التصوّف العليم (26):
ثَروَةُ السادة الكسنزانِ الهائلة !؟
بسم الله الرحمن الرحيم
عددٌ من الإخوةِ انفتحت شهيّتهم لانتقادِ الطريقةِ
الكسنزانيّة، بعد أنْ علموا أنني الآنَ ضيفٍ على التكيةِ الكسنزانيّة في
السليمانيّة، حتى إنّني قرأتُ لعددٍ منهم اتّهاماتٍ ماليّةً للطريقةِ وشيخِها
الحاضر.
أقولُ وبالله التوفيق:
إذا عرفتَ أنّ الشيخ صالح بن عبدالله كامل رحمه
الله تعالى موسر غنيٌّ؛ لا تتشنّج!
إذا عرفتَ أنّ الشيخ عبدالله المطوّع القناعيّ رحمه
الله تعالى موسر غنيٌّ؛ لا تتشنّج!
إذا عرفتَ أنّ الشيخ الراجحي، أو الشيخ با سنبل، أو
الشيخ با خيل أغنياء؛ فلا تتشنّج!
لماذا إذا عرفتَ عالماً موسراً، أو صوفيّاً غنيّاً
تتشنّج؟
أنا والله لا أعرفُ إنْ كان السيّد الشيخ «محمّد
نهرو» الكسنزان غنيّاً، أم مليونيراً، أم مليارديراً، أمْ كان مثلي، لا يملك
شيئاً!
ولا أرى من الأدبِ، ولا من اللباقةِ، ولا من حقّي
الشخصيِّ أن أسأَله مجرّد سؤالٍ عن ماليّته، بعد أن أتذكّر قول الله تعالى:
(اللَّهُ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ
وَيَقْدِرُ، وَفَرِحُوا بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا، وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا فِي
الْآخِرَةِ إِلَّا مَتَاع).
(وَلَوْ بَسَطَ اللَّهُ الرِّزْقَ لِعِبَادِهِ؛
لَبَغَوْا فِي الْأَرْضِ، وَلَكِنْ يُنَزِّلُ بِقَدَرٍ مَا يَشَاءُ، إِنَّهُ
بِعِبَادِهِ خَبِيرٌ بَصِيرٌ).
حكمةُ الله تعالى اقتضتْ أن يكون عدابٌ فقيراً، لا
يملك من هذه الدنيا قليلاً ولا كثيراً، والحكمة المقدسة ذاتها اقتضت أن يكون الشيخ
صالح كامل رحمه الله تعالى مليونيراً!
ربما لو أعطاني الله تعالى مليونَ دولارٍ؛ لما
احتمل عقلي وجودَ هذا المبلغ بين يديّ، وربما أنفقته بسنةٍ واحدة، من دون خبرةٍ
استثماريّة، ولا كبيرِ نفعٍ للأمة!
بيد أنّ الذي حدّثني به شيخي السيّد محمّد
الكسنزان، رضي الله عنه، أنّه عندما قرّر النزولَ إلى بغدادَ والمقامَ بها؛ لم يكن
يملك من المالِ ما يشتري به سكناً يؤويه وعائلتَه؛ وأنّ «الدراويش» هم الذين
اشتروا قطعةَ الأرض في بغداد، وبنوها بسواعدهم!
وهذا يعني أنّ الشيخ محمّد الكسنزان، في عام (1988)
لم يكن يملك إلّا ميراثاً من الأرض، وبيتاً في كركوك، ورثه عن والده السيّد الشيخ
عبدالكريم الكسنزان، رحمه الله تعالى.
السيّد محمد الكسنزان - كما يعلم جميع دراويشه
وخلفائه - كان أميرَ الفرسان في كردستان العراق، وهذا يعني أنّه كان سياسيّاً،
وليس شيخَ طريقةٍ صوفيّة فحسب!
ولا أرى من الجنايةِ عليه أن أقول: إنّ (السيّد
محمد الكسنزان) زعيم دينيّ صوفيّ سياسيّ.
ولا يخفى على أحدٍ أنّ المنتسبَ إلى أيّ حزبٍ من
الأحزاب، يجد مصلحتَه فيه؛ يدفع اشتراكاً شهريّاً لإدارة الحزب، في مقابل حمايته،
ومراعاة مصلحتِه الاجتماعية والمالية والسياسيّة.
فلو نحن عددنا الطريقةَ القادرية الكسنزانيّة طريقة
صوفيّة اجتماعيّة وسياسيّة، ووجدنا دراويشَ الطريقةِ وخلفاءها مقتنعين تماماً
بزعامة السيّد الشيخ محمّد بن عبدالكريم الكسنزان؛ فهم لن يجدوا أدنى حرجٍ فيما لو
فرضَ حضرةُ والدهم وشيخهم على كلّ فردٍ منتمٍ إلى هذه الطريقةِ (دولاراً)
أمريكيّاً واحداً في الشهر!
هل ترون مثلَ هذا مرفوضاً عرفاً أو شرعاً؟
لا أظنّ أحداً يرى ذلك شاذّاً أو منبوذاً، فجميع
الأحزاب السياسية والنوادي الاجتماعيّة والنقابات المهنيّة؛ تفرض رسوماً شهريّة
على عناصرها، ولنعدّ الطريقةَ الكسنزانيّةَ تنهج المنهج ذاته!
والسادة الكسنزان في عام (1996) قدّروا أعدادهم في
العراق وحده بخمسة ملايين مريدٍ، بين خليفةٍ ودرويشٍ ومريد!
فلو افترضنا أنّ (80%) من المنتسبين إلى الطريقة
الكسنزانية فقراء مُعدِمين، لا يقدرون على دفع دولارٍ واحدٍ في الشهر، فيبقى
مليونُ خليفةٍ ودرويشٍ يَقدرون على دفعِ مليونَ دولارً لإدارة الطريقةِ في كلّ
شهرٍ، من دون أن يؤثّر ذلك على ماليّةِ المنتسبينَ ومعاشِهم!
أنا لم أسأل شيخنا المنتقلَ إلى رحمةِ الله تعالى
شيئاً من هذه الأسئلةِ بتاتاً!
بيد أنني كنتُ أرى بعينيّ (الخليفةَ) رئيس التكيةِ
في البصرة أو الموصلِ أو كركوك، يدخل إلى التكيةِ الكسنزانيّة في نفقِ الشرطة ببغدادَ،
حاملاً «جونيّة نقود» يرميها بجانب حضرة الشيخ، ثم يقبّل قدَمَه، ثمّ يجلس خاشعاً
مؤدّباً بين يديه!
وهذا يعني أنّ دراويش الكسنزان يقدّمون إلى شيخهم
اشتراكاتٍ شهريّةً أو دوريّةً، وإنْ كنت لا أعلم عن تفاصيلها شيئاً.
والسؤال الآن: هل ينفق حضرةُ الشيخِ على نفسه
وأسرته والتكيةِ الرئيسةِ في بغداد مليونَ دولار في الشهرِ؟
قطعاً هو لا يفعل ذلك!
فكيف لو نحن قدّرنا عدد أتباع الطريقةِ
الكسنزانيّةِ بعشرين مليون نسمةٍ، أو خمسين مليون نسمة في العالم مثلاً؟
أرجو أن يكون بياني هذا واضحاً، في أنّ تمويلَ
الطريقةِ الكسنزانيّة ذاتيٌّ (1000%) ولا يجوز أن يتطرّق الشكُّ وسوءُ الظنِّ إلى
عقول وقلوبِ المسلمين، تجاهَ إخوانهم المسلمين (الكسنزان) أبداً.
هذه شهادتي المبنيّة على خبرةٍ قريبةٍ يسيرة (وَمَا
شَهِدْنَا إِلَّا بِمَا عَلِمْنَا وَمَا كُنَّا لِلْغَيْبِ حَافِظِينَ).
والله تعالى أعلم.
والحمدُ لله على كلّ حال.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق