مَسائِلُ عَقَدِيّةٌ (4):
صلاة المسلمين، وصلاة
غيرهم!؟
بسم الله الرحمن الرحيم
(رَبَّنَا: عَلَيْكَ
تَوَكَّلْنَا، وَإِلَيْكَ أَنَبْنَا، وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ.
رَبَّنَا: لَا تَجْعَلْنَا
فِتْنَةً لِلَّذِينَ كَفَرُوا، وَاغْفِرْ لَنَا.
رَبَّنَا: إِنَّكَ أَنْتَ
الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ).
(رَبَّنَا: افْتَحْ بَيْنَنَا وَبَيْنَ قَوْمِنَا بِالْحَقِّ،
وَأَنْتَ خَيْرُ الْفَاتِحِين).
كتب إليّ يقول:
استمعتُ إلى مقابلةٍ مع فنّانة سوريّة شابّة، سئلت: «هل تصلّين صلاة
المسلمين أنت؟
فقالت: قد لا أفرش السجادةَ يوميّاً، وأصلّي عليها الصلاة التي
يصليها أبواي المسلمان، لكنني أصلّي بأيّ طريقةٍ كانت، فقد أجلس أتأمّل أحياناً،
وأشعر بصلة قوية بيني وبين الله تعالى، وقد أصلّي أكثر من خمس مرّاتٍ في اليوم.
والإنسان ليس في حاجة إلى واسطة بينه وبين الله تعالى.
فما حكم مثل هذا الكلام»؟
أقول وبالله التوفيق:
في عام (1994) اقترحتُ على مدير تلفزيون بغداد؛ أن يختبر ثقافةَ
الفنّانين عنده، على الهواء مباشرة، وكتبت له أسئلة يسيرة جدّاً، أضاف إليها من
عنده ومن عند غيره أسئلةً أكثر.
فكان الفنانون والفنانات من أجهل الخلق في الثقافة الإسلامية
والثقافة العربية أيضاً
أكثر الفنّانين والفنانات يُحَفّظون اللقطاتِ التي يؤدّونها، ثم
يقومون بأدائها على وجهٍ مُتقَنٍ، فيظنّ الناظرُ أو السامعُ أنهم على جانبٍ عالٍ
من الاطّلاع والثقافة!
أكثر الفنانين والفنانات حصروا اهتاماماتهم بالجنس ومقدماته
وتوابعه، ولذلك تجد كثيراً من الفنانين والفنانات الساقطين، يقولون: الوسط الفني
وسط قذر!
ونحن لا نشكّ بأنّ الإعلام العربيّ كلّه إعلام موجّه؛ لعَلْمَنَةِ
الأمة، وتقريب أفكارها وسلوكها من أفكار الغرب وسلوكياته العفنة!
لذلك فإنهم يستضيفون الفنانين والفنانات ليوجهوا الأمة،
وليعدّلوا العقلَ الجمعيّ لديها، بأسلوب جذّاب ومثير!
الفنانة المقصودة، وأمثالها كثيرات، ربما يتحدّثن بتلقائيّة،
وربما يتحدّثن وفقَ خطة مرسومة، من إدارة التلفزيون الخبيثة.
ولاعتقادنا بأنها جاهلة بتعاليم الدين جهلاً مطبقاً، فإننا لا
نقول: إنها كافرة بالله تعالى من حيث هو ذاتٌ مقدسة عليا، فهي تؤمن بهذا الإله
العظيم، وبينها وبينه تجلياتٌ، كما تدعي.
لكنها كافرة بالإسلام، إذ عَدَلت عن شرع الله تعالى في الصلاة
المعلومةِ، إلى صلاةٍ تأمّليةٍ، ليست من أحكام الإسلام في شيء، فجعلت من نفسها
شريكاً لله تعالى في التشريع، ومستغنيةً عن الرسول صلّى الله عليه وآله وسلّم، الذي
بيّن أحكام الصلاة!
وزعمت أن لا واسطةَ بين العبد وربّه، وذلك ليس من الإسلام في
شيء أيضاً!
فالرسلُ صلوات الله وسلامه عليهم؛ هم الواسطة بين الله تبارك
وتعالى وبين خلقه.
يبلغون عن الله تعالى رسالتَه إلى خلقه، ويكونون أسوةً في
تطبيقها قولاً وفعلاً وهَدياً!
ومن يُنكر هذا، أو لا يرى حاجةً إليهم؛ فهو كافر بالرسلِ أيضاً!
قال الله تعالى:
(وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا مِنْ
قَبْلِكَ رُسُلًا إِلَى قَوْمِهِمْ
فَجَاءُوهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ فَانْتَقَمْنَا مِنَ الَّذِينَ أَجْرَمُوا وَكَانَ
حَقًّا عَلَيْنَا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ (47) [الروم].
(مَنِ اهْتَدَى فَإِنَّمَا
يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ وَمَنْ ضَلَّ فَإِنَّمَا يَضِلُّ عَلَيْهَا وَلَا تَزِرُ
وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ
رَسُولًا (15) [الإسراء].
(رُسُلًا مُبَشِّرِينَ
وَمُنْذِرِينَ لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ حُجَّةٌ
بَعْدَ الرُّسُلِ وَكَانَ اللَّهُ عَزِيزًا
حَكِيمًا (165) [النساء].
(إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ بِالْحَقِّ
بَشِيرًا وَنَذِيرًا وَإِنْ مِنْ أُمَّةٍ إِلَّا خَلَا
فِيهَا نَذِيرٌ (24) [فاطر].
(وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ
لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ
يَتَفَكَّرُونَ (44) [النحل].
فكلّ إنسانٍ يرى نفسه غيرَ محتاجٍ
إلى الرسلِ في وصوله إلى الله تعالى، وأنه قادر على أن يصلَ إلى الله تعالى
بإمكاناته الذاتيّة؛ فهو أضلّ من بهيمةِ الأنعام!
قال الله تعالى:
(وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى
عَلَى اللَّهِ كَذِبًا أَوْ قَالَ أُوحِيَ إِلَيَّ وَلَمْ يُوحَ إِلَيْهِ شَيْءٌ
وَمَنْ قَالَ سَأُنْزِلُ مِثْلَ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ
(93) [الأنعام].
(أَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ
هَوَاهُ أَفَأَنْتَ تَكُونُ عَلَيْهِ وَكِيلًا (43) أَمْ تَحْسَبُ أَنَّ
أَكْثَرَهُمْ يَسْمَعُونَ أَوْ يَعْقِلُونَ إِنْ هُمْ إِلَّا كَالْأَنْعَامِ بَلْ
هُمْ أَضَلُّ سَبِيلًا (44) [الفرقان].
(أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ
هَوَاهُ وَأَضَلَّهُ اللَّهُ عَلَى عِلْمٍ وَخَتَمَ عَلَى سَمْعِهِ
وَقَلْبِهِ وَجَعَلَ عَلَى بَصَرِهِ غِشَاوَةً فَمَنْ يَهْدِيهِ مِنْ بَعْدِ
اللَّهِ أَفَلَا تَذَكَّرُونَ (23) [الجاثية].
الله تبارك وتعالى يأمرك أن توحّده
كما يريد هو منك، لا كما تريد أنت!
الله تبارك وتعالى يأمرك بأن
تعبده، كما يريد هو منك، لا كما تريد أنت!
(وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا
مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ
مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ
وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا مُبِينًا (36) [الأحزاب].
والله تعالى أعلم
(رَبَّنا: ظَلَمْنَا
أَنْفُسَنا، وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنا؛ لَنَكُونَنَّ مِنَ
الْخَاسِرِينَ).
هذا.. وصلّى الله على
سيّدنا محمّد بن عبدالله، وعلى آله وصحبه وسلّم تسليماً
والحمد لله على كلّ حال.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق