مَسائل فكرية (12):
أمسك عليك لسانك!؟
بسم الله الرحمن الرحيم
(رَبَّنا: عَلَيْكَ تَوَكَّلْنا، وَإِلَيْكَ أَنَبْنا،
وَإِلَيْكَ الْمَصيرُ.
رَبَّنا: لَا تَجْعَلْنا فِتْنَةً لِلَّذِينَ كَفَرُوا،
وَاغْفِرْ لَنَا.
رَبَّنَا: إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ).
(رَبَّنَا افْتَحْ بَيْنَنَا وَبَيْنَ قَوْمِنَا بِالْحَقِّ،
وَأَنْتَ خَيْرُ الْفَاتِحِين).
اتّصل بي أحد الإخوة الصالحين الأحباب، وقال: تواصل معي أحدُ
الإخوة الشوام، وقال: بلّغ سلامي لحبيبنا الشيخ عداب، وقل له: أمسك عليك لسانك!
قلت له: جزاكما الله خير الجزاء، لكن ما المناسبة؟
قال: إنّك تتهجّم على بعض الصحابة، رضي الله عنهم!
أقول وبالله التوفيق:
لدينا في منهج الاستدلال الإسلاميّ قاعدة نظريّة ممتازة، تحتاج
إلى تطبيق سليم!
«إذا كنت ناقلاً؛ فالصحة، وإذا كنت مدّعياً؛ فالدليل».
عندما أقول أنا: إنّ حديثَ مبيتِ الإمام عليّ في فراش الرسول
صلى الله عليه وآله وسلّم؛ غير صحيح!
هذا لا يعني أنّني مبغض للإمام!
وعندما أقول: إنّ حديثَ (لضربةُ عليٍّ عمروَ بن عبد وَدٍّ يوم
الخندق؛ تعدل عبادة الثقلين) إنّه حديث باطل؛ لا يعني هذا أنني مبغض للإمام عليه
والسلام.
وكيف أكون مبغضاً، وأنا متّهم بالرفض، والرافضةُ أكثر من
يُغالون بالإمام عليه السلام؟
والحقّ أنّ شريحةً كبرى من أهل السنّة؛ لا يَغضبون إذا أنت
هوّنتَ من شأنِ الإمامِ لاعتقادهم أنّ تهوينَك من شأنه؛ يزيد من تماسكهم ضدّ
الشيعة!
فهم
ضدّ الشيعة منذ البداية إلى اليوم، ولذلك فإنهم صنّفوا مئاتِ الكتب في الردّ على
الشيعة، وفي تضليلهم وفي تكفيرهم، وفي وجوب جهادهم ومحاربتهم!
لكنّهم لم يفردوا مصنّفاً واحداً في تاريخهم كلّه، أحصى لنا
النواصبَ، وأوضح لنا معالم فكرهم، وآثارَه السيئة على علم الجرح والتعديل، وعلى
متون الروايات!
وقول الحافظ ابن حجر: إنّ أكثر النواصبِ أهل دين؛ من أبطل
الباطلِ، بل هم جميعهم منافقون، على الأقلّ في دائرة النفاق العمليّ!
أمّا إذا جئنا إلى الصحابةِ الذين يهتمّ بهم الواعظ والموصل
وغيرهما، وهم سائر الصحابة التابعين للسلطة الحاكمة؛ فالأمر مختلف عندهم تماماً!
حتى معاوية بن أبي سفيان، وعمرو بن العاص، وعبدالله بن الزبير،
وأبو الأعور السلمي؛ مقدسون عندهم، فأي نصبٍ أكبر من هذا يا أهل السنة؟
أبو بكر وعمر وعثمان رضي الله عنهم وأرضاهم، هم صحابة كرام،
صحبوا الرسول صلّى الله عليه وآله وسلّم، بكل تأكيد!
لكنهم غير معصومين، ولم يكونوا المُثلَ العليا في السلوك
والآداب، كما يصوّرهم كتّاب أهل السنّة، الذين إن لم يكونوا من النواصب؛ فهم
يشتركون مع النواصب في تعظيم هؤلاء، وعداوة كلّ شيءٍ يتعلّق بالتشيع، حتى لو كان
الصلاةَ على الآل!
وأنا لم أسئ إلى واحدٍ من هؤلاء في حياتي قطّ، إنما وصفتهم بما
هم عليه، كما وصفت عليّاً بما هو عليه!
إذا
قلت: كان أبو بكر وعمر أسودين، فهذا هو الثابت، ولم يكونا أبيضين قطّ؛ قلتم: أطعن
في أبي بكر وعمر!
إذا قلت: كان أبو بكر رجلاً فقيراً، ولم ينفق على الرسول صلّى
الله عليه وآله وسلّم درهماً واحداً، لأنه كان بائعَ ثوب، ولم يكن تاجراً، فهذا
كذب!
قلتم: يطعن في أبي بكر!
إذا قلت: لم يكن أبو بكر وعمر وعثمان من الشجعان رجال الحرب؛
قلتم: يطعن في خير الصحابة!
الخلل في عقولكم، وفي عواطفكم ، وفي ثقافتكم المصنوعة المكذوبة،
وليس الخلل لديّ والله!
وكم من عائبٍ
رأياً سديداً وآفته من الفهم السقيم
والله تعالى أعلم.
(رَبَّنا: ظَلَمْنَا
أَنْفُسَنا، وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنا؛ لَنَكُونَنَّ مِنَ
الْخَاسِرِينَ).
هذا.. وصلّى الله على
سيّدنا محمّد بن عبدالله، وعلى آله وصحبه وسلّم تسليماً
والحَمْدُ
للهِ على كلِّ حالٍ.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق