الاثنين، 15 يوليو 2024

 بعيداً عن السياسة اللعينة:

إلى رحابِ كربلاء!

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمدُ لله ربّ العالمين.. الرحمن الرحيم .. مالك يوم الدين.

وأفضل الصلاة وأتمّ التسليم على نبيّنا محمّدٍ رسول ربّ العالمين.

اللهم صلّ على محمّدٍ وآله وأزواجه وذريّته، وبارك وسلّم تسليماً كثيراً.

اللهم صلّ على سيّدنا محمد الوصفِ والوحيِ والرسالة والحكمة، وعلى آله وصحبه وسلّم تسليماً.

أمّا بعدُ: ليس تجديدُ الأحزانِ من شعائر الدينِ، وليس عقدُ مواسمَ للنواحِ والعويلِ من سنّةِ سيّد المرسلين، صلّى الله عليه وآله وسلّم.

ونحن إذ نحيي ذكرى كربلاءَ الفاجعةَ؛ لا نحثُّ أحبابَ الحسينِ على محادّةِ شعائرِ الله تعالى، ولا نهديهم إلى الندبِ والنواحِ والتطبير!

إنّما نحيي هذه الذكرى الحزينة؛ لنتعلّمَ منها أنّ الحقَّ يحتاجُ إلى قوّةٍ تحميه، وأنّ العدلَ لا يقيمه بين الناسِ الظالمونُ ولا الفجّارُ، ولا المنافقونَ!

قال الذهبيّ في ترجمة الطاغية يزيدَ بنِ مُعاوية من النبلاء (4: 35):

يَزيد بن معاوية بن أبي سفيان بن حرب الأمويّ، كان ناصبيّاً، فظّاً، غليظاً، جِلفاً، يَتناول المُسكرَ، ويَفعلُ المُنكرَ.

افتتح دولته بمقتل الشهيد الحسين، واختتمها بواقعة الحرة، فمقته الناس، ولم يُبارك في عُمره.

وقال الذهبيّ أيضاً: عن محمّدِ بنِ أحمدَ ابنِ مِسْمَعٍ قال: سَكرَ يزيدُ، فقام يَرقُص، فسقط على رأسه فانشقَّ، وبدا دماغُه.

قال عداب: نهنّئ أحباب هذا الطاغية،  بخليفتهم الشرعيّ الذي تجب طاعته، ويحرُم الخروج عليه، وقد أخطأ الحسين في خروجه على هذا الوغد السافل عندهم!

وقال الذهبيّ في ترجمة الحسين بن عليّ عليهما السلام، من النبلاء (2: 280):

الامامُ الشريف الكامل، سبط رسول الله صلى الله عليه وسلم، وريحانته من الدنيا، ومحبوبه، أبو عبدِالله الحسينُ بن أميرِ المؤمنينَ أبي الحسنِ عَليِّ بنِ أبي طالبٍ القُرشيُّ الهاشميّ.

قال الفقير عداب: لَنا هذا الإمامُ الشريف الكامل، وللنواصبِ ذلك الفظُّ الغليظُ، الجِلفُ، الناصبيُّ، الذي يَتناولُ المُسكرَ، ويَفعل المنكرَ، ومعه الدنيا كلّها (فإنها لا تعمى الأبصار، ولكن تعمى القلوب التي في الصدور).

إلى رحاب كربلاء.. رحابِ الفداء

يَمِّمْ رحالَك نحو الحقِّ مُقترِبا

تلْقَ الفداءَ بسوحِ الطاهرينَ إبَا

الحرُّ يأبى خضوعَ الصاغرينَ رضاً

ويَمتطي صهوةَ الأقدارِ مُحتسبا

إمّا حياةٌ بظلِّ الحقِّ يَصْحَبها

أو في الشهادةِ سوحُ المخْبتين ربى

يا أرضَ مكّةَ مِن قُدسِ المكان حَبا

فيك الهواشمُ أشبالاً، سمَوا رُتبا

فيكِ السيادةُ، دانُ العرب واصطلحوا

أنّ الهواشمَ منها في الذرى نَسبا

سادوا، فكانوا ليوثاً في الوغى رَهَباً

وفي السلام تراهُمْ - كلَّهم - نُجَبا

حتى اصطفى الله منهم، دون غيرهم

هادي الورى منقذاً، أحيا به العَربا

هذا الرسولُ الذي سوّى بِشرعَتِه

بين الظواهرِ والبَطحاءِ، فاصطحبَا

إنّ الظواهِرَ من «تَيمٍ» وإخوتِهم

بني عديّ غدَوا في دينِه أُدَبا

حتى إذا قامَت البطْحاءُ هادرةً

في وَجْه أحمدَ إكذاباً ومحتَرَبا

وأجمعوا أمرَهم في كيدِه زُمراً

أورى الهواشمُ في ساداتِهم حَطَبا

ما كانَ أردى عديٌّ فارساً أبداً

ولا بنو تيمَ صدّوا في الوغى وَشَبا

وفَتحُ مكّةَ أَعْرى كلَّ ذي شمَمٍ

حتى الأباطِح أمسَوا أَعْبداً شُحُبا

لكنّ أحمدَ من نُبلٍ ومن كَرَم

قد أعتقَ الطُلقا طرّاً، وما رَغِبا

كادوا له، حاربوه الدهرَ، وانصرموا

واستبْطَنوا حقدَ موتور، إذا اضطربا

حلَّ الرسولُ جنانَ الخلدِ، فاجتمعوا

وقرّروا جعلَ حقِّ الآل مَحتَجِبا

وزادهم رغبةً في الملك، إذ وجدوا

الأوسَ والخزرجَ الأنصار قد نَكَبا

لولا تدارُك فاروقٍ ببيعتِه

وبيعةِ السادةِ الأنصار مَنْ نُصِبا

كانتْ قريشٌ تريدُ الملكَ قاهرةً

والصادقونَ قليلُ، رأيُهم حُجِبا

 الصادقون: هم المهاجرون، وهذه صفتهم في القرآن.

قال الله تعالى: (لِلْفُقَرَاءِ الْمُهَاجِرِينَ الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ.

يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللهِ وَرِضْوَانًا، وَيَنْصُرُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ؛ أُولَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ).

إنّ الضَرورةَ فلّتْ من عزائمهم

واستسلمُ الآلُ، لا ميناً ولا كَذِبا

عزُّ العقيدةِ، أم عزّ القَبيلِ تُرَى

أم قلّةُ الدينِ، أمْ خوفُ المماتِ رَبا

سادَ الأكابرَ فُجارٌ، فما اتّعظوا

وأخضعوهم، فعاشوا دهرَهم رَهَبا

حتى تربّع عرشَ المسلمين فتىً

لا يعرفُ الدينَ والأخلاقَ والكُتبا

كلُّ الصحابةِ صافاه وبايعَه

إلّا الحسينَ رآه فاجراً خَرِبا

ما كان للدين أن يحدوه مُفتقرٌ

للدين والأدبِ المعروفِ، مُنَتَجَبا   

قال الحسينُ: أبَى الرحمنُ بيعَتَه

ما كان مثلي بأهلِ العُهرِ مقتربا

الفاسقُ الخَبُّ قوّاطاً، يُباعِده                        = القوّاط راعي قطيع من الغنم.

أهلُ الكرامةِ، لا يرضونَه غَبَبا

ونرتضي نحن فَجّاراً ليحكُمَنا

بالقارعاتِ، فلا كُنّا إذنْ شُهُبا

نحنُ الهواشمُ كان الحقُّ قائدَنا

في الجاهليةِ، لا نألوه محتَسَبا

فكيف نرضى أميرَ المؤمنين بنا

من أفجر الخلقِ أخلاقاً إذا نُسبا

لا دينَ يردعه عند الخصام، ولا

مكارمُ الدين تُعلي عنده الرتبا

يأبَى الحسينُ لهذا الوغدِ بيعتَه

ويرفضُُ الأمسِ جعلَ  البيتِ مُحترَبا

وفضّلَ السفرَ المضني بأسرتِه

عمّا يؤول إليه البغيُ محترِبا

واستقبلَ الفارسُ الصِنديدُ جَحفَلَهم

وبعضهم من قريشٍ قادَهم بِدَداً

عضَّ النواجذَ، واستبقى لعترتِه

ثوبَ الشهادةِ نبراساً، وليس عَبا

الحقُّ أنتَ حسينٌ في مصارِعه

وأنتِ للحقّ دونَ الخلقِ زِدْتَ إبا

الحقُّ ينصره عِلمٌ ومعتقدٌ

وقوّةٌ تدفَعُ الأغيارَ عنه هَبا

وأنتَ يا سيّد الأحرار كنتَ هدىً

وفارساً أنفاً لا ترتضي وَشَبا

ونحنُ آلُك - آلَ البيتِ - في زمنٍ

أضحَى الدنيءُ لنا نِدّاً ومنتَجبا

لكنّ فينا بقايا من أرومتكم

فيها النقاءُ سما، والعزّ ما نضبا

وسوف نَسعى لنحيا مثلَكم أُنُفاً

ولا نبيحُ لأيٍّ كانَ مغتصَبا

عليك منّا سلامٌ ليس يحمله

إلّا الغرام بكم، والحبّ مُختَضِبا

ثمّ الصلاةُ على المختار أحمدنا

خيرِ البريّة عُجماً كانَ أم عَربا

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق