مَسائِلُ مِنْ عُلومِ القرآنِ والتَفسيرِ (12):
التكرارُ في القرآن
الكريم!؟
بِسْمِ اللهِ الرَحْمَنِ
الرَحيمِ
(رَبَّنَا: عَلَيْكَ
تَوَكَّلْنَا، وَإِلَيْكَ أَنَبْنَا، وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ.
رَبَّنَا: لَا تَجْعَلْنَا فِتْنَةً لِلَّذِينَ
كَفَرُوا، وَاغْفِرْ لَنَا.
رَبَّنَا: إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ).
(رَبَّنَا: افْتَحْ بَيْنَنَا وَبَيْنَ قَوْمِنَا
بِالْحَقِّ، وَأَنْتَ خَيْرُ الْفَاتِحِين).
قرأت لأحدهم كلاماً مفاده أنّ في القرآن العظيم
حشواً زائداً، لا فائدة منه، ويمكن اختصار القرآن الكريم، بحذف أخصرِ الجملتين
المكرّرتين، والإبقاء على أتمّهما كلاماً ومعنىً.
أقول وبالله التوفيق:
عالجَ علماء البلاغةِ مسألةَ «التكرار» في القرآن
العظيم في أبوابٍ كثيرةٍ، منها باب الإطناب، وباب الإيجاز، وباب الإطناب
بالاعتراض، والإطناب بالإيضاح، والإطناب بالبسط، والإطناب بالتتميم، والإطناب بالتكميل،
والإطناب بالتكرير!
كما عالجوه في باب الترديد «الترداد» وفي باب
التكرير، وغيرها من الأبواب!
وتناوُل هذه المسائلِ وغيرها بالشرح والبيان
والتمثيل؛ يحتاجُ إلى دروسٍ في البلاغةِ، لا أظنّ صدرَ «الفيس بوك» يحتملها!
بيد أنني سأشير إلى مسألة مهمّة، أشار إليها قبلي
عددٌ من العلماء والأدباء، وليس لي في باب «البلاغة» أيّ اجتهادٍ، إنما أنا متابعٌ
أفهم كثيراً مما يقوله البلاغيون الكبار!
أوّلاً: لا يخفى على أحدٍ أنّ القرآن الكريم نزل
على قلب الرسول صلّى الله عليه وآله وسلم منجّماً «متتابعاً» على مدى (20 - 23)
سنةً، هي عمر الرسالة الإلهية الأخيرة إلى البشرية.
قال الله تعالى:
(وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْلَا نُزِّلَ
عَلَيْهِ الْقُرْآنُ جُمْلَةً وَاحِدَةً كَذَلِكَ لِنُثَبِّتَ بِهِ فُؤَادَكَ
وَرَتَّلْنَاهُ تَرْتِيلًا (32) [الفرقان]
(وَبِالْحَقِّ أَنْزَلْنَاهُ وَبِالْحَقِّ نَزَلَ
وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا مُبَشِّرًا وَنَذِيرًا (105) وَقُرْآنًا فَرَقْنَاهُ
لِتَقْرَأَهُ عَلَى النَّاسِ عَلَى مُكْثٍ وَنَزَّلْنَاهُ تَنْزِيلًا (106)
[الإسراء].
في هاتين الآيتين الكريمتين دلالةٌ ظاهرة على أنّ
القرآن الكريم؛ لم ينزل جملةً واحدةً وإنما نزل مفرّقاً، ليقرأه الرسول صلّى الله
عليه وآله وسلم على قومٍ أمّيين أكثرهم لا يقرؤون ولا يكتبون، ومَن كان هذا شأنَه؛
فإنه يحتاج إلى وقتٍ طويلٍ للتدبّر والحفظ!
ولأنهم أمة أميّة؛ فلم يكن حفظة القرآن الكريم فيهم
إلا قلّة قليلة، لم ينقَل إلينا القرآن العظيم بالإسناد، إلّا عن طريق سبعة منهم،
كما ذكر ذلك الذهبيّ في طبقات القرّاء، ونقلتُه عنه في منشوراتٍ عديدة!
ثانياً: القرآن الكريم يتكوّن من وحداتٍ موضوعيّة،
تدعى «السُوَر» واحدتها «سُورة».
قال الله تعالى:
(سُورَةٌ أَنْزَلْنَاهَا وَفَرَضْنَاهَا
وَأَنْزَلْنَا فِيهَا آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ (1) [النور].
وسياق الآياتِ التي وردت فيها كلمة «سورة» وهي تسع آياتٍ؛
يدلّ على أنّ السورة كانت تنزل مفردةً، فلا تنزل سورتان معاً في آن واحد!
(وَإِذَا أُنْزِلَتْ سُورَةٌ أَنْ آمِنُوا بِاللَّهِ
وَجَاهِدُوا مَعَ رَسُولِهِ اسْتَأْذَنَكَ أُولُو الطَّوْلِ مِنْهُمْ وَقَالُوا
ذَرْنَا نَكُنْ مَعَ الْقَاعِدِينَ (86) [التوبة].
(وَيَقُولُ الَّذِينَ آمَنُوا لَوْلَا نُزِّلَتْ سُورَةٌ
فَإِذَا أُنْزِلَتْ سُورَةٌ مُحْكَمَةٌ وَذُكِرَ فِيهَا الْقِتَالُ رَأَيْتَ
الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ يَنْظُرُونَ إِلَيْكَ نَظَرَ الْمَغْشِيِّ
عَلَيْهِ مِنَ الْمَوْتِ فَأَوْلَى لَهُمْ (20) [سورة محمّد].
والمعقول عقلاً، والمقبول في إطار ما تقدّم من
أميّة الأمة؛ أنّ السورةَ التاليةَ لا تنزل؛ حتى يكتمل نزول السورة التي سبقتها.
وحديثُ ابن عبّاس الذي ورد في هذا الباب؛ ضعيف لا
يصلح لتوضيح أيّ شيءٍ من تاريخ القرآن الكريم!
أخرج أحمد في مسنده (376، 468) وأبو داود في الصلاة
(786) والترمذي في التفسير (3086) من حديث عَوْفِ بْنِ أَبِي جَمِيلَةَ «قال»: حَدَّثَنَا
يَزِيدُ الْفَارِسِيُّ «قال»: حَدَّثَنَا ابْنُ عَبَّاسٍ قَالَ: قُلْتُ
لِعُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ: مَا حَمَلَكُمْ أَنْ عَمَدْتُمْ إِلَى الْأَنْفَالِ
وَهِيَ مِنْ الْمَثَانِي، وَإِلَى بَرَاءَةٌ وَهِيَ مِنْ الْمِئِينَ، فَقَرَنْتُمْ
بَيْنَهُمَا، وَلَمْ تَكْتُبُوا بَيْنَهُمَا سَطْرَ بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ
الرَّحِيمِ، وَوَضَعْتُمُوهَا فِي السَّبْعِ الطُّوَلِ، مَا حَمَلَكُمْ عَلَى
ذَلِكَ؟
فَقَالَ عُثْمَانُ: كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِمَّا يَأْتِي عَلَيْهِ الزَّمَانُ، وَهُوَ تَنْزِلُ عَلَيْهِ
السُّوَرُ ذَوَاتُ الْعَدَدِ [انتبه ههنا: يعني تنزل عدة سورٍ مع بعضٍ، وهذا
باطل!].
فَكَانَ
إِذَا نَزَلَ عَلَيْهِ الشَّيْءُ؛ دَعَا بَعْضَ مَنْ كَانَ يَكْتُبُ، فَيَقُولُ
ضَعُوا هَؤُلَاءِ الْآيَاتِ فِي السُّورَةِ الَّتِي يُذْكَرُ فِيهَا كَذَا وَكَذَا.
وَإِذَا نَزَلَتْ عَلَيْهِ الْآيَةُ فَيَقُولُ:
ضَعُوا هَذِهِ الْآيَةَ فِي السُّورَةِ الَّتِي يُذْكَرُ فِيهَا كَذَا وَكَذَا
وَكَانَتْ الْأَنْفَالُ مِنْ أَوَائِلِ مَا أُنْزِلَتْ بِالْمَدِينَةِ، وَكَانَتْ
بَرَاءَةٌ مِنْ آخِرِ الْقُرْآنِ!
وَكَانَتْ قِصَّتُهَا شَبِيهَةً بِقِصَّتِهَا،
فَظَنَنْتُ أَنَّهَا مِنْهَا، فَقُبِضَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ، وَلَمْ يُبَيِّنْ لَنَا أَنَّهَا مِنْهَا، فَمِنْ أَجْلِ ذَلِكَ؛
قَرَنْتُ بَيْنَهُمَا، وَلَمْ أَكْتُبْ بَيْنَهُمَا سَطْرَ بِسْمِ اللهِ
الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ، فَوَضَعْتُهَا فِي السَّبْعِ الطُّوَلِ»
قَالَ أَبُو عِيسَى الترمذيّ: «هَذَا حَدِيثٌ
حَسَنٌ صَحِيحٌ، لَا نَعْرِفُهُ إِلَّا مِنْ حَدِيثِ عَوْفٍ عَنْ يَزِيدَ
الْفَارِسِيِّ، عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ.
وَيَزِيدُ الْفَارِسِيُّ: هُوَ مِنْ التَّابِعِينَ،
قَدْ رَوَى عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ غَيْرَ حَدِيثٍ، وَيُقَالُ: هُوَ يَزِيدُ بْنُ
هُرْمُزَ.
وَيَزِيدُ الرَّقَاشِيُّ هُوَ يَزِيدُ بْنُ أَبَانَ
الرَّقَاشِيُّ، وَهُوَ مِنْ التَّابِعِينَ، وَلَمْ يُدْرِكْ ابْنَ عَبَّاسٍ.
إِنَّمَا رَوَى عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ،
وَكِلَاهُمَا مِنْ أَهْلِ الْبَصْرَةِ، وَيَزِيدُ الْفَارِسِيُّ أَقْدَمُ مِنْ
يَزِيدَ الرَّقَاشِيِّ».
قال الفقير عداب: يزيد الفارسي؛ هو غير يزيد بن
هرمز، نقل ابن حجر في تهذيب التهذيب له (11: 369) عن ابن أبي حاتم قال: اختلفوا هل
يزيد بن هرمز هو يزيد الفارسي أو غيره؟ فقال ابنُ مهدي وأحمد: هو ابن هرمز!
وأنكر يحيى بن سعيد القطان أن يكونا واحداً.
وسمعت أبي يقول: يزيد بن هرمز هذا؛ ليس بيزيد
الفارسي هو سواه» وانظر التهذيب (11: 374).
فيزيد الفارسيّ مجهولٌ، وقال ابن حجر في التقريب: «مقبول»
حيث يتابَع، بناء على مذهبه في الاعتبار بمجهول الحال والمجهول والمستور!
فالحديث ضعيفٌ جدّاً، وهو معارَضٌ بحديثٍ صحيح
مبارك!
فقد أخرج البخاري في المناقب (3624) ومسلم في
الفضائل (2450) من حديث مَسْرُوقٍ عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ:
أَقْبَلَتْ فَاطِمَةُ تَمْشِي كَأَنَّ مِشْيَتَهَا مَشْيُ النَّبِيِّ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
مَرْحَبًا بِابْنَتِي، ثُمَّ أَجْلَسَهَا عَنْ يَمِينِهِ أَوْ عَنْ شِمَالِهِ.
ثُمَّ أَسَرَّ إِلَيْهَا حَدِيثًا فَبَكَتْ،
فَقُلْتُ: لَهَا لِمَ تَبْكِينَ؟
ثُمَّ أَسَرَّ إِلَيْهَا حَدِيثًا فَضَحِكَتْ،
فَقُلْتُ: مَا رَأَيْتُ كَالْيَوْمِ فَرَحًا أَقْرَبَ مِنْ حُزْنٍ!
فَسَأَلْتُهَا عَمَّا قَالَ؟ فَقَالَتْ: مَا كُنْتُ
لِأُفْشِيَ سِرَّ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ!
حَتَّى قُبِضَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ فَسَأَلْتُهَا؟
فَقَالَتْ: أَسَرَّ إِلَيَّ أنَّ جِبْرِيلَ كَانَ
يُعَارِضُنِي الْقُرْآنَ كُلَّ سَنَةٍ مَرَّةً، وَإِنَّهُ عَارَضَنِي الْعَامَ
مَرَّتَيْنِ!
وَلَا أُرَاهُ إِلَّا حَضَرَ أَجَلِي، وَإِنَّكِ
أَوَّلُ أَهْلِ بَيْتِي لَحَاقًا بِي، فَبَكَيْتُ!
فَقَالَ: أَمَا تَرْضَيْنَ أَنْ تَكُونِي سَيِّدَةَ
نِسَاءِ أَهْلِ الْجَنَّةِ، أَوْ نِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ، فَضَحِكْتُ لِذَلِكَ).
فمدارسةُ جبريلَ للرسولِ صلّى الله عليه وآله
وسلّم؛ تعني فيما تعنيه تعريفَه بترتيب سور القرآن الكريم، التي ظهر في هذه الأيامِ
الإعجازُ العظيم في ترتيبها.
ثالثاً: إذا توضّح أنّ السورة القرآنيةِ؛ هي بمنزلة
خُطبة الجمعة، أو بمنزلة المحاضرة؛ فمن الطبيعيّ جدّاً أن تتكرّر ألفاظٌ من
المحاضرة الأولى في المحاضرة التالية والثالثة والعاشرة؛ لأنّ الكلماتِ المعبّرة
عن المعاني قد تكون هي هي، وقد تكون بمرادفها تامّاً، أو من وجه!
والتكرار في سورة واحدة قليل، إلا في عددٍ يسير من
السور، سآتي إلى توضيحه بعد قليل!
قال الله تعالى في سورة البقرة:
(يَابَنِي إِسْرَائِيلَ اذْكُرُوا نِعْمَتِيَ
الَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ وَأَوْفُوا بِعَهْدِي أُوفِ بِعَهْدِكُمْ
وَإِيَّايَ فَارْهَبُونِ (40) وَآمِنُوا بِمَا أَنْزَلْتُ مُصَدِّقًا لِمَا
مَعَكُمْ وَلَا تَكُونُوا أَوَّلَ كَافِرٍ بِهِ وَلَا تَشْتَرُوا بِآيَاتِي
ثَمَنًا قَلِيلًا وَإِيَّايَ فَاتَّقُونِ (41) وَلَا تَلْبِسُوا الْحَقَّ
بِالْبَاطِلِ وَتَكْتُمُوا الْحَقَّ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ (42).
(يَابَنِي إِسْرَائِيلَ اذْكُرُوا نِعْمَتِيَ
الَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ وَأَنِّي فَضَّلْتُكُمْ عَلَى الْعَالَمِينَ (47)
وَاتَّقُوا يَوْمًا لَا تَجْزِي نَفْسٌ عَنْ نَفْسٍ شَيْئًا وَلَا يُقْبَلُ
مِنْهَا شَفَاعَةٌ وَلَا يُؤْخَذُ مِنْهَا عَدْلٌ وَلَا هُمْ يُنْصَرُونَ (48).
(يَابَنِي إِسْرَائِيلَ اذْكُرُوا نِعْمَتِيَ
الَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ وَأَنِّي فَضَّلْتُكُمْ عَلَى الْعَالَمِينَ (122)
وَاتَّقُوا يَوْمًا لَا تَجْزِي نَفْسٌ عَنْ نَفْسٍ شَيْئًا وَلَا يُقْبَلُ مِنْهَا
عَدْلٌ وَلَا تَنْفَعُهَا شَفَاعَةٌ وَلَا هُمْ يُنْصَرُونَ (123).
كان بنو إسرائيلَ قوماً أعراباً خشنينَ، غلاظَ
الرقبة، فأراد الله تعالى أن يتلطّف بهم، فذكّرهم بفضله عليهم واصطفائه إياهم على
الناس في عصرهم، فهذا التكرار للتأكيدِ ولفت أنظارهم إلى ضرورة ترك عنادهم، رحمةً
بهم!
ولا يخفى أنّك عندما تخاطب ولدك في موضوع واحدٍ؛
تكرّر كلمةَ يا ولدي، يا ابني، يا حبيبي، حتى تطمئنّ نفسه ويرتاح إلى سماع كلامك،
ولله ولكلامه المثل الأعلى.
ومثل هذا ما يتكرّر من قوله تعالى: (يا أيها الذين
آمنوا) في سورة واحدةٍ، وفي سور متعدّدة!
لأنّ في هذا الخطاب للمؤمنين التبليغ والتحبّب
والتذكير والتلطّف والتخويف، وغير ذلك من الدلالات الروحية والعقليّة!
قال الله تعالى:
(يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُلُوا مِنْ
طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ وَاشْكُرُوا لِلَّهِ إِنْ كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ
(172) [البقرة]
(يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَعِينُوا
بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ (153) [البقرة].
(يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَقُولُوا
رَاعِنَا وَقُولُوا انْظُرْنَا وَاسْمَعُوا وَلِلْكَافِرِينَ عَذَابٌ أَلِيمٌ
(104) [البقرة].
(يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنْفِقُوا مِمَّا
رَزَقْنَاكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ يَوْمٌ لَا بَيْعٌ فِيهِ وَلَا خُلَّةٌ
وَلَا شَفَاعَةٌ وَالْكَافِرُونَ هُمُ الظَّالِمُونَ (254) [البقرة].
(يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَنْ يَرْتَدَّ
مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ
وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ
يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا يَخَافُونَ لَوْمَةَ لَائِمٍ ذَلِكَ
فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ (54) [المائدة].
وقد وردت جملةُ ((يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا) تسعاً
وثمانين مرّةً، ربما استكثرها واستثقلها العاميّ الذي لا يفهم البلاغةَ والمقاصدَ
الروحية والنفسية من وراء الخطاب، إذا وردت في سورة واحدة!
لكنّ أحداً ممن يقرأ القرآن الكريم، أو الحديثَ
النبويّ، أو يستمع إلى خطبة؛ لا يستثقل أن يسمعها مرّةً واحدةً في كلّ خطبةٍ، أو
محاضرةٍ، أو قصيدة!
أليس كذلك!
ختاماً: اتّهموا أنفسكم بالتقصير في طلب العلوم والفنون - أيها الإخوة المؤمنون -
ولا تتّهموا ربكم تبارك وتعالى وكلامَه المعجز بما عجزتم عن تذوّقه وفهمه.
وما يُشكلُ عليهم مما تقرؤون؛ فلا تدَعوه يعتمل في
صدروركم، بل اسألوني عنه، واسألوا غيري من أهل العلم، فيجب عليكم سؤالَ أهل العلم
فيما يشكل عليكم، ويجب على أهل العلم توضيحُ ما أشكل عليكم، فهذا واجبهم الدينيّ
أيضاً.
قال الله تعالى:
(وَإِذَا جَاءَهُمْ أَمْرٌ مِنَ الْأَمْنِ أَوِ
الْخَوْفِ أَذَاعُوا بِهِ وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُولِي
الْأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ وَلَوْلَا
فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ لَاتَّبَعْتُمُ الشَّيْطَانَ إِلَّا
قَلِيلًا (83) [النساء].
والله
تعالى أعلم
(رَبَّنا: ظَلَمْنَا
أَنْفُسَنا، وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنا؛ لَنَكُونَنَّ مِنَ
الْخَاسِرِينَ).
هذا.. وصلّى الله على
سيّدنا محمّد بن عبدالله، وعلى آله وصحبه وسلّم تسليماً
والحمد لله على كلّ حال.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق