في عصور الجهل والتقليد؛ انبهر بعض المسلمين بكل وافد، حتى صاروا يستدلون على وجود ربهم تبارك وتعالى بطريقة الفلسفة اليونانية التي أضلت أهلها ولم توصلهم إلى يقين ولا إلى توحيد؛ زاعمين أنهم يقتدون برسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فيما نسب إليه: (الكلمة الحكمة ضالة المؤمن، فحيث وجدها؛ فهو أحق بها) أخرجه الترمذي وضعفه بقوله: هذا حديث غريب لا نعرفه إلا من هذا الوجه.
وعلى هذا المنهج الكلامي والتقليد الأعمى؛ عظّم كثيرٌ من المتصوفة ما يقوله شيوخهم وكأنه الوحي المنزّل، فتركوا يسرَ الإسلام وصفاء الإسلام، وتكلموا في وحدة الوجود والظاهر والباطن وانبهروا بالكشوف والفتوح التي أكرم الله بها بعضهم، فقدسوهم، إلخ!
وعلى هذا المنهج الكلامي والتقليد الأعمى؛ عظّم كثيرٌ من المتصوفة ما يقوله شيوخهم وكأنه الوحي المنزّل، فتركوا يسرَ الإسلام وصفاء الإسلام، وتكلموا في وحدة الوجود والظاهر والباطن وانبهروا بالكشوف والفتوح التي أكرم الله بها بعضهم، فقدسوهم، إلخ!
فالتصوف الذي
نرفضه؛ هو إعطاء الشيخ تلك القدسية التي لا تكون إلا لله، ولعلها تزيد أضعافاً على استحقاق أفضلهم.. بل لعلها تزيد على ما
كان أصحاب رسول الله الكريم يتعاملون بها معه!
والتصوف الذي
نرفضه؛ هو هجر الأذكار والأوراد الثابتة عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم،
والتمسك بأذكار وأوراد اخترعها شيخٌ قد يكون جاهلاً أصلاً لا يحسن نطق تلك
الأذكار! وكتاب الأذكار للإمام النووي مهجور ولا يعرفه الكثيرون!
ولذا فإني إذا طلب
أحد الشباب مني وِرداً أجزته بكتاب الأذكار، وإذا طلب مني كتاباً في الأخلاق
والسلوك أجزته بكتاب رياض الصالحين؟!
والتصوف الذي
نرفضه هو الدعوى أو الاعتقاد بالحلول، والاتحاد، ووحدة الوجود، وسقوط التكاليف،
فمن يؤمن بواحدة من هذه المعتقدات كما هي عند أهلها الذين نقلناها عنهم انبهاراً؛
فهو كافرٌ كفراً ناقلاً عن الملة.
والتصوف الذي
نرفضه هو ذلك الاتّجار باسم الطريق، فترى الشيخ منعماً مترفاً، وتلامذته جياعٌ لا
غذاء ولا دواء ولا مسكن لهم، وهمّهم الأكبر إرضاء ذاك الشيخ وتقديسه وتقديس أولاده.
والتصوف الذي
نرفضه هو ادّعاء اختصاص الصوفيه بالحقائق واختصاص العلماء بالرسوم وما اجمل أن
يكون العالم صوفياً؛ لأنه يعرف ما يأتي وما يذر.
التصوف العليم
الذي ندعو إليه هو القيام لله تعالى في مرتبة الإحسان، والتفاني في طاعته وتبليغ
دينه لعباده على المحجة البيضاء (دع ما يريبك إلى ما لا يريبك) وبهذا المفهوم
الشرعي للتصوف؛ ذهب شيخنا العلامة السيد عبدالله بن الصديق الغماري رحمه الله
تعالى إلى وجوب سلوك التصوف على كل مسلم، وما لم يسلك أولئك الجفاة الغلاظ منهج
التصوف العليم هذا، فمن أين تأتيهم رقة الطبع، ومن أين تنور قلوبهم ووجوههم، ومن
أين يتذوقون كتاب الله عز وجل؟
نحن ندعو لاتباع
التصوف العليم؛ ونرجو ألا نأكل اللقمة حتى نتحقق حلّها، ولا نقول الكلمة حتى نتحقق
مشروعيتها، وما نحن بمعصومين من خطأ غير مقصود، والله وليّنا، نعوذ بالله من الخذلان.
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا،
والحمد لله رب العالمين.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق