الاثنين، 29 ديسمبر 2025

 مَسائِلُ مِن الفِقْهِ والأُصولِ:

صلاةُ الاستسقاءِ ؟!

بِسمِ اللهِ الرَحمنِ الرَحيمِ

(الحمدُ للهِ، وسَلامٌ على عبادِه الذين اصْطَفى).

أمّا بعد: الأصلُ في الاستسقاءِ قول اللِه تبارك وتعالى، حكايةً عن دعاء نوحٍ عليه السلام:

(ثُمَّ إِنِّي أَعْلَنْتُ لَهُمْ وَأَسْرَرْتُ لَهُمْ إِسْرَارًا (9) فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا (10) يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا (11) وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَلْ لَكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَلْ لَكُمْ أَنْهَارًا (12) [سورة نوح].

(وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُوا وَاتَّقَوْا؛ لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ (96) [الأعراف].

ومن الحديث الشريفِ؛ ما أخرجه البخاريّ في كتاب الجمعة، باب الاستسقاء في خطبة الجمعة (932) من حديث ثابتٍ البُنانيِّ عن أنسِ بن مالك قال: (بَيْنَمَا النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَخْطُبُ يَوْمَ الجُمُعَةِ، إِذْ قَامَ رَجُلٌ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ: هَلَكَ الكُرَاعُ، وَهَلَكَ الشَّاءُ، فَادْعُ اللَّهَ أَنْ يَسْقِيَنَا، فَمَدَّ يَدَيْهِ وَدَعا).

وقد جاء هذا الحديثُ عن أنسٍ، بصيغٍ متعدّدة (933، 1013، 1014، 1015، 1016، 6342).

وقد أخرج البخاريّ في كتاب الجمعة، باب تحويل الرداء في الاستسقاء (1011، 1012) من حديث عبدالله بن زيدٍ المازنيّ؛ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (خَرَجَ إِلَى المُصَلَّى، فَاسْتَسْقَى فَاسْتَقْبَلَ القِبْلَةَ، وَقَلَبَ رِدَاءَهُ، وَصَلَّى رَكْعَتَيْنِ) وأخرجه مسلم في صلاة الاستسقاء (894).

ويقرأُ في الركعتين ما تيسّر، ولو قرأ سورة «الأعلى» في الأولى، وسورة «الغاشية» في الثانية؛ فقد أحسن.

وتحويل الرداءِ، إنما يكون إذا خرج الإمامُ أو وكيله إلى مصلّى العيد.

أمّا إذا صلّى صلاة الاستسقاء في المسجد، أو منزله؛ فلا يُحوّل رداءه، إذ ورد أنّ الرسول صلّى الله عليه وآله وسلّم على المنبر، ولم يحوّل رداءَه.

وأندبُ إخواني المسلمين؛ أنْ يستسقي كلّ واحدٍ منهم في بيته قَدْرَ نشاطِه، ولو دعا كلَّ يوم ثمّ صلّى ركعتين؛ فهو خير، ولو اقتصر على الدعاء فحسب؛ فهو حسن، إنْ شاءَ الله تعالى، وأنا أفعلُ ذلك!

والذي ترجّح لديّ أنّ خُطبةَ الاستسقاء والدعاء؛ يكونان قبل صلاة ركعتين، مثلَ صلاةِ العيد.

وإنّ مما يُحزنُ أنّ رواةَ الحديثِ من الصحابةِ فمن دونهم؛ يقولون: «استسقى، دعا» وقلّما يذكرون ماذا قال في دعائه!

وقد جمعتُ ما وجدتُه في الصحيحين وغيرهما من كتب الحديثِ عن الرسولِ صلّى الله عليه وآله وسلّم، أو عن بعضِ الصحابةِ والتابعين، ورتّبته على النحو الآتي.

وأُحبّ أن يكرّر الداعي الجملةَ من الدعاء ثلاثاً، كما هو ظاهر في الدعاء الأوّل:

(اللهُمَّ أَغِثْنَا، اللهُمَّ أَغِثْنَا، اللهُمَّ أَغِثْنَا.

يا غياث المستغيثين أغثنا

(اللَّهُمَّ اسْقِنَا، اللَّهُمَّ اسْقِنَا، اللَّهُمَّ اسْقِنَا)

(اللَّهُمَّ اسْقِنَا الْغَيْثَ، وَلَا تَجْعَلْنَا مِنَ الْقَانِطِينَ.

(اللَّهُمَّ اسْقِنَا غَيْثًا هَنِيئًا مَرِيئًا مَرِيعًا غَدَقًا مُجَلِّلًا عَامًّا طَبَقًا سَحًّا دَائِمًا، صَيِّبًا نَافِعًا)

(اللَّهُمَّ سُقْيَا رَحْمَةٍ، لَا سُقْيَا عَذَابٍ، وَلَا هَدْمٍ، وَلَا غَرَقٍ)

اللَّهُمَّ إِنَّ بِالْعِبَادِ وَالْبِلَادِ وَالْبَهَائِمِ وَالْخَلْقِ مِنَ اللَّأْوَاءِ وَالْجَهْدِ وَالْفَتْكِ؛ مَا لَا يُشْكَى إِلَّا إِلَيْكَ.

اللَّهُمَّ أَنَبِتْ لَنَا الزَّرْعَ، وَأَدِرَّ لَنَا الضَّرْعَ، وَاسْقِنَا مِنْ بَرَكَاتِ السَّمَاءِ، وَأَنْبِتْ لَنَا مِنْ بَرَكَاتِ الْأَرْضِ.

اللَّهُمَّ ارْفَعْ عَنَّا الْجَهْدَ وَالْجُوعَ وَالْعُرْيَ، واكْشِفْ عَنَّا مِنَ الْبَلَاءِ مَا لَا يَكْشِفْهُ غَيْرُكَ.

اللهُم ضَاحَتْ بِلَادُنَا، وَاغْبَرَّت أرْضنَا، وَهَامَتْ دوَابُّنَا.

اللهم ارْحَمْ بَهَائِمَنَا الحَائِمَةَ، وَالأنْعَامَ السَّائِمَةَ، وَالأطْفَالَ الرضيعة.

اللَّهُمَّ إِنَّا نَسْتَغْفِرُكَ، إِنَّكَ كُنْتَ غَفَّارًا فَأَرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْنَا مِدْرَارًا.

نستغفر الله ونتوب إليه.

نستغفر الله العظيم ونتوب إليه.

نستغفر الله العظيم الذي لا إله إلّا هو، الحيَّ القيومَ، ونتوب إليه.

اللهُمَّ حَوْلَنَا وَلَا عَلَيْنَا، اللهُمَّ عَلَى الْآكَامِ، وَالظِّرَابِ، وَبُطُونِ الْأَوْدِيَةِ، وَمَنَابِتِ الشَّجَرِ.

اللهم آمين آمين.

وصلّى الله على نبيّنا ورسولنا وحبيبنا محمّدٍ رسولِ ربّ العالمين.

ثمّ يقومُ فيصلّي ركعتين، وهو الأفضل والأكمل.

والله تعالى أعلم.

والحمد للهِ الذي بنعمته تتمّ الصالحات.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق