التصوف العليم:
الكفُّ عن الموتى!؟
بسم الله الرحمن الرحيم
(الحمدُ للهِ، وسَلامٌ على
عِبادِه الذين اصْطَفى(.
أمّا بعد: من آدابِ
الإسلامِ الحنيفِ؛ الكفُّ عن نَبْشِ مساوئ المسلمِ متى توفي!
قال الرسول صلى الله عليه
وآله وسلّم: (لا تَسُبُّوا الْأَمْوَاتَ؛ فَإِنَّهُمْ قَدْ أَفْضَوْا إِلَى مَا
قَدَّموا) أخرجه البخاري وغيره، من حديث عائشة رضي الله عنها مرفوعاً.
وقال صلى الله عليه وآله
وسلّم: (إذا مات صاحبكم؛ فدعوه، ولا تقعوا فيه) أخرجه ابن حبّان في صحيحه (3019) والدارمي
في سننه، وأبو داود والترمذي، وقال: حديث حسن صحيح.
وقد سمعتُ عدداً من أهلي
يقولون: «الموتُ ينهي الخلافَ، ويوجبُ الرحمة»!
ومن أجمل عاداتِ العراقيين؛
أنّهم يترحّمون على المتوفّى، ويكفّون عن ذكر مساوئه وإساءاته، مهما كانت الخصومة
شديدةً مع المتوفى.
أمّا مشايخنا الصوفيّة؛
فكانوا يقولون لنا: «متى مات المسلم؛ يتعيّن على الصوفيّ أن يسامحه، وأن يدعو له
خاصّةً عقبَ دفنه، لما جاء عن الرسول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنّه إِذَا
فَرَغَ مِنْ دَفْنِ الْمَيِّتِ؛ وَقَفَ عَلَيْهِ فَقَالَ: (اسْتَغْفِرُوا
لِأَخِيكُمْ، وَسَلُوا لَهُ بِالتَّثْبِيتِ؛ فَإِنَّهُ الْآنَ يُسْأَلُ) أخرجه جمع
من المحدثين، منهم أبو داود (3221) وفي إسناده خلاف.
وكانوا يوصوننا بأن ندعو
لكلّ المسلمين في صلواتنا، بدعاء أبينا إبراهيم عليه السلام (رَبِّ اجْعَلْنِي
مُقِيمَ الصَّلَاةِ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي، رَبَّنَا وَتَقَبَّلْ دُعَاءِ (40)
رَبَّنَا اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ، وَلِلْمُؤْمِنِينَ يَوْمَ يَقُومُ
الْحِسَابُ (41) [سورة إبراهيم].
وممّا جرى معي شخصيّاً،
عقب رفضِ أطروحتي للدكتوراه في العراق؛ أنني غدوتُ أدعو على لجنة المناقشةِ في كلّ
صلاة، أزيدَ من أربعين يوماً - فيما أتذكّر -
فسمعتُ في المنام صوتَ
رجلٍ عالياً جدّاً ومرعباً، يتلو قوله تعالى: (لَيْسَ لَكَ مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ،
أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ، أَوْ يُعَذِّبَهُمْ؛ فَإِنَّهُمْ ظَالِمُونَ (128) [آل
عمران].
فعدلتُ عن الدعاء عليهم،
إلى الدعاء لهم، بهذه الصيغة: «اللهم أحسن إلى كلِّ من أحسن إليّ، وسامحني، وسامح
من أساء إليّ من المسلمين».
بعضُ مشايخي وأساتذتي
الذين ظلموني، قد يصعب علي الصفح عنهم، بيد أنّ أدعيتي السابقَةَ تشملهم، والله
يغفر لنا ولهم.
والحمد لله على كلّ حال.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق