قَريباً مِن السِياسَةِ (9):
الجِنسيّةُ السوريّةُ وغَيرُها !؟
بسم الله الرحمن الرحيم
(رَبَّنا: عَلَيْكَ
تَوَكَّلْنا، وَإِلَيْكَ أَنَبْنا، وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ.
رَبَّنَا: لَا تَجْعَلْنَا فِتْنَةً لِلَّذِينَ كَفَرُوا،
وَاغْفِرْ لَنَا.
رَبَّنَا: إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ).
(رَبَّنَا افْتَحْ بَيْنَنَا وَبَيْنَ قَوْمِنَا بِالْحَقِّ،
وَأَنْتَ خَيْرُ الْفَاتِحِينَ).
سألني أحد الإخوة الأكارمِ، عن سبب عدمِ حصولي على الجنسيّة
العراقيّة، مع أنّ حصولها لم يكن يكلّفني أكثر من مهاتفةِ الرئيس صدام حسين، رحمه الله تعالى، أو
كتابة سطرٍ إليه؟
أقول وبالله التوفيق:
الإجابةُ على هذا السؤال؛ ستكون في نقاط:
أوّلاً: حصول الإنسان المسلم على جنسيّة أيّ بلد مسلم؛ هو الأمر
الطبعيّ، الذي ينبغي أن لا يكون ثمّة خلاف فيه!
وكلّ حاكم أو سلطةٍ أو نظامٍ يمنع المسلم من الحصول على أيّ
جنسية إسلامية يرغب بها؛ هو ظلمٌ من الحاكم أو السلطة أو النظام!
ونظام الجنسيّات هذا؛ نظام غربيّ ممزّقٌ مفرّقٌ، ليس منبثقاً من
ثقافة المجتمع المسلم، ولا هو من ضرورات اهتماماته.
ثانياً: أنا الفقير مذ كنت شاباً أعتقد أنني أولى بجنسية كلّ
دولة مسلمةٍ من حاكمها نفسه!
فأنا رجل هاشميّ حسينيّ، ولولا الإسلامُ الذي أنقذْنا به الكون
من الظلمات إلى النور؛ لم تكن هناك دولٌ تجهر بتوحيد الله تعالى، وتنتمي إلى أمة
الإسلام!
والله تعالى يقول: (اللَّهُ
أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسَالَتَهُ)
وقد جعلها فينا آل البيت!
وقال جلّ وعلا: (وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ
الْأَقْرَبِينَ) ونحن أبناؤه، فهل ثمّة من هو أقرب منّا إليه
عصبةً ورحِماً؟
ويقول تبارك اسمه: (وَإِنَّهُ
لَذِكْرٌ لَكَ وَلِقَوْمِكَ
وَسَوْفَ تُسْأَلُونَ (44) ونحن قومه الأدنون!
ولا ريب لدى أيّ مسلمٍ عارف بمبادئ الإسلام أنّ مشروعية أيّ
حكام، إنما تُستمدّ من متابعته للرسول صلّى الله عليه وآله وسلّم، وهو ملزم
بالوُصاة بنا، وأداء حقوقنا!
ثالثاً: أنا الفقير أعدّ البلدَ المسلمَ الذي أقيم فيه؛ هو
وطني، وجنسيته جنسية لي تلقائيّاً رضي سكانه أم لم يرضوا، ورضي حكامه أم لم يرضوا،
فلا شأنَ لي بذلك!
فأنا اليوم في تركيا؛ فأنا تركي!
وكنتُ قبل سنواتٍ في الأردنّ؛ فأنا هاشميٌّ أردنيّ، حتى لو لم
يرض بذلك الملك عبدالله ذاته، وقبلَ ذلك كنت في العراق!
عندنا كنت في العراق؛ أحببت أن أؤكّد على هذه المسألة!
ففي أوّل مؤتمر شعبيّ بعد سكنايَ العراق، انعقد في يناير 1993م؛
أدرجوا اسمي ضمن الوفد السوريّ إلى المؤتمر، فرفضتُ، وقلت لهم: أنا عراقيّ، فإن
رغبتم بحضوري المؤتمر؛ فاجعلوني ضمن الوفد العراقيّ، أو أعتذر.
ثم في جميع الأمور الرسمية، كنت أعامل على أنني عراقيّ!
أمّا عدم حصولي على الجنسيّة العراقيّة؛ فلأنّني لم أجد لذلك حاجةً،
فضلاً عن ضرورة، ولأنّ الرئيس صدّام حسين من ذاته؛ لم يمنحني الجنسيّة العراقيّة،
مع أنني في الحقيقةِ عراقيّ موصليّ، ولو كان يرى حاجةً إلى ذلك؛ ما قصّر أبداً !
رابعاً: جدّي كنعان آغا بن الحاج محمد الأمين الموصليّ؛ قدم من
الموصل إلى حماة مهاجراً، بعمل رسميّ في غالب الظنّ، في بدايات القرن الحادي عشر
الهجري (1000 – 1014 هـ) وتوفي في حماةَ عام (1052 هـ).
وهذا يعني أنّني حمويّ إلى الجدّ الثاني عشر، فهل أتخلى عن
حمويّتي لأيّ سبب مُغرٍ كان؟
وفي عشيرتنا، لا نفرّق نحن بين عراقيّ وسوريّ، فالقبائل هي
القبائل، والمكارم هي المكارم، والصفات هي الصفات، ونحن نعدّ سوريّا والعراق شيئاً
واحداً، وحالةً واحدة!
فأنا سوريٌّ حقيقةً، وعراقيٌّ حقيقةً، وقد خبرت الشعب السوريّ
جيّداً، وخبرت الشعبَ العراقيّ جيّداً،
ولا أجد أدنى فارقٍ بين الحمويين والعراقيين على وجه الخصوص!
حتى إنّ أكراد حماةَ؛ هم أكراد العراق، ولا فرق أبداً في شيء!
أنا اليوم في تركيّا، إذا منحني الأتراك الجنسيّة التركية؛
أقبلها لأنها حقّي قبلهم أنفسهم، لكنني لا أطلبها أبداً!
وإذا منحوني هم أو غيرهم جنسيتهم، واشترطوا عليّ إسقاطَ جنسيتي
السورية؛ فأرفض رفضاً قاطعاً، لأنّ جنسيتي السورية؛ وجنسيتي العراقية؛ هي الأعلى
في هذا الوجود كلّه، ولا تقاس أيّ جنسية في العالم بهذه الجنسية السامية الأرقى!
فامتداد جدودي في هذين البلدين المباركين يزيد على ثمانية
قرون!َ
أفأختار لنفسي جنسيةً عمرها خمسين أو مائة، أو مائتي سنة؟
إذا قلت: أنا سوريّ؛ فأنا وجه هذا الوجود الجميل!
وإذا قلت: أنا عراقيّ؛ فأنا هام هذا الوجود العظيم!
وما سوى ذلك؛ فهو حبيب إلى أهله، بارك الله تعالى بهم، ولهم به!
والله تعالى أعلم.
(رَبَّنا: ظَلَمْنَا
أَنْفُسَنا، وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنا؛ لَنَكُونَنَّ مِنَ
الْخَاسِرِينَ).
هذا.. وصلّى الله على
سيّدنا محمّد بن عبدالله، وعلى آله وصحبه وسلّم تسليماً
والحمد لله على كلّ حال.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق