مِنْ عِبَرِ التاريخِ (27):
ما رأيُكَ في أحمد الكاتب
الكربلائيّ !؟
بسم الله الرحمن الرحيم
(رَبَّنَا: عَلَيْكَ
تَوَكَّلْنَا، وَإِلَيْكَ أَنَبْنَا، وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ.
رَبَّنَا: لَا تَجْعَلْنَا
فِتْنَةً لِلَّذِينَ كَفَرُوا، وَاغْفِرْ لَنَا.
رَبَّنَا: إِنَّكَ أَنْتَ
الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ).
(رَبَّنَا: افْتَحْ
بَيْنَنَا وَبَيْنَ قَوْمِنَا بِالْحَقِّ، وَأَنْتَ خَيْرُ الْفَاتِحِين).
عددٌ من الإخوةِ الكرام،
لاحظوا أنّني أحترم الأستاذ أحمد الكاتب، وأستمعُ إليه، وأوصي الشباب بالاستماعِ
إليه والإفادة منه.
فتواصل معي عددٌ من الإخوة
الإماميّة، ينتقصونه، ويتّهمونه بشتّى التهم، ويحذّرونني منه!
وعندما سألتهم عن التهمة
الرئيسة التي يوجهونها إليه؛ قال جميعهم تقريباً: هو خرج من المذهب الإماميّ، ولم
يدخل في المذهب السنيّ!
وتواصل معي عدد من الإخوة من أهل السنة، ينتقصونه،
ويتّهمونه برفض السنة، وتفسير آيات القرآن الكريم على هواه.
أقول وبالله التوفيق:
ولد الأستاذ أحمد الكاتب في مدينة كربلاء، عام
(1372 هـ - 1953م) ونشأ في أسرة متديّنة بالمذهب الشيعيّ الإماميّ، وكانت والدته -
عافاها الله تعالى وشفاها - تُعدّه ليكون أحدَ جنودِ المهديّ المنتظر وأعوانه، كما
قال هو عن نفسه.
وقد درسَ في مدرسة حفّاظ القرآن الكريم، التي أسسها
السيّد مهدي الشيرازيّ بكربلاء.
ثم انضمّ إلى منظّمة العمل الإسلاميّ السياسيّة،
التي أنشأها السيّد محمّد الشيرازيُّ نفسه وأعوانُه.
ليس مهمّاً أن يكون اسم المترجَم (أحمد) أو (عبدالرسول)
أو (عبدالزهرة) إذ نحن مندوبون إلى أن نخاطبه بأحبّ أسمائه إليه، وأحبّ الأسماء
إليه؛ ما اختاره علَماً على شخصه الكريم (أحمد الكاتب).
للأستاذ أحمد الكاتب كتبٌ فكريّة وثقافيّة كثيرة،
وللذين يزعمون أنّه غير متخصّصٌ بالعلوم الحوزويّة؛ نقول: كتبُه تدلّ على معرفة
ممتازةٍ بمصادرها، مثلما تدلّ على فهم دقيقٍ عميق لدلالات النصوص التي يستدلّ
ويستشهد بها.
وأوّل صلة لي بمؤلفات الأستاذ أحمد الكاتب؛ كانت
سنة (1998) إذ غادرت العراق في تلك السنة، عقب مَقتل الشهيد محمد محمد صادق الصدر
رحمه الله تعالى، إلى عمّان الأردنّ.
هناك وقفت له على كتابٍ بعنوان: «تطوّر
الفكر السياسيّ الشيعيّ من الشورى إلى ولايةِ الفقيه» في إحدى المكتباتِ التي
تخصصت بمحاربة التشيّع الرافضيّ!
قرأتُ الكتابَ، فأعجبت بغزارة معلوماته
الشيعيّة، التي لا أعرف عنها في تلك الأيام، سوى النزر اليسير، فعرّفت بالكتابِ،
وأثنيت على مؤلّفه في أكثر من عشر صفحاتٍ من كتابي «المهدي المنتظر» (ص: 241 -
253).
ثمّ قرأت له ثلاثةَ مؤلّفاتٍ أخرى، ليس غير!
بيد أنني أستمع إلى محاضراته الكثيرةِ، وأستمتع
بها، وربما استمعت إلى المحاضرة الواحدةِ مرّتين، أو أكثر، إذ هو محاضرٌ متميّزٌ،
ومثقّف واعٍ، واسعُ الثقافة الشيعيّة جدّاً، فربما كان فهمي لمحاضرة واحدةٍ من
محاضراته؛ يغنيني عن قراءةِ كتابٍ شيعيّ، أو أكثر من كتاب!
خاصّةً أنّ نفسي لا تُقبلُ أبداً على قراءة كتب
غير مسنَدَةٍ ومخرّجةٍ ومحكومٍ على رواياتها، عند أهل السنة، أو عند الشيعة، وكتب
الشيعة الروائيّة هزيلةٌ ليست ذات قيمة أبداً !
وأنا أنصح الإخوةَ من أصدقائيّ ومتابعيَّ من
الشيعة الإماميّة؛ أن يستمعوا إلى محاضرات الأستاذ أحمد الكاتب بإمعانٍ، وأن
يقرؤوا كتبه بعين الإنصاف والعدل؛ فهو من أوائلِ الذين وجّهوا سهامَ النقدِ
البنّاء إلى الكتلة العقديّة والفكرية المسكوت عنها، لدى علماء ومراجع الشيعة
الإماميّة!
فمسائل النصّ والتعيين والعصمة والولاية
والإمامة والرجعة والمهدي، يكتب فيها علماءُ الشيعةِ، مُسلِّمِين بتلك الروايات
الهزيلة الباطلةِ، التي لا تصحّ منها روايةٌ واحدةٌ!
في هذه الدائرةِ تجد جهود الأستاذ المفكّر أحمد
الكاتب الكربلائيّ متميّزةً، ومتقدّمةً عشراتِ السنين على غيرها، من الدراسات
النقديّة الشيعيّة الجادّة.
وإنْ كان لي من مؤاخذةٍ على أخي الأستاذ أحمد
الكاتب؛ فهي ردّه لرواياتٍ صحيحةٍ مشهورةٍ لدى أهل السنة بعقلِه، كما يردّ كثيراً
من رواياتِ الشيعة بعقله!
ولدى الشيعة مسوّغ كبير لتحكّم «العقل» في
القبول والرد، إذ العقل عندهم يستقلّ بالتشريع - فيما لا نصّ فيه - كما في «كفاية
الأصول» للشيخ محمد كاظم الخراسانيّ (ص: 384 - 388).
وهذه مشكلةٌ كبيرةٌ تواجه الأستاذ أحمدَ الكاتب
وأمثالَه من غير المتخصصين بنقد الحديث النبويّ، فقد يقعون برفض حديثٍ متواترٍ
تواتراً نظريّاً مثل حديث «الغدير» ورفض حديثٍ مشهورٍ مثل حديث الكساءِ، ورفض حديث
صحيح صحيح، مثل حديث الثقلين، بعقولهم!
وكأني بالأستاذ أحمد يرفض من أحاديثِ أهل السنة
كلَّ ما يشبه أحاديثَ الشيعة، عقليّاً، ومن دون النظر في أسانيد تلك الروايات،
التي تختلف اختلافاً جذريّاً عن أسانيد الإماميّة!
إنّ نسبة (999%) من روايات الإماميّة من الفرد
المطلق، الذي ليس له سوى إسنادٍ واحدٍ، من أوّل السندِ إلى نهايته (المعصوم)
بمعزلٍ عن صحتها وعدمها!
بينما أهل السنة لا يثبتون عقيدةً أو فقهاً
إلّا بحديثٍ ثابتٍ عن الرسول صلّى الله عليه وآله وسلم، دون غيره من الأئمة
والصحابة، رضي الله عنهم!
وقد يكون الحديثُ متواتراً، وقد يكون مشهوراً،
وقد يكون مستفيضاً، وقد يكون عزيزاً، وقد يكون غريباً، والغريب ذاته عشرُ مراتبَ،
بل اثنتا عشرة مرتبةً، عند أهل السنّة!
المرتبة الثانيةَ عشرة الأضعف؛ هي التي تشبه
ظاهريّاً جميعَ روايات كتب الشيعة الإماميّة!
وكان يليق بمثل الأستاذ أحمد الكاتب المفكّر؛
أن يخصّص خمسَ سنواتٍ من عمره لإتقان علوم الحديث النظريّة والتطبيقيّة، إذ لا
قيمةَ لأيّ كلامٍ يصدر عن الإنسان، ليس مرتكزاً إلى أدلّةِ إثباتٍ أو نفيٍ صحيحة،
خاصّة في ساحة العقائدِ والأفكار الدينية.
لذلك آملُ أن يهجم على كتب الشيعة الإماميّة
- كما يشاء - لأنّها - مجتمعةً ومفردةً -
لم تنل أدنى درجاتِ القَبول (50%) وليست كذلك كتبُ أهل السنة.
وأنا في هذه الأيّام أخرّج الفردَ المطلقَ من
أحاديث البخاريّ، وأنشر في كلّ يوم حديثاً تقريباً، حبّذا لو قرأها الأستاذ أحمد
برويّة وهدوء؛ ليتيقّن البونَ الشاسع بين الفرد المطلق لدى أهل السنّة، وبين جميع
روايات الشيعة التي ليس لها أيّ قيمة علميّة إسناديّة على الإطلاق!
واللهُ تَعالَى أَعْلَمُ
(رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنْفُسَنَا وَإِنْ لَمْ
تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ).
هذا.. وصلّى الله على سيّدنا محمّد بن عبدالله،
وعلى آله وصحبه وسلّم تسليماً.
والحَمْدُ للهِ عَلى كُلِّ حالٍ.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق