مَسائِلُ عَقَدِيّةٌ (9):
رَسولُ السماواتِ
الجَديدُ!؟
بسم الله الرحمن الرحيم
(رَبَّنَا: عَلَيْكَ
تَوَكَّلْنَا، وَإِلَيْكَ أَنَبْنَا، وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ.
رَبَّنَا: لَا تَجْعَلْنَا
فِتْنَةً لِلَّذِينَ كَفَرُوا، وَاغْفِرْ لَنَا.
رَبَّنَا: إِنَّكَ أَنْتَ
الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ).
(رَبَّنَا: افْتَحْ
بَيْنَنَا وَبَيْنَ قَوْمِنَا بِالْحَقِّ، وَأَنْتَ خَيْرُ الْفَاتِحِين).
عددٌ من الإخوةِ طلبوا مني
البيانَ بشأنِ مُدّعي الرسالةِ «نشأت منذر» وبعضهم ألحّ بطريقةٍ أزعجتني؛ لأنّ
إلحاحَه؛ دليل جهلِه بمبادئ الإسلام الأولى!
لكنْ ماذا نصنع في عصرٍ
طَمَى فيه الجهلٌ، وفشا الارتيابُ، ولا حول ولا قوّةَ إلّا بالله العليّ العظيم!
أقول وبالله التوفيق:
- أوّل توضيحٍ لأولئك
المساكين، وليس ردّاً على ذلك الدعيّ الغبيّ الجاهل؛ هو أنّ الله تبارك وتعالى
قال: (مَا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِنْ رِجَالِكُمْ وَلَكِنْ رَسُولَ اللهِ،
وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ وَكَانَ اللهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمًا (40) [الأحزاب].
هذا الجاهل الدعيّ يقول: إنّه
مرسلٌ من السماواتِ، وليس بنبيّ وهذا مزيد جهلٍ منه، إذ كلّ رسولٍ نبيٍّ، من دون
عكس!
إذ الرسولُ صاحبُ رسالة
جديدةٍ، والنبيّ قد يكون تابعاً لرسولٍ قبله، كما كان زكريّا ويحيى تابعَيْن شريعة
موسى، عليهم السلام.
قال الله تعالى مخاطباً
عبدَه محمّداً صلّى الله عليه وآله وسلّم:
(قُلْ يَاأَيُّهَا
النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعًا (158) [الأعراف].
(يَاأَيُّهَا الرَّسُولُ
بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ
رِسَالَتَهُ (67) [المائدة].
(يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ
إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا (45) وَدَاعِيًا إِلَى
اللَّهِ بِإِذْنِهِ وَسِرَاجًا مُنِيرًا (46) [الأحزاب].
- والتوضيح الثاني: أنّ
هذا الدعيَّ الجاهلَ يقول: إنّ اللهَ والآلهةَ يزورونه في بيتِه، ويلتقي معهم،
ومقتضى هذا أنّه يرى الله تبارك وتعالى!
وحين سألَ بنو إسرائيلَ
البدائيّون الجهّال موسى عليه السلامُ بأن يريهم اللهَ تعالى جهرة، ماذا جرى!
(سَأَلُوا مُوسَى أَكْبَرَ
مِنْ ذَلِكَ فَقَالُوا أَرِنَا اللهَ جَهْرَةً فَأَخَذَتْهُمُ الصَّاعِقَةُ
بِظُلْمِهِمْ) [النساء].
فمن يطلبُ رؤيةَ الله
تعالى؛ عقوبته صاعقةٌ من السماء، فكيف بمن يزعم أنّه يلتقي مع الله تعالى، ويجتمع
به!
- التوضيح الثالث: هذا
الدعيُّ الغبيّ الجاهلُ، يزعم أنّ الآلهة تزوره في موضع إقامته!
ومعلومٌ لدى جميع الأديان
الإلهيّة أنّه (ما مِنْ إِلَهٍ إِلَّا إِلَهٌ وَاحِدٌ، وَإِنْ لَمْ يَنْتَهُوا
عَمَّا يَقُولُونَ لَيَمَسَّنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (73)
[المائدة].
وأنّ القائلَ بوجود إلهٍ
سوى الله تعالى مجرم، وليس برسول!
(إِنَّا كَذَلِكَ نَفْعَلُ
بِالْمُجْرِمِينَ (34) إِنَّهُمْ كَانُوا إِذَا قِيلَ لَهُمْ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ
يَسْتَكْبِرُونَ) [الصافّات].
- التوضيح الرابع: يقول
هذا الدعيّ الجاهل: إنّه إذا كان فوق مجرّة الزُهرة، فإنه يخضع لقوانينها، وإذا
كان فوق المريخ؛ يخضع لقوانينه، وهكذا!
ومعلومٌ لدى البشر جميعاً؛
أنّ النزولَ على سطح القمر القريب؛ كلّف أمريكا وروسيا ملياراتِ الدولارات، فإذا
كان هذا الدعيّ يستطيع السفر إلى الزهرة والمريخ مباشرةً؛ فليأخذ معه واحداً من
العقلاء، برهاناً على صدق دعواه.
أعلم أنّه يقصدُ العروجَ
الروحيَّ، وليس العروجَ الماديّ، لكنّ العروجَ الروحيّ دعوى، لا يصعب على أيّ مؤمن
أو كافر، صغير أو كبيرٍ، ادّعاؤها، وبالتالي، فهي لا تصلح برهاناً على صدق الدعوى!
ومثلُ هذا، دعواه أنّ
الأنبياءَ من لدن إبراهيم إلى محمّدٍ العظيم، صلوات الله وسلامه وبركاته عليهم
أجمعين، يزورونه في مقرّه المعظّم أيضاً!
خِتاماً: كُنْ على يقينٍ
من دينك أخي المسلم، ولا يخدعنّك عنه كلُّ صائح!
وتعلّم البراهينَ الدالّةَ
على صدق القرآن الكريم، من داخلِه، وتعلّم الأدلّة على صدق رسولك محمّدٍ صلّى الله
عليه وآله وسلّم من داخلِ القرآن أيضاً، ثمّ سلّم لما في هذا القرآن العظيم، ولما
صحّ عن الرسول الكريم.
وإيّاك والجدالَ والخصومات
في الدين، فقد عاب الله تعالى الخصوماتِ والجدالَ في الدين، فقال جلّ شأنُه:
(وَقَالُوا أَآلِهَتُنَا
خَيْرٌ أَمْ هُوَ؟ مَا ضَرَبُوهُ لَكَ إِلَّا جَدَلًا، بَلْ هُمْ قَوْمٌ خَصِمُونَ
(58) [الزخرف].
رُوي أنّ رجلاً كان يُتّهم
بالإرجاء، فقال لمالكِ بن أنسٍ الإمام: يا أبا عبدالله: اسمع شيئا مني، أكلّمْك
به، وأحاجَّك!
قال مالك: فإنْ غَلبتَني؟
قال: تَتْبَعني!
قال مالك: فإن جاءَ رجلٌ
آخرُ، فغلبني وإياك؟ قال: تبعناه.
فقال مالك: بعث الله
محمداً صلّى الله عليه وسلم بدين واحدٍ، وأراك تَنتقِل من دين إلى دين».
ورحم الله عمر بن
عبدالعزيز الخليفة الأمويَّ، إذ يقول: « مَنْ جَعَلَ دِينَهُ عَرَضًا
لِلْخُصُومَاتِ أَكْثَرَ التَّنَقُّلَ».
(رَبَّنا: ظَلَمْنَا
أَنْفُسَنا، وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنا؛ لَنَكُونَنَّ مِنَ
الْخَاسِرِينَ).
هذا.. وصلّى الله على
سيّدنا محمّد بن عبدالله، وعلى آله وصحبه وسلّم تسليماً.
والحمد لله على كلّ حال.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق