الاثنين، 16 يناير 2023

  في سَبيلِ العِلْمِ (2):

مَعَ شَيْخِنا الشَعْراويِّ (2)!؟

بسم الله الرحمن الرحيم

(رَبَّنَا: عَلَيْكَ تَوَكَّلْنَا، وَإِلَيْكَ أَنَبْنَا، وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ.

رَبَّنَا: لَا تَجْعَلْنَا فِتْنَةً لِلَّذِينَ كَفَرُوا، وَاغْفِرْ لَنَا.

رَبَّنَا: إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ).

(رَبَّنَا: افْتَحْ بَيْنَنَا وَبَيْنَ قَوْمِنَا بِالْحَقِّ، وَأَنْتَ خَيْرُ الْفَاتِحِين).

كتب إليّ أحدهم يقول: أنا أعتب عليك كثيراً يا شيخ عداب، مع معرفتي بشجاعتك وجرأتك بقول الحقّ.

لكن ألا تتذكر مَوقفَك من الشيخ الشعراوي، عندما قال للرئيس أنور السادات: «لو كان لي من الأمر شيءٌ؛ لحكمت لهذا الرجل - السادات - بمقام الذي لا يُسأل عمّا يفعل» وعندما قال: «أكبر أعدائي هم الشيوعيّون، والإخوان المسلمون»؟

ألا تتذكّر عندما قلت: يجب أن يستتاب الشيخ الشعراويّ؟

أقول وبالله التوفيق:

كان هذا الكلام في حدود عام (1978م) قبل أن ألتقيَ بالشيخ الشعراويّ، وأتعرّف إليه عن قرب!

وقد سألته عن هاتين المسألتين بعينهما، في عام (1401) ونحن في طريقنا إلى مكّة المكرمّة!

أمّا عن قوله «أعدائي الشيوعيين والإخوان المسلمين» فكان جوابه بما معناه:

«أمّا الشيوعيون؛ فظاهر، ولا تحتاج مني إلى تفسير!

وأمّا الإخوان المسلمون؛ فلست أدري إن كنت تعلم أو لا تعلم، فقد كنت أنا من جماعة الإخوان المسلمين، وكنت معجباً جدّاً بالشيخ حسن البنّا وبوالده أيضاً، رحمهما الله تعالى.

لكنّ الإخوان المسلمين غيّروا وبدّلوا، وصار همّهم الأوّل والأخير هو الوصول إلى الحكم، وقد اغتالوا عدداً من الشخصيّات المصريّة المخلصة، ولا يخفى عليك فظائع ما ارتكبه الجهاز السريّ، وهذا لا يمكن أن أوافق عليه أو أقبله، والرسول صلّى الله عليه وآله وسلّم أمرنا بالصبر على وُلاة الأمر، حتى يستريح برٌّ، أو يُستراحَ من فاجر، وإلّا أنت مش معاي؟!

قال الله تعالى: (قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَنْ تَشَاءُ وَتَنْزِعُ الْمُلْكَ مِمَّنْ تَشَاءُ وَتُعِزُّ مَنْ تَشَاءُ وَتُذِلُّ مَنْ تَشَاءُ بِيَدِكَ الْخَيْرُ إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) أليس هذا مذهب أهل السنّة قاطبة؟

أليس الاغتيالُ السياسيّ خلاف الهدي النبويّ الشريف (الإيمان قيّد الفتك).

على كلّ حال: هذا مذهب أهل السنة، وهذا رأيي وفهمي!

يعجبك ما يعجبكش، هذا قرارك»!

وأمّا كلامي للسادات؛ فأنا برضه أتبع في ذلك الهدي الربانيّ، اسمع يا ابني!

يقول الله تبارك وتعالى لنبيّيه موسى وهارون، على نبينا وعليهما الصلاة والسلام:

(اذْهَبَا إِلَى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَى (43) فَقُولَا لَهُ قَوْلًا لَيِّنًا لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى).

وقال لرسولنا صلّى الله عليه وسلّم: (فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ).

وقال له أيضاً: (وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ (214) وَاخْفِضْ جَنَاحَكَ لِمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ).

والشيخ حسن البنا بذات نفسه، كان يخاطب الملك فاروق بألفاظ التفخيم والتبجيل، وعندما التقى الملك عبدالعزيز في الحجّ، أثنى عليه ثناء عاطراً، ليه؟

لأنّ الملوك لا يفهمون إلّا هذه اللغة، وعلى الداعية إلى الله تعالى أن يدعو إليه بالحكمة والموعظة الحسنة!

وبعدين أنتَ يا ابني أديب وشاعر، أين الخطأ الشرعي في كلامي؟

أنا قلت إيه؟ أنا قلت: «إذا» أنا قلت: «إن» أو قلت: «لو»؟

أنا قلت: «لو» يا ابني، وجواب «لو» يكون إيه؟

قلت له: جواب «لو» منفيّ!

قال: هو ده، فما دام جواب «لو» منفيّاً؛ فأين الجرم الذي وقع الشعراوي فيه؟ ما فيش!

أنا عملت تورية، عشان هدّئ الجوّ، ويبرد غضب الرئيس أنور السادات، لكنّ الموجودين لم يفهموا، فراحوا يشنعون عليّ!

قال الفقير عداب: ممّا لا ريب فيه عندي أنّ (99%) من علمائنا مجاملون في قول الحقّ، عاجرون عن التعامل مع الملوك والقادة والعسكر.

وجميع علماء أهل السنّة يرون حرمةَ الخروجِ على الحاكم، ويرون الاقتصار على نصيحته بالسرّ، والدعاء له، والشعراوي واحدٌ من أولئك العلماء، فإذا رحنا نسقطه بهاتين الكلمتين وأشباههما؛ فهذا يستلزم إسقاط جميع علماء الإسلام، إلّا أفراداً قليلين، قد لا يصلون إلى عشرة علماء في تاريخنا الإسلاميّ كله.

ولا يخفى على أحدٍ منكم أنّ منهجي ليس هذا، وأنا أخالف الشيخ في المسألتين!

لكنني كما قلت مرات: لا يسعنا في هذه الدنيا، إلّا الإعذار بالاجتهاد، والإعذار بالجهل، والله تعالى يتولّى حسابَ الخلائق يوم القيامة.

من شيوخي السيّد مجد الدين المؤيّدي.

ومن شيوخي السيّد علي السيستانيّ.

ومن شيوخي السيّد محمد مهدي الخرسان.

ومن شيوخي الشيخ أحمد الخليلي مفتي سلطنة عمان.

ومن شيوخي عبدالحليم محمود.

ومن شيوخي عبدالعزيز ابن باز.

هل تتوقّعون أنّني أوافقهم في كلّ ما يذهبون إليه، وما هو من أصول مذاهبهم؟

فإذا كنت أعذر هؤلاء جميعاً - على كثرة ما أخالفهم فيه - فمن الطبيعيّ أن أعذر شيخي الشعراويّ، رحمهم الله تعالى أجمعين، ورحمنا معهم وبهم.

واللهُ تَعالَى أَعْلَمُ.

(رَبَّنا: ظَلَمْنَا أَنْفُسَنا، وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنا؛ لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ).

هذا.. وصلّى اللهُ على سَيّدنا محمّدِ بن عبدِالله، وعلى آلِه وصحبِه وسلَّمَ تَسْليماً.

والحَمْدُ للهِ عَلى كُلِّ حالٍ.

 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق