مَسائِلُ مِن الفِقْهِ والأُصولِ (8):
الصلاة على الصحابةِ!؟
بسم الله الرحمن الرحيم
(رَبَّنَا: عَلَيْكَ
تَوَكَّلْنَا، وَإِلَيْكَ أَنَبْنَا، وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ.
رَبَّنَا: لَا تَجْعَلْنَا
فِتْنَةً لِلَّذِينَ كَفَرُوا، وَاغْفِرْ لَنَا.
رَبَّنَا: إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ).
(رَبَّنَا افْتَحْ بَيْنَنَا وَبَيْنَ قَوْمِنَا
بِالْحَقِّ، وَأَنْتَ خَيْرُ الْفَاتِحِينَ).
علّق
السيّد عبدالنصيرِ إدريس، على قولي: «وصلّى الله على سيّدنا محمّد بن عبدالله،
وعلى آله وصحبه وسلّم تسليماً» بقوله: ما الدليل على جواز الصلاة على الصحابة في
كلامِك هذا؟
أقول
وبالله التوفيق:
الأحكامُ
الشرعية المطلوبُ فعلها، هي: الواجبُ والمندوب والجائز.
والصلاةُ
على الرسول صلّى الله عليه وآله وسلّم وآله، هي من السنن والمندوبات بوجهٍ عام!
والصلاةُ
على الصحابةِ ليست من جنس المندوبِ عندي، إنما هي من جنس المسكوتِ عليه، وهو
الجائز.
ويمكن
أن يُستَدَلَّ لجواز الصلاةِ على الصحابة رضوان الله تعالى عليهم، بقوله تبارك
وتعالى: (هُوَ الَّذِي يُصَلِّي عَلَيْكُمْ وَمَلَائِكَتُهُ لِيُخْرِجَكُمْ مِنَ
الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَكَانَ بِالْمُؤْمِنِينَ رَحِيمًا (43) [الأحزاب].
وقوله
الكريم: (خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا
وَصَلِّ عَلَيْهِمْ إِنَّ صَلَاتَكَ سَكَنٌ لَهُمْ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ
(103) [التوبة].
ويمكن
أن يستأنس للجواز أيضاً، بما أخرجه الإمام أحمد في باقي مسند المكثرين (13727) من
حديث جابر بن عبدالله الأنصاريّ رضي الله عنهما قَالَ: أَتَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَسْتَعِينُهُ فِي دَيْنٍ كَانَ عَلَى أَبِي، فَقَالَ:
آتِيكُمْ!
قَالَ
جابر: فَرَجَعْتُ فَقُلْتُ لِلْمَرْأَةِ: لَا تُكَلِّمِي رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَا تَسْأَلِيهِ!
قَالَ
جابرٌ: فَأَتَانَا، فَذَبَحْنَا لَهُ دَاجِنًا، كَانَ لَنَا!
فَقَالَ:
يَا جَابِرُ، كَأَنَّكُمْ عَرَفْتُمْ حُبَّنَا اللَّحْمَ!
قَالَ
جابر: فَلَمَّا خَرَجَ؛ قَالَتْ لَهُ الْمَرْأَةُ: صَلِّ عَلَيَّ وَعَلَى زَوْجِي.
أَوْ
قالت: صَلِّ عَلَيْنَا!
فَقَالَ
الرسولُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَيْهِمْ)
قَالَ
جابر: فَقُلْتُ لَهَا: أَلَيْسَ قَدْ نَهَيْتُكِ؟
قَالَتْ:
تَرَى رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَدْخُلُ
عَلَيْنَا وَلَا يَدْعُو لَنَا»؟ وإسناده حسن.
وأخرج
البخاريّ (1498) ومسلمٌ (1078) من حديث عبدالله بن أبي أوفى - وَكَانَ مِنْ
أَصْحَابِ الشَّجَرَةِ - قَالَ: كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ إِذَا أَتَاهُ قَوْمٌ بِصَدَقَةٍ؛ قَالَ: (اللَّهُمَّ صَلِّ
عَلَيْهِمْ)!
فَأَتَاهُ
أَبِي بِصَدَقَتِهِ؛ فَقَالَ: (اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى آلِ أَبِي أَوْفَى).
أقول:
يُلاحَظُ أنّ معنى الصلاة على قومٍ؛ هو الدعاء لهم!
فكيف
لا يجوز الدعاء لعامّة الصحابة رضوان الله عليهم، وقد دعا لهم الرسول ؟
نحن
ليس لدينا مشكلة مع ستّين ألف صحابيٍّ أو أكثر، إنما مشكلتنا مع عددٍ محدودٍ من
ذلك الجيل، هم المنافقون والطلقاء والبغاة.
والذين
يلبّسون علينا، وينسبون إلينا الطعنَ في الصحابة؛ سفلة حاقدون!
ودعوى
أنّ الطعنَ بصحابيٍّ واحدٍ؛ هو طعنٌ بالصحابة جميعهم؛ هي دعوى سخيفةٍ قميئةٍ،
كائناً من كان قائلها، إذ ما من عاقلٍ يقول: إنّ المغيرة بن شعبة مثلُ عبدالله بن
عمر، مثلاً، فشتّان ما بين صالحٍ ومنافق فاسق!
إنّ
الطعنَ بصحابيٍ لم تكن له استقامةٌ بعد الرسول صلّى الله عليه وآله وسلم؛ واجبٌ
شرعيٌّ، إذا أردتَ أن تروي من طريقه حديثاً عن الرسول الكريم.
ومثل
هذه الدعوى الهزيلة؛ دعوى أن جميع الصحابة عدول!
فلا
والله لم يكن بعض الصحابة عند خيارهم عدولاً!
بل
كان فيهم العدل الورع التقيّ، وكان فيهم دون ذلك، مثلما كان فيهم المنافقون
والبغاة وقطّاع الطريق وقتلة النساء والأطفال!
ولا
حولَ ولا قوة إلّا بالله العليّ العظيم.
(رَبَّنا: ظَلَمْنَا
أَنْفُسَنا، وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنا؛ لَنَكُونَنَّ مِنَ
الْخَاسِرِينَ).
هذا.. وصلّى الله على سيّدنا محمّد بن عبدالله،
وعلى آله وصحبه وسلّم تسليماً.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق