من شِعْرِ الحِكْمَةِ (9):
نِداءٌ إلى عُبّاد المسيح عليه السلام!؟
محمّد بن أبي بكرِ بنِ أيّوب الزَرعيّ الدمشقيّ،
المعروف بابن قيّم الجوزيّة الحنبليُّ (ت: 751 هـ) من كبار العلماء والأدباء
والوعّاظ، وبدعةُ التشبيه والتجسيم تكاد تكون ملازمةً لكلّ حنبليّ، وللأسف!
لكنّ مذهبيّ معروف لديكم، وهو العذر بالجهل، والعذر
بنتائج الاجتهاد!
يعجبني كتابه «إغاثة اللَهفان من مصائدِ الشيطان» وقد أفدت من هذا الكتابِ، ومن سائر كتبه
كثيراً، وكثيراً جدّاً، رحمه الله تعالى، وغفر له تجسيماته العديدة!
قال في هذا الكتاب (2: 290):
«الحمد لله، ثم الحمد لله تعالى، الذي هدانا للإسلام
وما كنا لنهتديَ لولا أن هدانا الله.
يا ذا الجلال والإكرام، كما هديتنا للإسلام؛ نسألك
أن لا تنزعه عنا، حتى
تتوفّانا على الإسلام.
أَعُبَّادَ المَسِيحِ لَنَا سُؤَالٌ ... نُرِيدُ
جَوَابَهُ مَّمِنْ وَعَاهُ
إذا ماتَ الإِلهُ بِصُنْع قومٍ ... أمَاتُوهُ، فَما
هذَا الإِلهُ؟
وَهَلْ أرْضاه ما نَالُوهُ مِنْهُ؟ ... فبُشْرَاهمْ
إذا نالُوا رِضَاهُ !!
وَإِنْ سَخِطَ الّذِى فَعَلُوهُ فيه ... فَقُوَّتُهُمْ
إِذنْ أوْهَتْ قُوَاهُ
وَهَلْ بَقِى الوُجُودُ بِلاَ إِلهٍ ... سَمِيعٍ
يَسْتَجِيبُ لَمِنْ دَعَاهُ؟!
وَهَلْ خَلَتِ الطِّبَاقُ السَّبْعُ لَمّا ... ثَوَى
تَحتَ التُّرَابِ، وَقَدْ عَلاهُ
وَهَلْ خَلَتِ الْعَوَالُمِ مِن إِلهٍ ... يُدَبِّرهَا،
وَقَدْ سُمِرَتْ يَدَاهُ؟
وَكَيْفَ تَخَلْتِ الأَمْلاَكُ عَنْهُ ... بِنَصْرِهِمُ،
وَقَدْ سَمِعُوا بُكاهُ؟
وكيف أطاقَت الخشباتُ حَمْلاً ... إلَهَ الحَقّ مَشدوداً
قَفاه؟
وَكيْفَ دَنَا الحَدِيدُ إِلَيْهِ حَتَّى ... يُخَالِطَهُ،
وَيَلْحَقَهُ أذَاهُ؟
وَكيْفَ تَمكْنَتْ أَيْدِي عِداهُ ... وَطَالتْ،
حَيْثُ قَدْ صَفَعُوا قَفَاهُ؟
وَهَلْ عَادَ المَسِيحُ إِلَى حَيَاةٍ ... أَمَ المُحْيي
لَهُ رَبٌّ سِواهُ؟
وَيَا عَجَباً لِقَبْرٍ ضَمَّ رَبا ... وَأَعْجَبُ
مِنْهُ بَطْنٌ قَدْ حَواهُ
أَقَامَ هُنَاكَ تِسْعاً مِنْ شُهُورٍ ... لَدَى
الظُّلُمَاتِ، مِنْ حَيْضٍ غِذاهُ
وَشَقَّ الْفَرْجَ مَوْلُوداً صَغِيراً ... ضَعِيفاً،
فَاتِحاً لِلثَّدْيِ فاهُ
وَيَأْكُلُ، ثمَّ يَشْرَبُ، ثمَّ يَأْتِى ... بِلاَزِمِ
ذَاكَ، هَلْ هذَا إِلَهُ؟
تَعَالَى اللهُ عَنْ إِفْكِ النَّصَا... رَى ... سَيُسأَلُ
كُلَّهُمْ عَمَّا افْترَاهُ
أَعُبَّادَ الصَّلِيبِ، لأَى مَعْنِّى ... يُعَظَّمُ
أوْ يُقَبَّحُ مَنْ رَمَاهُ؟
وَهَلْ تَقْضِي العُقولُ بِغَيْرِ كَسْرٍ ... وَإحْرَاقٍ
لَهُ، وَلَمِنْ بَغَاهُ؟
إِذَا رَكِبَ الإِلهُ عَلَيْهِ كُرْهاً ... وَقَدْ
شُدَّتْ بِتَسْمِيرٍ يَدَاهُ
فَذَاكَ المَرْكَبُ المَلْعُونُ حَقّاً ... فَدُسْهُ،
لا تَبُسْهُ إِذا تَراهُ
يُهَانُ عَلَيْهِ رَبُّ الْخَلقِ طُرّاً ... وتَعْبُدُهُ؟
فَإِنّكَ مِنْ عِدَاهُ
فإِنْ عَظِّمْتَهُ مِنْ أَجْلِ أَنْ قَدْ ... حَوَى
رَبَّ العِبَادِ، وَقَدْ عَلاَهُ
وَقَدْ فُقِدَ الصَّلِيبُ، فإِنْ رَأَيْنَا ... لَهُ
شَكْلاً؛ تَذَكَّرْنَا سَنَاهُ
فَهَلاّ
للقبورِ سَجَدْتَ طُرّاً ... لَضِّمِ القَبرِ رَبّكَ في حَشاهُ؟
فَيَا عَبْدَ المِسيحِ أَفِقْ، فَهَذَا ...
بِدَايَتُهُ، وَهذَا مُنْتَهاهُ !!
والحمد لله على كلّ حال.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق