مسائل فكريّة (23):
تُحِبُّ تُركيّا وتُبغِضُ
إيرانَ؟!
بسم الله الرحمن الرحيم
(رَبَّنا: عَلَيْكَ تَوَكَّلْنا، وَإِلَيْكَ
أَنَبْنا، وَإِلَيْكَ الْمَصيرُ.
رَبَّنا: لَا تَجْعَلْنا فِتْنَةً لِلَّذِينَ
كَفَرُوا، وَاغْفِرْ لَنَا.
رَبَّنا: إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ).
(رَبَّنا: افْتَحْ
بَيْنَنَا وَبَيْنَ قَوْمِنَا بِالْحَقِّ، وَأَنْتَ خَيْرُ الْفَاتِحِين).
عددٌ من الإخوةِ الأفاضلِ،
الذين لا أعرف عن انتماءاتهم شيئاً، سألوني عن أسبابِ بغضي إيرانَ، وحبّي تركيّا،
وإقامتي الدائمة بها، من العام (2014) قالوا: مع أنّك تجاهر بأنّك شيعيّ؟
أقول وبالله التوفيق:
من حيث المبدأ؛ أنا لا
أبغضُ الشعبَ الإيرانيَّ مطلقاً، ولا أهوى الشعبَ التركيَّ!
إنّما عقيدتي، وديني الذي
ألقى الله تعالى عليه؛ أنّ أيَّ مسلمٍ في أيّ بلد من بلاد الله تعالى الواسعة، هو
أخي المسلم، أحبّ له من الخير أكثرَ وأكثرَ ممّا أحبّ لنفسي!
إنما تختلف مواقفي من
الأنظمةِ السياسيّة، على حسب قربها وبعدها من دين الإسلام، ثمّ على حسب التقارب
الفكريّ والنفسيّ والروحيّ، بيني وبين تلك الشعوب!
بالنسبة للأتراك والفرس
والعراقيين بالخصوص؛ هم أهلي، وأنا منهم!
فاثنا عشر جدّاً من
أجدادي؛ سوريون حمويّون!
وثلاثةَ عشر جدّاً من
أجدادي؛ أخلاطيّون أتراك!
وسبعة جدودٍ من أجدادي؛
هَمْدانيّون من فارس!
والباقون حتى الإمام عليّ
الرضا عليه السلام؛ عراقيّون!
يتخلّل ذلك ثلاثةُ جدودٍ
مصريّون، وعددٌ من أهل المدينة المنورة، زادها الله شرفاً.
وبناء على النظرة
الإقليميّة الضيّقة؛ أنا الفقير مَدنيٌّ عراقيّ سوريّ تركيٌّ فارسيٌّ مصريّ!
كان زملائي الشباب في
جامعة أمّ القرى، يعرفون أنني عداب بن محمود الحمش آل كنعان، فظنّ بعضُ قادة
منظّمة التحرير الفلسطينيّة أنني من آل كنعان في نابلس، فقدموني في أحد المواسم
على أنني فلسطينيٌّ، وفرحتُ بذلك!
عشرُ سنين أقمتُ في
العراق، لم أشارك يوماً ضمن الوفد السوريّ، إنما كنت عضواً من أعضاء الوفد
العراقيّ، في أيّ مؤتمر!
وأقمت في الكويت تسعَ
سنين، وفي العراق عشر سنين، وفي الأردنّ اثنا عشر عاماً، وفي الحجاز ثلاثة عشر
عاماً، فما قمتُ بأيّ إساءةٍ إليهم، ولا شعرتُ في يومٍ من الأيّام أنّ أحداً منهم
فوقي - من الحاكم إلى الفرّاش - ولا صرّحت يوماً أنني فوق أحدٍ منهم، في شيءٍ
البتّة!
أنا بين الأتراك منذ ثماني
سنواتٍ، ولا أعرف عنهم شيئاً، هم مجهولون جهالةً تامةً من قِبَلي وليس لي أيّ
صديقٍ تركيّ، وكذلك الفرس!
لأنّ مَن لا يحسن لغةَ
قومٍ؛ فهو غريب عنهم، وأنا لا أعرف باللغة التركيّة عشر كلمات، ولا أعرف
بالفارسيّة كلمةً واحدة!
عندما أدخل مسجداً من
مساجد الأتراك، كثيراً ما تدمع عيناي!
أناس يتطهرون، ويؤذّنون،
ويقيمون، ويصلّون، ويصومون، ويزكّون، ويحجّون، وهم أعاجم ليست العربية لغتهم،
وفهمهم للقرآن العظيم قليل!
أنا أُكبرهُم، وأُعظمُهم،
وأرى أجورَهم مضاعفةً عنا نحن العرب!
وأظنّني لو أقمت في بلاد
فارس؛ فسيكون شعوري هو ذاته!
أمّا قول السائل: إنني
أقول بأنني شيعيّ؛ فأنا أعني شيئاً آخر مختلفاً عمّا هو المتداول بين الطائفيين
والمذهبيّين!
نحن - آل كنعان - لسنا
بدواً ولا فلّاحين قطعاً، ولم نعش في البادية أو في القرى إلّا نزهةً!
وإنّ الأحياء التي نقيم
فيها بمدينة حماة: باب الجسر، سوق الشجرة، باب البلد، المرابط، حيّ الفرّاية، حيّ
العليليّات!
إنّما كنّا ملّاكاً نشتغل
بالزراعة وتربية المواشي والتجارة بها، وكانت قرية «نقيرين»
ملكاً تامّاً لأجدادي، حتى الثورة السوريّة على الفرنسيين، عام (1925) وكان يعمل
عندنا خمسون عاملاً باطّراد.
لكن لاحتقاري النعرةَ
الإقطاعيّة الوسخة، التي يتعامل بها الحمويون؛ أقول في المجالس: أنا عداب الحمش،
فلّاح نِقراوي!
ولأنني ابن الحمش،
ولأنني شجاع قويّ؛ لا يجرؤ أحدٌ أن يحتقرني، أو يحتقر الفلّاحين والبدوَ في حضوري!
وهذا هو معنى قولي: أنا
شيعيٌّ أيضاً؛ لأنّ الشيعيَّ عند أهل السنّة؛ ضالٌّ فاسق مبتدع نظريّاً، وهو كافرٌ
عندهم في حقيقة الأمر، ويستحلّون دمه، متى قدروا على ذلك، خصوصاً إذا نازعهم على
السيادة والبترول!
أمّا أنني شيعيّ زيديٌّ،
أو إماميٌّ، أو إسماعيليّ، أو علويّ، أو درزيّ؛ فقطعاً أنا لست كذلك، وآل كنعان
ليسوا كذلك!
يُضافُ إلى ما تقدّم؛ أنّ
الإلفَ والاعتياد على نمطٍ من الحياةِ؛ يجعل الإنسانَ يأنسُ إلى مَن يوافقونه في
نمط حياتِه الذي عاشه!
كثيرٌ من الأمورِ التي
يقوم بها الشيعة الإماميّة في العراق؛ أراها بدائيّة سخيفةً مُتخلّفة رعناء،
أشمئزّ منها وأنفر، وإن كانت لا تدخل عندي في مرتبة الحرام!
أتضايق من السجود على
التربة، مع أنّ السنة العمليّة للرسول صلّى الله عليه وآله وسلّم؛ هي السجود على
التراب!
أتضايق من إصرارهم على مسح
القدمين، مع أنّ القرآن الكريم بقراءتيه؛ لا يدلّ إلّا على المسحِ عندي، إنّما الغسل
ثابت بالسنة النبويّة الصحيحة!
أتضايق من اجتماعهم على
قراءة مقتل الحسين عليه السلام - لما فيه من تأجيج الأحقاد - مع أنّ مقتل الحسين؛
سبّةٌ وعارٌ على هذه الأمة، إلى قيام الساعة!
أنا أُبغضُ بني أميّة
الأوّلين، لكنني أتألّم أن أرى النساء الشيعيّات يلطمن ويندبن ويصرخن، في مسجد بني
أميّة الكبير في دمشق!
أنا ضدَّ الثورةِ التي
قامت في سوريّا، منذ يومِها الأوّل، لكنني كنت وحتى هذا اليوم أساعد ماليّاً عدداً
من العائلات التي تضرّرت من هذه الثورة العجفاء!
لا لأنّ النظام الطائفيَّ
العلمانيّ؛ لا يجوز الخروج عليه، كلّا وألف كلّا، بل يجب الخروجُ على جميعِ حكّام
العرب، من مضيق هرمز، حتى جبل طارق!
لكنْ عندما يكون لديكم
القدرة الحقيقيّة على الثورة، بعيداً عن التوجيه الغربيّ المجرم، وانتهازيّة حكّام العرب الأذناب!
أرجو أن يكون ظهر موقفي من
تركيّا وإيران وسائر بلاد الإسلام!
ختاماً: أليس عاراً عليكم
يا حكّام العرب؛ ألا تقبل دولةٌ منكم بإقامتي فيها وأنا ابن خمس وسبعين سنة، ألا
شاهت وجوهكم الكالحة الخالية من أدنى بصيصٍ من نور الإيمان، وعليكم غضب الله وسخطه
إلى يوم الدين!
(رَبَّنا: ظَلَمْنَا
أَنْفُسَنا، وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنا؛ لَنَكُونَنَّ مِنَ
الْخَاسِرِينَ).
هذا.. وصلّى الله على
سيّدنا محمّد بن عبدالله، وعلى آله وصحبه وسلّم تسليماً.
والحَمْدُ للهِ على كلِّ
حالٍ.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق