مَسائلُ حَديثيّةٌ (68):
ترتيبُ
مُسندِ الإمام أحمد!؟
بسم الله الرحمن الرحيم
(رَبَّنا: عَلَيْكَ تَوَكَّلْنا، وَإِلَيْكَ
أَنَبْنا، وَإِلَيْكَ الْمَصيرُ.
رَبَّنا: لَا تَجْعَلْنا فِتْنَةً لِلَّذِينَ
كَفَرُوا، وَاغْفِرْ لَنَا.
رَبَّنَا: إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ).
(رَبَّنَا: افْتَحْ بَيْنَنَا وَبَيْنَ قَوْمِنَا
بِالْحَقِّ، وَأَنْتَ خَيْرُ الْفَاتِحِين).
سألني أحدُ الإخوةِ عن أفضل طبعةٍ من طبعاتِ مسند
الإمام أحمدَ، رحمه الله تعالى وذكر لي أنّ لديه خمسَ طبعاتٍ!
قلت له: أفضل طبعاتِ مسندِ الإمامِ أحمدَ - في
حدودِ ما اطّلعتُ عليه من طبعات - طبعةُ مؤسسة الرسالة، بتحقيق الشيخ شعيب
الأرناؤوط وفريقِه في المؤسسة.
قال: ولكنّ بعضهم يقول: إنّ فيها أخطاءَ كثيرةً؟
قلت له: في أيّ جانبٍ من جوانبها؟
قال: لا أدري، لكنْ أنتَ - شيخَنا - ما رأيُك بها؟
كتبتُ إليه: طبعةُ مؤسسة الرسالةِ؛ تقع في (45)
مجلّداً، إذا أردتُ تقويمَ عمل المؤسسة علميّاً؛ فأحتاج إلى خمسِ سنواتٍ في الحدِّ
الأدنى، فأنا قرأت مسند الإمام أحمد قراءةً سرديّةً، عام (1976) في مكتبة سيّدي
محمد الحافظ التجاني، وتحت إشرافه، وكانت الطبعةُ دقيقةَ الخطِّ جدّاً، في ستّة
مجلّداتٍ، ثم غدا مسند الإمام أحمد بالنسبة لي أحدَ مصادر التخريج.
وعددُ أحاديث المسندِ، حسبَ طبعةِ مؤسّسة الرسالة هذه
(27647) حديثاً بالمكرّرات.
ولي مع هذه الطبعة قصّةٌ، لم أذكرها فيما سبق، في
غالب ظنيّ!
عندما طُردتُ من السعوديةِ، عام (1991م) تعرّفتُ
إلى الشيخ شعيبٍ الأرناؤوط، وزرته بصحبة الشيخ محمد بن سعيد حوّى، حفظه المولى.
ثمّ التقيتُه في مكتبة مؤسسة الرسالة موافقةً، من
دون موعد سابقٍ، فسألني ماذا أعمل؟
قلت له: أعمل على إخراج عددٍ من مؤلّفاتي المكتوبة
قديماً، وذكرت له بعضها.
ثمّ قلت له: بلغني أنّ السعودية عهدت إلى مؤسستكم
بتحقيق وطباعةِ مسند الإمام أحمد، هل هذا صحيح؟
قال: نعم صحيح، ونحن ماضون بما كُلّفنا به، ونسأل
الله العونَ على إكماله!
قلت له: أنا الآن لست في حاجةٍ إلى مالٍ، لكنني
أرغب أن أشاركَ معكم في تحقيق وتخريج المسند، مدّةَ عامٍ كاملٍ احتساباً، من دون
أجر!
أثنى الشيخُ عليّ كثيراً، وكان مما قال: أنت مدرسةٌ
يا شيخ عداب، يمكنك أن تخطّط لمشروعٍ متكاملٍ، وتعمل فيه مع عددٍ من تلامذتك،
ويكون لك بصمةٌ علميّة في سوق العلم!
قلت له: أنا أحبّ أن أعمل معكم مدّةَ عامٍ، أستفيد
منكم في إدارة العمل، مثلما أفيد منكم في التوجيه العلميّ والحوار!
قال: أسألك سؤالاً واحداً فحسب!؟
إذا اختلفنا أنا وأنت في توثيق راوٍ أو تضعيفه، أو
في الحكم على حديثٍ، أنت صحّحتَه، وأنا أراه ضعيفاً، فنكتب في تخريج المسند رأيي
أم رأيَك؟
قلت له: لا رأيي ولا رأيك، إنما نتحاوَر، وكلانا
يريد الحقَّ، وما دمنا نريد الحقَّ، فسنصل إلى نتيجةٍ، إن شاء الله تعالى!
قال: وتتوقع أن يصل أحدٍ مع الشيخ عدابٍ إلى
نتيجةٍ، سوى النتيجةِ التي خلصَ إليها هو؟
ليس لدى المؤسسة وقتٌ للحوارات، الباحثون يقدّمون
إليّ أعمالَهم، وأنا أقرؤها ثمّ أكتب ما يَفتح الله به عليّ، وأنت لا توافق على
هذا بالتأكيد!
قلت له: بلى أوافق بشرطين:
الأوّل: أن لا يُنسبَ ذاك التخريجُ إليّ، وإنما
ينسب إليكم.
والثاني: أنْ يُسمح لي بأن أحتفظ بتخريجاتي على
الجزء الموكول إليّ تخريجُه، بعد أن تأخذ المؤسسة حاجتَها منه.
قال: بصراحة يا شيخ عداب؟!
من العسير جدّاً أن نعمل معاً، فمعلوماتي عنك أنّك
معتدٌّ بنفسك كثيراً - وهذا حقّك - ولا تستمع إلّا إلى رأي نفسك...!
عددُ أحاديث مسند الإمام أحمد، حسب طبعة الرسالة
هذه (27647) حديثاً بالمكرّرات، كما قدّمتُ قريباً.
وحاجة المسند إلى الترتيبِ؛ لا تقلّ أهميّة عن
تخريجه ونقده؛ لأنّ عددَ أحاديثِ المسند، من دون تكرار، هي (9339) حديثاً، وليس
(27647) حديثاً، ولا (40000) حديثٍ، كما هو مذكور في كتب علوم الحديث!
و (9339) حديثاً؛ لا يحتاج تخريجها إلى (45)
مجلّداً، في كلّ مجلّد (500 - 600) صفحة وسطيّاً، إنما يحتاج إلى عشرين مجلّداً
فحسب!
وسأوضح لك - أخي القارئ - ذلك بمثالٍ لحديث واحد!
الحديثُ الخامسُ من المسند؛ أخرجه الإمام أحمد (10)
مراتٍ في مسنده، على النحو الآتي:
(1) أخرجه في مسند العشرة المبشرين بالجنة، رقم
(5) قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ
جَعْفَرٍ قَالَ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ يَزِيدَ بْنِ خُمَيْرٍ عَنْ سُلَيْمِ
بْنِ عَامِرٍ عَنْ أَوْسَطَ «بن إسماعيل البجليّ» قَالَ
خَطَبَنَا أَبُو بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فَقَالَ قَامَ رَسُولُ اللَّهِ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَقَامِي هَذَا عَامَ الْأَوَّلِ وَبَكَى أَبُو
بَكْرٍ فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ سَلُوا اللَّهَ الْمُعَافَاةَ أَوْ قَالَ
الْعَافِيَةَ فَلَمْ يُؤْتَ أَحَدٌ قَطُّ بَعْدَ الْيَقِينِ أَفْضَلَ مِنْ الْعَافِيَةِ
أَوْ الْمُعَافَاةِ عَلَيْكُمْ بِالصِّدْقِ فَإِنَّهُ مَعَ الْبِرِّ وَهُمَا فِي
الْجَنَّةِ وَإِيَّاكُمْ وَالْكَذِبَ فَإِنَّهُ مَعَ الْفُجُورِ وَهُمَا فِي
النَّارِ وَلَا تَحَاسَدُوا وَلَا تَبَاغَضُوا وَلَا تَقَاطَعُوا وَلَا
تَدَابَرُوا وَكُونُوا إِخْوَانًا كَمَا أَمَرَكُمْ اللَّهُ تَعَالَى.
(2) وأخرجه في مسند العشرة المبشرين بالجنة، رقم
(6) قال:
حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ
وَأَبُو عَامِرٍ قَالَا حَدَّثَنَا زُهَيْرٌ يَعْنِي ابْنَ مُحَمَّدٍ عَنْ عَبْدِ
اللَّهِ يَعْنِي ابْنَ مُحَمَّدِ بْنِ عَقِيلٍ عَنْ مُعَاذِ بْنِ رِفَاعَةَ بْنِ
رَافِعٍ الْأَنْصَارِيِّ عَنْ أَبِيهِ رِفَاعَةَ بْنِ رَافِعٍ قَالَ سَمِعْتُ
أَبَا بَكْرٍ الصِّدِّيقَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ يَقُولُ عَلَى مِنْبَرِ رَسُولِ
اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ فَبَكَى أَبُو بَكْرٍ حِينَ ذَكَرَ رَسُولَ
اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثُمَّ سُرِّيَ عَنْهُ ثُمَّ قَالَ
سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ فِي هَذَا
الْقَيْظِ عَامَ الْأَوَّلِ سَلُوا اللَّهَ الْعَفْوَ وَالْعَافِيَةَ وَالْيَقِينَ
فِي الْآخِرَةِ وَالْأُولَى.
(3) وأخرجه في مسند العشرة المبشرين بالجنة، رقم
(10) قال:
حَدَّثَنَا أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْمُقْرِئُ
قَالَ حَدَّثَنَا حَيْوَةُ بْنُ شُرَيْحٍ قَالَ سَمِعْتُ عَبْدَ الْمَلِكِ بْنَ
الْحَارِثِ يَقُولُ إِنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا بَكْرٍ
الصِّدِّيقَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَلَى هَذَا الْمِنْبَرِ يَقُولُ سَمِعْتُ
رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي هَذَا الْيَوْمِ مِنْ
عَامِ الْأَوَّلِ ثُمَّ اسْتَعْبَرَ أَبُو بَكْرٍ وَبَكَى ثُمَّ قَالَ سَمِعْتُ
رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ لَمْ تُؤْتَوْا
شَيْئًا بَعْدَ كَلِمَةِ الْإِخْلَاصِ مِثْلَ الْعَافِيَةِ فَاسْأَلُوا اللَّهَ
الْعَافِيَةَ.
(4) وأخرجه في مسند العشرة المبشرين بالجنة، رقم (17)
قال:
حَدَّثَنَا هَاشِمٌ قَالَ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ
قَالَ أَخْبَرَنِي يَزِيدُ بْنُ خُمَيْرٍ قَالَ سَمِعْتُ سُلَيْمَ بْنَ عَامِرٍ
رَجُلًا مِنْ حِمْيَرَ يُحَدِّثُ عَنْ أَوْسَطَ بْنِ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَوْسَطَ
الْبَجَلِيِّ يُحَدِّثُ عَنْ أَبِي بَكْرٍ أَنَّهُ سَمِعَهُ حِينَ تُوُفِّيَ
رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ قَامَ رَسُولُ اللَّهِ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَامَ الْأَوَّلِ مَقَامِي هَذَا ثُمَّ بَكَى
ثُمَّ قَالَ عَلَيْكُمْ بِالصِّدْقِ فَإِنَّهُ مَعَ الْبِرِّ وَهُمَا فِي
الْجَنَّةِ وَإِيَّاكُمْ وَالْكَذِبَ فَإِنَّهُ مَعَ الْفُجُورِ وَهُمَا فِي
النَّارِ وَسَلُوا اللَّهَ الْمُعَافَاةَ فَإِنَّهُ لَمْ يُؤْتَ رَجُلٌ بَعْدَ
الْيَقِينِ شَيْئًا خَيْرًا مِنْ الْمُعَافَاةِ ثُمَّ قَالَ لَا تَقَاطَعُوا وَلَا
تَدَابَرُوا وَلَا تَبَاغَضُوا وَلَا تَحَاسَدُوا وَكُونُوا عِبَادَ اللَّهِ
إِخْوَانًا.
(5) وأخرجه في مسند العشرة المبشرين بالجنة، رقم (34)
قال:
حَدَّثَنَا رَوْحٌ قَالَ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ
يَزِيدَ بْنِ خُمَيْرٍ قَالَ سَمِعْتُ سُلَيْمَ بْنَ عَامِرٍ رَجُلًا مِنْ أَهْلِ
حِمْصَ وَكَانَ قَدْ أَدْرَكَ أَصْحَابَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ وَقَالَ مَرَّةً قَالَ سَمِعْتُ أَوْسَطَ الْبَجَلِيَّ عَنْ أَبِي
بَكْرٍ الصِّدِّيقِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ سَمِعْتُهُ يَخْطُبُ النَّاسَ
وَقَالَ مَرَّةً حِينَ اسْتُخْلِفَ فَقَالَ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَامَ عَامَ الْأَوَّلِ مَقَامِي هَذَا وَبَكَى أَبُو بَكْرٍ
رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فَقَالَ أَسْأَلُ اللَّهَ الْعَفْوَ وَالْعَافِيَةَ فَإِنَّ
النَّاسَ لَمْ يُعْطَوْا بَعْدَ الْيَقِينِ شَيْئًا خَيْرًا مِنْ الْعَافِيَةِ
وَعَلَيْكُمْ بِالصِّدْقِ فَإِنَّهُ فِي الْجَنَّةِ وَإِيَّاكُمْ وَالْكَذِبَ
فَإِنَّهُ مَعَ الْفُجُورِ وَهُمَا فِي النَّارِ وَلَا تَقَاطَعُوا وَلَا
تَبَاغَضُوا وَلَا تَحَاسَدُوا وَلَا تَدَابَرُوا وَكُونُوا إِخْوَانًا كَمَا
أَمَرَكُمْ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ.
(6) وأخرجه في مسند العشرة المبشرين بالجنة، رقم (37)
قال:
حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ عَنْ
يُونُسَ عَنِ الْحَسَنِ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ خَطَبَ النَّاسَ
فَقَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَا أَيُّهَا
النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ لَمْ يُعْطَوْا فِي الدُّنْيَا خَيْرًا مِنْ الْيَقِينِ
وَالْمُعَافَاةِ فَسَلُوهُمَا اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ.
(7) وأخرجه في مسند العشرة المبشرين بالجنة، رقم (43)
قال:
حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ
حَدَّثَنَا مُعَاوِيَةُ يَعْنِي ابْنَ صَالِحٍ عَنْ سُلَيْمِ بْنِ عَامِرٍ
الْكَلَاعِيِّ عَنْ أَوْسَطَ بْنِ عَمْرٍو قَالَ قَدِمْتُ الْمَدِينَةَ بَعْدَ
وَفَاةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِسَنَةٍ فَأَلْفَيْتُ
أَبَا بَكْرٍ يَخْطُبُ النَّاسَ فَقَالَ قَامَ فِينَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَامَ الْأَوَّلِ فَخَنَقَتْهُ الْعَبْرَةُ ثَلَاثَ
مِرَارٍ ثُمَّ قَالَ يَا أَيُّهَا النَّاسُ سَلُوا اللَّهَ الْمُعَافَاةَ
فَإِنَّهُ لَمْ يُؤْتَ أَحَدٌ مِثْلَ يَقِينٍ بَعْدَ مُعَافَاةٍ وَلَا أَشَدَّ
مِنْ رِيبَةٍ بَعْدَ كُفْرٍ وَعَلَيْكُمْ بِالصِّدْقِ فَإِنَّهُ يَهْدِي إِلَى
الْبِرِّ وَهُمَا فِي الْجَنَّةِ وَإِيَّاكُمْ وَالْكَذِبَ فَإِنَّهُ يَهْدِي
إِلَى الْفُجُورِ وَهُمَا فِي النَّارِ.
(8) وأخرجه في مسند العشرة المبشرين بالجنة، رقم (45)
قال:
حَدَّثَنَا وَكِيعٌ عَنْ سُفْيَانَ حَدَّثَنَا
عَمْرُو بْنُ مُرَّةَ عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ قَالَ قَامَ أَبُو بَكْرٍ رَضِيَ
اللَّهُ عَنْهُ بَعْدَ وَفَاةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
بِعَامٍ فَقَالَ قَامَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
مَقَامِي عَامَ الْأَوَّلِ فَقَالَ سَلُوا اللَّهَ الْعَافِيَةَ فَإِنَّهُ لَمْ
يُعْطَ عَبْدٌ شَيْئًا أَفْضَلَ مِنْ الْعَافِيَةِ وَعَلَيْكُمْ بِالصِّدْقِ
وَالْبِرِّ فَإِنَّهُمَا فِي الْجَنَّةِ وَإِيَّاكُمْ وَالْكَذِبَ وَالْفُجُورَ
فَإِنَّهُمَا فِي النَّارِ.
(9) وأخرجه في مسند العشرة المبشرين بالجنة، رقم (47)
قال:
حَدَّثَنَا بَهْزُ بْنُ أَسَدٍ حَدَّثَنَا سَلِيمُ
بْنُ حَيَّانَ قَالَ سَمِعْتُ قَتَادَةَ يُحَدِّثُ عَنْ حُمَيْدِ بْنِ عَبْدِ
الرَّحْمَنِ أَنَّ عُمَرَ «بن الخطّاب، رضي الله عنه» قَالَ إِنَّ أَبَا
بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ خَطَبَنَا فَقَالَ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَامَ فِينَا عَامَ أَوَّلَ فَقَالَ أَلَا إِنَّهُ
لَمْ يُقْسَمْ بَيْنَ النَّاسِ شَيْءٌ أَفْضَلُ مِنْ الْمُعَافَاةِ بَعْدَ
الْيَقِينِ أَلَا إِنَّ الصِّدْقَ وَالْبِرَّ فِي الْجَنَّةِ أَلَا إِنَّ
الْكَذِبَ وَالْفُجُورَ فِي النَّارِ.
(10) وأخرجه في مسند العشرة
المبشرين بالجنة، رقم (63) قال:
حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ أَخْبَرَنَا
سُفْيَانُ عَنْ عَمْرِو بْنِ مُرَّةَ عَنْ أَبِي عُبَيْدَةَ عَنْ أَبِي بَكْرٍ
رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ قَامَ أَبُو بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ بَعْدَ
وَفَاةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِعَامٍ فَقَالَ قَامَ
فِينَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَامَ الْأَوَّلِ
فَقَالَ إِنَّ ابْنَ آدَمَ لَمْ يُعْطَ شَيْئًا أَفْضَلَ مِنْ الْعَافِيَةِ
فَاسْأَلُوا اللَّهَ الْعَافِيَةَ وَعَلَيْكُمْ بِالصِّدْقِ وَالْبِرِّ
فَإِنَّهُمَا فِي الْجَنَّةِ وَإِيَّاكُمْ وَالْكَذِبَ وَالْفُجُورَ فَإِنَّهُمَا
فِي النَّارِ.
قال الفقير عداب: هذه الرواياتُ العشر لحديثٍ واحدٍ،
هو الحديث (5) من مسند أبي بكرٍ، في مسند الإمام أحمد.
ومن المنهجيّة العلميّة؛ أن تكون الرواياتُ مرتّبةً
على نوعٍ ما من أنواع الترتيب:
- إمّا على ترتيب الشيوخ على حروف المعجم!
- وإمّا على ترتيب الشيوخ الأكبر سنّاً!
- وإمّا على ترتيب الشيوخ الأشهر في علم الحديث!
- وإمّا على ترتيب الرواة عن أبي بكر، حسب ما تقدّم
في الشيوخ!
ولا يجدُ الباحث في مسند الإمام أحمد شيئاً من
منهجيّة التصنيف!
فشيخه في الحديث الأوّل (5) هو محمد بن جعفر
الهذليّ «غُندر» وقد روى في المسند من طريقه (1815) روايةً.
وشيخُه في الحديثين الثاني، والسابع (6، 43) هو
عبدالرحمن بن مهدي، وقد روى في المسند من طريقه (1082) روايةً.
وشيخه في الحديث الثالث (10) هو عبدالله بن يزيد
العدويّ المقرئ، وقد روى في المسند من طريقه (190) روايةً.
وشيخه في الحديث الرابع (17) هو هاشم بن القاسم
الخراساني، وقد روى في المسند من طريقه (710) رواياتٍ.
وشيخه في الحديث الخامس (34) هو روح بن عُبادة
القيسيّ، وقد روى في المسند من طريقه (710) رواياتٍ أيضاً.
وشيخه في الحديث السادس (37) هو إسماعيل بن إبراهيم
الأسديّ، المعروف بابن عُلَيّةَ، وقد روى في المسند من
طريقه (615) روايةً.
وشيخه في الحديث الثامن (45) هو وكيع بن الجرّاح
الرؤاسيّ، وقد روى في المسند من طريقه (1823) روايةً.
وشيخه في الحديث التاسع (47) هو بهز بن أسد العميّ،
وقد
روى في المسند من طريقه (516) روايةً.
وشيخه في الحديث العاشر (63) هو عبدالرزاق بن همّام
الصنعانيّ، وقد روى في المسند من طريقه (1646) روايةً.
فلو نظرنا إلى الأرقام السابقة؛ ظهر لنا أنّ
الإمامَ أحمد، لم يُراعِ منهجيّة معيّنة لترتيب الروايات!
ولو نظرنا إلى روايتي شيخه عبدالرحمن بن مهديّ (6) حَدَّثَنَا
عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَهْدِيٍّ وَأَبُو عَامِرٍ قَالَا حَدَّثَنَا زُهَيْرٌ يَعْنِي
ابْنَ مُحَمَّدٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ يَعْنِي ابْنَ مُحَمَّدِ بْنِ عَقِيلٍ عَنْ
مُعَاذِ بْنِ رِفَاعَةَ بْنِ رَافِعٍ الْأَنْصَارِيِّ عَنْ أَبِيهِ رِفَاعَةَ بْنِ
رَافِعٍ قَالَ سَمِعْتُ أَبَا بَكْرٍ الصِّدِّيقَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ يَقُولُ
عَلَى مِنْبَرِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَمِعْتُ
رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ فَبَكَى أَبُو بَكْرٍ
حِينَ ذَكَرَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثُمَّ سُرِّيَ
عَنْهُ ثُمَّ قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
يَقُولُ فِي هَذَا الْقَيْظِ عَامَ الْأَوَّلِ سَلُوا اللَّهَ الْعَفْوَ
وَالْعَافِيَةَ وَالْيَقِينَ فِي الْآخِرَةِ وَالْأُولَى.
والثانية (43) حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ
مَهْدِيٍّ حَدَّثَنَا مُعَاوِيَةُ يَعْنِي ابْنَ صَالِحٍ عَنْ سُلَيْمِ بْنِ
عَامِرٍ الْكَلَاعِيِّ عَنْ أَوْسَطَ بْنِ عَمْرٍو قَالَ قَدِمْتُ الْمَدِينَةَ
بَعْدَ وَفَاةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِسَنَةٍ
فَأَلْفَيْتُ أَبَا بَكْرٍ يَخْطُبُ النَّاسَ فَقَالَ قَامَ فِينَا رَسُولُ اللَّهِ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَامَ الْأَوَّلِ فَخَنَقَتْهُ الْعَبْرَةُ
ثَلَاثَ مِرَارٍ ثُمَّ قَالَ يَا أَيُّهَا النَّاسُ سَلُوا اللَّهَ الْمُعَافَاةَ
فَإِنَّهُ لَمْ يُؤْتَ أَحَدٌ مِثْلَ يَقِينٍ بَعْدَ مُعَافَاةٍ وَلَا أَشَدَّ
مِنْ رِيبَةٍ بَعْدَ كُفْرٍ وَعَلَيْكُمْ بِالصِّدْقِ فَإِنَّهُ يَهْدِي إِلَى
الْبِرِّ وَهُمَا فِي الْجَنَّةِ وَإِيَّاكُمْ وَالْكَذِبَ فَإِنَّهُ يَهْدِي
إِلَى الْفُجُورِ وَهُمَا فِي النَّارِ) لوجدنا بينهما (37) حديثاً في موضوعاتٍ
أخرى، من دون أدنى فائدةٍ منهجيّةٍ، أو حديثيّة على الإطلاق!
ولو نحن نظرنا إلى ترتيب الرواةِ عن أبي بكرٍ؛ لما
اختلف علينا انعدامُ المنهجيّةِ إطلاقاً!
ففي الحديث الأول (5) روى الحديثَ عن أبي بكرٍ؛ التابعيُّ
أوسطُ بن إسماعيل البجليّ.
وفي الحديث الثاني (6) روى الحديثَ عن أبي بكرٍ؛
الصحابيّ رفاعةُ بن رافعٍ الزُرَقيّ الأنصاريّ.
وفي الحديث الثالث (10) روى الحديثَ عن أبي بكرٍ؛ الصحابيُّ
أبو هريرة الدوسيّ.
وفي الحديث الرابع (17) روى الحديثَ عن أبي بكرٍ؛
التابعيّ أوسطُ بن إسماعيل البجليّ.
وفي الحديث الخامس (34) روى الحديثَ عن أبي بكرٍ؛ التابعيّ
سُلَيم بن عامرٍ الكلاعيّ الحمصيّ، انتبه إلى الحديث (43).
وفي الحديث السادس (37) روى الحديثَ عن أبي بكرٍ؛ التابعيُّ
الحسن البصريّ، وهو لم يدرك أبا بكر.
وفي الحديث السابع (43) روى الحديثَ عن أبي بكرٍ؛ التابعيّ
أوسط بن إسماعيل البجليّ، رواه سُليم بن عامرٍ عن أوسط.
وفي الحديث الثامن (45) روى الحديثَ عن أبي بكرٍ؛ التابعيّ
أبو عبيدة بن عبدالله بن مسعودٍ، وهو لم يدرك أبا بكر.
وفي الحديث التاسع (47) روى الحديثَ عن أبي بكرٍ؛ الصحابيُّ
عمر بن الخطّاب.
وفي الحديث العاشر (63) روى الحديثَ عن أبي بكرٍ؛ التابعيّ
أبو عبيدة بن عبدالله بن مسعودٍ، وهو لم يدرك أبا بكر، كما تقدّم.
فالإمام
أحمد أخرج روايةَ أوسطِ بن إسماعيل عن أبي بكرٍ، من ثلاثِ طرقٍ، وهذا طيّب، فيه
فوائد حديثيّة جمّة!
لكن ما الحكمة في أن تكون الرواية الأولى تحمل
الرقم (5) بينما تحمل الرواية الثانية الرقم (17) فيم تحمل الروايةُ الثالثةُ
الرقم (43).
أيُّ عنتٍ وإرهاقٍ واحتمالِ خطأٍ من الباحث في هذا،
من دون أدنى فائدة؟!
فعلى من يريد انتفاعَ الباحثين من مسند أحمدَ، من
دون بذلِ جهدٍ إضافيٍّ، ولا تضييع وقتٍ في شكليّاتٍ متعبة؛ أن يقوم بالآتي:
أوّلاً: أن يتحلّل مِن صفةِ أنّه يشتغل على مسند
الإمام أحمد، إنما يصنع كما صنع الإمام المزيّ في كتاب «الكمال»
للحافظ المقدسيّ، سمّى كتابَه تهذيبَ الكمال، وأراح نفسَه من ترتيبه وتبويبه، وحتى
من أحكامه!
فليقل الباحث: هذا «تهذيب مسند الإمام أحمد».
ثانياً: أن يرتّب الكتاب على مسانيد الصحابة،
ترتيباً على حروف الهجاء، مثل تحفة الأشراف، وإتحاف المهرة.
لكنْ بالنسبة لترتيب روايات الحديث؛ ليجعلها مرتّبة
هجائيّاً تحت اسم الراوي الأوّل من رواة
الحديث الواحد، بدلاً من بعثرتها، وإتعابِ الباحثِ في تتبّع مواضعها، كما توضّح
فيما سقناه من شاهدٍ.
ثالثاً: أن يجعل المرفوع أوّلاً، ثم الموقوف
ثانياً، ثم المقطوع ثالثاً، إن وجد.
رابعاً: أن يشرح غريبَ المفرداتِ في موضع واحدٍ،
وهامشٍ واحد.
خامساً: أن يجعل ملحقاً بأسماء الرواة «مدار
الحديث» ويترجمهم ترجمةً علميّةً نقديّة في هذا الملحق، ثم يستفيدُ من هذا الملحقِ
في الحكم على رواة الحديث باختصار، فيقول مثلاً: مدار حديث الباب على روحٍ مثلاً.
وروح بن عبادة ثقة ثبت، لكنّ شيخه أو شيخَ شيخه
فلان ضعيفٌ، أو لا بأس به، وهو لا يحتجّ بما ينفرد به (م: 427) وهذه الإشارة تعني:
راجع ترجمته في الملحق رقم الترجمة (427).
سادساً: على الباحث أن يستفيد من تخريجات الشيخ
شعيب الأرناؤوط في تخريج أحاديث المسند، وتخريج أحاديث صحيح ابن حبّان، وليستفد من
غيره أيضاً.
لكنْ إذا كان مدارُ الحديث على زيدٍ في عشرين
كتاباً؛ فليس بالباحث حاجةٌ لأن يخرّج الحديثَ من عشرين كتاباً، إنما ليحرص غاية
الحرص على أن يخرّج الحديثَ من كتب الصحاح (خ م خز حب) إن وُجدَ الحديث فيها، فتخريجه
الحديثَ من هذه الكتب أو بعضها؛ هو نقلٌ لتصحيح من أخرج الحديث منهم.
وفي هذه الحال؛ عليه أن يشير إلى تحفة الأشراف
وإتحاف المهرة؛ دلالةً على إحالةِ القارئ بمواضع تخريج الحديث في أمهات الكتب
الحديثيّة.
سابعاً تزويدُ الكتاب بفهارسَ معينةٍ موضحة وكاشفة.
ختاماً: أدعو جميع المشتغلين بالحديثِ النبويّ
الشريف؛ أن يرحموا طلّابَ العلم، وأن لا يثقلوا الهوامش بتعليقاتهم غير الضرورية،
فكلّ كتابٍ من كتب السنّة الأصول قد خدمه كثيرون، فقدّم للباحث تحقيقاً وتخريجاً
لكلّ كتابٍ، لا يتعب الباحثَ ولا يرهقه بتكرار المعلومات في هذه الكتب.
يُستثنى من هذا؛ الدراسات التعليميّة، مثل تخريجاتي
لأفراد البخاريّ مثلاً، فأنا لن أضع في تخريجي لصحيح البخاريّ جميع ما أكتبه في
تخريج الأفراد؛ لأنّ التعليم والتدريب يحتاجان إلى بسطٍ وشرحٍ وافٍ حتى يفهم
القارئ مرادي من هذا التخريج.
واللهُ تَعالى أعلمُ.
(رَبَّنا: ظَلَمْنَا أَنْفُسَنا، وَإِنْ لَمْ
تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنا؛ لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ).
هذا.. وصلّى الله على سيّدنا محمّد بن عبدالله،
وعلى آله وصحبه وسلّم تسليماً.
والحَمْدُ للهِ على كلِّ حالٍ.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق