مَسائل من التفسير وعلوم القرآن:
ما معنى (وَيْكَأَنّ) ؟!
بسم الله الرحمن الرحيم
سألني أحدهم قال: ما معنى كلمة (وَيْكَأَنّ)
الواردة في سورة القصص؟!
أقول وبالله تعالى التوفيق:
لا يخفى على طلبةِ العلم أنّ الرسمَ القرآنيَّ هو فنّ
(الإملاءِ) الذي كان سائداً في الحجاز، عند نزول القرآن الكريم، وهو في بعض جوانبه
يختلف عن الرسمِ الإملائيّ المعاصر الذي تعلمناه.
ويحسن أن ننقلَ الآيةَ الكريمة كاملةً؛ ليتوضّح لنا
المعنى أكثر.
قال الله تبارك وتعالى في سورة القصص، الآية (82):
(وَأَصْبَحَ الَّذِينَ تَمَنَّوْا مَكَانَهُ بِالْأَمْسِ يَقُولُونَ: وَيْكَأَنَّ
اللَّهَ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَيَقْدِرُ.
لَوْلَا أَنْ مَنَّ اللَّهُ عَلَيْنَا؛ لَخَسَفَ
بِنَا، وَيْكَأَنَّهُ لَا يُفْلِحُ الْكَافِرُونَ).
الآيةُ واقعةٌ في سياقِ آياتٍ تتحدّث عن قارونَ
وكنوزه ونكرانِه فضل الله تعالى عليه، وفي السياقِ أنّ أهلَ الدنيا تمنَّوا أن
يكون لهم مثلَ ما لقارون من الكنوز والأموال.
فلما شاهدوا هلاكَه وهلاكَ كنوزه بالخسف؛ ندموا على
ما تمنَّوا وقالوا: «وَيْ كأَنّ اللهَ يبسطُ الرزق» الآية.
قال
في المفردات (ص: 888): «وَيْ» كلمةٌ تُذْكَرُ للتَّحَسُّر والتَّنَدُّم
والتَّعَجُّب، تقول: وَيْ لعَبدِاللهِ: أتعجّب منه.
قال
تعالى: (وَيْكَأَنَّ اللَّهَ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشاءُ، وَيْكَأَنَّهُ لا
يُفْلِحُ
أمّا
إعرابُ «وَيْ»: اسمُ فعلٍ مضارعٍ، بمعنى أتوجّعُ وأتعجّبُ.
«كأنَّ»:
حرفٌ مشبّه بالفعلِ، من أخواتِ «إنّ» الناصبة للاسم والرافعة للخبر.
«اللهَ»
اسمُ الجلالةِ: اسمُ كأنّ منصوب، وعلامةُ نصبه الفتحة الظاهرة على آخره.
وقد
اختلف أهلُ العربيّةِ في معنى «ك» «كأنّ» على أقوال عديدة:
-
فمنهم من قال: هي للتشبيه.
-
ومنهم من قال: هي للتقريب.
-
ومنهم من قال: هي مثل «لام» التعليل، وهي بمثابة «لأنّ».
-
ومنهم من قال: هي للشكّ والتخمينِ والظنّ.
و-
منهم من قال: أصل «وي = وَيْكَ» والكاف للخطاب، فيستقلّ حرف «أنّ» للتوكيد، فيصبح
التقدير «ويكَ.. إنّ الله يبسط الرزق»
قال الفقير عداب: مهما كان الأقربُ إلى الصوابِ في
تفسير «ك» «كأنّ» فالقرآن الكريم يحكي قولَ أناسٍ قالوها، ولم يكونوا قبلَ قولهم
إيّاها ممدوحين ولا مستقيمين!
والأقربُ أنّ «ك» كأنّ في هذا الموضع تفيد التعجّب،
فيكون المعنى: نعجبُ لحكمة الله تعالى في تفاوتِ الناس في الرزق، وعدم شكر المنعَم
عليهم للمنعِمِ، ونعجب لعدم صلاح الكافرين، الذي منع من فلاحهم.
والله تعالى أعلم.
والحمد لله على كلّ حال.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق