الاثنين، 13 فبراير 2023

 مَسائلُ حديثيّةٌ  (12):

ضَعْفُ الشيخِ أحمدَ ابنِ تَيميةَ في نَقْدِ الحَديثِ!

بسم الله الرحمن الرحيم

(رَبَّنَا: عَلَيْكَ تَوَكَّلْنَا، وَإِلَيْكَ أَنَبْنَا، وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ.

رَبَّنَا: لَا تَجْعَلْنَا فِتْنَةً لِلَّذِينَ كَفَرُوا، وَاغْفِرْ لَنَا.

رَبَّنَا: إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ).

(رَبَّنَا: افْتَحْ بَيْنَنَا وَبَيْنَ قَوْمِنَا بِالْحَقِّ، وَأَنْتَ خَيْرُ الْفَاتِحِين).

كتب أحدُ الإخوة على صفحته ما نصّه: « لا أجد أيَّ حَرَجٍ ولا غَضاضةٍ من وصف الإمامِ ابن تيمية أو غيره من المتأخرين؛ بأنه أعلم من الأئمةِ الأربعة، إذا قَدّم على ذلك دليلًا».

فعلّقت على كلامه بقولي: « من حيث المَبدأ؛ هذا صحيح، لكن الشيخ ابن تيمية ليس أعلمَ مِن أحد، والرجل مُثقّف واسع الثقافة، وليس له تميز في أيّ علم.

وهو ضعيف جدا في نقد الحديث».

فكتب إليّ أحدُ الإخوةِ مستغرباً قولي: «إن الشيخ ابن تيمية ضعيف جدّاً في نقدِ الحديث» وطلب دليلاً واحداً على هذا الكلام!

أقولُ وبالله التوفيق:

العالم في نظري: هو المجتهد ولو في علم واحد!

والمثقّف في نظري: هو طالب العلم الذي قرأ بنفسه أو على الشيوخ علوماً كثيرة: من المنطق إلى الفلسفة إلى علم الكلام، إلى الأصول والفقه وعلوم القرآن والتفسير والتاريخ والاجتماع والتربية والأدب والشعر...إلخ!

لكنّه لم يتخصّص في علم واحدٍ، يتميّز به، ويكون له اجتهاداتٌ كثيرة في هذا العلم!

وأكثر الذين يسمّيهم الناس علماءَ قديماً وحديثاً؛ هم مثقّفون في حقيقةِ الأمر، وليسوا بعلماء!

علماء الحديثِ متّفقون على نُدْرَةِ الأحاديثِ المتواترة عن الرسول صلّى الله عليه وآله وسلم!

يقول أبو عمرو ابن الصلاح في علوم الحديث (ص: 372): « ومِنَ المشْهُورِ المتواتِرُ ... فإنَّهُ عبارةٌ عَنِ الخبرِ الذي يَنْقُلُهُ مَنْ يَحْصُلُ العِلْمُ بِصِدْقِهِ ضَرُورةً، ولاَ بُدَّ في إسنادِهِ مِنِ اسْتِمرارِ هذا الشَّرْطِ في رُواتِهِ مِنْ أوَّلِهِ إلى مُنْتَهاهُ، ومَنْ سُئِلَ عَنْ إبْرَازِ مِثالٍ لِذَلِكَ، فيما يُرْوَى مِنَ الحديثِ؛ أعياهُ تَطَلُّبُهُ.

وحديثُ (إنَّمَا الأعْمالُ بالنِّيَّاتِ) ليسَ مِنْ ذَلِكَ بِسَبيلٍ، وإنْ نَقَلَهُ عَدَدُ التَّواتُرِ وزِيادَةٌ؛ لأنَّ ذَلِكَ طَرَأَ عليهِ في وَسَطِ إسْنادِهِ، ولَمْ يُوجَدْ في أوائِلِهِ.

نَعَمْ حديثُ (مَنْ كَذَبَ عليَّ مُتَعَمِّداً؛ فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنَ النَّارِ) نراهُ مِثالاً لِذَلِكَ، فإنَّهُ نَقَلَهُ مِنَ الصَّحَابَةِ رضي الله عنهم العَدَدُ الْجَمُّ، وهوَ في الصحيحينِ مَرْوِيٌّ عَنْ جَماعَةٍ مِنْهُم» إلخ كلامه.    

وذكر مثلَ ذلك النوويّ في الإرشاد (2: 544) واستدرك الحافظ العراقيّ في التقييد (ص: 272) عدداً من الأحاديثِ، دون العشرة، فانظرها ثمّة!

بينما أطلق الشيخ ابن تيمية كلمة (متواتر، تواتر، حد التواتر) في كتبه (1368) مرّةً!

وإليك بعض الأمثلة على دعاوي التواتر الباطلة لديه!

قال في الردّ على الإخنائيّ (ص: 275): «وقد ثَبت بالتواتر وإجماعِ الأمة أن الرسول لا يُشْرَع الوصولُ إلى قبره، لا للدعاءِ له، ولا لدعائِه، ولا لغير ذلك» انتهى.

أين الأحاديث المتواترة في ذلك، وأين الإجماع؟

وقال في كتاب الاستقامة (1: 166): «كل كَافِر يُبَاح قَتله، وَلَيْسَ كل من أُبِيح قَتله يكون كَافِراً، فقد يُقتل الدَّاعِي إِلَى بِدعَةٍ؛ لإضلاله النَّاس وإفساده، مَعَ إِمْكَان أَنّ الله يغْفر لَهُ فِي الْآخِرَة، لما مَعَه من الْإِيمَان؛ فَإِنَّهُ قد تَوَاتَرَت النُّصُوصُ بِأَنَّهُ يَخرج من النَّار من فِي قلبه مِثْقَال ذرة من إِيمَان» انتهى.

أين الأحاديث المتواترة في هذا؟ بل لا يصحّ حديث واحدٌ أصلاً!

وقال في الاستقامة أيضاً (2: 185): «تَوَاتر عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أنّ مَا يُصِيب الْمُسلم من أذى شَوْكَةٍ فَمَا فَوْقها، إلا حَطّ الله بهَا خطاياه، كَمَا تَحطّ الشَّجَرَة الْيَابِسَة وَرقَها» وليس في هذا الباب حديث متواترٌ، ولا حديث مشهور، إنما لدينا حديثان غريبان أحدهما عن عائشة، والآخر عن عطاء بن يسار عن أبي هريرة وأبي سعيدٍ الخدريّ مقرونين!

وقال في الجواب الصحيح (1: 414): «انْشِقَاقُ الْقَمَرِ؛ قَدْ عَايَنُوهُ وَشَاهَدُوهُ، وَتَوَاتَرَتْ بِهِ الْأَخْبَارُ» انتهى.

وليس في انشقاق القمر حديث متواتر، إنما هو حديثُ عبدالله بن مسعود، وعنه أخذه ابن عباس وأنسٍ، فيما يترجح لديّ؛ لأنّ الذين يصححون حديثَ انشقاق القمر، يقولون: إنما كان ذلك في مكة قبل الهجرة، ولم يكن ابن عباس وأنسٌ مخلوقين بعد !

وفي الجواب الصحيح (2: 366) قال: «وَالْأَخْبَارُ بِمَعْرِفَةِ أَهْلِ الْكِتَابِ بِصِفَةِ مُحَمَّدٍ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عِنْدَهُمْ فِي الْكُتُبِ الْمُتَقَدِّمَةِ مُتَوَاتِرَةٌ عَنْهُمْ» انتهى.

أقول: ذلك متواتر عندنا، هذا صحيح؛ لأنه ورد في القرآن الكريم، لكن أين نجد شاهد ذلك التواتر في كتبهم؟ لا وجود لتواتر أبداً، إنما هي نصوص في كتبهم محتملة!

وفي كتاب الصارم المسلول (ص: 587) تحدّث عن ضرورة تعظيم الصحابة لأنهم نقلوا لنا هذا الدين العظيم، ثم قال: «وتواتر النقل بأن وجوههم تمسخ خنازير في المحيا والممات» انتهى.

أقول: أنا لا أحفظ حديثاً واحداً أنّ الذين ينالون من الصحابة رضي الله عنهم يمسخون خنازير، فضلاً عن التواتر!

وها هو اللعين ياسر الخبيث، لم يترك قذارةً إلّا قام بها، ولا نرى على وجهه خيالَ خنزير، وأتمنّى لو أنّ الله تعالى يمسخه؛ ليكون عبرة !؟

وقال في العقيدة الواسطية (ص: 117): «وَيُقِرُّونَ بِمَا تَوَاتَرَ بِهِ النَّقْلُ عَنْ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ وَغَيْرِهِ، مِنْ أَنَّ خَيْرَ هَذِهِ الْأُمَّةِ بَعْدَ نَبِيِّهَا: أَبُو بَكْرٍ، ثُمَّ عُمَرُ» انتهى.

أقول: وليس في ذلك تواتر ولا استفاضة!

وقال في الفتاوى الكبرى (3: 490): « أَهْلَ الْعِلْمِ مُتَّفِقُونَ عَلَى أَنَّ أَبَا بَكْرٍ وَعُمَرَ أَعْلَمُ مِنْ سَائِرِ الصَّحَابَةِ، وَأَعْظَمُ طَاعَةً للهِ وَرَسُولِهِ مِنْ سَائِرِهِمْ، وَأَوْلَى بِمَعْرِفَةِ الْحَقِّ وَاتِّبَاعِهِ مِنْهُمْ!

وَقَدْ ثَبَتَ بِالنَّقْلِ الْمُتَوَاتِرِ الصَّحِيحِ عَنْ النَّبِيِّ أَنَّهُ قَالَ: (خَيْرُ هَذِهِ الْأُمَّةِ بَعْدَ نَبِيِّهَا أَبُو بَكْرٍ، ثُمَّ عُمَرُ) رُوِيَ ذَلِكَ عَنْهُ مِنْ نَحْوِ ثَمَانِينَ وَجْهًا»!؟

أقول: لو اجتمع أهل الأرض جميعهم؛ لما وجدوا حديثاً واحداً صحيحاً مرفوعاً إلى الرسول صلّى الله عليه وآله وسلّم بمثل هذا المتن، أو نحوه، فضلاً عن التواتر!؟

إنّما هو صحيح عن الإمام عليه عليه السلام من قوله؛ أخرجه البخاري في مناقب أبي بكر (3671) وأعرض عنه مسلم.

في هذا القدر كفايةٌ، ومثل هذا الموضوع يحتاج إلى أطروحة دكتوراه، أو بحثٍ علميٍّ كبير، يتفرّغ له من يعنيه مثل هذا الأمر، أمّا أنا؛ فلا يعنيني!؟

واللهُ تَعالى أعْلمُ.

(رَبَّنا: ظَلَمْنَا أَنْفُسَنا، وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنا؛ لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ).

هذا.. وصلّى الله على سيّدنا محمّد بن عبدالله، وعلى آله وصحبه وسلّم تسليماً.

والحمد لله على كلّ حال.

الأحد، 5 فبراير 2023

  اجتماعيات (16):

هل المرأة شرٌّ كلّها !؟

بسم الله الرحمن الرحيم

(رَبَّنَا: عَلَيْكَ تَوَكَّلْنَا، وَإِلَيْكَ أَنَبْنَا، وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ.

رَبَّنَا: لَا تَجْعَلْنَا فِتْنَةً لِلَّذِينَ كَفَرُوا، وَاغْفِرْ لَنَا.

رَبَّنَا: إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ).

(رَبَّنَا: افْتَحْ بَيْنَنَا وَبَيْنَ قَوْمِنَا بِالْحَقِّ، وَأَنْتَ خَيْرُ الْفَاتِحِين).

أرسلت إليّ إحدى طالباتي كلاماً طويلاً، خلاصته: هل يصح عن الإمام عليٍّ عليه السلام أنّه قال: (المرأة كلّها شرٌّ)؟

نحن نحبّ الإمام عليّاً، ونحبّ ذريّته، فما ذنبنا نحنُ، حين خلقنا الله نساءً، وجعل استمرار الحياةِ الإنسانيّة مرتبطاً بوجودنا، وكوّننا بتركيبةٍ مختلفةٍ عن تركيبة الرجل؟

أقول وبالله التوفيق:

نصّ كلام الإمام عليّ عليه السلام (الْمَرْأَةُ شَرٌّ كُلُّهَا، وَشَرُّ مَا فِيهَا أَنَّهُ لاَ بُدَّ مِنْهَا) موجود في «نهج البلاغة» الحكمة (229)!

وقد قدّمتُ مرّاتٍ عديدةً؛ أنّ الشيعةَ أنفسهم لا يعدّون جميعَ ما في «نهج البلاغة » صحيحاً، ولا يعتمدونه في الفقه والتشريع!

وإذْ إنّ الكلام المنسوبَ إلى الإمام عليّ مرسلٌ، من دون إسنادٍ، فنقول ما قال علماؤنا المحدّثون: «كُلُّ حَدِيثٍ لَيْسَ فِيهِ: حَدَّثَنَا أَوْ أَخْبَرَنَا؛ فَهُوَ خَلٌّ وَبَقْلٌ»!

والشيعةُ الإماميّة يأتون إلى أصحّ أحاديثنا، ويردّونها بعقولهم، دون إعطاء الإسنادِ أيّ حرمة!

ونحن لن نردّ هذه الرواية بعقولنا أبداً، إنما نردّها سنداً لعدم ورود إسنادٍ يحملها!

ونردّ متنها بمخالفتها للقرآن العظيم، في آياتٍ كثيرة:

منها: (وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَى (1) وَالنَّهَارِ إِذَا تَجَلَّى (2) وَمَا خَلَقَ الذَّكَرَ وَالْأُنْثَى (3) [الليل].

وتقدير الآيةِ من «ما» المصدريّة وما بعدها على القراءة المشهورة: «وَخَلْقِ الذَّكَرِ وَالْأُنْثَى» يعني: أقسم الله تعالى بخلقِ الذكر والإنثى!

وعلى قراءة عبدالله بن مسعود «وَالذَّكَرِ وَالْأُنْثَى» من دون تقدير!

ومعلوم لديكم أحبابي؛ أنّ الله تعالى يُقسم ببعض مخلوقاته، للفتِ أنظارنا إلى عظمةِ خلقِه وأثر هذا الخلق في الوجود والحياة!

فهل يُقسم الله تعالى بالأنثى أو بخَلْقها وهي شرٌّ كلّها؟

- ومنها: (إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ وَالْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَالْقَانِتِينَ وَالْقَانِتَاتِ وَالصَّادِقِينَ وَالصَّادِقَاتِ وَالصَّابِرِينَ وَالصَّابِرَاتِ وَالْخَاشِعِينَ وَالْخَاشِعَاتِ وَالْمُتَصَدِّقِينَ وَالْمُتَصَدِّقَاتِ وَالصَّائِمِينَ وَالصَّائِمَاتِ وَالْحَافِظِينَ فُرُوجَهُمْ وَالْحَافِظَاتِ وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيرًا وَالذَّاكِرَاتِ أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا (35) [الأحزاب].

انظر - أخي القارئ الكريم - إلى مراتب ودرجات الكمال عند الرجال، فسترى لدى النساء مثلَها تماماً (وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ) هي درجة القِوامةِ، يعني الإدارة والولاية (الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنْفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ.

فَالصَّالِحَاتُ قَانِتَاتٌ حَافِظَاتٌ لِلْغَيْبِ بِمَا حَفِظَ اللَّهُ)!؟

ونسألُ الذين يصرّون على صحّة نسبة نهج البلاغة إلى الإمام: هل كانت السيدة فاطمة شرّاً كلُّها، أو شرّاً بعضُها؟

وهل بناتُ الإمام عليّ وفاطمة؛ كنّ شروراً على مجتمعهنّ؟

أخرج الإمام أحمد (12293) وجمع من الأئمة من حديثِ ثابتٍ البنانيّ عن أنس بن مالك قال: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وَسَلَّمَ: (حُبِّبَ إِلَيَّ مِنَ الدُّنْيَا النِّسَاءُ وَالطِّيبُ، وَجُعِلَ قُرَّةُ عَيْنِي فِي الصَّلَاةِ) والحديث صحيح غريب.

وقدّ حسّنه بعض المعاصرين من أجل سلّام بن سليمان المقرئ، وهو خطأ منه، فقد تابعه جعفر بن سليمان الضُبَعيّ عند النسائيّ في المجتبى (3940).

فهل كان رسولُ الله صلّى الله عليه وآله وسلّم يحبّ كائناً هو شَرٌّ كلّه؟

ختاماً: المرأةُ أمٌّ وجدّة وعمّة وخالة، وأختٌ وبنت أخ وبنت أخت، وبنتٌ وبنت ابن وبنت بنت، وزوجة!

وقد يجتمع هؤلاء النسوةُ كلّهن في حياةِ رجلٍ واحد، فما أقسى حياةَ الرجل الواحدِ إذا كانت الشرور تحوطُه من كلّ الجهات؟!

أمّا عن نفسي أنا؛ فليس شيءٌ أحبَّ إليّ من النساء - كلّ أنواع النساء السابقة- ويعلم أهلي جميعاً أنني لا أردّ لامرأة منهنّ طلباً مباحاً، حتى لو تكلّفتُ واقترضت لهنّ ما يُدخل السعادةَ والرضا إلى قلوبهنّ، بينما لا أصنع الشيءَ ذاته، وبالمستوى ذاته مع الرجال!

نعم أنا لم أستطع فهمَ الأنثى الزوجةَ كما ينبغي، بسبب أنّها غامضة، وأنا في أعلى درجات الوضوح والصراحة، فكثيراً ما يصعب عليّ فهمُ ما تريدُ وما يرضيها!

وكثيراً ما أغفل عن ممارسةِ المرأةِ فنّ المراوغة والاختبار، بسبب أنني لا أعرف هذا النوع من التعامل حقيقةً!

إحدى زوجاتي كانت تشكو من بعض الأمراض، وكانت تحسّ أنني أجاملها وأصبر عليها كثيراً، وكانت تلحّ عليَّ لأتزوّج امرأةً عليها تقوم على شؤوني، وتلبّي طلباتي!

ظلّت على هذه الحال أكثرَ من عشر سنواتٍ، حتى خطبَتْ لي بنفسها إحداهنّ، ورغّبتني بها، واحتالت على تلك المرأة، فأرسلت إليها صورتها، وأرتني إياها!

فلما غدا الأمر جديّاً، وطلبتُ المرأة رسميّا؛ فقدت زوجتي تركيزها، وصفت تلكَ المرأة بالعاهرةِ وقليلةِ الشرف، وما تركت عليها ستراً؛ بسبب أنها رضيت وأرسلت إليها صورتَها!

وكنت حريصاً على أنْ لا أغضبها، فعدلت عن قَريبتي، تلك المرأة الطاهرة الشريفة!

أنا رجلٌ مباشِر واضح، لا أحسن سوى هذا، ولا أرغب بتعلّم المكر والدهاء، إذ أنا أعدّ نفسي من أشجع الرجل، وهذا الخلق يليق بالضعفاء!

ربما لهذا، ولربما لغيرتي الشديدة، وربما لأنّ المرأةَ إحدى اهتماماتي، والعلم والدعوة هما أكبر همّي في الحياة، وربما لهذه الأمور مجتمعةً؛ لم أستطع الاحتفاظَ بامرأةٍ واحدةٍ!

وربما لهذه الأسباب، وبعض الأسباب الأخرى؛ أرفض تجربةَ زواجٍ جديدة!

واللهُ تَعالى أعلم.

(رَبَّنا: ظَلَمْنَا أَنْفُسَنا، وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنا؛ لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ).

هذا.. وصلّى الله على سيّدنا محمّد بن عبدالله، وعلى آله وصحبه وسلّم تسليماً.

والحمد لله على كلّ حال.

الجمعة، 3 فبراير 2023

 اجتماعيات (14):

العَلْقمُ وفوائدُه الكثيرة!؟

بسم الله الرحمن الرحيم

من المعروف في تاريخنا العربيّ؛ أنّ العرب يسمّون أبناءهم بما يخيف أعداءهم، فيسمّون أحدهم أسداً وفهداً ونمراً وذئباً!

ويسّمون أحدهم مُرّاً وحنظلاً وعلقماً وعلقمةً!

وما جرى في الأرض المقدسّة على يدِ ذلك العلقَم؛ دفعني لأتعرّف إلى نباتِ العلقم، وإلى بعض فوائده!

قال في القاموس: «العَلْقَمُ: الحَنْظَلُ، وكُلُّ شيءٍ مُرٍّ، والنَّبِقَةُ المُرَّةُ، وأشدُّ الماءِ مَرارةً، والعَلْقَمَةُ: المَرارةُ، وجَعْلُ الشيءِ المُرِّ في الطَّعامِ».

ونباتُ العلقم: ينبت في الأرض تلقائيّاً، من دون بَذرٍ أو فسائل!

وهو يشبه البطّيخَ الأخضر، لكنّ حجمه صغيرٌ، يشبه كُرةً صغيرةً، كنّا نلعب بها ونحن أطفال!

وقد ذكروا لنباتِ العلقم فوائد كثيرةً، من أهمّها:

- أنه مضادٌّ للالتهاباتِ، ومسكّن للألم، يسكّن المرضى النفسيين تسكيناً تامّاً!

- يسكّن الصداع النصفيّ المزمن، وينقّي الدماغ من العفن الذي فيه، ويسكّن العصبية الزائدة لدى المصابين بالرعب والجزع!

- يعالج التهابات العين واحمرارها الناجم عن الغضب والحقد البغيض!

قال شاعرنا العربيّ عنترة بن شدّاد العبسيّ يخاطب ابنةَ عمّه عبلة بقوله:

اثني عليّ بما علمتِ؛ فإنني

سمحٌ مخالطتي، إذا لمْ أُظلَمِ

فإذا ظُلمتُ فإنّ ظلمي باسلٌ

مُرٌّ مذاقتُه كَطعمِ العلقمِ

هكذا هو العربيّ المسلم الشهم:

سمحٌ مخالطتي، إذا لمْ أُظلَمِ

أمّا إذا ظلمه الأوغاد، وحاول إذلالَه الأنذال، فهذه حاله:

فإذا ظُلمتُ فإنّ ظلمي باسلٌ

مُرٌّ مذاقتُه كَطعمِ العلقمِ

إيْ نَعَم، نحن هكذا على طول الخطّ!

راجع فوائد العلقمِ في مذكرات الأرض المقدّسة، وفي تذكرة داود الإنطاكي!

والله تعالى أعلم

والحمد لله على كلّ حال.

 مَسائلُ حديثيّةٌ  (11):

الأحاديثُ الواردةُ في قتلِ الحَيّاتِ!؟

بسم الله الرحمن الرحيم

(رَبَّنَا: عَلَيْكَ تَوَكَّلْنَا، وَإِلَيْكَ أَنَبْنَا، وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ.

رَبَّنَا: لَا تَجْعَلْنَا فِتْنَةً لِلَّذِينَ كَفَرُوا، وَاغْفِرْ لَنَا.

رَبَّنَا: إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ).

(رَبَّنَا: افْتَحْ بَيْنَنَا وَبَيْنَ قَوْمِنَا بِالْحَقِّ، وَأَنْتَ خَيْرُ الْفَاتِحِين).

- بإسنادي إلى الإمام البخاريّ في كتاب بَدْءِ الخلقِ، باب قول الله تعالى (وبثّ فيها من كلّ دابّة) (3297، 3298) قال رحمه الله تعالى: حَدَّثَنَا عَبْدُاللهِ بنُ مُحَمَّدٍ: ثَنا هِشَامُ بنُ يُوسُفَ: ثَنا مَعْمَرٌ عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَالِمٍ، عَنِ ابنِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا؛ أَنَّهُ سَمِعَ النَّبِيَّ e يَخْطُبُ عَلَى الْمِنْبَرِ يَقُولُ: (اقْتُلُوا الْحَيَّاتِ، وَاقْتُلُوا ذَا الطُّفْيَتَيْنِ وَالأَبْتَرَ([1])، فَإِنَّهُمَا يَطْمِسَانِ الْبَصَرَ، وَيَسْتَسْقِطَانِ([2]) الْحَبَلَ).

قَالَ عَبْدُاللهِ: فَبَيْنَا أَنَا أُطَارِدُ حَيَّةً لأَقْتُلَهَا؛ فَنَادَانِي أَبُو لُبَابَةَ: لاَ تَقْتُلْهَا!

فَقُلْتُ: إِنَّ رَسُولَ اللهِ صلّى الله عليه وسلّم قَدْ أَمَرَ بِقَتْلِ الْحَيَّاتِ؟

قَالَ([3]): إِنَّهُ (نَهَى بَعْدَ ذَلِكَ عَنْ ذَوَاتِ الْبُيُوتِ) ([4]) وَهْيَ: الْعَوَامِرُ([5])

(3299) وَقَالَ عَبْدُالرَّزَّاقِ: عَنْ مَعْمَرٍ([6]): فَرَآنِي أَبُو لُبَابَةَ أَوْ زَيْدُ بنُ الْخَطَّابِ([7]).

[4812] وَتَابَعَهُ([8]) يُونُسُ([9]) وَابنُ عُيَيْنَةَ([10]) وَإِسْحَاقُ الْكَلْبِيُّ([11]) وَالزُّبَيْدِيُّ([12]).

[4813] وَقَالَ صَالِحٌ([13]) وَابنُ أَبِي حَفْصَةَ([14]) وَابنُ مُجَمِّعٍ([15]): عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ سَالِمٍ، عَنِ ابنِ عُمَرَ: رَآنِي([16]) أَبُو لُبَابَةَ وَزَيْدُ بنُ الْخَطَّابِ.

مدار حديث عبدالله بن عمر عليه، رواه عنه:

سالم بن عبدالله بن عمر، عند البخاري (3298) ومسلم في السلام (2233) وأحمد (4557).

وعبدالله بن أبي مليكةَ، عند البخاريّ (2311).

ونافع مولاه، عند البخاري (2312، 4017) ومسلم (2233) وأحمد (15546، 15547، 15751) وأبي داود (5253) وابن حبّان (5639).

الحكم على إسناد الحديث من مداره:

حديث حسن صحيح مستفيض، من حديث عبدالله بن عمر.

وحديث ابن عمر؛ متوافقٌ مع حديث أمّ المؤمنين عائشة رضي الله عنهم.

أمّا رواية أبي لبابة وزيد بن الخطّاب؛ فتحتاجان إلى نظر فقهيّ، عقب تخريج حديث عائشة، في المنشور التالي، إن شاء الله تعالى.

واللهُ تَعالى أعْلمُ

(رَبَّنا: ظَلَمْنَا أَنْفُسَنا، وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنا؛ لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ).

هذا.. وصلّى الله على سيّدنا محمّد بن عبدالله، وعلى آله وصحبه وسلّم تسليماً.

والحمد لله على كلّ حال.



([1]) ذو الطُفيتين: نوع من الحيّات، على ظهره خطّان أبيضان، والأبتر: ثعبان ذنبه قصير.

([2]) في بعض النسخ: ويُسقِطان.

([3]) في بعض النسخ: فقال.

([4]) من حديث ابن عمر عن أبي لبابة  t مرفوعاً؛ أخرجه علي بن الجعد في مسنده (1580) وابن أبي شيبة في مصنفه (2: (813) وأحمد في مسند المكثرين من الصحابة (8: 4557، ،4737) و (9: 4937، 5107) و(10: 6025) و(25: 15748) والدارمي في المناسك، باب ما يقتل المحرم في إحرامه (1816) ومسلم في السلام، باب قتل الحيات وغيرها (2233) وابن ماجه  في الطب، باب قتل ذي الطفيتين (3535) وأبو داود في الأدب، باب في قتل الحيات (5253) وابن حبان في الحظر والإباحة، باب قتل الحيوان (5639،  5643)  وانظر التحفة [5: 6938] والإتحاف [8: 9668].

وأخرجه مالك في الحج، باب ما يقتل المحرم من الدواب (798، 799) وأحمد في مسنده (24: (15546، 15547) وأبو داود في الأدب (5253) من حديث نافع عن أبي لبابة مرفوعاً.

وقد جاء من رواية ابن عمر عن أبي لبابة وزيد بن الخطّاب مقرونين، ومن رواية ابن عمر عن إحدى أزواج الرسول e وعن ابن عمر عن أخته حفصة، وهذا  يستدعي وقفةً طويلةً!

([5]) قال في الفتح عند شرحه هذا الحديث: «وهي العوامر: هو من كلام الزهريّ، وقد أُدرج في الخبر، وقد بيّنه معمر في روايته عن الزهريّ، إذ ساق الحديث، وقال في آخره: قال الزهريّ: «وهي العوامر»: وهي سكّان البيوت من الجنّ، وسمّين عوامر: لطول مكثهنّ في البيوت».

([6]) قال ابن حجر في الفتح (9: 651): «يريد عبدالرزاق أنّ معمراً رواه عن الزهريّ بهذا الإسناد، على الشكّ في اسم الذي لقي عبدَاللهِ بنَ عمر» أهو أبو لبابة أم زيد بن الخطّاب؟

([7]) رواية حديث ابن عمر بالشكّ هذه ؛ أخرجها معمر بن راشد في جامعه الملحق بمصنّف عبدالرزاق (10: (19616) والحميديّ في مسنده (632) و أحمد في مسنده (4557، 15748) ومسلم في كتاب السلام (2233) وأبو داود في السنن (5252) وأبو عوانة في مستخرجه ( 9869) والطحاوي في مشكل الآثار (2930) والطبرانيّ في المعجم الكبير (4498) وفي مسند الشاميين له (3159) ومن طريقه أبو نعيم في الحلية (1: 367)  وأبو طاهر المخلّص في جزئه (2672) والبغويّ في شرح السنّة (3263) والحازمي في نواسخ الحديث (ص: 236)  وإسناده صحيح غريب.

([8]) يريد البخاريّ أنّ هؤلاء الأربعةَ تابعوا معمَراً عن الزهريّ بالإسناد السابق في روايته على الشكّ في اسم الذي لقي عبدَاللهِ بنَ عمر» أهو أبو لبابة أم زيد بن الخطّاب، وانظر فتح الباري (9: 651).

([9]) متابعةُ يونسَ بنِ يزيدَ معمَراً هذه؛ وصلها مسلم في السلام (2233) ولم يَسُقْ لفظها، وأبو عوانة في مستخرجه (9875) وساق لفظها، وأبو نعيم في مستخرجه على صحيح البخاري، كما في التغليق (3: 516).

([10]) متابعة سفيان بن عيينة لمَعمَرٍ عن الزهريّ؛ أخرجها الحميديّ في مسنده (632) وفيه: قَالَ سُفْيَانُ: «كَانَ الزُّهْرِيُّ أَبَدًا يَقُولُ فِيهِ: زَيْدٌ، أَوْ أَبُو لُبَابَةَ» وأحمد في مسنده (4557) ومسلم في السلام (2233) وكثيرون.

([11]) قال ابن حجر  في التغليق (3: 516) «وَأمّا حَدِيثُ إِسْحَاق الْكَلْبِيّ» ثمّ لم يذكر شيئاً بعد ذلك، وقال في الفتح (9: 651): «وأمّا رواية إسحاق بن يحيى الكلبيّ؛ فرُوّيناها في نُسخَتِه» فأفادنا هذا أنّ للكلبيّ نسخةً متقدّمةَ التأليف، اطّلع عليها ابن حجر في القرن التاسع!

([12])  رواية محمد بن الوليد الزبيدي الحمصيّ عن الزهريّ؛ وصلها مسلم في السلام، في صدر باب قتل الحيّات وغيرها (2233) وفي روايته زيادة : «قَالَ سَالِمٌ : قَالَ عَبْدُاللهِ بْنُ عُمَرَ: فَلَبِثْتُ لَا أَتْرُكُ حَيَّةً أَرَاهَا، إِلَّا قَتَلْتُهَا» وأخرجه أبو عوانة في مستخرجه (9875) والطحاوي في المشكل (2931) وساقه ابن حجر في التغليق (3: 516) من طريق الطبراني، وانظر فتح الباري (9: 651).

([13]) حديث صالح بن كيسان عن الزهريّ؛ وصله ابن أبي عاصم في الآحاد والمثاني (305) وأبو عوانة في المستخرج (9876) وقال ابن حجر في التغليق (3: 517): «وَأما حَدِيث صَالحٍ؛ فَأَخْبَرنَاهُ أَبُو الفَرَج بن حَمَّاد بِسَنَدِهِ إِلَى أبي نعيم: ثَنَا عبدالله بن محمد بن جعفر، وساقَ الإسناد إلى الزهريّ، به، وانظر فتح الباريّ (9: 651).

([14]) قال في تغليق التعليق (3: 517): «وَأمّا حَدِيث مُحَمَّد ابن أبي حَفْصَة؛ فأنبأنا بِهِ مُحَمَّد بن أَحْمد بن عَليّ الْبَزَّار» وساق إسناده إلى أبي أحمد بن عديّ، بإسناده إلى إِبْرَاهِيم بن طهْمَان، عَن مُحَمَّد ابْن أبي حَفْصَة، عَن الزُّهْرِيّ، بِهِ.

([15]) وحَدِيث إِبْرَاهِيم بن إِسْمَاعِيل بن مُجَمّع؛ وصله ابن أبي عاصم في الآحاد والمثاني (304، 305) والبغويّ في معجم الصحابة (824) وقال عقبه: «ولا أعلم لزيد بن الخطاب مُسنداً غيرَ هذا، وقتل زيدُ بنُ الخطّاب في «حربِ» الردّةِ، في خلافة أبي بكر رضي الله عنهما» والطبراني في الكبير (4499، 4645)  وأخرجه أبو نعيم في معرفة الصحابة (2719، 2867) وقال ابن حجر في تغليق التعليق (3: 517): «وَرَوَاهُ ابْن السكن من وَجه آخر عَن يَعْقُوب بن مُحَمَّد، وَقَالَ: لم أجد هَذَا الحَدِيثَ عِنْد أحد من أَصْحَاب الزُّهْرِيّ، إِلَّا عِنْد ابْن مجمعٍ، وَعند جَعْفَر بن برْقَانَ، وَفِي روايتهما عَن الزُّهْرِيّ نظر.

قال ابن حجر: كَذَا قَالَ، وَهُوَ شَيْء عَجِيب؛ فَإِنَّ صَحِيحَ البُخَارِيّ  نُصب عَيْنَيْهِ، وغفل عَن هَذَا الْموضعِ، الَّذِي فِيهِ ذِكْرُ ابْن أبي حَفْصَة وَصَالح بن كيسَان، فسبحان الله من لَا يسهو وَلَا يغْفل» وانظر فتح الباري (9: 651).

([16]) في بعض النسخ: فرآني.

  مَسائِلُ فِكْرِيّةٌ (3):

سَطوَةُ العَقْل الجَمْعيّ «عَقيّةُ القَطيعِ»!؟

بسم الله الرحمن الرحيم

(رَبَّنَا: عَلَيْكَ تَوَكَّلْنَا، وَإِلَيْكَ أَنَبْنَا، وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ.

رَبَّنَا: لَا تَجْعَلْنَا فِتْنَةً لِلَّذِينَ كَفَرُوا، وَاغْفِرْ لَنَا.

رَبَّنَا: إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ).

(رَبَّنَا: افْتَحْ بَيْنَنَا وَبَيْنَ قَوْمِنَا بِالْحَقِّ، وَأَنْتَ خَيْرُ الْفَاتِحِين).

إخواني الأحبّة: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

جمعتكم مباركةٌ، سعيدةٌ في ظلالِ الإسلام العظيم!

أسألُ الله تعالى أن يديم عليكم العافية، وأن يجنبكم عَوادي هذا الزمان!

حدّثني شيخي الشريف الشهيد مروان بن خالد حديد الحمويّ، قال:

بعد ثورة عبدالناصر في مصر؛ قويت شوكةُ الاشتراكيين، وغدت الاشتراكيّة هي الاتّجاه الأقوى بين شباب الأمة عامّةً، والشباب السوريّ على وجه الخصوص، إذ كانت سوريّا تعاني أشدّ المعاناةِ من ظلم الإقطاعِ، واستئثارهم بخيرات البلاد، ناهيك عن فساد كثيرين منهم سلوكيّاً وأخلاقيّاً.

فرأى الدكتور الشريف مصطفى السباعي الحسني الحمصيّ أن يُفهم جيلَ الشباب بمحاسن الإسلام، وإنصافه للطبقات الفقيرة، وأخذه على أيدي الظالمين المفسدين، فألّف كتابه الشهير «اشتراكيّة الإسلام» الذي استغلّه عبدالناصر، وطبع منه عشرات الألوف من النسخ، وقيل: أكثر من ذلك، استغلالاً لعنوان الكتابِ، بعيداً عن مضمونه!

ثار مشايخ سوريا «العلماء كما يسمَّون» وردّ عليه عددٌ منهم، من بينهم شيخنا الكبير محمد الحامد الحمويّ.

حتى صَعِدَ بعضهم على المنابر، وفنّدوا كلام الدكتور السباعيّ، وضلّله بعضهم، وفسّقه آخرون!

كان الدكتور السباعي عالماً كبيراً، وشاعراً أديباً، وهاشميّاً شجاعاً، فماذا صنع مع مشايخ الشام ياترى؟

دعا إلى بيتِه في دمشق كبارَ مشايخِ سوريا، وخاصّةً الذين ضلّلوه وفسّقوه، حتى اجتمع عنده أربعون شيخاً، وهذا ما أتذكّره!

صنع لهم الدكتور السباعي مشروبَ الشاي الساخن، ونحن المشايخ مغرمون بالشاي!

وزّع بعضُ طلّابه الشاي على المشايخِ بكؤوس كبيرةٍ، على عادة المصريين، ووضع جوار كلّ كأس شايٍ صحفةً فيها جزرة نظيفةٌ!

تعجّب الحاضرون من هذه الضيافةِ، إذ لم تجر العادةُ أن يقدّم مع الشاي الجَزر، إنما يقدّم الناس مع الشاي «البسكويت» أو «الكاتوه» ونحو ذلك.

فيمَ الدكتور السباعي يحاورهم، وهم يصرخون عليه؛ تبسّم وقال لهم: تفضّلوا!

ثم وضع الجزرةَ في كأس الشاي، ثم أكل منها قطعةً وشرب على إثرها رشفةً من الشاي، فتابعه جميع المشايخ على ذلك!

ظلّ السباعي على هذه الحال، حتى انتهى المشايخُ من أكل الجزرة وشرب الشاي!

سأل واحدٌ من أولئك المشايخ الدكتور السباعيَّ عن هذه البدعة الجديدة «الجزر مع الشاي» ضاحكاً!

فتبسّم الشيخ السباعي وقال لهم: أليست هذه بدعةً حسنة، هل فيكم أحد لم يأكل جزرته ويشرب كأس شايه؟

فلم يردّ عليه أحد!

قال لهم: يا مشايخنا الكرام: عصرنا يحتاج إلى مجتهدين، قادرين على عرض الإسلام بصورة عصريّة، وليس بحاجة إلى شيوخ يقلّدون، من دون أن يسألوا: أمقبولٌ ما نقلّد به أم لا!؟

[سمعت هذه القصّة من سيدي الشهيد مروان مرّاتٍ عديدة، أوّلها في عام (1964) وآخرها في عام (1974) وهذا مضمونها، لا حروفها، وأظنّني سمعتها من شيخنا الحامد أيضاً، عليهم جميعاً رحمةُ الله وبركاته].

أيها الإخوة المسلمون:

في المذاهب الإسلاميّة السنيّة والشيعية والإباضيّة؛ مسائل كثيرةٌ لها في كلّ مذهب حكم واحد، يقال: ليس لهذه المسألة في مذهبنا سوى قولٍ واحد!

وفي مسائل كثيرة، لها في كلّ مذهب قولان!

وفي مسائل أقلّ، لها في كلّ مذهبٍ ثلاثةُ أقوال!

وفي المذهب المخترعِ للإمام أحمد مسائل، لها عنه خمسة أقوال، سبعة أقوال، وربما أكثر!

كما في كتاب الإنصاف للمرداوي!

ماذا يعني هذا الكلام؟

هذا الكلام الواقعيّ المزعج يعني أنّ سبع مائة مليون مسلمٍ من السادة الحنفيّة؛ هم في الحقيقة ثلاثة علماء فحسب!

ونصف مليار من الشافعيّة؛ هم ثلاثة علماء أيضاً!

وأكثر مسلمي إفريقيّة من أتباع المذهب المالكي؛ هم ثلاثةُ علماء أيضاً!

وهذا يعني أنّ ملياري نسمةٍ من المسلمين قطعانٌ بشريّة تسير وراء عددٍ يسير من المشايخ!

تماماً مثل «المراييع» الذين في أعناقها أجراسٌ تقود بها قطعان الأغنام!

هذا هو العقل الجمعيّ، الذي تستطيع إعلاميّة مصبّغة، لديها شيءٌ من الجمال، وشيءٌ من الدلَع، وشيءٌ من عذوبة الكلام؛ أن تغدو في شهرٍ واحدةٍ شيخةَ الشباب أجمعين!  

علماء المذهب الحنفيّ!

علماء المذهب المالكيّ!

علماء المذهب الشافعيّ!

علماء المذهب الحنبليّ!

علماء المذهب الزيديّ!

علماء المذهب الإسماعيليّ

علماء المذهب الإماميّ!

علماء المذهب الإباضيّ!

علماء إيه ياخويهْ إنت؟! «دولهْ حفّاظ أقاويل، وليسوا علماء، العالم هو المجتهد وحسب!»

ذهبت مرّةً إلى كليّة العلوم الإسلاميّة بجامعة بغداد، فوجدت أكثر من عشرة طلّاب مجتمعين حول أستاذٍ قدير شهيرٍ من أساتذة الكليّة، فوقفت خلفه لأستمع الحوار!

سأله أحد الطلّاب، والله أعلم بنيّته، قال: شيخَنا، أخرج الإمام أبو داود السجستانيّ من حديث عائشة رضي الله عنها أنّ الرسول صلّى الله عليه وآله وسلّم قال لها في ليلة باردة: ادني مني ياعائشة!

قالت: إني حائض!

فقال: (وإنْ، اكشفي عن فخذيك) فكشفت فخذيَّ، فوضع خدّه وصدره على فخذي، وحَنيتُ عليه، حتى دفئَ ونام)!

قال الطالب: هل من المعقول أن يضع الرسول خدّه في ذلك الموضع، ورزوجته حائض!

احتار الأستاذ القدير بماذا يجيبه، ثمّ ختم كلامه بقوله: «ونت ليه مستغرب هذا الأمر، يصير بين الرجل وامرأته أكثرُ من هذا»!

هنا تدخّلت أنا، وقلت له: أستاذي الفاضل هذا حديثٌ واه الإسناد، منكر المتن!

أمّا ضعف إسناده؛ ففيه راويان متروكان، وثالثٌ مجهول!

وأمّا نكارة متنه؛ فليس من كمال ذوق الرسول صلّى الله عليه وآله وسلّم؛ أن يصنع هذا الشيء، وليس من أدب عائشة أن تقول: إنّ الرسول يستأنس حتى برائحةَ حيضها!

فقال أحد الطلاب: نحن لا يهمّنا تفسيرك هذا، لكن من هم هؤلاء الرواة؟

قلت لهم: أخشى أن أحدّثكم من الذاكرة، فأخطئ، بعد ساعةٍ آتيكم بهم على ورقة!

ثمّ دخلت إلى مكتبة الجامعة، وخرّجت الحديثَ بدقّة، وأعطيته للإستاذ الذي حدّثني أنه قرأ تخريجي على الشُعَب التي درّسها في ذلك اليوم!

العالم: هو المجتهد، ومن ليس بمجتهد؛ فهو من جملة هذه القطعان، أو هو أحد هذه المراييع التي تقود القطعان! [المراييع: جمع مفرده مِرياع، وهو الكبش الكبير الذي يتقدم قطيع الأغنام، وهي تتلمّس خطاه].

والله تعالى أعلم.

(رَبَّنا: ظَلَمْنَا أَنْفُسَنا، وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنا؛ لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ).

هذا.. وصلّى الله على سيّدنا محمّد بن عبدالله، وعلى آله وصحبه وسلّم تسليماً.

والحمد لله على كلّ حال.

الأربعاء، 1 فبراير 2023

 مَسائِلُ فِكْرِيّةٌ (2):

بِدْعَةُ هَجْرِ المُبْتَدِعِ!؟

بسم الله الرحمن الرحيم

(رَبَّنَا: عَلَيْكَ تَوَكَّلْنَا، وَإِلَيْكَ أَنَبْنَا، وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ.

رَبَّنَا: لَا تَجْعَلْنَا فِتْنَةً لِلَّذِينَ كَفَرُوا، وَاغْفِرْ لَنَا.

رَبَّنَا: إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ).

(رَبَّنَا: افْتَحْ بَيْنَنَا وَبَيْنَ قَوْمِنَا بِالْحَقِّ، وَأَنْتَ خَيْرُ الْفَاتِحِين).

كتب إليّ أحدهم يقول ما معناه: إذا كان يسعكك أن تحبّ الإباضيّ الخارجيّ والمعتزليَّ المعطّل والأشعريَّ الضالّ والرافضيَّ المارق من الدين، فماذا أبقيت من عقيدة الولاء والبراء، وماذا ألقيت من عقيدة «هجر المبتدع»؟!

أقول وبالله التوفيق:

كتبتُ هذا المنشورَ في خانةِ «مسائل فكريّة» لاعتقادي أنّ مسألةَ «الولاء والبراء» ومسألة «هجر المبتدع» ليستا من مسائل الاعتقاد المباشرة، إنما هما من المسائل الفكريّة الاجتهاديّة، حتى لو عدّهما أكثر المذهبيين من مسائل الاعتقاد!

قال أبو الحسين بن أبي يعلى الحنبليّ (ت: 526 هــ) في كتابه «الاعتقاد» (ص: 43) تحت عنوان: «هجر أهل البدع»: «ويجبُ هُجرانُ أهل البدع والضلال، كالمشبهة والمجسمة والأشعريّةِ والمعتزلةِ والرافضة والمرجئةِ والقدريّةِ والجهمية والخوارج والسالمية والكَرّاميّة وبقية الفرق المذمومة».  

قال الفقير عداب: شهادتي لله وبالله أنّ الإمام أحمدَ نفسه مشبّه ومجسّم، وأكثر أهل الحديث والحنابلة كذلك!

فإذا هجرنا جميعَ من ذكرهم ابن أبي يعلى في هذا الاعتقاد البغيض؛ فمن بقي من الأمّة لا يجب هجره؟

قال الرسول صلّى الله عليه وآله وسلم: (لَا يَحِلُّ لمسلم أَنْ يَهْجُرَ أَخَاهُ فَوْقَ ثَلَاثِ لَيَالٍ يَلْتَقِيَانِ فَيُعْرِضُ هَذَا وَيُعْرِضُ هَذَا وَخَيْرُهُمَا الَّذِي يَبْدَأُ بِالسَّلَامِ) أخرجه البخاريّ (6077) ومسلم (2560) من حديث أبي أيوب الأنصاري.

وأخرجه البخاري (6065) ومسلم (2559) من حديث أنس بن مالك.

وأخرجه البخاري (6075) من حديث عائشة.

وأخرجه مسلم (2561) من حديث عبدالله بن عمر، رضي الله عنهم.

فما دمتم جميعاً مقلّدين - أيها الإخوة المسلمون - أهل السنة بمذاهبهم، والشيعة بمذاهبهم، والمعتزلة بمذاهبهم، والإباضيّة؛ أليس الأولى بكم أن تستحيوا على أنفسكم، وتخجلوا من جهلكم، فتتابعون أحقادَ وضغائنَ أجدادِكم، الذين كانت كتاباتهم المقيتة هذه سبباً في العداوات المستمرّة بين أمّة الإسلام؟

إنّ البدعة اجتهاد فكريّ قادَ مجتهداً لأن يقول: القرآن مخلوق، وقاد مجتهداً آخر ليقول: القرآن كلام الله غير مخلوق من جميع جوانبه وجهاته!

فمن قال: القرآن مخلوق؛ فهو كافر!

ومن قال: القرآن قديم؛ فهو مبتدع!

ومن قال: القرآن بصفته كلام الله تعالى؛ غير مخلوق، أمّا الورق المكتوب الذي نلمسه بأيدينا ونتلوه بألستنا ونحفظه في صدورنا؛ فهو مخلوق!

من قال هذا الكلام؛ فهو شرّ من الجهميّة!

ومن قال: القرآن كلام الله وسكت، ويسمونهم الواقفة؛ فهو شرّ من الجهميّة!

مع أنّ الله تعالى لم يزد على أنْ قال: (وَإِنْ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلَامَ اللَّهِ ثُمَّ أَبْلِغْهُ مَأْمَنَهُ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لَا يَعْلَمُونَ (6) [التوبة].

أليس هذا قولَ إمامِ أهل سنّتكم أحمد ابن حنبل، الذي يُحارُ متابعه ليفهم ما يريد، ولن يفهم!

حتى قال الإمامُ حسين الكرابيسيّ: «أيشٍ نعمل بهذا الصبيّ - يعني أحمدَ - إنّ قلنا لفظك بالقرآن مخلوق؛ قال: بدعة، وإن قلنا: غير مخلوق؛ قال: بدعة!».

انظر تمام القصّة في تاريخ بغداد (8: 611) والنبلاء (12: 81).

والكرابيسيّ هذا ليس من عامّة الناس، أو من طلبة العلم، بل قال الذهبيّ في النبلاء: «العَلاَّمَةُ، فَقِيْهُ بَغْدَادَ، صَاحِبُ التَّصَانِيْفِ، وَكَانَ مِنْ بُحُوْرِ العِلْمِ، ذَكِيّاً، فَطِناً، فَصِيْحاً، لَسِناً، تَصَانِيْفُهُ فِي الفُرُوْعِ وَالأُصُوْلِ تَدُلُّ عَلَى تَبَحُّرِهِ، إِلاَّ أَنَّهُ وَقَعَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الإِمَامِ أَحْمَدَ، فَهُجِرَ لِذَلِكَ».

انتبه أخي القارئ إلى كلمة: «فَهُجِرَ لِذَلِكَ» يعني هجره الرعاع أتباعُ أحمد، الذين كان الناس يخافون منهم في بغداد، فيظهرون موافقتهم إيّاهم حتى لا يؤذوهم!؟

أعني: هم مثل داعش والنصرة والقاعدة، ولست أدري من شرٌّ ممّن؟!

قال الذهبيّ في النبلاء (12: 82): «وَلاَ رَيْبَ أَنَّ مَا ابْتَدَعَهُ الكَرَابِيْسِيُّ، وَحَرَّرَهُ فِي مَسْأَلَةِ التَّلَفُّظِ، وَأَنَّهُ مَخْلُوْقٌ؛ هُوَ حَقٌّ، لَكِنْ أَبَاهُ الإِمَامُ أَحْمَدُ، لِئَلاَّ يُتَذَرَّعَ بِهِ إِلَى القَوْلِ بِخَلْقِ القُرْآنِ، فَسُدَّ البَابُ؛ لأَنَّكَ لاَ تَقْدِرُ أَنْ تَفْرِزَ التَّلفُّظَ مِنَ المَلْفُوْظِ، الَّذِي هُوَ كَلاَمُ اللهِ إِلاَّ فِي ذِهْنِكَ».

وهذا اعتذار بارد من الذهبيّ لأحمد، ويا سبحان الله العظيم!

يقول الذهبيّ: كلام الكرابيسيّ حقٌّ، ويصفه بالابتداع!

والصحيحُ أنّ كلام الكرابيسيّ حقّ، وتنطّع أحمد ابن حنبل باطل، يدلّ على جمودٍ بغيض!

رحمهم الله تعالى أجمعين.

أمّا مسألةُ الولاء والبراء؛ فمذهبي في هذا؛ موالاةُ جميع من يقول: لا إله إلّا الله محمّد رسول الله، صلّى الله عليه وآله وسلّم، ولم يصدر عنه ناقضٌ متّفق عليه للشهادتين، ولم يَثبت عنه استحلالٌ لشيءٍ مما حرّم الله تعالى، مثل الزنا والخمر والربا.

أو جوّز ترك فريضةٍ من الفرائضِ المجمع عليها، مثل الطهارة والصلاة والصيام والزكاة والحجّ.

فإن أتى المسلم بمعصيةٍ كبيرةٍ أو صغيرةٍ، وعلمتُ أنا بها؛ قمتُ بنصحه وكرّرت النصح، وأبغضتُ ما جاء به من المعاصي، أمّا الهجر؛ فقد يزيده بعداً عن الله تعالى.

والله تعالى أعلم.

(رَبَّنا: ظَلَمْنَا أَنْفُسَنا، وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنا؛ لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ).

هذا.. وصلّى الله على سيّدنا محمّد بن عبدالله، وعلى آله وصحبه وسلّم تسليماً.

والحمد لله على كلّ حال.