مَسائِلُ عَقَدِيّةٌ (10):
أَصْنافُ المُسلمينَ والكافِرينَ!؟
بسم الله الرحمن الرحيم
(رَبَّنَا: عَلَيْكَ
تَوَكَّلْنَا، وَإِلَيْكَ أَنَبْنَا، وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ.
رَبَّنَا: لَا تَجْعَلْنَا
فِتْنَةً لِلَّذِينَ كَفَرُوا، وَاغْفِرْ لَنَا.
رَبَّنَا: إِنَّكَ أَنْتَ
الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ).
(رَبَّنَا: افْتَحْ
بَيْنَنَا وَبَيْنَ قَوْمِنَا بِالْحَقِّ، وَأَنْتَ خَيْرُ الْفَاتِحِين).
عددٌ من الإخوة طلبوا أن
أوضح لهم القولَ الفصل في أتباع الديانات المعاصرة، أهم كافرون، أم مؤمنون، أم
منافقون، أمْ ما توصيفُهم؟
خصوصاً وقد صار هناك تمازج
بين أتباع الديانات، وصارت في المجتمعاتِ الغربية أقليّاتٌ إسلاميّة كثيرة؟
أقول وبالله التوفيق:
قبل أن نتحدّث عن
المجتمعاتِ غير الإسلاميّة؛ علينا أن نتحدّث عن المجتمعات الإسلاميّة، حتى يتوضّح
لكلّ قارئٍ أننّا لا ننطلق في أحكامنا على البشرِ من أهوائنا وتعصّبنا لما نحن
عليه من دينٍ أو مذهب!
المجتمعاتُ الإسلامية في
الرقعة الإسلامية الواسعة التي تشمل الوطن العربيّ والوطن التركي، والوطن
الإيرانيّ، والوطن الهندي، والوطن الماليزيّ، والوطن الأندونيسيّ، وغيرها من
الأوطان، ومن الأقليّات؛ ينقسم إلى خمسة أقسام:
القسم الأوّل: المؤمنون،
وهم الذين فهموا دينَ الإسلام فهماً صحيحاً، واقتنعوا علميّاً بأركان الإيمان
وأركان الإسلام، وكلّ ما يتصّل بالحلال والحرام، فالتزموا بالواجبات الدينيّة،
وانتهوا عن المنهيات الدينية تماماً، وسارعوا في مندوبات الأقوال والأفعال
(أُولَئِكَ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ حَقًّا لَهُمْ دَرَجَاتٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ
وَمَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ (4) [الأنفال].
القسم الثاني: المسلمون، وهم
الذين لا يَفقهون دين الإسلامِ، كما يفقهه الأولون، لكنْ لديهم اعتقاد عام بدين
الإسلام، وهم يقرّون بأركان الإيمان وأركان الإسلام ويقيمون الشعائر الدينيّة،
ويمتنعون عن المنهيّات، كلما علموا أنها كذلك.
القسم الثالث: عامّة
المنتسبين إلى الإسلام، وهم الذين وُلدوا من أبوين مسلمين، في بيئةٍ إسلامية،
لديهم عواطف إسلاميّة، وإقرار بأركان الإيمان وأركان الإسلام، لكنهم لا يلتزمون
بالعباداتِ المفروضة، من طهارةٍ أو صلاة أو صيام أو زكاة أو حجٍّ مع القدرة،
فهؤلاء فسّاقٌ، ومعنى الفاسق: هو الكافر كفراً عمليّاً، لا نخرجه من دائرة الإسلام
العامّة، ولا ندخله بين المسلمين، فضلاً عن المؤمنين.
القسم الرابع: المنكرون
بعضَ دين الإسلام، كمنكري آيةٍ من القرآن الكريم، أو المنكرون لحرمة الربا أو
الزنا أو اللواط أو أيّ شيءٍ مما هو معلوم من الدين بالضرورة، وهم اليومَ كثيرون
جدّاً جدّاً، في المجتمعات الإسلامية!
فهؤلاء لا نَعدّهم مسلمين
أبداً، ولا نحكم عليهم بالكفر، حتى نقيمَ على الواحد منهم الحجّة الشرعيّة، من دون
أدنى إكراه، فمن رجع إلى الإسلام، ونطق بالشهادتين؛ نقول: إنّه في دائرة الإسلام
العامّة، ثم نحكم عليه بالإيمان أو الإسلام أو الفِسق، على حسب أقواله وأفعاله،
بعد إعلانه الرجوع إلى الإسلام.
ومَن أُقيمت عليه الحجّةُ،
فبقي منكراً بعضَ ما تقدّمَ من المعلوم من الدين بالضرورة؛ فقد خرج من الإسلام
تماماً (وإن صام وصلّى وزعم أنّه مسلم)!
- القسم الخامس:
العلمانيون بطوائفهم، ومنهم الملاحدة والشيوعيون والماركسيون والوجوديون، والذين
يؤمنون بالدولة المدنيّة، التي تسوّي بين المسلم والكافر، والتي ليس فيها حلالُ ما
أحلّ اللهُ، وحرامُ ما حرّم الله تعالى.
فهؤلاء كفّار مرتدّون، وإن
عاشوا بين المسلمين، أو انتسبوا فقالوا: نحن مسلمون؛ لأنّ مَن أنكر مَعلوماً
واحداً من الإسلام بالضرورة؛ يُبيّنُ له الحقّ فيه، وتقام عليه الحجة، فإن أصرّ؛
فهو كافر مرتّدٌ!
وليس كلّ كافرٌ حلالُ
الدمِ، كما يتبادَر إلى الأذهان، مِن رَبط الكفر بالقَتل، فالكافر الذي يُقتَل
إجماعاً؛ هو الكافر المُقاتِل الحربيُّ، وما وراء ذلك من أصناف الكافرين، لا يُقتلون
إلّا بأسبابٍ أخرى سوى الكُفر، تفصيلاتُها في كتب الفقه الإسلامي.
ولا يكون شيءٌ من ذلك
أصلاً، قبل أن تقومَ دولةٌ إسلاميّة تُحكِّم شريعةَ الله تعالى في جميع شؤون الحياة
الدينية والدنيويّة، هي وحدها التي يحقّ لها أن تنظر في انحرافاتِ الرعيّة، وليس
لآحادِ المسلمين، مهما علا شأنهم؛ فِعلُ شيءٍ من ذلك!
ممّا تقدّم يتوضّح أن أكثر
المسلمين اليومَ، هم في دائرة العوّام الفسّاق، وليسوا مسلمين ملتزمين بشرائع
الإسلام، فضلاً عن كونهم مؤمنين!
وكثيرٌ ممّن ينتسب إلى
الإسلام؛ هم كفّار في الحقيقةِ ونفس الأمر!
فلا غَرْوَ بعد ذلكَ مِن القَول:
مَن لا يؤمن بوحدانيّةِ الله تعالى، ونفيِ الولد والوالد والشريك عنه، أو لا يؤمن بأنّ
القرآن الكريم من عند الله تعالى، أو كان لا يؤمن بأنّ محمّداً صلّى الله عليه
وآله وسلم، رسولٌ من عند الله تعالى، أو كان لا يؤمن بالبعث والنشور.
لا يعود صعباً ولا غريباً
أن نقول: إنّ جميع هؤلاء كفّار؛ لأنّ حقيقةَ الإيمان هي اليقين، وحقيقةَ الإسلام
هي الإقرار والعمل، وحقيقة الكفر هي الإنكار.
وجميع غير المسلمين من أهل
الكتابِ، ومن الوثنيين، والطبائعيين والوجوديين؛ ينكرون جميع ما تقدّم، ويرفضون
عقائدَ الإيمانِ وشرائعَ الإسلام ونبوّة نبيّ الإسلام محمّدٍ صلّى الله عليه وآله
وسلم، وينكرون إلهيّة القرآن العظيم.
وهذا كافٍ لتعرف أخي
القارئ الجوابَ التفصيليّ بنفسك عن كلّ ملّةٍ من الملل.
والله تعالى أعلم.
(رَبَّنا: ظَلَمْنَا
أَنْفُسَنا، وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنا؛ لَنَكُونَنَّ مِنَ
الْخَاسِرِينَ).
هذا.. وصلّى الله على
سيّدنا محمّد بن عبدالله، وعلى آله وصحبه وسلّم تسليماً.
والحمد لله على كلّ حال.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق