مَسائِلُ حَديثِيّةٌ (59):
لا يَعرفُ قدْرَ عليٍّ إلّا
الله تعالى !؟
بسم الله الرحمن الرحيم
(رَبَّنا: عَلَيْكَ
تَوَكَّلْنا، وَإِلَيْكَ أَنَبْنا، وَإِلَيْكَ الْمَصيرُ.
رَبَّنا: لَا تَجْعَلْنا
فِتْنَةً لِلَّذِينَ كَفَرُوا، وَاغْفِرْ لَنَا.
رَبَّنَا: إِنَّكَ أَنْتَ
الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ).
رَبَّنَا افْتَحْ بَيْنَنَا
وَبَيْنَ قَوْمِنَا بِالْحَقِّ، وَأَنْتَ خَيْرُ الْفَاتِحِين).
نشر أحدهم جملةَ (يا عليّ لا
يعرفكُ إلّا اللهُ وأنا) من دون عزوٍ ولا تخريجٍ ولا حكم!
علّقت على صفحته بقولي: هذا
كلام كذب، لم يقله الرسولُ صلّى الله عليه وآله وسلّم، ولم يُنقَلْ إلينا بإسنادٍ
صحيح!
فطلبَ الدليلَ على صحة كلامي،
وإلّا فإنه ومَنْ وراءه يعتقدون بصحته!
أقول وبالله التوفيق:
أوّلاً: أشكر لصاحبِ الصفحةِ
أدَبَه وصبرَه، إذ عادةُ الروافضِ الهجومُ والسبابُ، من دون تحرٍّ ولا تريّث!
ثانياً: سبق وأن قلت مرّاتٍ
عديدةً: كُتب الرافضةِ ساقطةُ الاعتبار حديثيّاً!
الكتابُ الذي يحتوي على (70 -
90%) من الروايات المجهولةِ والمكذوبة والمجهولةِ؛ ساقطٌ عند أهلِ الحديثِ، فلا
يقال بعد ذلك: نأخذُ بغير الضعيف والمكذوب؛ لأنّ مَن غلبَ خطؤه الحديثيُّ على
صوابِه؛ تُرِكَ حديثُه كلُّه!
وأهل الحديثِ هم أصحاب هذا
الشأن!
ثالثاً: رجعتُ إلى كتب الرافضة
المرفوعة على «الموسوعة الشيعية الشاملة» فوجدت الآتي:
(1) وجدتُ في موسوعةِ الإمام
عليّ لمؤلفها محمد الريشهريّ (9: 159) رقم الرواية (3586) ما نصّه: «رسول اللهِ (صلى
اللهُ عليه وآله وسلم):
(يا عليّ، ما عرف اللهَ إلّا أنا وأنت، وما عرفني
إلّا اللهُ وأنت، وما عرفك إلّا اللهُ وأنا»
وليس فيها عزوٌ ولا تخريجٌ ولا حكم!
(2) ووجدتُ في مختصر بصائر
الدرجات (ص: 131) ما نصه: «ومِن ذلك ما روي عن النبيّ صلى الله عليه وآله: (يا
علي ما عرف الله إلا أنا وأنت، وما عرفني إلا اللهُ وأنت، وما عَرفك إلا الله وأنا) وليس فيه عزوٌ ولا تخريجٌ ولا حكم!
(3) ووجدتُ في حلية الأبرار
للسيد هاشم البحراني (2: 6) ما نصّه:
«هو الآية
الكبرى التى عليها وقعت الاشارة من قوله : (ما عرفك إلّا الله ورسولُه صلى الله
عليه وآله...» وليس فيه عزوٌ ولا تخريجٌ ولا
حكم!
ومثل هذا العَزْوِ لا يفيدُ في
سوق العلم شيئاً!
فصعدتُ إلى مواقع الرافضة على الإنترنيت،
فوجدت كلاماً كثيراً خالياً من التخريج، أجودُه الآتي:
(1) في موقع مركز الأبحاث
العقائديّة التابع للسيد علي السيستاني، لكنه لا يعبّر عن آرائه بالضرورة؛ وجدتُ
فيه الآتي:
س: هناك حديث : (يا
علي ما عرف الله إلا أنا وأنت، وما عرفني إلا اللهُ وأنت، وما عَرفك إلا الله وأنا).
هل نص هذا الحديث صحيح ومامدى صحته والوثوق بناقليه
وفي اي الكتب يمكن ان اجده؟ جزاكم الله خيرا.
ج: «ورد هذا الحديث في كتاب (مناقب آل أبي طالب) أو
كتاب (تأويل الآيات)، وكتاب (مختصر بصائر الدرجات)، وكتاب (مدينة المعاجز)،
بالإضافة إلى( بحار الأنوار(.
والحديثُ مُرسل، وهو ضَعيف من جهة السند، وإن كان
له متن معتبر بالمقارنة مع بعض الروايات، التي تتحدث عن مناقب أمير المؤمنين (عليه
السلام) وفضائله، فلا يجوز رده بسبب ضعف سنده، وذلك لوجود ما يعضده معنى في جملة
من الأخبار».
قال الفقير عداب: بل يجب ردّه؛ لضعف سنده من جهةٍ،
ولاشتماله على الغلوّ الفاضح من جهة أخرى، وسيأتي!
ووجدت في موقع المكتبة
الإسلامية العلوية؛ ما نصّه:
ج: أوردَ هذا الحديثَ ميرزا
محمّد تقيّ، الملقب بحجة الإسلام، في كتابه صحيفة الأبرار، عقيب الحديث (447) من
دون سندٍ، واعتبره خبراً مشهوراً مأثوراً.
وأورده الحافظ رجب البرسيّ، من
دون سندٍ، في كتابه مشارق أنوار اليقين (ص: 112) وقال: هذا حديث صحيح.
وأورده شرف الدين النجفيّ في
كتابه تأويل الآياتِ مرسلاً.
وأورده الحسن بن سليمان في
كتابه مختصر البصائر مرسلاً.
وأورده السيد هاشم البحرانيّ في
كتابه مدينة المعاجز، بلا إسناد.
وورد في رسالةٍ ذكرها آغا
بزُرْك الطهراني، في كتابه الذريعة المجلد (21) رقم الرواية (5038) مرسلاً.
ثم قال محرّرُ الجواب: وهذا
الإرسالُ يدلّ على شهرة الحديثِ وتواتره وقطعيّته، بالإضافةِ إلى ذلك؛ فإنّ مؤدّاه
يدلّ على صحّته، من دون أدنى شكٍّ!
وكتبه: حسين محمد المظلوم»
انتهى!
قال الفقير عداب: هذا يؤكّد ما
قلتُه مراراً: إنّ كتب الرواية الرافضيّة ساقطة الاعتبار!
هذه روايةٌ ليس لديها إسنادٌ،
تلفّظ بها أحدُ الغلاةِ، فصارت ديناً رافضيّاً؛ لأنّ «مؤدّاه يدلّ على صحّته، من
دون أدنى شكٍّ!».
هذا سخفٌ عقليّ، فوق أنّه جهلٌ
مطبقٌ بعلوم الحديث النبويّ، أو تدليسٌ يرادُ منه خداعُ عامّة الشيعة المساكين،
الذين يحبّون الإمامَ عليّاً عليه السلام، ويظنّون أنهم كلّما بالغوا في إضفاء
الصفاتِ العالية عليه؛ تقرّبوا إلى الله تعالى أكثر!
خلاصة الحكم على الحديث: إنّه
روايةٌ من دون إسنادٍ، وكلّ روايةٍ من دون إسنادٍ؛ لا يجوزُ نسبتها إلى الرسولِ
صلّى الله عليه وآله وسلّم، ويكون مضمونها مكذوباً عليه!
هذا عن إسنادِ الحديث!
أمّا عن متنه الذي جعله هذا
المظلوم «مؤدّاه يدلّ على صحّته، من دون أدنى شكٍّ!» فهو باطلٌ أيضاً.
فجملةُ (يا عليّ، ما عرف اللهَ إلّا أنا وأنت) كذب
على الله ورسوله، فقد عرف اللهَ تعالى أنبياؤه الذين أمرنا الله تعالى بالاقتداء
بهم، إذ قال: (أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللهُ فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهْ) وعليٌّ
ذاته يقتدي بهم قطعاً.
وجملةُ (وما عرفني إلّا اللهُ وأنت) فقد عرفته أمّ
المؤمنين خديجة عليها السلام، وآمنت به وصدّقته، وآزرته، يوم كان عليّ عليه السلام
صبيّاً في العاشرةِ من عمره!
وعرفه أبو طالبٍ الذي آزره ونصره، وعانى ما عاناه
في شِعْبِه الأقفر سنوات!
وجملة (ما عرفك إلّا اللهُ وأنا) فقد عرفَ الإمام عليّاً الرسولُ صلّى الله عليه
وآله وسلّم والسيدة فاطمة والسيدان الحسن والحسين عليهم السلام، في الحدّ الأدنى!
ثمّ عرفه عمّارُ وسلمانُ
والمقدادُ، وجميعُ الذين ثبتوا على ولايته إلى يومِ استشهاده!
كفاكم تنفيراً للناسِ عن
الإمامِ عليّ وأهل البيت عليهم الصلاة والسلام، بكثرة كذبكم، وسقاطة غلوكم القميء!
فما كان آباؤنا إلّا بشراً من
البشر - لحماً ودماً وعصباً وعقلاً - أكرمهم الله تعالى بالإيمان الراسخ، والفهم
الراجح، والصفاتِ النبيلة، وحسب!
والله تعالى أعلم.
(رَبَّنا: ظَلَمْنَا
أَنْفُسَنا، وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنا؛ لَنَكُونَنَّ مِنَ
الْخَاسِرِينَ).
هذا.. وصلّى الله على
نبيّنا محمّد بن عبدالله، وعلى آله وصحبه وسلّم تسليماً.
والحمد لله على كلّ حال.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق