بعيداً عن السياسةِ اللعينةِ:
أهل الشامِ قتلوا الحسين!؟
بسم الله الرحمن الرحيم
في كتابِ اللهِ تعالى آيتان، تُرعبان من كان في
قلبه مثقالَ حبّةِ خردلٍ من إيمان، وكان في رأسِه مثقال ذرّةٍ من عَقلٍ!
إحدى هاتين الآيتين الكريمتين موجّهةٌ إلى
العلماءِ، والآية الأخرى موجّهةٌ إلى الجُهلاءِ!
قال الله تبارك وتعالى:
(أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ
وَأَضَلَّهُ اللَّهُ عَلَى عِلْمٍ وَخَتَمَ عَلَى سَمْعِهِ وَقَلْبِهِ وَجَعَلَ
عَلَى بَصَرِهِ غِشَاوَةً فَمَنْ يَهْدِيهِ مِنْ بَعْدِ اللَّهِ أَفَلَا
تَذَكَّرُونَ (23) [سورة الجاثية] وهي موجّهة إلى أهلِ العلمِ.
(أَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ
أَفَأَنْتَ تَكُونُ عَلَيْهِ وَكِيلًا (43) أَمْ تَحْسَبُ أَنَّ أَكْثَرَهُمْ
يَسْمَعُونَ أَوْ يَعْقِلُونَ إِنْ هُمْ إِلَّا كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ
سَبِيلًا (44) [سورةُ الفرقان] وهذه موجهةٌ إلى الجهلاء!
وإنّ من المقرّر شرعاً، لدى جميع المسلمين؛ أنْ لا
يجوزُ قتلُ غيرِ القاتلِ انفراداً وجمعاً!
(1) عندما طَعَنَ ابنُ ملجم - لعنه الله تعالى -
الإمامَ عليّاً عليه السلام؛ التفّ حولَه أولادُه وبنو هاشمٍ، فأوصاهم عليّ أنْ أطعموا
قاتلي واسقوه، فإنْ أنا متُّ؛ فاقتلوه ولا تمثّلوا به، وإنْ أنا عِشتُ؛ أرى رأيي
فيه!
استشهِدَ الإمامُ عليٌّ عليه السلام - وهو أفضلُ من
الحسن والحسينِ وسائرِ بني هاشمٍ عليهم السلام - فلم يَقتُلْ الحسنُ والحسينُ وبنو
عليٍّ سوى القاتلِ المجرمِ ابن ملجم!
لم يقتلوا زوجتَه التي كانت قريبةً منه في الكوفة،
ولم يقتلوا أحداً من قبيلةِ «مراد».
لأنّ الإسلام لا يفرّق في الدماءِ بين شريف ووضيع،
ولا بين أميرٍ ومأمور، إنّما قضى (أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ، وَالْعَيْنَ
بِالْعَيْنِ، وَالْأَنْفَ بِالْأَنْفِ، وَالْأُذُنَ بِالْأُذُنِ، وَالسِّنَّ
بِالسِّنِّ، وَالْجُرُوحَ قِصَاصٌ (45) [سورة المائدة].
فلو سلّمنا أن يزيد هو قتلَ الحسينَ، وأنّ أهل
الشامِ قتلوا أولاد بني هاشمٍ وأنصارهم!
أينُ هو يزيدُ حتى نقتصَّ منه، وأين هو جيش يزيد
الذي قتلَ أنصارَ الحسينِ، حتى نقيم عليهم حدودَ الله؟ أفلا تعقلون أيّها الناس؟
(2) عندما طَعَنَ عبدُ المغيرةِ بن شعبةَ أبو لؤلؤة
- لعنه الله تعالى - عمر بنَ الخطّاب، رضي الله عنه، جاءَ من أخبرَ ولدَه
عُبيدِالله بن عمر، وكان شابّاً قويّاً شديداً؛ أنّه شاهدَ الخنجر الذي قُتِل فيه
عمر بيد أبي لؤلؤةَ، وكان يتناجى مع الهرمزان - وهو فارسيّ أعلن إسلامه - وجفينةَ
النصرانيّ، فقتله، وكان لأبي لؤلؤة طفلة صغيرةٌ فقتلَها أيضاً!
ونقل ابن حجر في الإصابةِ (5: 43) بإسنادٍ صحيح عن
عكرمة مولى ابن عبّاس، وعن عمرو بن دينار، قالا: « كان رأيُ عليٍّ أنْ يَقتُل عُبيدَاللهِ
بنَ عُمَر بالهُرمزانِ لو قَدَرَ عليه» لأنّه كان مسلماً في ظاهرِ أمره.
فلمّا تولّى عليّ عليه السلامُ الخلافةَ؛ هَربَ
عبيدُالله إلى الشامِ، وقُتِل بصفّين في عسكر معاوية!
أبو لؤلؤة المجوسيّ، أو النصرانيّ؛ لا يوزَن بأمير
المؤمنين عمر، ولا بغيره من المسلمين.
لكنَ حكمَ الله تعالى؛ أنْ يُقتَلَ أبو لؤلؤةَ وحده
بالخليفة عمر.
فلمّا تجاوزَ ابنُ القتيلِ (عبيدُالله بن عمر) حدودَ
ما شرعَ الله تعالى، في فورةِ غضبِه؛ توعّده أميرُ المؤمنين عليٌّ بأن يقتلَه
بغيرِ قاتلِ أبيه!
أليس عليّ بن أبي طالبٍ إمامَكم؟ أليس هو أقضى قضاة
المسلمين؟
ثمّ إنّ المختارَ بنَ عبيدٍ الثقفيّ، تتبّع قتلةَ
الإمام الحسين - وهم ثلاثة - فقتلهم وأسرفَ في القتل، حتى قتلَ أكثرَ من ثلاثةِ
آلافِ رجل، وجميعهم من أهل الكوفةِ، ليس فيهم شاميٌّ واحد، كما أوضحت في المنشورِ
السابق!
أيها الإخوةُ الشيعةُ الأكارمُ:
أيها الرافضةُ الغلاة، علماء وعامّة: هل أنتم
تؤمنون بحكمِ الله تعالى الذي ذكرتُه آنفاً (الفنس بالنفس) أمْ لكم دينٌ آخر غيرُ
دين الإسلام؟
إنّ العالمَ الذي يحرّض شبابَ الرافضةِ؛ ليستبيحوا
دماءَ المسلمين من أهل الشامِ؛ هو ذلك الذي (اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ،
وَأَضَلَّهُ اللهُ عَلَى عِلْمٍ، وَخَتَمَ عَلَى سَمْعِهِ وَقَلْبِهِ، وَجَعَلَ
عَلَى بَصَرِهِ غِشَاوَةً)!؟
أمّا أنتم يا شبابَ الرافضةِ العاطفيّين المساكين:
إنْ أنتم استمعتم إلى أولئك العلماء الذين أضلّهم الله على علم، ورُحتم تقاتلون
أهل الشام، وغير أهل الشام، انتصاراً لإلَهِ (الهوى) الشيطاني؛ فهذا مثلكم (أَرَأَيْتَ
مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ؟ أَفَأَنْتَ تَكُونُ عَلَيْهِ وَكِيلًا؟
أَمْ
تَحْسَبُ أَنَّ أَكْثَرَهُمْ يَسْمَعُونَ، أَوْ يَعْقِلُونَ؟ إِنْ هُمْ إِلَّا
كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ سَبِيلًا).
هل يرضى مؤمن مسلم؛ أن يكون منهجُه وطريقُه أضلَّ
من منهج البهائم والدوابّ؟!
إنْ رضيتم أن تكونوا أضلَّ من الأنعام؛ فلستم
بمسلمين، إذ الأنعام كلها تعبد الله تعالى وتسبّحه وتلتزم بأحكامه، على قدر
تكليفها!
اتّقوا اللهَ تعالى يا علماءَ الرافضةِ!
اتقوا الله يا خطباءَ الرافضةِ!
اتّقوا الله يا شيوخ الرافضة!
اتّقوا اللهَ يا ساسةَ الرافضة!
فواللهِ ثمّ واللهِ ثمّ واللهِ، ما أنتم عليه من عقائدَ
سياسيّةٍ، انفردتم بها عن بقيّة المسلمين؛ تُغضبُ الله تعالى ورسولَه والإمامَ
عليّاً وآل البيت الكرام عليهم الصلاة والسلام.
وقد قلت لكم هذا الكلام سابقاً، ودعوتكم لتنتقلوا
إلى مذهب الزيديّة؛ فهو واللهِ ثمّ واللهِ ثمّ واللهِ، أهدى ممّا أنتم عليه سبيلاً،
بكثيرٍ وكثيرٍ وكثير!
والله تعالى أعلم.
والحمد لله على كلّ حال.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق