وَإِذْ قَالُوا
اللَّهُمَّ إِنْ كَانَ هَذَا هُوَ الْحَقَّ مِنْ عِنْدِكَ فَأَمْطِرْ عَلَيْنَا
حِجَارَةً مِنَ السَّمَاءِ أَوِ ائْتِنَا بِعَذَابٍ أَلِيمٍ (32) وَمَا كَانَ اللهُ
لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ وَمَا كَانَ اللهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ
يَسْتَغْفِرُونَ (33) [الأنفال].
ظاهرٌ بيّن في هاتين
الآيتين الكريمتين مدى معاناةِ الرسول صلّى الله عليه وآله وسلّم معهم، حتى همّوا
بقتله، بعدما انتظروا ليموت، فلم يمت!
وقالوا عنه: كاهن ومجنون وشاعر!
(قَدْ نَعْلَمُ إِنَّهُ
لَيَحْزُنُكَ الَّذِي يَقُولُونَ فَإِنَّهُمْ لَا يُكَذِّبُونَكَ وَلَكِنَّ
الظَّالِمِينَ بِآيَاتِ اللهِ يَجْحَدُونَ (33) وَلَقَدْ كُذِّبَتْ رُسُلٌ مِنْ
قَبْلِكَ فَصَبَرُوا عَلَى مَا كُذِّبُوا وَأُوذُوا حَتَّى أَتَاهُمْ نَصْرُنَا
وَلَا مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِ الله، وَلَقَدْ جَاءَكَ مِنْ نَبَإِ الْمُرْسَلِينَ
(34) [الأنعام].
(وَإِنْ يُكَذِّبُوكَ
فَقَدْ كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ وَعَادٌ وَثَمُودُ (42) وَقَوْمُ إِبْرَاهِيمَ
وَقَوْمُ لُوطٍ (43) وَأَصْحَابُ مَدْيَنَ وَكُذِّبَ مُوسَى فَأَمْلَيْتُ
لِلْكَافِرِينَ ثُمَّ أَخَذْتُهُمْ فَكَيْفَ كَانَ نَكِيرِ (44) [الحج].
(وَإِنْ يُكَذِّبُوكَ
فَقَدْ كَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ جَاءَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ
وَبِالزُّبُرِ وَبِالْكِتَابِ الْمُنِيرِ (25) ثُمَّ أَخَذْتُ الَّذِينَ كَفَرُوا
فَكَيْفَ كَانَ نَكِيرِ (26) [فاطر].
(فَلَا أُقْسِمُ بِمَا
تُبْصِرُونَ (38) وَمَا لَا تُبْصِرُونَ (39) إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ
(40) وَمَا هُوَ بِقَوْلِ شَاعِرٍ قَلِيلًا مَا تُؤْمِنُونَ (41) وَلَا بِقَوْلِ
كَاهِنٍ قَلِيلًا مَا تَذَكَّرُونَ (42) تَنْزِيلٌ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ (43)
[الحاقّة].
وكانوا يستهزؤون بالرسول
صلّى الله عليه وآله وسلم ورسالته:
(وَلَقَدِ اسْتُهْزِئَ
بِرُسُلٍ مِنْ قَبْلِكَ فَحَاقَ بِالَّذِينَ سَخِرُوا مِنْهُمْ مَا كَانُوا بِهِ
يَسْتَهْزِئُونَ (10) [الأنعام] و[الأنبياء: 41].
(وَلَقَدِ اسْتُهْزِئَ
بِرُسُلٍ مِنْ قَبْلِكَ فَأَمْلَيْتُ لِلَّذِينَ كَفَرُوا ثُمَّ أَخَذْتُهُمْ
فَكَيْفَ كَانَ عِقَابِ (32) [الرعد].
رابعاً: موانع إيمان الناس
بالحقّ:
ليس إعراض الناس عن
الإسلام، بسبب عدم قناعتهم بمضمونه، ولا بسبب تشويه صورة الإسلام، فقد كان يشوّه
منذ عهد الرسالة، إنما من أبرز أسباب إعراضهم عن الإسلام؛ الكبر والاستكبار واستعظامُ
تغليط الآباء، واستكانتهم إلى المألوف!
قال الله تعالى:
(فَقَالُوا أَبَشَرًا
مِنَّا وَاحِدًا نَتَّبِعُهُ؟ إِنَّا إِذًا لَفِي ضَلَالٍ وَسُعُرٍ (24)
أَأُلْقِيَ الذِّكْرُ عَلَيْهِ مِنْ بَيْنِنَا؟ بَلْ هُوَ كَذَّابٌ أَشِرٌ (25)
[القمر].
(وَلَمَّا جَاءَهُمُ
الْحَقُّ؛ قَالُوا: هَذَا سِحْرٌ وَإِنَّا بِهِ كَافِرُونَ (30) وَقَالُوا لَوْلَا
نُزِّلَ هَذَا الْقُرْآنُ عَلَى رَجُلٍ مِنَ الْقَرْيَتَيْنِ عَظِيمٍ (31) أَهُمْ
يَقْسِمُونَ رَحْمَتَ رَبِّك (32) [الزخرف].
(وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ
تَعَالَوْا إِلَى مَا أَنْزَلَ اللهُ وَإِلَى الرَّسُولِ قَالُوا حَسْبُنَا مَا
وَجَدْنَا عَلَيْهِ آبَاءَنَا أَوَلَوْ كَانَ آبَاؤُهُمْ لَا يَعْلَمُونَ شَيْئًا
وَلَا يَهْتَدُونَ (104) [المائدة].
(وَإِذَا فَعَلُوا
فَاحِشَةً قَالُوا وَجَدْنَا عَلَيْهَا آبَاءَنَا، واللهُ أَمَرَنَا بِهَا قُلْ
إِنَّ اللهَ لَا يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاءِ أَتَقُولُونَ عَلَى اللهِ مَا لَا
تَعْلَمُونَ (28) [الأعراف].
(وَكَذَلِكَ مَا
أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ فِي قَرْيَةٍ مِنْ نَذِيرٍ إِلَّا قَالَ مُتْرَفُوهَا
إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءَنَا عَلَى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَى آثَارِهِمْ مُقْتَدُونَ
(23) قَالَ أَوَلَوْ جِئْتُكُمْ بِأَهْدَى مِمَّا وَجَدْتُمْ عَلَيْهِ آبَاءَكُمْ
قَالُوا إِنَّا بِمَا أُرْسِلْتُمْ بِهِ كَافِرُونَ (24) فَانْتَقَمْنَا مِنْهُمْ
فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ (25) [الزخرف].
(قَالُوا أَجِئْتَنَا
لِنَعْبُدَ اللهَ وَحْدَهُ وَنَذَرَ مَا كَانَ يَعْبُدُ آبَاؤُنَا؟ فَأْتِنَا
بِمَا تَعِدُنَا إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ (70) [الأعراف].
(وَإِذَا تُتْلَى
عَلَيْهِمْ آيَاتُنَا؛ قَالُوا: قَدْ سَمِعْنَا لَوْ نَشَاءُ لَقُلْنَا مِثْلَ
هَذَا، إِنْ هَذَا إِلَّا أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ (31) [الأنفال].
(وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ
مَاذَا أَنْزَلَ رَبُّكُمْ قَالُوا أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ (24) لِيَحْمِلُوا
أَوْزَارَهُمْ كَامِلَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَمِنْ أَوْزَارِ الَّذِينَ
يُضِلُّونَهُمْ بِغَيْرِ عِلْمٍ أَلَا سَاءَ مَا يَزِرُونَ (25) [النحل].
ختاماً: نحن نتمنى أن يهدي
الله تعالى الناس جميعاً، فتشملهم رحمةُ الله ومغفرته، لكنّ هذا الأمرَ ليس
بأيدينا، ولا بأيدي الرسل صلوات الله تعالى عليهم!
(وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ
لَآمَنَ مَنْ فِي الْأَرْضِ كُلُّهُمْ جَمِيعاً، أَفَأَنْتَ تُكْرِهُ النَّاسَ
حَتَّى يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ (99) [يونس].
(فَلَعَلَّكَ بَاخِعٌ
نَفْسَكَ عَلَى آثَارِهِمْ إِنْ لَمْ يُؤْمِنُوا بِهَذَا الْحَدِيثِ أَسَفًا (6)
[الكهف].
(أَفَمَنْ زُيِّنَ لَهُ
سُوءُ عَمَلِهِ فَرَآهُ حَسَنًا؟ فَإِنَّ اللهَ يُضِلُّ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي
مَنْ يَشَاءُ فَلَا تَذْهَبْ نَفْسُكَ عَلَيْهِمْ حَسَرَاتٍ إِنَّ اللهَ عَلِيمٌ
بِمَا يَصْنَعُونَ (8) [فاطر].
فالذين يقولون: ليس على
الإنسانِ سوى السعي في طلب الحقّ، فإذا لم يوصله عقلُه إلى الإيمان؛ فهو معذور؛
يعارضون كلامَ الله عزّ وجلّ معارضةً
صريحةً!
والله تعالى أعلم
(رَبَّنا: ظَلَمْنَا
أَنْفُسَنا، وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنا؛ لَنَكُونَنَّ مِنَ
الْخَاسِرِينَ).
هذا.. وصلّى الله على
سيّدنا محمّد بن عبدالله، وعلى آله وصحبه وسلّم تسليماً.
والحمد لله على كلّ حال.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق