التَصَوُّفُ العَليمُ (24):
أَكْثروا مِنْ ذِكْرِ المَوْتِ!؟
بِسْمِ اللهِ الرَحْمَنِ الرَحيمِ
(رَبَّنا: عَلَيْكَ تَوَكَّلْنا، وَإِلَيْكَ
أَنَبْنا، وَإِلَيْكَ الْمَصيرُ.
رَبَّنا: لَا تَجْعَلْنا فِتْنَةً لِلَّذِينَ
كَفَرُوا، وَاغْفِرْ لَنَا.
رَبَّنَا: إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ).
(رَبَّنَا: افْتَحْ بَيْنَنَا وَبَيْنَ قَوْمِنَا
بِالْحَقِّ، وَأَنْتَ خَيْرُ الْفَاتِحِين).
كتب إليّ عددٌ من الإخوةِ، يسألون عن سبب انقطاعي
عن الإنترنيت؟
أقول وبالله التوفيق:
كان جدّي السيّد إبراهيم الحمش رحمه الله تعالى
يقول: متى رأيتَ الرجلَ يتحدّث عن الموت كثيراً؛ فاعلم أنّ أجله قد اقترب!
قلت له: ما دام مَوعد الموتِ مُغيّباً عنّا، فما
الذي يجعله يفكّر بالموت كثيراً؟
قال: لا أدري، ربما رحمة من الله تعالى؛ ليتوب عمّا
اقترفه من ذنوب!
بإسنادي إلى الإمام أحمد ابن حنبلٍ في مسنده (7584)
قال رحمه الله تعالى: حَدَّثَنَا يَزِيدُ «بن هارون السلميُّ» عَنْ
مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ «العبسيّ» عَنْ
مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرٍو «بنِ علقمةَ الليثيّ» عَنْ أَبِي
سَلَمَةَ «بن عبدالرحمن بن عوف» عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ
قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (أَكْثِرُوا ذِكْرَ
هَاذِمِ اللَذّاتِ) هاذم: هادم.
وأخرجه ابن ماجه (4258) والنسائيّ في المجتبى
(1824) والترمذيّ في كتاب الزهد من الجامع (2307) وقال: حديثٌ حسنٌ صحيح غريب، وفي
الباب عن أبي سعيدٍ الخدريّ!
وأخرج الترمذيُّ حديثَ أبي سعيدٍ الخدريّ في كتاب
صفة القيامة (2460) قال:
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ
مَدُّوَيْهِ: حَدَّثَنَا الْقَاسِمُ بْنُ الْحَكَمِ الْعُرَنِيُّ: حَدَّثَنَا
عُبَيْدُاللهِ بْنُ الْوَلِيدِ الْوَصَّافِيُّ عَنْ عَطِيَّةَ «بن سعدٍ
العوفيّ» عَنْ أَبِي سَعِيدٍ قَالَ: دَخَلَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ مُصَلَّاهُ، فَرَأَى نَاساً كَأَنَّهُمْ يَكْتَشِرُونَ [يضحكون]!
قَالَ: (أَمَا إِنَّكُمْ لَوْ أَكْثَرْتُمْ ذِكْرَ
هَاذِمِ اللَّذَّاتِ؛ لَشَغَلَكُمْ عَمَّا أَرَى، فَأَكْثِرُوا مِنْ ذِكْرِ
هَاذِمِ اللَّذَّاتِ الْمَوْتِ، فَإِنَّهُ لَمْ يَأْتِ عَلَى الْقَبْرِ يَوْمٌ،
إِلَّا تَكَلَّمَ فِيهِ، فَيَقُولُ: أَنَا بَيْتُ الْغُرْبَةِ وَأَنَا بَيْتُ
الْوَحْدَةِ وَأَنَا بَيْتُ التُّرَابِ وَأَنَا بَيْتُ الدُّودِ!
فَإِذَا دُفِنَ الْعَبْدُ الْمُؤْمِنُ؛ قَالَ لَهُ
الْقَبْرُ: مَرْحَباً وَأَهْلاً، أَمَا إِنْ كُنْتَ لَأَحَبَّ مَنْ يَمْشِي عَلَى
ظَهْرِي إِلَيَّ، فَإِذْ وُلِّيتُكَ الْيَوْمَ، وَصِرْتَ إِلَيَّ؛ فَسَتَرَى
صَنِيعِيَ بِكَ!
قَالَ: فَيَتَّسِعُ لَهُ مَدَّ بَصَرِهِ،
وَيُفْتَحُ لَهُ بَابٌ إِلَى الْجَنَّةِ!
وَإِذَا دُفِنَ الْعَبْدُ الْفَاجِرُ، أَوْ «قال»: الْكَافِرُ؛
قَالَ لَهُ الْقَبْرُ: لَا مَرْحَباً وَلَا أَهْلاً، أَمَا إِنْ كُنْتَ لَأَبْغَضَ
مَنْ يَمْشِي عَلَى ظَهْرِي إِلَيَّ، فَإِذْ وُلِّيتُكَ الْيَوْمَ، وَصِرْتَ
إِلَيَّ؛ فَسَتَرَى صَنِيعِيَ بِكَ!
قَالَ: فَيَلْتَئِمُ عَلَيْهِ، حَتَّى يَلْتَقِيَ
عَلَيْهِ، وَتَخْتَلِفَ أَضْلَاعُهُ!
قَالَ «أبو سعيدٍ» قَالَ «أشارَ» رَسُولُ اللهِ
صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِأَصَابِعِهِ، فَأَدْخَلَ بَعْضَهَا فِي جَوْفِ
بَعْضٍ!
قَالَ: وَيُقَيِّضُ اللهُ لَهُ سَبْعِينَ تِنِّيناً،
لَوْ أَنْ وَاحِداً مِنْهَا نَفَخَ فِي الْأَرْضِ مَا أَنْبَتَتْ شَيْئاً مَا
بَقِيَتْ الدُّنْيا، فَيَنْهَشْنَهُ وَيَخْدِشْنَهُ، حَتَّى يُفْضَى بِهِ إِلَى
الْحِسَابِ!
قَالَ
قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (إِنَّمَا الْقَبْرُ
رَوْضَةٌ مِنْ رِيَاضِ الْجَنَّةِ، أَوْ حُفْرَةٌ مِنْ حُفَرِ النَّارِ).
قَالَ أَبُو عِيسَى الترمذيُّ: «هَذَا حَدِيثٌ
غَرِيبٌ لَا نَعْرِفُهُ إِلَّا مِنْ هَذَا الْوَجْهِ».
أقول: ليس المقامُ مقامَ تخريجٍ لحديثِ أبي سعيدٍ
الخدريّ، وحكم عليه بالضعفِ، إنما المقام مقام تذكير وموعظة، فاتّقوا الله ما
استطعتم، وإيّاكم والمناكفات!؟
أيها الإخوةُ الأحبابُ: قد جاوزتُ الخامسةَ
والسبعين من عمري، وقد قدّمت إليكم وإلى الأمّة ما أقدرني الله تعالى عليه!
فإن كان ما قدّمته إليكم خيراً؛ فما سوى الخير
أردتُ!
وإن كان ما قدّمته إليكم شرّاً؛ فذلك مبلغ علمي،
وأستغفر الله تعالى، وأتوب إليه مما علمتُ ومما لم أعلم ولا أعلم!
وأسألكم المسامحةَ عمّا يمكن أن أكونَ أسأتُ به؛
فما أنا بكاملٍ ولا معصوم!
والله المستعان وعليه التُكلان، ولا حول ولا قوة
إلّا بالله العليّ العظيم.
(رَبَّنا: ظَلَمْنَا
أَنْفُسَنا، وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنا؛ لَنَكُونَنَّ مِنَ
الْخَاسِرِينَ).
هذا.. وصلّى الله على
سيّدنا محمّد بن عبدالله، وعلى آله وصحبه وسلّم تسليماً
والحَمْدُ للهِ على كلِّ حالٍ.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق