قَريباً مِن السِياسَةِ (9):
التعامُل مع الحكّام الظالمين، كيف يكون!؟
بسم الله الرحمن الرحيم
(رَبَّنا: عَلَيْكَ
تَوَكَّلْنا، وَإِلَيْكَ أَنَبْنا، وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ.
رَبَّنَا: لَا تَجْعَلْنَا فِتْنَةً لِلَّذِينَ كَفَرُوا،
وَاغْفِرْ لَنَا.
رَبَّنَا: إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ).
(رَبَّنَا افْتَحْ بَيْنَنَا وَبَيْنَ قَوْمِنَا بِالْحَقِّ،
وَأَنْتَ خَيْرُ الْفَاتِحِينَ).
منذ يومين أرسل إليَّ أحد الإخوة الأكارم مقطعاً يشير إلى
اجتماع العلماء من شتى الأقطار ليستنكروا ما يقوم به بعضُ الظالمين من الحكام، من
قتلٍ لخيرة شباب البلاد العربية، تحت مسمّى الإرهاب، ثم قال: ما تقولون أنتم في
كيفيّة التعامل مع الحاكم القاتل ظلماً؟
أقول وبالله التوفيق:
(1) ابتداءً يجب أن نوقنَ يقيناً بأنْ ليس في حكام العرب حاكم
شرعيّ واحدٌ «تجب
طاعتُه ويحرم الخروج عليه» لا من جهة استحقاقه المنصب، ولا من جهة مشروعية وصوله
إليه.
(2) نحن لا نعترف أبداً بالشرعيّة الدوليّة، ولا نعترف أبداً
بمن تعترف به الولايات المتحدة الأمريكية ودولةُ إسرائيل!
فمتى وجدتَ حاكماً ترضى عنه إسرائيلُ وأمريكا والغرب؛ فاعلم أنه
واحدٌ من كلابهم، وتستنتج مباشرةً أنه ليس بشرعيّ، وما يصدر عنه من أوامر
وتعليمات؛ ليست موجهةً إلينا نحن المسلمين!
(3) نحن لا نعترف بالدولة المدنيّة العلمانية، ولا نعترف
للعلمانيين بأيّ حقٍّ في إدارة أصغر مِرفقٍ من مرافق البلاد، فضلاً عن مؤسسات
الدولة، التي يرتبط بها مصير كلِّ بلد!
(4) نحن المسلمين لا نعترف بالأمر الواقع، فالحاكم الذي وظفه
الغرب، والحاكم الذي جاء بانقلاب، والحاكم الذي جاء بانتخاب الشعب الجاهل، أو
الملحد، أو المتفلّت من دينه، جميع هؤلاء غير شرعيين أيضاً.
(5) يقول الإمام ابن حزم في المحلّى ما معناه: متى ارتكب الحاكم
الشرعيُّ ظلماً بأنْ ضربَ مسلماً سوطاً ظلماً؛ فيجب عليه أن يُقيدَ من نفسه، فإن
لم يفعلُ؛ وجب عزلُه والخروجُ عليه، متى كان المسلمون قادرين على ذلك!
(6) يقول الإمام الجوينيُّ في كتابه السياسيّ الممتاز ما معناه:
إذا خلت البلادُ عن الحاكم الشرعيّ، وقام أحدُ أولئك الظلمةِ
بقتلِ أحد المسلمين ظلماً؛ فإنّ لأولياء الدم الحقّ في استيفاءِ القصاص بأنفسهم،
ما لم تترتّب على ذلك مفسدةٌ أكبر!
(7) في أواخر أيام الشيخ السباعيّ رحمه الله تعالى، وتحديداً في
أوّل تشرين الأوّل، من عام (1964م) قال للشهيد مروان حديد رضي الله عنه؛ فيما
حدّثني الشهيد مروان مرّات، قال السباعي: «يا شيخ مروان لا بدّ
من طليعةٍ مؤمنة قويّة مقاتلة، تحمي مكتسبات الدعوة، وتدافع عن أفرادها، ضدّ ظلم
الظالمين، وكيد المتآمرين».
وكان شيخنا الشهيد مروان يقول لنا:
«ظالم قتل أبي أو أخي، أو ابن عمي، أو أخي في الله تعالى – ابن الدعوة – أنتظر المحاكم
العلمانية الظالمة؛ لتحكم بسجن القاتل المجرم سنةً أو سنواتٍ، ثم يخرجُ يتمشّى
أمامي؟
لا والله لن أتركه يمشي على الأرض ساعةً واحدةً من ليلٍ أو
نهارٍ، متى تمكّنت منه»!
أخيراً: إذا ثبت ثبوتاً شرعيّاً أنّ أيّ رجلٍ على وجه الأرض،
قتلَ مسلماً ملتزماً بدينه ظلماً، من دون أن يرتكب المقتول جرماً يوجب الشرع قتلَه
به؛ فلعاقلةِ المقتول أن يقيموا حدّ القصاص على القاتل الظالم، سواءٌ كان حاكماً،
أم قائداً، أو زعيمَ عشيرة، أم أيّاً كانت صفتُه!
والعاقلة: قرابةُ الرجل الذين يلزمون بعَقلِ الدم، وهو
القرابةُ إلى الجدّ السابع!
ونحن نعلم أنّ القوانين يفصّلها السفلةُ من الحقوقيين على
مقاس الحاكم الظالم المجرم !؟
أمّا عن رأيي بهذا المؤتمر؛ فأكثرُ علماءِ الأمة، قديماً
وحديثاً؛ جبناءُ رعاديدُ، أقصى ما يصدر عنهم في وجهِ الظالمينَ؛ الكلامُ المُبطّن.
ما أكثر العمائم وحملة الشهادات الشرعية العليا، ولا يحسن أكثرهم
أن يضرب بعودِ خَيزيرانَ، أو أن يدفع عن نفسه أذى سفيه أو فاجر!
هؤلاء العلماء؛ يجب أن يؤهّلوا أنفسهم بدوراتٍ تدريبيّة في
قتال الشوارع، وفنون الدفاع عن النفس، ثمّ عليهم أن يتعلّموا قيادةَ الدرّاجة
الهوائيّة، والدراجة الناريّة، والسيارة، والمصفّحة، والدبابة، والطائرةِ، متى تمكّن
الواحد منهم.
وأنا الفقير أحسن جميع ما تقدّم، سوى الدبّابة والطائرة،
ولو وجدت الآن فرصة لتعلّم قيادة الطائرةِ الحربيّة؛ فلن أتردّد أبداً!
وعليه أن يتقنَ استعمالَ السلاحِ، كلَّ السلاح، الفرديّ
والجماعيّ، على قدر استطاعته القصوى بَدْءاً بالمسدّس والرشاش، مروراً بالقنبلة
الدفاعيّة والهجومية، وانتهاء بالدوشكا والرشاش الأمريكيّ (500 مم)!
على العالم المتصدّر أنْ يتأهّل بذلك كلّه، قبل أن يتصدّر
للدعوة والفتيا، وإلّا فليلزم حدوده، وليبقَ في زريبتِه، ليقال لمثله: «اربعْ على
ظَلعِك، فلست هنالك»!
ثمّ عليهم أن يخصّصوا في كلّ بلدٍ من بلدان العرب المسلمين
مجموعاتٍ دفاعيّة متفرّغةٍ، ليس لها عملٌ سوى الدفاع عن الدين والعلماء والدعاة،
في وجه أيّ مستبدٍ ظالمٍ، حاكماً كان أم محكوماً.
والله تعالى أعلم.
(رَبَّنا: ظَلَمْنَا
أَنْفُسَنا، وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنا؛ لَنَكُونَنَّ مِنَ
الْخَاسِرِينَ).
هذا.. وصلّى الله على
سيّدنا محمّد بن عبدالله، وعلى آله وصحبه وسلّم تسليماً
والحمد لله على كلّ حال.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق