المشكلة الشيعيّة (7):
سُلَيمُ بن قَيسٍ الهلاليُّ وكتابه!
بِسمِ اللهِ الرَحْمنِ الرَحيمِ
(رَبَّنَا: عَلَيْكَ
تَوَكَّلْنَا، وَإِلَيْكَ أَنَبْنَا، وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ.
رَبَّنَا: لَا تَجْعَلْنَا
فِتْنَةً لِلَّذِينَ كَفَرُوا، وَاغْفِرْ لَنَا.
رَبَّنَا: إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ).
(رَبَّنَا: افْتَحْ بَيْنَنَا وَبَيْنَ قَوْمِنَا
بِالْحَقِّ، وَأَنْتَ خَيْرُ الْفَاتِحِينَ).
كتب إلى أحد تلامذتي الأحباب من الشيعةِ المتنوّرين
بنور التصوّف الجامع، يقول:
«يستند الشيعة عامّةً لحادثة «كسر ضلع الزهراء»
عليها السلام، إلى حديثٍ يرويه أبان بن أبي عيّاش، عن سليم بن قيس الهلاليّ في
كتابه المعروف.
أودُّ منكم بيان رأيكم العلميّ الحديثيّ بهما، مع
فائق تحيّاتي واحترامي».
كتبتُ إليه على الخاصّ جواب سؤاله هذا، لكنه رغب أن
أنشر ما كتبتُه إليه على العام حتى تعمّ الفائدة على الراغبين بالإفادة.
أقول وبالله التوفيق:
(1) سُلَيمُ بن قيسٍ الهلاليّ أبو صادقٍ العامريّ
توفي في حدود (90 هـ).
- ترجمه ابن البرقي في كتابه، برقم (27) ضمن أصحاب
أمير المؤمنين، ولم يذكر فيه جرحاً ولا تعديلاً.
- وترجمه أبو عمرو الكَشيّ في رجاله (44) وساق إسناده
إلى أبان بن أبي عيّاش، بنسخة كتاب سُليم، ونقل عن عليّ بن الحسين أنّه قال: «صدق
سليم، رحمة الله عليه، هذا حديث نعرفه».
- وترجمه الشيخ الطوسي في الفهرست (347) وقال: له
كتاب، وساق إسنادَيه إليه.
وترجمه في رجاله (1136) من دون جرح أو تعديلٍ.
-وترجمه أبو العباس النجاشيّ في رجاله (4) وقال:
يكنى أبا صادق، له كتاب، أخبرني، وساق إسناده إليه من طريق حماد بن عيسى عن
إبراهيم بن عمر اليماني، عن سليم به.
وترجمه السيّد التفرشيّ في كتابه نقد الرجال (2:
(2387) ونقل قول العلامة في الخلاصة «الوجه عندي الحكم بتعديل سُليم، والتوقّف في
الفاسد من كتابه».
إلّا أن الشهيد الثاني رفض قول صاحب الخلاصة
قائلاً: «أمّا الحكم بتعديله؛ فلا يظهر له وجهٌ أصلاً، ليس بجيّد».
- وترجمه العلامة محمد بن باقر المجلسيّ (ت: 1111
هـ) في رجاله (839) وقال: ثقة إماميّ» ويبدو لي أنه ارتضى كلام العلّامة في
الخلاصة.
- وترجمه أبو علي الحائريّ المازندرائيّ (ت: 1216
هـ) في كتابه منتهى المقال (3: (1356) ترجمة مطوّله (3: 374 - 383).
خلاصةُ الكلام في سُليم بن قيسٍ الهلاليّ أنّهم
قالوا: روى عنه اثنان، ولم يوثقه من المتقدّمين أحد!
روى عنه أبان بن أبي عيّاش، وهو من الغلاة
الكذابين، عند أهل السنة والشيعة.
أمّا إبراهيم بن عمر اليماني، فقد ترجمه النجاشيّ
في رجاله (26) ونقل توثيقه عن الحافظ أبي العباس بن عقدة.
وترجمه السيد التفرشيّ في نقد الرجال (107) ونقل
توثيق ابن عقدةَ له، وتضعيف ابن الغضائريّ، الذي قال: يُكنى أبا إسحاق، ضعيف
جدّاً!
وترجمه الشيخ أبو علي الحائريّ في منتهى المقال (61)
ونقل قولي ابن عقدة والغضائريّ، ثم نقل قولَ صاحب الخلاصة «الأرجح عندي قَبول
روايته، وإن حصل بعض الشك بالطعن فيه» ونقل عن الشهيد الثاني: «بأنّ في ترجيح
تعديله نظراً:
أمّا أوّلاً: فلتعارضِ الجرح والتعديل، والجرح
مقدّم، مع أنّ كلّاً من الجارح والمعدّل لم يذكر مستنداً، ليُنظَر في أمره.
وأمّا ثانياً: فلأن النجاشيّ نقل توثيقه عن أبي
العباس بن عقدة، وهو زيديّ المذهب، لا يعتمد على توثيقه، ومع الاشتباه لا يفيد.
وأمّا غير هذين من مصنّفي الرجال، كالشيخ الطوسيّ
وغيره؛ فلم ينصّوا على إبراهيم بجرح أو تعديل».
لكن هل ثبتت رواية إبراهيم الصنعانيّ عن سُليم، على
الرغم من ترجيح ضعفه؟
روى الكليني في الكافي (1: 440، 772، 787) و(2:
543) أحاديثَ من طريق حماد بن عيسى، عن إبراهيم بن عمر اليماني، عن أبان بن أبي
عيّاش، عن سليم بن قيس.
وروى
الشيخ الطوسيّ في كتاب الغيبة (ص: 202) من طريق عن حماد بن عيسى ، عن إبراهيم بن
عمر، عن أبان بن أبي عياش، عن سليم بن قيس الهلالي ، عن جابر بن عبدالله الانصاري
، عن عبدالله بن عباس حديثاً.
وروى
الصدوق في كتاب الخصال حديثين برقم (31، 41) من طريق حماد بن عيسى عن إبراهيم بن
عمر اليماني ، وعمر بن اذينة، عن أبان بن أبي عياش، عن سليم بن قيس الهلالي قال:
ممّا
يرجّح أنّ الراوي الوحيدَ عن سُليم بن قيس؛ هو أبان بن أبي عيّاش.
وأبان
هذا ترجمه الطوسيّ في رجاله (1264) وقال: تابعيّ ضعيف!
وترجمه
المجلسيّ (4) وقال: ضعيف.
وترجمه
السيّد التفرشيّ في نقد الرجال (10) ونقل عن ابن الغضائريّ قوله: «ضعيف لا يلتفت
إليه، ونسب وضع كتاب سليم بن قيس إليه»!
وترجمه
أبو علي الحائريّ في منتهى المقال (9) ونقل نحو ما تقدّم من أقوال.
أمّا
عن قيمة كتابه العلميّة؛ فقد قال عدد ممن ذكرتهم قبل قليل بأنّ الكتاب من وضع أبان
بن أبي عيّاش، وأنّ سُليم بن قيسٍ شخصيّة وهميّة، اخترعها أبان، ونسب إليها هذا
الكتاب!
ترجم
الحافظ ابن حبّان أبانَ بن أبي عيّاشٍ في المجروحين (1: 96) ونقل عن شعبة بن
الحجاج قوله: « لَا يَحِلُّ الْكَفُّ عَنهُ، فَإِنَّهُ يكذب على رَسُول اللهِ صَلَّى
اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ».
ويرى
السيّد محمد رضا السيستانيّ في كتابه قبسات من علم الرجال (2: 201) أنّ القول
الوسط في هذا الكتاب؛ هو ما ذكره الشيخ المفيدُ في كتابه تصحيح اعتقادات الإماميّة
(ص: 149) بقوله: «إنّ هذا الكتاب غيرُ مَوثوقٍ به، ولا يَجوز العمل على أكثره، وقد
حصل فيه تَخليطٌ وتَدليسٌ، فينبغي للمتديّن أن يجتنب العملَ بكل ما فيه، ولا يُعوّلَ
على جملته والتقليدِ لرواته، وليفزع إلى العلماء فيما تضمنه من الأحاديث ليوقفوه
على الصحيح منها والفاسد، والله الموفق للصواب».
ختاماً:
إنّ سُليمَ بن قيسٍ، لم يروِ عنه سوى راوٍ كذابٍ وضّاع، فهو رجلٌ مجهولُ العين،
وكتابُه المزعوم لا قيمةَ له، ولا يعتمد عليه في شيءٍ من العلم!
والله
تعالى أعلم.
(رَبَّنا: ظَلَمْنَا
أَنْفُسَنا، وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنا؛ لَنَكُونَنَّ مِنَ
الْخَاسِرِينَ).
هذا.. وصلّى الله على سيّدنا محمّد بن عبدالله،
وعلى آله وصحبه وسلّم تسليماً.
والحمد
لله على كلّ حال.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق