الأربعاء، 14 أبريل 2021

 المشكلة الشيعيّة (2):

أصول العقائد عند الشيعة الإمامية!؟

(رَبَّنَا: عَلَيْكَ تَوَكَّلْنَا، وَإِلَيْكَ أَنَبْنَا، وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ.

رَبَّنَا: لَا تَجْعَلْنَا فِتْنَةً لِلَّذِينَ كَفَرُوا، وَاغْفِرْ لَنَا.

رَبَّنَا: إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ).

(رَبَّنَا: افْتَحْ بَيْنَنَا وَبَيْنَ قَوْمِنَا بِالْحَقِّ، وَأَنْتَ خَيْرُ الْفَاتِحِينَ).

أصول العقائد عند الشيعة الإماميّة: التوحيد والعدل والرسالة والبعث والنشور والإمامة.

ولا يعنينا في المشكلة الشيعيّة؛ الكلام على التوحيد والعدل والرسالة والبعث فكلامهم في هذه الاعتقاداتِ متوافقٌ في أكثره مع مدرسة التوحيد والعدل، مدرسة آل البيت، التي يعتقد بأصولها: الزيدية والإسماعيليّة والإماميّة والإباضيّة.

إنّما يعنينا هنا أصلُ الإمامة، الذي انفردوا به عن مدرسة آل البيت، وعن مدرسة الصحابة.

والإمامةُ عندهم تعني وجودَ قائدٍ واحدٍ في كلّ زمانٍ، متميّز عن بقيّة البشر بكلّ شيء!

هؤلاء الأئمة المتميّزون عن البشر؛ هم أولوا الأمر على الحقيقةِ تِباعاً، وليسوا الخلفاء الذين يختارهم الناس، ولا المتغلّبين الظلمة الذين ظلموا الناسَ، وظلموا أولي الأمر.

قال الشيخ تقيّ الدين المدرّسيّ في كتابه «الوجيز في أصول العقائد» الفصل الرابع (ص: 26) فما بعدها باختصارٍ يسير:

«وأولوا الأمرِ؛ هم الامتدادُ الطبيعي للرسولِ صَلّى اللهُ عَليهِ وآلِه وسَلّمَ، وهم أهل بيته من بعده؛ العلماء بالله، الأمناء على حلاله وحرامه، الأكفاء على القيام بأمره، الصابرون المتّقون، وبالتالي هم أكثرُ الناس طاعة لله، وأقربهم إلى نهج رسوله».

وإذا سألتَ: مَن يُعيّن الإمامَ؟

الجواب: «وكما أن الرسول صلى الله عليه وآله وسلم لا يمكن أن يُعَيّنَ مِن قبل الناس أنفسهم، لأنه وسيلة متصلة بين الله والانسان، فإن الإمام لا يمكن أن يعين إلاّ من قبل الله أيضاً.

وبتعبير آخر: إن الإمام ينبغي أن يكون مؤيداً بالغيب، عارفاً بالله ودينه ومعارفه، بعيداً عن تأثيرات المادة، وبعيداً عن ظروفها الضيّقة.

ولا يؤيد اللهُ مَن يَختاره الناس، بل مَن يصطفيه هو سبحانه، وليس للناس الخيرةُ، إذا قضى الله أمراً، ذلك لأنهم عباد مربوبون يجب أن يسلموا بالحاكمية المطلقة للهِ في كلّ الشؤون.

وأوّل الأئمة إبراهيمُ عليه السلام، ثم الصالحون المختارون من قِبلِ الله تعالى من ذريّته.

قال الله تعالى: (وإِذِ ابْتَلَى إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ فَاَتَمَّهُنَّ قَالَ إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَاماً) قال الخليل عليه السلام سروراً بها: (وَمِنْ ذُرِّيَتِي؟ قَالَ: لاَ يَنالُ عَهدِي الظَّالِمِينَ)

فأبطلتْ هذه الآيةُ إمامةَ كل ظالم الى يوم القيامة وصارت في الصفوة.

فلم تزل ترثها ذريته عليه السلام بعضٌ عن بَعضٍ، قرناً فقرناً، حتى ورثها النبيّ محمدٌ صلى الله عليه وآله وسلم فقال الله: (إِنَّ أَوْلَى النَّاسِ بِإِبْرَاهِيمَ لَلَّذِينَ اتَّبَعُوهُ وَهَذَا النَّبِيُّ وَالَّذِينَ ءَامَنُوا). فكانت لهم خاصة.

فقلّدها النبي صلى الله عليه وآله وسلم علياً عليه السلام، فصارت في ذريته الأصفياء الذين آتاهم العلم والإيمان.

وذلك قوله تعالى: (وَقَالَ الَّذِينَ اُوتُوا الْعِلْمَ وَالإِيمَانَ لَقَدْ لَبِثْتُمْ فِي كِتَابِ اللَّهِ إِلَى يَوْمِ الْبَعْثِ فَهَذَا يَوْمُ الْبَعْثِ وَلَكِنَّكُمْ كُنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ) على رسم ما جرى وما فرضه الله في ولده الى يوم القيامة، إذ لا نّبيَّ بعد محمد صلى الله عليه وآله وسلم فمن أين يختار الجهالُ هذه الإمامةَ بآرائهم؟

إنّ الإمامة منزلة الأنبياءِ، وإرثُ الأوصياء.

إن الإمامة خلافةُ الله، وخلافة رسوله صلى الله عليه وآله.

ومقام أمير المؤمنين عليه السلام.

وخلافة الحسن والحسين عليهما السلام.

إن الإمام زمام الدين ونظام المسلمين وصلاح الدنيا وعز المؤمنين.

الإمام أسّ الإسلام النامي وفرعه السامي.

بالإمام تمام الصلاة والزكاة والصيام والحج والجهاد وتوفير الفيء والصدقات وإمضاء الحدود والأحكام ومنع الثغور والأطراف.

الإمام يحلل حلال الله ويحرم حرامه ويقيم حدود الله ويذب عن دين الله ويدعو الى سبيل الله بالحكمة والموعظة الحسنة والحجة البالغة.

الإمام كالشمس الطالعة المجللة بنورها للعالم وهو بالأفق حيث لا تناله الأبصار ولا الأيدي.

الإمام البدر المنير والسراج الزاهر والنور الطالع والنجم الهادي في غيابات الدجى والدليل على الهدى والمنجي من الردى.

الإمام النار على اليفاع التلّ المرتفع - الحارّ لمن اصطلى، والدليل في المهالك، من فارقه فهالك.

الإمام السحاب الماطر والغيث الهاطل والسماء الظليلة والأرض البسيطة والعين الغزيرة والغدير والروضة.

الإمام الأمين الرفيق، والوالد الشفيق والأخ الشقيق وكالأم البرة بالولد الصغير ومفزع العباد.

الإمام أمين الله في أرضه وخلقه، وحجته على عباده وخليفته في بلاده والداعي الى الله والذاب عن حريم الله.

الإمام مُطَهَّر مِن الذنوب، مُبرّأٌ من العيوب، مخصوص بالعلم، موسوم بالحلم، نظام الدين، وعزّ المسلمين، وغيظُ المنافقين، وبوار الكافرين.

الإمام واحد دهره، لا يدانيه أحد، ولا يعادلُه، عالم ولا يوجد له بدل، ولا له مثل ولا نظير!

مخصوص بالفضل كلّه، من غير طلب منه ولا اكتساب، بل اختصاص من المتَفضّلِ الوهّاب، فمن ذا يبلغ معرفة الإمام أو كنه وَصْفِه؟

هيهات هيهات، ضلت العقول، وتاهت الحلوم، وحارت الألباب، وحصرت الخطباء، وكلت الشعراء، وعجزت الأدباء، وعييت البلغاء، وفحمت العلماء عن وصف شأن من شأنه أو فضيلة من فضائله، فأقرت بالعجز والتقصير، فكيف يوصف بكليته، أو ينعت بكيفيته، أو يوجد من يقوم مقامه، أو يغني غناه؟

وأنى وهو بحيث النجم عن أيدي المتناولين ووصف الواصفين، أيظنون أنه يوجد ذلك في غير آل رسول الله صلى الله عليه وعليهم؟

كَذَبَتْهُم والله أنفسهم، ومنّتهُم الأباطيل، إذ ارتقوا مرتقى صعباً ومنزلاً دحضاً!

زلّت بهم إلى الحضيض أقدامُهم، إذ راموا إقامةَ إمام بآرائهم، وكيف لهم باختيار إمامٍ، والإمام عالم لا يجهل، وراع لا يمكر، معدن النبوة لا يغمز فيه بنسب، ولا يدانيه ذو حسب!

فالبيت من قريش، والذروة من هاشم، والعترة من الرسول صلى الله عليه وآله وسلم.

شرفُ الأشرافِ، والفرعُ من عبد مناف، نامي العلم، كامل الحلم، مضطلع بالأمر، عالم بالسياسة، مستحق للرئاسة، مفترض الطاعة، قائم بأمر الله، ناصح لعباد الله».

وقد اقتبس الشيخُ المدرّسيُّ معظم كلامه السابق، من أصول الكافي (ص: 136- 137) ولم يُشر إلى ذلك.

بهذا الكلام الإنشائيّ الخطابيّ العاطفيّ، الذي لا يثبتُ حقّاً، ولا يُبطلُ باطلاً؛ قدّم الشيخ تقيّ المدرّسيّ عقيدةَ الإمامة من القرآن الكريم والعقلِ.

وليس في الآيات التي ساقها دلالةٌ ظاهرةٌ على الإمامةِ السياسيّة من قريبٍ ولا بعيدٍ!

بل إنّ أوّل الأئمة «إبراهيم» عليه السلام كان مستضعفاً طريداً عن وطنه وعشيرته.

وليس في الآيتين اللتين ساقها الشيخ المدرّسُ أيُّ إشارةٍ إلى إمامة سياسيّة منحصرة في آل البيت.

(إِنَّ أَوْلَى النَّاسِ بِإِبْرَاهِيمَ لَلَّذِينَ اتَّبَعُوهُ وَهَذَا النَّبِيُّ وَالَّذِينَ ءَامَنُوا).

ولو افترضنا جدلاً أنّ في هذه الآية دلالةٌ على الإمامةِ؛ فالذين آمنوا شركاءُ فيها بنصّ (وَالَّذِينَ ءَامَنُوا).

وأين في قوله تعالى: (وَقَالَ الَّذِينَ اُوتُوا الْعِلْمَ وَالإِيمَانَ: لَقَدْ لَبِثْتُمْ فِي كِتَابِ اللَّهِ إِلَى يَوْمِ الْبَعْثِ، فَهَذَا يَوْمُ الْبَعْثِ وَلَكِنَّكُمْ كُنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ).

هل يَفهم رجلٌ فيه ذرّةٌ من عَقلٍ، من هذه الآية الكريمة إمامةً أو ولايةً أو خلافةً أو وصايةً.

سبحان مانحِ الناس العقولَ والقلوب؛ ليفقهوا عن الله تعالى بها، وليس بغرائزهم وعواطفهم وما يشتهون!

أمّا عن أدلّة الإمامة من السنّة النبويّة وآثارِ آل البيت؛ فستكون في منشورٍ تالٍ، إنْ أعانني الله تعالى على ذلك.

واللهُ تَعالَى أعْلَمُ.

(رَبَّنا: ظَلَمْنَا أَنْفُسَنا، وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنا؛ لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ).

هذا.. وصلّى الله على سيّدنا محمّد بن عبدالله، وعلى آله وصحبه وسلّم تسليماً.

والحمد لله على كلّ حال.

الثلاثاء، 13 أبريل 2021

 المشكلة الشيعيّة (1):

هل التشيّع مشكلة؟!

(رَبَّنَا: عَلَيْكَ تَوَكَّلْنَا، وَإِلَيْكَ أَنَبْنَا، وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ.

رَبَّنَا: لَا تَجْعَلْنَا فِتْنَةً لِلَّذِينَ كَفَرُوا، وَاغْفِرْ لَنَا.

رَبَّنَا: إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ).

(رَبَّنَا: افْتَحْ بَيْنَنَا وَبَيْنَ قَوْمِنَا بِالْحَقِّ، وَأَنْتَ خَيْرُ الْفَاتِحِينَ).

إنّ قيامَ الدولةِ الشيعيّة المعاصرة الكبرى في إيران، وممارساتِها التوسعيّة الواضحة في «الأهواز، والبحرين، والمنطقة الشرقية من جزيرة العرب، وفي العراق، وسوريا ولبنان واليمن».

وإنّ تشابه المنهج العسكريّ «المليشياويّ» والسياسيّ الطائفيّ، في كلّ بلدٍ من هذه البلدان؛ يحتّم على المراقبِ المحايِدِ أن يجيب نفسه على السؤال الملحّ منذ نصفِ قَرنٍ: هل التشيّع مشكلة؟!

إذا قُصِد بالتشيّعِ؛ حبُّ الإمام عليّ وأسرتِه وذريّتهِ، عليهم السلامُ، ونصرتهم والإحسان إليهم؛ فالتشيّع محمدةٌ ومكرمةٌ، وقيامٌ بواجبٍ دينيّ من وجهة نظري!

وبعضُ ذريّة الإمامِ عليّ؛ هي ذاتها ذريّة الرسول صَلّى اللهُ عَليهِ وآلِه وسَلّمَ، ليس للرسول الأكرم ذريّةٌ باقيةٌ سواها.

قُلْ لَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرَى لِلْعَالَمِينَ (90) [الأنعام].

 يُلاحَظ في هذه الآية الكريمةِ؛ أنّ الرسولَ صَلّى اللهُ عَليهِ وآلِه وسَلّمَ ينفي أن يكون طالباً لأيّ أجر، وسورة الأنعام مكيّة، كما هو معلوم!

وحين أُذن بالقتالِ، وأباح اللهُ تعالى الغنائم للمسلمين؛ كان للرسولِ صَلّى اللهُ عَليهِ وآلِه وسَلّمَ خمسها:

(وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ (41) [الأنفال].

وحين قَويت دولة النبوّة و استقرّت نسبيّاً؛ صار ثمة فيء وركاز وأموال عامّة، فشرع اللهُ تعالى لرسولِه التصرّف في الفيء:

(مَا أَفَاءَ اللهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرَى فَلِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ كَيْ لَا يَكُونَ دُولَةً بَيْنَ الْأَغْنِيَاءِ مِنْكُمْ (7) [الحشر].

فسياسةُ توزيع الفيء؛ إلى الرسول صَلّى اللهُ عَليهِ وآلِه وسَلّمَ، بإذن ربّه تعالى وتوجيهه.

وتأكيداً لهذا المعنى؛ جاء قولُ اللهِ تبارك وتعالى:

  (قُلْ مَا سَأَلْتُكُمْ مِنْ أَجْرٍ فَهُوَ لَكُمْ، إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلَى اللهِ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ (47) [سبأ].

أجلْ كان رسول اللهِ صَلّى اللهُ عَليهِ وآلِه وسَلّمَ  يوظّف الفيء في مصالح عامّة المسلمين وضعفائهم (كَيْ لَا يَكُونَ دُولَةً بَيْنَ الْأَغْنِيَاءِ).

فلمّا وَضحَ كلّ شيء أمام المسلمين؛ أراد اللهُ تعالى أن يوضحَ للأمةِ ما يتوجّب عليها تجاهَ رسولها صَلّى اللهُ عَليهِ وآلِه وسَلّمَ بعد وفاته!

فكان من جملة ذلك؛ مودّةُ قراباتِ الرسول صَلّى اللهُ عَليهِ وآلِه وسَلّمَ!

(قُلْ لَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى (23) [الشورى].

ومهما حاولنا تأويل كلمة (الْقُرْبَى) وتوسيعَ دائرتها؛ فإنها لا تنطبقُ على شيءٍ أكثرَ من انطباقِها على أولادِ رسول اللهِ صَلّى اللهُ عَليهِ وآلِه وسَلّمَ وبناتِه، ثمّ على أحفاده وأسباطِه.

فأحفادُه وأسباطُه أقربُ إليه من إخوانه، ومن أعمامه وأخواله؛ لأنهم امتدادٌ لنسبه الخاصّ!

أمّا إن قُصِدَ بـ «التشيّعِ» أيَّ شيءٍ وراءَ ذلك؛ فهو مشكلةٌ حقيقيّةٌ مؤلمة!

خاصّةً منهاجَهم السياسيَّ الغريبَ العجيبَ، الذي يؤمن به أكثرُ من (200) مليون مسلمٍ شيعيٍّ إماميّ، وليس عليه دليلٌ واحدٌ من كتاب اللهِ تعالى، وسنّة رسوله صَلّى اللهُ عَليهِ وآلِه وسَلّمَ!

ولو أننا فتّشنا كتبَ الشيعةِ من أوّلها إلى آخرها، صحيحها ومقبولها عندهم؛ فلن نجدَ دليلاً واحداً صالحاً للحجيّة على أيّ مسألةٍ من مسائل الإمامةِ السياسيّة الاعتقاديّة «النصِّ والتعيينِ والعصمةِ والإمامةِ الاثني عشريّة الوراثيّة، وانحصارها وتسلسلها في ذرية الحسين عليه السلام، والبداءِ والرجعةِ والمهديّ».

وإذ كانت هذه المسائلُ كلّها اعتقاديةً؛ فإنك تقف في مقابلهم ومواجهتهم مباشرةً، ودون أدنى تفكير؛ لأنّ مسائل الاعتقاد ليست قابلةً للتفاوضِ، أو التنازلِ، أو المجاملة، أو التعايش!

وإذْ كان المرجعُ الدينيّ هو نائبَ الإمام المعصوم، والمعصوم متحدّثٌ باسم اللهِ تبارك وتعالى؛ فقد صار للمرجع الدينيّ قدسيّةُ المعصوم تماماً!

ولذلك تجد في خطابهم إياه: «الإمام المقدّس، الجناب المقدّس، والمرجعيّة المقدّسة»!

بل إنّ فتاواه تغدو مقدّسة، والناتجُ عن تلك الفتوى يأخذ عظمةَ القداسة ذاتها «الكتائب الشيعية المقدسة، الحشد الشعبيّ المقدس، قاسم سليماني الشهيد المقدس».

ويترتّب على بعضِ ما تقدّم أنّ «الحاكم الشرعيَّ» هو المرجع الدينيّ الحوزويّ، وهو الذي يَمنَحُ الشرعيّة للحاكم السياسيّ!

وإذا كان النظام ديمقراطيّا مثلاً؛ فلا يكتسب أدنى شرعيّة، وتغدو أموالُ الأمةِ التي تحوزها وتحوطها وتحميها الدولة «مالاً مجهول المالك» يحقّ لكلّ أحدٍ أن يحوزه، ثمّ يذهب إلى المرجع «الحاكم الشرعيّ» ليأخذ منه الخُمسَ، فيطهّره له بذلك!

وبهذه الفتوى الشائعة في كتب الإمامية؛ نَهبَ القادرون على الوصولِ إلى مالِ الأمة، من الساسة العراقيين مليارات الدولاراتِ، بوجهٍ مشروعٍ، ليس من حقّ أحدٍ أن يحاسبَهم عليه!

وبمثل هذه الفتاوى الإجراميّة الباطلة؛ لا يمكن أن تقومَ دولةٌ أصلاً، ولا يمكن أن يسودَ التوزيع العادل بين سواد الأمّة، إلا تساويهم في الفقر والذلّ والحاجة!

ختاماً: نحن سنتناولُ على هذه المدوّنة «المشكلةَ الشيعيّة» بموضوعيّة وعُمقٍ، محاولين الوصولَ إلى فهم صحيح دقيقٍ لها، وساعين في تصوّرِ حلّ واقعيّ لأكبر مشكلةٍ في حياةِ الأمّة المعاصرةِ والمستقبلَة!

واللهُ تَعالَى أعْلَمُ.

(رَبَّنا: ظَلَمْنَا أَنْفُسَنا، وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنا؛ لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ).

هذا.. وصلّى الله على سيّدنا محمّد بن عبدالله، وعلى آله وصحبه وسلّم تسليماً.

والحمد لله على كلّ حال.

 

 مسائل حديثيّة (11):

تهنئةُ رسولِ الله صلّى الله عليه وآله وسلم بشهر رمضان!؟

بسم الله الرحمن الرحيم

(رَبَّنا: عَلَيْكَ تَوَكَّلْنا، وَإِلَيْكَ أَنَبْنا، وَإِلَيْكَ الْمَصيرُ.

رَبَّنا: لَا تَجْعَلْنا فِتْنَةً لِلَّذِينَ كَفَرُوا، وَاغْفِرْ لَنَا.

رَبَّنَا: إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ).

(رَبَّنَا افْتَحْ بَيْنَنَا وَبَيْنَ قَوْمِنَا بِالْحَقِّ، وَأَنْتَ خَيْرُ الْفَاتِحِين).

أرسل إليّ عددٌ من الإخوةِ حملة الدكتوراه تهنئةً أسموها « تهنئةُ رسولِ الله صلّى الله عليه وآله وسلم بشهر رمضان» ونصّها:

«هذه تهنئة رسول الله، صلى الله عليه وسلم لأصحابه بقدوم رمضان، وأنا أهنئكم بها:

(أتاكم رمضان، شهر يغشاكم الله فيه،، فيُنَزّل فيه الرحمة،  ويحطّ الخطايا،، ويستجيب الدعاء، ويُباهي بكم ملائكته، فأَروا الله من أنفسكم خيرًا،، فإن الشقيَّ من حرم فيه رحمة الله)...

بلّغنا الله وإيّاكم صيام هذا الشهر المبارك وقيامه.

الْلهمّ أَهِلّهُ عَليْنَا بِالْأمْنِ وَالإِيْمَانِ، وَالْسَّلامَةِ وَالْإِسْلَامِ، وَالْعَوْنٓ عَلَى الْصَّلاةِ وَالصِّيَامِ وَتِلَاوَةِ الْقُرْآَنِ.

الْلهمّ سَلِّمْنَا لِرَمَضَانَ، وَسَلِّمْهُ لنا، وَتَسَلَّمْهُ مِنّا مُتَقَبَّلاً يٓارٓبٓ العٓالِٓمينْ.

مُبارٓكٌ علٓيْكُمْ شّٓهرُ رٓمٓضٓان.

وكل عام وأنتم بخير».

أقول وبالله التوفيق:

ليس لديّ مزيدٌ على ما جاء في موقع الإسلام سؤالٌ وجواب.

والاعتراف بفضل السابق؛ خلق إسلاميّ.

وإليكم نصّ جواب الموقع:

الحمد لله.

هذا الحديث المذكور : مكذوب موضوع على النبي صلى الله عليه وسلم !

أخرجه الطبراني في مسند الشاميين (2238) ، والشاشي في مسنده (1224) والحسن الخلال في أماليه (66) والبيهقي في القضاء والقدر (60) والشجري في أماليه (1234) من طريق مُحَمَّدِ بْنِ قَيْسٍ عَنْ عُبَادَةَ بْنِ نُسَيٍّ ، عَنْ جُنَادَةَ بْنِ أَبِي أُمَيَّةَ ، عَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ؛ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ قَالَ يَوْمًا ، وَحَضَرَ رَمَضَانُ:

)أَتَاكُمْ رَمَضَانُ شَهْرُ بَرَكَةٍ ، فِيهِ خَيْرٌ، يَغْشَاكُمُ اللهُ، فَيُنْزِلُ الرَّحْمَةَ وَيَحُطُّ فِيهَا الْخَطَايَا وَيُسْتَحَبُّ فِيهَا الدَّعْوَةُ ، يَنْظُرُ اللَّهُ إِلَى تَنَافُسِكُمْ وَيُبَاهِيكُمْ بِمَلَائِكَةٍ ، فَأَرُوا اللَّهَ مِنْ أَنْفُسَكُمْ خَيْرًا ، فَإِنَّ الشَّقِيَّ كُلَّ الشَّقِيِّ مَنْ حُرِمَ فِيهِ رَحْمَةَ اللهِ).

والحديث علته محمد بن قيس ، فإنه كذاب ، واسمه محمد بن سعيد بن حسان بن قيس الأسدي الشهير بالمصلوب .

والحديث أورده الهيثمي في مجمع الزوائد (4783) وقال : رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْكَبِيرِ، وَفِيهِ مُحَمَّدُ بْنُ أَبِي قَيْسٍ وَلَمْ أَجِدْ مَنْ تَرْجَمَهُ . اهـ .

قال الحافظ برهان الدين الناجي في عجالة الإملاء (2/822) : وشيخنا الحافظ ابن حجر أفاد بخطه على حاشية نسخته من مجمع الهيثمي : أن محمداً المذكور هو المصلوب ، وهو محمد بن سعيد بن حسان بن قيس الأسدي الشامي ، روى له الترمذي وابن ماجه. 

وكذا نسبه في تهذيب الكمال وتهذيبه وتقريبه.

وقد قيل: إنهم قلبوا اسمه على مائة وجه، ليخفى.

فقال شيخنا: قلت: «محمد بن أبي قيس هذا : هو محمد بن سعيد المصلوب ، وهو متروك متهم بالكذب» . 

وقال الشيخ الألباني في ضعيف الترغيب والترهيب (892) : موضوع .

وأجود من هذا الحديث الموضوع ، في هذا الباب : حديث أبي هريرة رضي الله عنه الذي أخرجه النسائي في سننه (2106) ، وأحمد في مسنده (7148) ، وعبد بن حميد في مسنده (1429) ، وابن أبي شيبة في مصنفه (8867) من حديث أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ : لَمَّا حَضَرَ رَمَضَانُ ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُبَشِّرُ أَصْحَابَهُ :(أَتَاكُمْ رَمَضَانُ ، شَهْرٌ مُبَارَكٌ ، فَرَضَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ عَلَيْكُمْ صِيَامَهُ ، تُفْتَحُ فِيهِ أَبْوَابُ السَّمَاءِ ، وَتُغْلَقُ فِيهِ أَبْوَابُ الْجَحِيمِ ، وَتُغَلُّ فِيهِ مَرَدَةُ الشَّيَاطِينِ ، لِلَّهِ فِيهِ لَيْلَةٌ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ ، مَنْ حُرِمَ خَيْرَهَا فَقَدْ حُرِمَ).

والحديث في إسناده انقطاع ، بين أبي قلابة الجرمي ، وأبي هريرة رضي الله عنه ، فروايته عنه مرسلة ، كما ذكره العلائي وغيره .

لكن حسّنه الجوزقاني في الأباطيل والمناكير (473) ، وقال الشيخ الألباني في صحيح الترغيب والترهيب (999) : صحيح لغيره  . وينظر: حاشية المسند ط الرسالة (12/59).

 والحديثُ يعد أصلا في جواز تهنئة الناس بعضهم بعضا برمضان ، قال الحافظ ابن رجب في لطائف المعارف (147) بعد سوق الحديث :

«قال بعض العلماء: هذا الحديث أصل في تهنئة الناس بعضهم بعضا بشهر رمضان» ا.هـ .

وقال القاري في مرقاة المفاتيح (4/1365) في شرحه لهذا الحديث : وَهُوَ أَصْلٌ فِي التَّهْنِئَةِ الْمُتَعَارَفَةِ فِي أَوَّلِ الشُّهُورِ بِالْمُبَارَكَةِ  . اهـ .

وفي حاشية اللبدي (1/99) : وأما التهنئة بالعيدين والأعوام والأشهر ، كما يعتاده الناس ، فلم أر فيه لأحد من أصحابنا نصًّا.

وروي أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يبشر أصحابه بقدوم رمضان.

قال بعض أهل العلم: هذا الحديث أصل في تهنئة الناس بعضهم بعضًا بشهر رمضان.

قلت: وعلى قياسه تهنئة المسلمين بعضهم بعضًا بمواسم الخيرات وأوقات وظائف الطاعات . اهـ

والتهنئة بالنعم الدينية ، والدنيوية أيضا : أمر مشروع ، لا حرج فيه . وفي حديث توبة كعب بن مالك رضي الله عنه وفيه : فَيَتَلَقَّانِي النَّاسُ فَوْجًا فَوْجًا ، يُهَنُّونِي بِالتَّوْبَةِ ، يَقُولُونَ: لِتَهْنِكَ تَوْبَةُ اللَّهِ عَلَيْكَ ، قَالَ كَعْبٌ: حَتَّى دَخَلْتُ المَسْجِدَ ، فَإِذَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَالِسٌ حَوْلَهُ النَّاسُ، فَقَامَ إِلَيَّ طَلْحَةُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ يُهَرْوِلُ ، حَتَّى صَافَحَنِي وَهَنَّانِي ، وَاللَّهِ مَا قَامَ إِلَيَّ رَجُلٌ مِنَ المُهَاجِرِينَ غَيْرَهُ ، وَلاَ أَنْسَاهَا لِطَلْحَةَ . أخرجه البخاري (4418) ومسلم (2769).

قال ابن حجر الهيتمي في تحفة المحتاج (3/56) : قَالَ الْقَمُولِيُّ : لَمْ أَرَ لِأَحَدٍ مِنْ أَصْحَابِنَا كَلَامًا فِي التَّهْنِئَةِ بِالْعِيدِ وَالْأَعْوَامِ وَالْأَشْهُرِ كَمَا يَفْعَلُهُ النَّاسُ، لَكِنْ نَقَلَ الْحَافِظُ الْمُنْذِرِيُّ عَنْ الْحَافِظِ الْمَقْدِسِيَّ : أَنَّهُ أَجَابَ عَنْ ذَلِكَ بِأَنَّ النَّاسَ لَمْ يَزَالُوا مُخْتَلِفِينَ فِيهِ ، وَاَلَّذِي أَرَاهُ : هو مُبَاحٌ ، لَا سُنَّةَ فِيهِ وَلَا بِدْعَةَ .

وَأَجَابَ الشِّهَابُ ابْنُ حَجَرٍ بَعْدَ اطِّلَاعِهِ عَلَى ذَلِكَ بِأَنَّهَا مَشْرُوعَةٌ ، وَاحْتَجَّ لَهُ بِأَنَّ الْبَيْهَقِيَّ عَقَدَ لِذَلِكَ بَابًا ، فَقَالَ : بَابُ مَا رُوِيَ فِي قَوْلِ النَّاسِ بَعْضِهِمْ لِبَعْضٍ فِي الْعِيدِ: (تَقَبَّلَ اللَّهُ مِنَّا وَمِنْكُمْ)، وَسَاقَ مَا ذَكَرَهُ مِنْ أَخْبَارٍ وَآثَارٍ ضَعِيفَةٍ ، لَكِنَّ مَجْمُوعَهَا يُحْتَجُّ بِهِ فِي مِثْلِ ذَلِكَ [يقصد بالاحتجاج هنا: الاستشهاد، إذ لا يحتجّ إلا بالصحيح من الحديث] .

ثُمَّ قَالَ : وَيُحْتَجُّ لِعُمُومِ التَّهْنِئَةِ بمَا يَحْدُثُ مِنْ نِعْمَةٍ ، أَوْ يَنْدَفِعُ مِنْ نِقْمَةٍ : بِمَشْرُوعِيَّةِ سُجُودِ الشُّكْرِ ، وَالتَّعْزِيَةِ ، وَبِمَا فِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ فِي قِصَّةِ تَوْبَتِهِ ، لَمَّا تَخَلَّفَ عَنْ غَزْوَةِ تَبُوكَ : أَنَّهُ لَمَّا بُشِّرَ بِقَبُولِ تَوْبَتِهِ، وَمَضَى إلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؛ قَامَ إلَيْهِ طَلْحَةُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ فَهَنَّأَهُ . أَيْ : وَأَقَرَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ» ا. هـ .

وقال ابن القيم في زاد المعاد (3/512) تعليقا على حديث توبة كعب :

«فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى اسْتِحْبَابِ تَهْنِئَةِ مَنْ تَجَدَّدَتْ لَهُ نِعْمَةٌ دِينِيَّةٌ ، وَالْقِيَامِ إِلَيْهِ إِذَا أَقْبَلَ ، وَمُصَافَحَتِهِ ، فَهَذِهِ سُنَّةٌ مُسْتَحَبَّةٌ ، وَهُوَ جَائِزٌ لِمَنْ تَجَدَّدَتْ لَهُ نِعْمَةٌ دُنْيَوِيَّةٌ» ا.هـ

قال الفقير عداب:

حديث عبادةَ بن الصامتِ موضوع!

وحديث أبي هريرة ضعيف، لا هو حسن كما قال الجورقانيّ، ولا صحيح كما قال الشيخ الألبانيّ.

ويحرم نسبةُ أحد هذين الحديثين إلى رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم، عندي.

ويحرم تسمية ذلك تهنئة رسول الله، أو أنّ ذلك سنّة عن الرسول صلّى الله عليه وآله وسلّم.

لكنْ يجوز تهنئةُ الناس بعضهم بعضاً، فلا حرج في ذلك.

والله تعالى أعلم.

(رَبَّنا: ظَلَمْنَا أَنْفُسَنا، وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنا؛ لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ).

هذا.. وصلّى الله على سيّدنا محمّد بن عبدالله، وعلى آله وصحبه وسلّم تسليماً

والحمد لله على كلّ حال.

 اجتماعيات (9):

طَريقةُ نعي المتوفّى في بلاد الشام!؟

بسم الله الرحمن الرحيم

(رَبَّنَا: عَلَيْكَ تَوَكَّلْنَا، وَإِلَيْكَ أَنَبْنَا، وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ.

رَبَّنَا: لَا تَجْعَلْنَا فِتْنَةً لِلَّذِينَ كَفَرُوا، وَاغْفِرْ لَنَا.

رَبَّنَا: إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ).

(رَبَّنَا: افْتَحْ بَيْنَنَا وَبَيْنَ قَوْمِنَا بِالْحَقِّ، وَأَنْتَ خَيْرُ الْفَاتِحِينَ).

أرسل إليّ أحد الإخوة الأفاضل رسالةً نصّية في نَعي مُتوفىً من بلاد الشام!

وبلادُ الشام كما لا يخفى على أحد هي فلسطين وسوريا ولبنان والأردن.

ذُكر فيها:

إخوة الفقيد.

أبناء الفقيد.

أبناء إخوة الفقيد.

أبناء أخوات الفقيد.

أحفاد الفقيد.

أبناء عمّ الفقيد.

أبناء عمّات الفقيد.

أبناء خال الفقيد.

أبناء خالات الفقيد.

أنسباء الفقيد.

أصهار الفقيد.

ثم ذكروا عمومَ عائلات هؤلاء المذكورين أيضاً.

فإذا توفي واحد مثلُ عداب الحمش اليومَ أو غداً، فكم صفحةً سَيُكتب في نعيه؟

فأنا تزوجت (5) زوجات، لهنّ ثلاثةَ عشر أخاً من الأحياء اليوم، سوى من ماتوا!

ولهنّ ثماني عشرة أختاً من الأحياء، لهنّ أكثر من (50) ولداً.

ولهنّ أصهار كثيرون.

وللفقير (6) أبناء إخوة، و(11) أبناء أخوات.

وللفقير (21) ابن عمّ، (و25) أبناء عمّات.

وللفقير (6) أبناء خال، و(22) أبناء خالة.

وللفقير (4) أولاد عمّ، و(24) أولادهم.

وللفقير (18) عديل، و(8) أصهار.

وللفقير (13) ولداً وبنتاً، وله (25) من الأحفاد.

وله أكثر من (500) تلميذ، يمكن يأخذون على خواطرهم، إذا لم تذكر أسماؤهم من بين الحزانى والمتأثّرين بوفاته.

وهذا يعني أنّ نعي رجلٍ مثل عداب الحمش؛ يحتاج إلى جريدةٍ مستقلّة لنعيه الشريف!

والسؤال إلى جميع هؤلاء الفهمانين من أهل الشام:

إذا كانت هذه المناسبة حزينةً، وفي موقف عِظةِ ورهبةِ الموت؛ فما ذا يعني لكم تعداد أسماء الحزانى والثكالى فرداً فرداً، مع صفته الاجتماعية، أوالعلمية.

ومن الذي أخبركم بأن أنسبائه وأصهاره وعدلائه، جميعهم قد حزنوا عليه؟

وهل في الموت مباهاة أيها الغافلون؟

والسؤال الأخير: هل ذِكْرُ جميع هؤلاء المذكورين وغير المذكورين، يزيدون في حسنات المتوفى حسنةً واحدةً؟ 

لذلك أوصي أولادي وصيةً لازمة، وأنصح جميع إخواني، بأن يلتزموا بهذه الصيغة عند نعي أحد موتاهم.

قطوف من الآلام، وهذه الجملة تحمل في طيّاتها كثيراً من المعاني.

عداب الحمش في ذمّة الله تعالى

في صباح يوم كذا بتاريخ كذا؛ انتقل من ضيق الدنيا، إلى سعة الآخرة؛ الفقير إلى عفو ربّه الرحيم القدير عداب بن محمود الحمش.

نسأل له من الله تبارك وتعالى العفوَ والمغفرةَ.

ونرجوكم إخواني الأفاضل له الدعاء.

إنا لله وإنا إليه راجعون.

ولا حول ولا قوة إلّا بالله العلي العظيم

والحمد لله على كلّ حال.

وانتهى.

وحديث (اذكروا محاسن موتاكم) حديث ضعيف!

أنا والله أستحيي عندما أرى صفحاتِ النعي هذه، وأستخفّ بعقول الناعين أجمعين!

لأنّ تعداد أسماء الناعين؛ لا يعني شيئاً، سوى أنّهم يريدون أن يقولو: إنّ أهل المتوفى أسرة مرموقة فيها أعداد كبيرة، ولها امتدادات كثيرة، فلديها الدكتور فلان والمهندس فلان والشاعر فلان والضابط فلان!

وهذا عيب!

إنكم في موقفِ عِظَة ورهبة، ولستم في مناسبة ارتفاعٍ وتفاخر واعتزاء!

]رَبَّنا: ظَلَمْنَا أَنْفُسَنا، وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنا؛ لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ[.

هذا.. وصلّى الله على سيّدنا محمّد بن عبدالله، وعلى آله وصحبه وسلَّم تَسليماً

والحمد لله على كلّ حال.

الاثنين، 12 أبريل 2021

 اجتماعيات (8):

استقبالُ شَهْرِ رمضانَ

بسم الله الرحمن الرحيم

(رَبَّنَا: عَلَيْكَ تَوَكَّلْنَا، وَإِلَيْكَ أَنَبْنَا، وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ.

رَبَّنَا: لَا تَجْعَلْنَا فِتْنَةً لِلَّذِينَ كَفَرُوا، وَاغْفِرْ لَنَا.

رَبَّنَا: إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ).

(رَبَّنَا: افْتَحْ بَيْنَنَا وَبَيْنَ قَوْمِنَا بِالْحَقِّ، وَأَنْتَ خَيْرُ الْفَاتِحِينَ).

أيها الإخوةُ المؤمنون الأحبابُ:

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، تحية طيبة من عند الله مباركةً.

أمّا بعد:

هاهو أفضلُ زائرٍ أمسى على عتباتِ أبوابكم!

وما هي إلا سويعاتٌ يسيرةٌ، ويستأذن للنزولِ في بيوتاتكم!

يقول لكم بلسان حاله: إنني ضيفٌ عليكم طيلةَ شهر كامل!

وأنا من بين شهور السنة؛ سفيرُ الله تعالى إليكم!

أراقبكم، وأسامركم، وأسايركم، وأحفظ عليكم قيامكم وقعودكم وكلماتكم!

لأخبر الله تعالى بما استقبلتموني به من مكارمِ الأخلاق، وكرم الضيافة، وحسن الاستقبال، وتفقّد الضعيفِ والفقير والمرأة، وذوي الأرحام!

سأخبر الله تعالى بتحبيركم تلاوةَ القرآن العظيم، وتفتيشكم عن معانيه وأسراره ومسابقاتكم في تسجيل عددٍ من خَتماته، زلفى إلى الله تعالى وقربى!

أنتم تعلمون وأنا أعلم؛ أنّ لي باباً خاصّاً من أبواب جنّة النعيم، هو باب «الريّان» لا يدخله إلا الصائمون، وأنا سأشهد لكم عند الرحمان الرحيم؛ أنكم صُمتم النهار عن الطعام والشراب والشهوات والغيبة والنميمة وفحش اللسان!

وسأشهد لكم بأنكم أظمأتم نهاركَم، وأسهرتم ليلَكم، قياماً في صلواتكم، وخشّعاً في تلاوةِ كتابِ ربّكم، ولَهَجاً بذكر مولاكم، رغبةً إليه، وحبّاً بجماله وجلاله.

فاجتهدوا في طاعاتِكم، وافرحوا بحسناتكم، وأروني من الخير والبرّ والتقوى أفضلَ ما عندكم!

أيها الإخوة المؤمنون:

كلّ عام وأنتم بخير.

كلّ ساعةٍ وأنتم إلى الله تعالى أقرب.

كلّ لحظة وأنتم في عين الله تعالى ورعايته ولطفه وعنايته.

اللهم بحرمة هذا الشهر المبارك عندكَ، والأثير لديك؛ أصلح أمّة سيّدنا محمّدٍ، واعطف قلوبَهم إليك، ووفقهم إلى السعادةِ بالتزام دينك، والقيام بشرائعك، والمسارعة فيما ندبتهم إليه.

اللهم واجمع كلمتهم، وألّف بين قلوبهم على الحقّ من توحيدك، وعلى اليُسر من سنة نبيّك ورسولك محمّد صلّى الله عليه وآله وسلّم.

اللهم وباعد بينهم وبين العصبيّة والطائفيّة والمذهبيّة التي سامتهم الخسفَ والظلمَ والجورَ والمذلّة والمذمة.

الله وَلّ علينا خيارنا، ولا تولّ علينا شرارَنا، واجعل ولايتنا فيمن خافك واتّقاك وتبع هداك.

]رَبَّنا: ظَلَمْنَا أَنْفُسَنا، وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنا؛ لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ[.

هذا.. وصلّى الله على سيّدنا محمّد بن عبدالله، وعلى آله وصحبه وسلَّم تَسليماً

والحمد لله على كلّ حال.

الجمعة، 9 أبريل 2021

 قَريباً مِن السِياسَةِ (3):

إلى قادةِ الدولِ العربية!؟

بسم الله الرحمن الرحيم

(رَبَّنا: عَلَيْكَ تَوَكَّلْنا، وَإِلَيْكَ أَنَبْنا، وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ.

رَبَّنَا: لَا تَجْعَلْنَا فِتْنَةً لِلَّذِينَ كَفَرُوا، وَاغْفِرْ لَنَا.

رَبَّنَا: إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ).

(رَبَّنَا افْتَحْ بَيْنَنَا وَبَيْنَ قَوْمِنَا بِالْحَقِّ، وَأَنْتَ خَيْرُ الْفَاتِحِينَ).

أصحابَ الجلالةِ والفخامة والسموّ، قادةَ البلاد العربيّة الحاكمين.

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، تحيّةً طيّبةً من عند الله مباركة.

أمّا بَعدُ:

بمناسبة اقتراب قدوم شهر رمضان المبارك؛ أتقدّم من شخوصكم الفخيمة!

ومن خلالكم إلى شعوب الأمّة العربية بأكرم التهاني والتبريكات، سائلاً الله تبارك وتعالى أن يُصلحَ من شؤونِكم، وأن يُسدّد خطواتِكم، وأن يلهمكم الإنابةَ والتقوى وأن يجعلكم سبباً في هدايةِ وسعادةِ شعوبكم المسلمة، التي تنتظر منكم الكثيرَ الكثيرَ من أمورِ الدينِ والدنيا والآخرة.

أيها القادةُ المسلمون:

جعلَ الله تبارك وتعالى  شهرَ رمضانَ المباركِ أعظمِ شهور السنة، وخصّه بخواصّ ليست لغيره من شهور السنةِ!

- ففيه كانت بدايةُ رسالةِ الرسولِ محمّد صلّى الله عليه وآله وسلم، بنزول أوّل آية من القرآن العظيم عليه:

(شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ).

- وفيه يقومُ المسلمون بفريضةِ الصيام، إحدى الفرائض العمليّة الأربعِ الكبرى في دين الإسلام (الصلاة والصيام والزكاة والحجّ).

- وفيه ليلةٌ خيرٌ من ألفِ شهرٍ، ليس فيها تلك الليلة!

(إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ (1) وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ (2) لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ (3) [القدر].

- وفيه كان جبريل يدارس الرسولَ عليهما الصلاة والسلام القرآنَ الذي انقضى نزولُه في كلّ سنة سالفة.

- وفيه يتفقّد بعضُ المسلمين بعضاً بالنفقة والمساعدة للمعونة على القيام بهذه الفريضة التربوية الجليلة.

وأنتم معاشرَ حكام الدول العربية؛ تعيشون حياةَ الرفاهية والجِدَةِ، وأكثر شعوبكم تعيش الفقرَ والمرضَ والجهلَ، وهي أحوج ما تكون إلى ضروريّات الحياة.

وإنني أوصيكم بوصايا ثلاثٍ، أسأل الله تعالى أن يشرحَ صُدورَكم إلى قَبولِها:

- الوصيّة الأولى: أن تتوبوا إلى الله تعالى توبةً نصوحاً، وتعاهدوه على الالتزام بدينه وأحكام شريعته، وأن تعاملوا شعوبَكم مثلما تعاملون أبناءكم، فليس لأولادكم عند الله تعالى حقّ إضافيّ لأنهم أولاد القادة!

وأن تُقلعوا عن الفتن والمؤامرات، من بعضكم على بعضٍ؛ فإنّ ضررَ هذا يعودُ عليكم قبلَ عودِه على شعوبكم، إضافةً إلى أنّه يجعلكم ضعفاءَ بين القادةِ، لا يُحسبُ لكم حسابٌ، ولا يُلتَفتُ إلى مصالحكم.

(وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ وَاصْبِرُوا إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ (46) [الأنفال].  

- الوصيّة الثانية: أن تنظروا في أحوال الموظفين الصغار، فتمنحوهم علاوةً إضافية تعينُهم على أداء عبادة الصيامِ بيسر وراحة، مما يعود عليكم بدعائهم ومزيدٍ من طاعتهم، فضلاً عن رضوانِ الله تعالى عليكم.

ولا تنسوا العمّالَ الذين يَحصلون على أقواتِ أولادهم يوميّاً، فهؤلاء هم الطبقة الأجدر بصَرفِ الزكوات والصدقات إليها.

- الوصيّة الثالثة: أنْ تُعنَوا عنايةً فائقةً بالقرآن العظيم، وتجعلوه ثقافة شعوبكم قرآنيةً:

- فتجعلون مادّةَ ترتيل القرآن وتجويده، مفردةً.

- وتجعلون مادّةَ آيات العقيدةِ والدعوةِ، حفظاً وتفسيراً، مفردةً.

- وتجعلون مادّة آيات الأحكام، حفظاً وتفسيراً، مفردةً.

- وتجعلون مادّة التفسير بالمأثور مفردةً.

- وتجعلون مادّةَ التفسير التحليليّ مفردةً.

- وتجعلون مادّة التفسير الموضوعيّ مفردةً.

- وتجعلون مادة التفسير العلميّ (في الأنفس والآفاق) مفردةً.

وتجعلون ذلك كلّه إلزاميّاً على جميع فروعِ الدراسة، ابتداءً من الصفّ الأوّل الثانويّ، وحتى نهايةِ المرحلة الثانويّة.

وأن تخصّصوا مكافآتٍ تشجيعيّةً لمن يحفظ ربعاً من القرآن العظيم، ولمن يحفظ نصفه، ولمن يحفظ جميعَ القرآن العظيم، مع إتقان روايةٍ من روايات القراءات الصحيحة.

أيها القادةُ الكبار:

إنّ رضا أمريكا والغرب والشرق والشمال والجنوب عنكم؛ لا يساوي عند الله تبارك وتعالى، إلا مثلَ رضا أبي لهبٍ وأبي جهلٍ عن رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم.

وإنّ هوانَكم وهوانَ شعوبكم على هذه الدول والكيانات السياسيّة؛ هو بسبب بعدكم عن دينكم الحقّ من جهةٍ، وبسبب تفرّقكم، وتبديد إمكاناتِ بلادكم، وطاقات شعوبكم، من جهاتٍ أُخَر.

ومتى كانَ لديكم إيمان عميقٌ وتقوى وإرادةٌ وعزيمةٌ؛ ستتنازلون عن مطامعكم الشخصيّة، وتتوحدون على الحقّ، وتقدّمون الأكفأ والأتقى، وتكونون له أعواناً على الخير.

أسألُ الله تعالى لي ولكم الهدايةَ والرشادَ، والتوفيقَ إلى طاعته ومرضاته.

(رَبَّنا: ظَلَمْنَا أَنْفُسَنا، وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنا؛ لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ).

هذا.. وصلّى الله على سيّدنا محمّد بن عبدالله، وعلى آله وصحبه وسلّم تسليماً

والحمد لله على كلّ حال.