الخميس، 16 يونيو 2022

      مَسائِلُ فِكْرِيَّةٌ (31):

فَضيلةُ زيارةِ مشهد الحسين!؟

بسم الله الرحمن الرحيم

(رَبَّنا: عَلَيْكَ تَوَكَّلْنا، وَإِلَيْكَ أَنَبْنا، وَإِلَيْكَ الْمَصيرُ.

رَبَّنا: لَا تَجْعَلْنا فِتْنَةً لِلَّذِينَ كَفَرُوا، وَاغْفِرْ لَنَا.

رَبَّنا: إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ).

(رَبَّنا: افْتَحْ بَيْنَنَا وَبَيْنَ قَوْمِنَا بِالْحَقِّ، وَأَنْتَ خَيْرُ الْفَاتِحِين).

كتب إليّ يقول: هناك كتب تدعى كتبَ «الزيارات» يُذكر فيها ثوابٌ جزيلٌ لزيارة مراقد الأئمة الأحد عشر، عليهم السلام، فهل صحّ في ذلك شيءٌ؟!

أقول وبالله التوفيق:

ورد في كتب الرواية عند أهل السنة عددٌ من الروايات، في فضل زيارة الرسول صلّى الله عليه وآله وسلّم.

منها حديث عمر بن الخطاب مرفوعاً، عند البيهقي في السنن الكبير (10863) وقال: هذا إسناد مجهول.

ومنها حديث عبدالله بن عمر مرفوعاً، عند أبي داود الطيالسي، في مسنده (65) ولفظه: (مَنْ زَارَ قَبْرِي) أَوْ قَالَ: (مَنْ زَارَنِي؛ كُنْتُ لَهُ شَفِيعًا أَوْ شَهِيدًا وَمَنْ مَاتَ فِي أَحَدِ الْحَرَمَيْنِ بَعَثَهُ اللَّهُ فِي الْآمِنِينَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ).

ولفظه عند الفاكهي في أخبار مكة (949) وعند الطبراني في الأوسط (287) والدارقطني في السنن (2693): (مَنْ حَجَّ فَزَارَ قَبْرِي بَعْدَ وَفَاتِي كَانَ كَمَنْ زَارَنِي فِي حَيَاتِي) وفي سنده ليث بن أبي سليم: ضعيف جدّاً، وضعّفه البيهقيّ في السنن الكبير (10370) بحفص بن أبي داود أيضاً.

ومنها حديث حاطب بن أبي بلتعة مرفوعاً، عند الدينَوَريّ في المجالسة وجواهر العلم (130) والدارقطني في السنن (2694) ولفظه: (مَنْ زَارَنِي بَعْدَ مَوْتِي؛ فَكَأَنَّمَا زَارَنِي فِي حَيَاتِي، وَمَنْ مَاتَ فِي أَحَدِ الْحَرَمَيْنِ بُعِثَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مِنَ الْآمِنِينَ) وإسناده ضعيف جدّاً.

ومنها حديث أنس بن مالك، عند البيهقيّ في شعب الإيمان (3860، 3863) وقال في الموضع الثاني: منكر.

ولا يصحُّ في زيارةِ الرسول صلّى الله عليه وآله وسلّم أيّ حديث!

لكنّ بين أيدينا ما هو أعظم من جميع الأحاديث والروايات!

بين أيدينا قول الله تبارك وتعالى:

(وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ رَسُولٍ إِلَّا لِيُطَاعَ بِإِذْنِ اللَّهِ وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ جَاءُوكَ فَاسْتَغْفَرُوا اللَّهَ وَاسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ لَوَجَدُوا اللَّهَ تَوَّابًا رَحِيمًا (64) [النساء].

وعدم ورود حديثٍ صحيح في زيارة الرسول صلّى الله عليه وآله وسلّم؛ لا يعني عدمَ جواز الزيارة، كما ذهب إليه بعض النواصب!

بل إنّ زيارته قربى إلى الله تبارك وتعالى، وامتثالٌ لأمر الله تعالى لنستغفر الله تعالى عند رسوله صلى الله عليه وآله وسلم، ونستشفع به ليشفع لنا عند الله تعالى.

ومَن صرف الآيةَ الكريمة إلى حياة الرسول الأكرم؛ فقد تأوّل من عند نفسه!

فالرسل أحياء في قبورهم، ورسولنا صلّى الله عليه وآله وسلّم حيٌّ أيضاً.

أمّا كتبُ الزياراتِ عند الشيعة؛ فكلها من أولها إلى آخرها كذب وتزوير وافتراء، ما عدا الآيات القرآنية التي يستشهدون بها في غير موضعها.

وقد ذكرت غير مرّةٍ أنّ ثقافة الشيعة المضمنة في بحار الأنوار، منها (95%) كذب وافتراء، لا يعرف الرسول صلّى الله عليه وآله وسلّم والأئمة من بعده شيئاً منها.

وهذا لا يعني أنّ زيارةَ الأئمة عليهم السلام لا تجوز، كلّا وألف كلّا!

إنما ما يزعمونه في هذه الكتب، من أنّ زيارة الإمام الفلاني فيها من الثواب كذا، وهي خيرٌ من حجّةٍ، ثمّ من عشر حجج، ثم خير من مائة حجّة، إلى أمثال هذه المبالغات الكاذبة السخيفة؛ فهذا الذي لا يثبت، ولا يجوز اعتقاده أبداً!

مساكين الشيعة والله!

يحبون الرسول وآلَ البيت حبّاً أسأل الله تعالى أن يثيبهم عليه.

لكنهم تستهويههم المبالغات والتهويلات، ويتوارثون من الجهالاتِ والعذابات؛ ما لم يأتِ أنّ عليه شيئاً من الأجر!

هل ركضة طويريج عليها أجر؟

هل المشي من البصرة إلى كربلاء عليه أجر؟

هل موسم مقتل الحسين، وموسم أربعين الحسين عليه أجر؟

هل التطبير ولطم الصدر عليه أجر؟

هناك مظاهر كثيرة، يجب أن يتخلّص منها الشيعة، فلا هي تجلب الأجر، ولا هي من مظاهر الرقيّ والتحضّر أبداً !

بقي أن أشير إلى نقطة مهمة، كان يثيرها نواصب العراق في كلّ عام!

يزعمون أنّ طعامَ الشيعة في عاشوراء وأربعين الحسين ونحو ذلك؛ لا يجوز أكلُه، بل هو حرام؛ لأنّ الله تعالى يقول:

(إِنَّمَا حَرَّمَ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةَ وَالدَّمَ وَلَحْمَ الْخِنْزِيرِ وَمَا أُهِلَّ بِهِ لِغَيْرِ اللَّهِ فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلَا عَادٍ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (173) [البقرة].   

وهذا الطعام أُهلّ به للحسين وغيره من الأئمة عليهم السلام!

وهذا كلام باطل ساقط، فقد حضرت عدداً من هذه المواسم، فرأيت الجزارين يتوضأون، ثم يكرّرون الشهادة غير مرّة، ثم يقولون: بسم الله والله أكبر، ثم يذبحون!

وما دام الجزار قال: (بسم الله والله أكبر) فقد أهلّ بتلك الذبيحةِ لله تعالى.

وأيّ ألفاظ جاهلةٍ يقولها الناس بعد ذلك؛ فيعَلَّمون أنها غير جائزة، أو مكروهة، أو فيها غلوّ، لكنّ الذبيحة تمّت حلالاً!

والله تعالى أعلم

(رَبَّنا: ظَلَمْنَا أَنْفُسَنا، وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنا؛ لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ).

هذا.. وصلّى الله على سيّدنا محمّد بن عبدالله، وعلى آله وصحبه وسلّم تسليماً.

والحَمْدُ للهِ على كلِّ حالٍ.

الثلاثاء، 7 يونيو 2022

 مسائل من الفقه والأصول (١٢):

عودة إلى نكاح المتعة!؟

بسم الله الرحمن الرحيم

(رَبَّنَا: عَلَيْكَ تَوَكَّلْنَا، وَإِلَيْكَ أَنَبْنَا، وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ.

رَبَّنَا: لَا تَجْعَلْنَا فِتْنَةً لِلَّذِينَ كَفَرُوا، وَاغْفِرْ لَنَا.

رَبَّنَا: إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ).

(رَبَّنَا افْتَحْ بَيْنَنَا وَبَيْنَ قَوْمِنَا بِالْحَقِّ، وَأَنْتَ خَيْرُ الْفَاتِحِينَ).

جاءتني اعتراضات كثيرة على المنشور (١١) الراجح في نكاح المتعة!

ويصدق على جميع المعترضين قول الشاعر:

وكم من عائب رأيا سديدا

وآفته من الفهم السقيم!

أيها الإخوة الغيارى على دينكم وأعراضكم: بارك الله بكم وعليكم!

أنا لم أجوّز نكاح المتعة أصلا، ولم أتكلم عن شروط صحته، ولا على شروط تمامه، لا على الشروط المتفق عليها، ولا المختلف فيها.

إنما قلت: لدينا مشاكل اجتماعية كثيرة:

- نسبةُ العوانس عاليةٌ جداً في الوطن العربي عامة، وفي البلدان التي تستعر فيها الحروب خاصة!

- هناك ارامل لديهن أطفال صغار، لا يستطعن الزواج، وترك الأولاد لقدرهم، إذا لم يوافق الزوج الجديد على ضمهم إلى أمهم؛ مشكلة كبرى!

- وهناك نساء موظفات، يرفضن ترك عملهن لأي سبب، وعملهن قد يكون في الليل وقد يكون في النهار، كالطبيبات مثلا، فهن مجبرات على المناوبة مرة في الليل ومرة في النهار، وهكذا، ووضعن هذا مخالف لهدف الزواج من الأصل، وهو قرار المرأة في بيتها، وانقطاعها إلى إسعادِ زوجها.

- وهناك نساء لم يؤتين قدراً من الجمال، يغري الرجال بالزواج منهن!

وهناك نساء، وهناك نساء!

هذه ظواهر اجتماعية موجودة، وهي تحتاج إلى حلول، يشترك فيها العلماء والحكام.

هل قلت غير ذلك؟

في أيّ جملة من كلامي قلت: أنا أجوّز نكاح المتعة؟

ولو كنت أجوّز نكاح المتعة؛ ما فعلته أبداً، فأنا من دون زوجة منذ سبع سنوات، ولا والله ما لمست كفي كفّ امرأة أجنبية، لا في حلالٍ، ولا في حرام، ولا في متعة، ولا في مسيار!

قال بعضهم: نكاح المتعة عند الشيعة لا يشترط فيه إذن الولي.

لنفترض أن ذلك صحيح!

النكاح الدائم عند أبي حنيفة، لا يشترط فيه الولي، إنما يندب ذلك!

واشترط مالك الوليّ للمرأة الشريفة، أما المرأة الوضيعة؛ فيمكنها توكيل أيّ رجل ليعقد نكاحها.

(انتبهوا إلى هذه المسألة جيّداً، فليست كلّ النساء يقبلن الزنا، أو يقبلن المتعة، وفهمكم كافٍ)!؟

قالوا: نكاح المتعة لا يشترط فيه الشهود!

قلنا ليس صحيحا أبدا هذا الكلام.

ولنفترض أنه صحيح!

فقد اختلف علماء أهل السنة: هل وجود شاهدين شرط لصحة عقد النكاح، أو شرط لتمام النكاح؟

قال بعضهم: لو عقد الولي لرجل على ابنته من دون شهود، وقبل الدخول أشهر النكاح؛ فذلك النكاح صحيح وجائز، وقد فعله الحسن بن علي، عليهما السلام، (كما في بداية المجتهد لابن رشد).

قالوا: عقد المتعة مثل الزنا، يجوز أن يتزوج الرجل يوما، أو بعض يوم، أو ساعة!

أقول: هذا صحيح، موجود عندهم، لكنه ليس مثل الزنا أبدا.

وفي بعض عقود النكاح الدائم يوجد هذا الأمر نفسه.

دخل رجل مدينة من المدن، واشتاق إلى النساء، فخطب إحداهن، ووافق وليها، وحضر الشاهدان، وأعلن النكاح بزغاريد أم العروس وأخواتها.

بعد يومين أو ثلاثة؛ سافر، فطلقها قبل سفره، أو أرسل إليها ورقة الطلاق!

أليس هذا جائزا عند جمهور أهل السنة، ووضعوا له عنوان (الزواج بنية الطلاق )

أو (زواج السفر) أليس هذا شرّاً من المتعة؟ أليس فيه تغريرٌ بالمرأة وكسر لخاطرها؟

دعك من هذا كله، رجل وصفت له امرأة، في بلد آخر، فوكل أحدا وكالة رسمية بعقد زواجه عليها.

حين جاءت إليه المرأة؛ وجدها عمياء، أو عوراء، أو قبيحة، أو غبية، فطلقها وأرجعها إلى أهلها فورا.

أمن الممكن أن يقع مثل هذا، أم لا ؟

مقصودي من المنشور السابق، ومن هذا المنشور؛ أن على العلماء والحكام؛ أن يجدوا حلولا لجميع المشاكل الجنسية، وما يُلزمون الناس به، مما يحقق المصالح المشروعة؛ فهو الشرع.

إذ ليس في الكتاب والسنة ما يوجب الولي، ولا ما يوجب الشهود، ولا ما يوجب تأبيد عقد النكاح.

إنما هي نصوص إرشادية عامة، نزّلها الفقهاء على عقد النكاح، صيانة للمرأة.

وهناك عدة أحاديث ضعيفة، لا يثبت منها شيء!

ولو ثبت منها شيءٌ؛ ما قال الإمام أبو ثور الكلبيّ وجماعة من العلماء:

(ليس الشهود من شرط النكاح، لا شرط صحة، ولا شرط تمام).

كما في بداية المجتهد (٣: ٤٤).

وأما المهر؛ فحمل كثير من العلماء قوله تعالى (وآتوا النساء صَدُقاتهن نحلة) على الإرشاد، وليس على الوجوب، بدليل الحديث الصحيح، الذي أخرجه الشيخان البخاري (٥٠٢٩) ومسلم (١٤٢٥):

(زوجتكها بما معك من القرآن).

ومعلوم أن هذا تكريم معنوي للمرأة، وليس بمهر على الحقيقة!

أيها الإخوة الكرام: نحن نقول لكم ما يمكن أن يستوعبه كثيرون منكم.

ولو أردت أن أطرح عليكم دراسة كل مسألة بمراحلها في ضوء الفقه المقارن؛ لما فهم كثيرون منكم شيئا منها، إذ إن (٩٠%) من المسائل الفقهية مبنية على الاجتهاد، عند أهل السنة والشيعة والإباضية!

ومن ظن فقه الزيدية أو الإمامية، او الإسماعيلية، كلّه منقول عن الإمام علي والحسن والحسين عليهم السلام، وعن الطبقة الأولى؛ فهو واهم، بل أكثره اجتهادٌ!

قال الإمام القاسم بن إبراهيم الرسيّ (170 - 244 هـ): (أدركت مشيخةَ آل محمد عليه وعليهم الصلاة والسلام، من ولد الحسن والحسين، ليس بينهم اختلاف، ثمّ ظهرت أحداثٌ، فتابعوا العامّة - أهل السنة - في أقوالها) [انظر مقدمة شرح الأزهار لأبي الحسن بن مفتاح (ص: 12)].

فهذا القول يدلّ على أنّ علماء أهل البيت كانوا على قولٍ واحدٍ إلى هذا العصر، بداية القرن الثالث الهجري؛ لأنّ الإمام القاسم شهد تأثر فقه آل البيت بفقه أهل السنة، وهل هذا شيءٌ، سوى الاجتهاد؟

والله تعالى أعلم.

(رَبَّنا: ظَلَمْنَا أَنْفُسَنا، وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنا؛ لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ).

هذا.. وصلّى الله على سيّدنا محمّد بن عبدالله، وعلى آله وصحبه وسلّم تسليماً.

والحمد لله على كلّ حال.

 

الاثنين، 6 يونيو 2022

       مَسائِلُ فِكْرِيَّةٌ (29):

التسامُحُ الدينيّ !؟

بسم الله الرحمن الرحيم

(رَبَّنا: عَلَيْكَ تَوَكَّلْنا، وَإِلَيْكَ أَنَبْنا، وَإِلَيْكَ الْمَصيرُ.

رَبَّنا: لَا تَجْعَلْنا فِتْنَةً لِلَّذِينَ كَفَرُوا، وَاغْفِرْ لَنَا.

رَبَّنا: إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ).

(رَبَّنا: افْتَحْ بَيْنَنَا وَبَيْنَ قَوْمِنَا بِالْحَقِّ، وَأَنْتَ خَيْرُ الْفَاتِحِين).

لستُ في حاجةٍ إلى بيانِ السبب في نشر هذا المنشور، فواضحٌ لجميع المسلمين المنهج السائد لدى حكّام الدول العربية، في التسامح!

السفور والتعريّ تسامح!

حجاب المرأة المسلمة؛ ظلمٌ وتشدّد!

الصداقات بين الرجال والنساء الأجانب؛ تسامح!

الفصل بين الجنسين؛ تخلّف وتشدّد!

المساكنة واكتشاف الآخر؛ تسامح!

العفّة والترفّع عن الشيوعيّة الجنسيّة؛ تخلّف وتشدّد!

الزنا بين الرجال والنساء، والسحاق بين النساء والنساء، واللواطة بين الرجال والرجال؛ تقدّم وحريّة شخصيّة، وتسامح!

منع هذه السفالات البهيمية؛ تنطّع وتضييق وتشدّد!

التطبيعُ مع الصهاينة، والتنازل لهم عن الأرض المقدسة؛ تسامح!

مطالبةُ شعب الأرض المقدّسة بحقّه في دياره؛ إرهاب!

قتل الصهاينة لأهلنا في الأرض المقدّسة؛ دفاع عن النفس مشروع!

دفاع الشعب عن أرضه وعرضه؛ إرهاب!

إلقاءُ صهيونيٍّ مجرمٍ محاضرةً في المسلمين، في جامعٍ إسلاميٍّ؛ تسامح!

الإنكارُ على مَن أذن بمثل هذه السفالاتِ الحقيرة؛ إرهاب!

باختصار شديد:

كلّ ما يُخالفُ عقيدةَ المسلمين وشعائرَهم وشريعتَهم؛ تسامح!

وكلّ أمرٍ بمعروفٍ، أو نهيٍ عن منكرٍ، أو دفعٍ للصائلِ، أو جهادٍ في سبيل الله تعالى ولو بالكلمة الطيّبة؛ إرهاب، إرهاب، إرهاب!

أيها الحكّام العرب:

سيأتي اليوم الذي تلاقون فيه اللهَ جلَّ وعزّ، وحينئذٍ لن تجدوا منكم يداً، أو لساناً أوقدماً، إلّا تنطق بالشهادة على ظلمِكم وجَوركم وتآمركم، وعمالتكم لأعداء أمة الإسلام!

(يَوْمَ تَشْهَدُ عَلَيْهِمْ أَلْسِنَتُهُمْ وَأَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (24).

يَوْمَئِذٍ يُوَفِّيهِمُ اللهُ دِينَهُمُ الْحَقَّ، وَيَعْلَمُونَ أَنَّ اللهَ هُوَ الْحَقُّ الْمُبِينُ (25) [النور].

أيها الحكّام العرب: انظروا إلى مصيركم اليقين المشؤوم!

(وَقَالُوا لِجُلُودِهِمْ: لِمَ شَهِدْتُمْ عَلَيْنَا؟

قَالُوا أَنْطَقَنَا اللهُ الَّذِي أَنْطَقَ كُلَّ شَيْءٍ!

وَهُوَ خَلَقَكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ (21).

وَمَا كُنْتُمْ تَسْتَتِرُونَ أَنْ يَشْهَدَ عَلَيْكُمْ سَمْعُكُمْ وَلَا أَبْصَارُكُمْ وَلَا جُلُودُكُمْ!؟

وَلَكِنْ ظَنَنْتُمْ أَنَّ اللهَ لَا يَعْلَمُ كَثِيرًا مِمَّا تَعْمَلُونَ (22).

وَذَلِكُمْ ظَنُّكُمُ الَّذِي ظَنَنْتُمْ بِرَبِّكُمْ أَرْدَاكُمْ، فَأَصْبَحْتُمْ مِنَ الْخَاسِرِينَ (23).

فَإِنْ يَصْبِرُوا؛ فَالنَّارُ مَثْوًى لَهُمْ، وَإِنْ يَسْتَعْتِبُوا؛ فَمَا هُمْ مِنَ الْمُعْتَبِينَ (24) [فصّلت].

وحسبنا الله ونعم الوكيل!

(رَبَّنا: ظَلَمْنَا أَنْفُسَنا، وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنا؛ لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ).

هذا.. وصلّى الله على سيّدنا محمّد بن عبدالله، وعلى آله وصحبه وسلّم تسليماً.

والحَمْدُ للهِ على كلِّ حالٍ.

السبت، 4 يونيو 2022

       مَسائِلُ فِكْرِيَّةٌ (28):

احْتِرامُ ثَقافَةِ الآخَرينَ !؟

بسم الله الرحمن الرحيم

(رَبَّنا: عَلَيْكَ تَوَكَّلْنا، وَإِلَيْكَ أَنَبْنا، وَإِلَيْكَ الْمَصيرُ.

رَبَّنا: لَا تَجْعَلْنا فِتْنَةً لِلَّذِينَ كَفَرُوا، وَاغْفِرْ لَنَا.

رَبَّنا: إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ).

(رَبَّنا: افْتَحْ بَيْنَنَا وَبَيْنَ قَوْمِنَا بِالْحَقِّ، وَأَنْتَ خَيْرُ الْفَاتِحِين).

يسمع الواحدُ منّا حيثما ذهبَ، وأيّاً ما قرأ: نحن نحترم جميع الأديان والمعتقدات والثقافات، في جميع أنحاء العالم، ويعبّرون عنها اختصاراً بـ«احترام ثقافة الآخرين»!

المقصودُ بثقافةِ الآخرين، أو الآخر: المعتقداتِ والعادات والتقاليد.

والمقصودُ باحترامها؛ عدمُ الإنكار على أهلها، وتسويغُ قِيامهم بها.

هل هذا المفهومُ شرعيٌّ، أيجوزُ أن ينطق به الإنسان المسلم أوّلاً، ثمّ  أيجوزُ أن يطبّقه الإنسان المسلم؟

في الستينات والسبعينات من القرن العشرين الماضي؛ كانت أكثرُ الأفلام السينمائيّة، ثم التلفزيونيّة، تتوجّه الوجهة الوجوديّة (أنا حُرّ - أنا حرّة)!

ومعنى (أنا حُرّ - أنا حرّة) أني أتصرّف بجميع ما يحلو لي، من دون رقيب أو حسيب، أو نظرٍ إلى رأي الأديان!

كانت الصبغة العامّة للأفلام؛ هي أفلام الحبّ والعشق والخيانة الزوجية والجنس!

وكانت أشهر جملةٍ تنطق بها الممثلة الموظّفة لأداء الأدوار؛ هي (أنا حرّة)!

هي حرّة فيما تقوم به، أو تتركه!

هي حرّة في لباسها!

هي حرّة في صداقاتها!

هي حرّة حتى في خياناتها الزوجيّة!

 الوجوديّة بأخصر كلمةٍ هي أنّ «الإنسان هو الإله» ولا حاجةَ بالإنسان إلى إله غيبيّ، خلقه خوفُ الإنسان من الطبيعة، ومن المجهول.

ومَع الزمن؛ توضّعت في بلادنا أعرافٌ وتقاليد وُجوديّة، غيّرت كثيراً من عاداتنا وطبائعنا، حتى صار الخروجُ عليها رجعيّةً وتخلّفاً، وخروجاً على المألوف!

وأنا الفقير إلى الله تعالى؛ لا أميل إلى التشدّد أبداً، فالله تعالى علّمنا التيسير على أنفسنا وعلى غيرنا، فقال جلّ وعزّ: (يُرِيدُ اللهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ) وقال:

( فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا (5) إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا (6).

وقال الرسول صلّى الله عليه وآله وسلّم:

(إِنَّ الدِّينَ يُسْرٌ، وَلَنْ يُشَادَّ الدِّينَ أَحَدٌ إِلَّا غَلَبَهُ!

فَسَدِّدُوا وَقَارِبُوا وَأَبْشِرُوا) أخرجه جمع من المصنفين، منهم البخاري في كتاب الإيمان من صحيحه (39).

(يسّروا ولا تعسّروا، وسكّنوا ولا تنفّروا) أخرجه البخاري في العلم (69) ومسلم في الجهاد (1734).

بيد أنّ التخفيفَ على الناسِ، والتيسير عليهم؛ يجب أن يكون محكوماً بالأحكام التكليفية الخمسة، وليس على حسب المزاج والرغبة!

فالواجبُ من الأحكام؛ لا تساهل فيه!

الطهارة والصلاة والصيام والزكاة والحجّ؛ واجباتٌ، فليس من التيسير أن نقول: لا تشدّدوا على الناس، يكفي أن يصلّوا الجمعة مثلاً!

والحرام لا تساهل في ارتكابه أبداً!

فالربا حرام، وهو حربٌ لله تعالى ولرسوله صلّى الله عليه وآله وسلّم، فلا تجوز إباحةُ الربا مطلقاً، وهكذا سائر المنهيّات.

أمّا دائرة التيسير فتكون في المندوبات والمباحات!

هذا في إطار المجتمع المسلم.

أمّا غير المسلمين؛ فمن حقّهم أن يفعلوا في بلادهم ما يشاؤون!

فالزنا والأخذان والمصاحبة والمساكنة والسفور والعريّ في بلاد الغرب؛ أمورٌ مُعتادةٌ متسالَم عليها، وإن كانت خلاف دينهم!

أمّا إذا دخلوا بلادَنا؛ فيجب أن يحترموا ثقافتنا، ويلتزموا بعدم معارضتها، ما داموا في بلادنا!

ولأنهم أحرارٌ بأن يفعلوا في بلادهم ما يشاؤون؛ فلم تكن السكنى في ديار غير المسلمين مُرَغّباً بها شرعاً، بل هي منهيٌّ عنها، إلّا في ظروفٍ خاصّة، ليس منها أبداً البحثُ عن الرفاهيةِ والغنى!

البوذيون مشركون!

المجوس مشركون.

الذين يؤمنون بتعدد الآلهة أو الأقانيم مشركون!

فهل أحترم الشرك؟

ليس في غير دين الإسلام اليوم محرّمات أبداً!

الزنا مباح، واللواط مباح، والسحاق مباح، وأنواع التواصل الجنسيّ، جميعها مباحة!

فهل أحترم هذه الموبقات؟

الخمرة والنبيذ والويسكي والحشيشة وسائر أنواع المخدرات مباحةٌ!

فهل أحترم هذه الممارسات؟

لا أريد أن أسترسل أكثرَ في عرضِ ثقافةِ الآخرين، لكنني أقول:

لا يجوز للمسلم أن يحترمَ أيَّ معلمٍ من معالمِ ثقافةٍ أخرى، إذا كانت تخالف حكماً من أحكام الإسلام!

فلا يجوز أن يقول: أنا أحترم ثقافة الصين، أو اليابان، أو كوريا، أو روسيا، أو أوربا، أو أمريكا؛ لأنّ ثقافتهم وُجوديّةٌ، بعيدةٌ عن الأديان كلّها!

وحتى ما يُدْعَى بالأديان السماويّة؛ فلا يجوز احترام أيّ عقيدةٍ أو شعيرةٍ تخالف معتقدات المسلمين أو شعائرهم!

لكن هل هذا يعني محاربَتَهم؟

لا ليس هذا ما أريد، إنما الذي أريد قوله: هم في بلادهم أحرار، وأنت عندما تدخل بلدهم بتأشيرة دخول، لأيّ سببٍ من الأسباب؛ فقد أعطيتهم عهداً وأماناً أن لا تحاربهم، ولا تغدر بهم لارتكابهم ما يخالف دينك وعقائدك!

فتقيم في بلادهم آمراً بالمعروف، ناهياً عن المنكر بلسانك وحسب، فإن منعوك من الأمر بالمعروف بلسانك؛ فيكفيك الإنكار بقلبك، ريثما تخرج من بلادهم!

وأرى جميعَ الذين يقيمون في بلاد الغرب - من غير ضرورة - آثمين!

ويكفي أنهم يعرّضون أنفسهم ودينهم إلى الذلّ والمهانة، والخضوع لقوانين مخالفةٍ لدين الإسلام!

والله تعالى أعلم.

(رَبَّنا: ظَلَمْنَا أَنْفُسَنا، وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنا؛ لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ).

هذا.. وصلّى الله على سيّدنا محمّد بن عبدالله، وعلى آله وصحبه وسلّم تسليماً.

والحَمْدُ للهِ على كلِّ حالٍ.

الجمعة، 3 يونيو 2022

 اجتماعيات (75):

بسم الله الرحمن الرحيم

زيارة الإمام موسى الكاظم!؟

(رَبَّنَا: عَلَيْكَ تَوَكَّلْنَا، وَإِلَيْكَ أَنَبْنَا، وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ.

رَبَّنَا: لَا تَجْعَلْنَا فِتْنَةً لِلَّذِينَ كَفَرُوا، وَاغْفِرْ لَنَا.

رَبَّنَا: إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ).

(رَبَّنَا: افْتَحْ بَيْنَنَا وَبَيْنَ قَوْمِنَا بِالْحَقِّ، وَأَنْتَ خَيْرُ الْفَاتِحِينَ).

شهادتي أنني ما زُرت سيدي وجدّي موسى الكاظم بن جعفر الصادق عليهما السلام في بغداد، وسألت الله تعالى عنده، لي أو لغيري؛ إلّا استجاب الله دعائي!

حتّى في إعادةِ السيارات المسروقة، وشهودي على ذلك مئاتٌ من المصلّين عندي في حيّ القاهرة، ببغداد!

ولذلك كان طبيعيّاً لديّ أن يقال: موسى بن جعفر؛ باب الحوائج إلى الله تعالى.

أستثني من ذلك طلبَ الرزقِ، فقد عشتُ من مطلع عام (1996) حتى آب من عام (19999) فقراً مدقعاً، وحملتُ ديناً موجعاً، جاوز ثلاثةَ عشر ألف دولار!

ودعوتُ الله تعالى كثيراً، عند سيّدي موسى، وعند سيدي أبي حنيفة، وعند سيّدي عبدالقادر، رضي الله عنهم؛ فلم تحصل استجابةُ الرحمن الرحيم لدعائي.

وعشت وأسرتي البالغةَ خمسة عشر نفساً، أقسى مرحلةٍ مرّت عليّ في حياتي التي جاوزت اليوم أربعةً وسبعين عاماً.

وقد شهدتُ مَواسمَ زيارةِ الشيعةِ ضريحَ الإمام موسى بن جعفر، حيث تتعطّل بغدادُ عمليّاً عن نشاطها، وترى جيوش الشيعة تقدُم راجلةً، من كلّ حدبٍ وصوب، يعلنون ولاءهم، ويطلبون حوائجهم، في منظرٍ رهيبٍ مخيفٍ  حقّاً !!

وبينما أقلّب مقاطع الفيديو في هاتفي قبلَ قليل؛ ظهر أماني مَقطعُ صوتِ حادٍ حزين وهو متّجهٌ إلى مشهد الإمام موسى بن جعفر، ووراءه جمع من الشيعة يردّدون وراءه جملة (يا دكتور الكلافات) ولا أدري معنى الكلافات!؟

يقول الحادي بصوته الحزين المؤثّر:

تَعنيتَك يا بو طِلبة!

يا دكتور الكلافات!

وأدري بحالتي صعبة!

يا دكتور الكلافات!

ما يَنشف دمع عيني!

وريدنّك تشافيني!

يا دكتور الكلافات!

كلّك بَخْت، وباسمك تنخّيت!

يا باب الحوائج، وأنا ناديت!

وهاي زيارتك، وأنا تعنيت!

كم زائر تعنّى ينوح، شافيت!

يا دكتور الكلافات» انتهى!

مساكين عوامّ الشيعة والله!

عاطفيون عوامّ الشيعة والله!

طيّبون عوامّ الشيعة والله!

لكنّ علماءهم لا يعلّمونهم، ولا يوضحون لهم الحقَّ من الباطل!

وأكبر شاهدٍ على كلامي؛ هذه الفضائياتُ المجرمة، التي لا تعلمهم إلّا الغلوَّ والأحقاد وإشاعةَ الخرافات.

وقلّما تجد فضائيّة شيعيّة، تعلّم الشيعةَ التوحيدَ والعقائد الصحيحة، وتحذّرهم من الغلوّ، والابتعاد عن التنكّر للجيلِ الأوّلِ، الذي نصرَ الإسلام ورسولَ الإسلام، وحمل إلينا القرآن العظيم، الذي لم يثبت أنّ الإمام عليّاً عليه السلام، كان طرفاً في جمعه وكتابته أبداً !؟

ومع هذا؛ فقد أقرّ جميعَ ما فيه، هو والأئمة من بعده، ولم يثبت عن واحدٍ منهم القول بتحريف القرآن العظيم، زيادةً أو نقصاناً.

وكلّ الروايات التي تُروى في كتب الرافضة؛ كاذبة ساقطة مرذولة، كما صرّح بذلك السيّد الحيدريّ، والسيّد الخوئيّ، والسيّد مهدي الخرسان، رحمهما الله تعالى.

والله تعالى أعلم  

(رَبَّنا: ظَلَمْنَا أَنْفُسَنا، وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنا؛ لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ(.

هذا.. وصلّى الله على سيّدنا محمّد بن عبدالله، وعلى آله وصحبه وسلَّم تَسليماً.

والحمد لله على كلّ حال.

الخميس، 2 يونيو 2022

اجتماعيات (73):

بسم الله الرحمن الرحيم

الشيخُ حَسن البَنّا يَهوديّ!؟

(رَبَّنَا: عَلَيْكَ تَوَكَّلْنَا، وَإِلَيْكَ أَنَبْنَا، وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ.

رَبَّنَا: لَا تَجْعَلْنَا فِتْنَةً لِلَّذِينَ كَفَرُوا، وَاغْفِرْ لَنَا.

رَبَّنَا: إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ).

(رَبَّنَا: افْتَحْ بَيْنَنَا وَبَيْنَ قَوْمِنَا بِالْحَقِّ، وَأَنْتَ خَيْرُ الْفَاتِحِينَ).

سألني أحد الإخوة عن أصول الشيخ حسن البنّا، فقلت له: هو مصريٌّ من قريةٍ صغيرةٍ، من قرى محافظة البحيرة!

قال: عبّاس العقّاد يقول: إنّه يهوديّ، من يهود المغرب؟

قلت له: وافرضْ أنّ ذلك صحيح، فكان ماذا؟

أقول وبالله التوفيق:

تَعلّمنا في الحركة الإسلامية في سوريا؛ أنّ كثيراً من حكّام العرب؛ أولاد زنا، ولم يكن يَحلو لأمهاتهم الزنا إلّا مع اليهود!

فعبدالناصر يهودي، وحافظ أسد يهودي، وصدّام حسين يهوديّ، ومعمّر القذافي يهوديّ، وجميعهم من الزنا، وهناك روايات أخرى، لكنها لا تخرج عن دائرة الزنا!

سكنتُ في الحي العاشر من مدينة نصر، في القاهرة، وتعرفت إلى رجل صعيديّ شهم حقّاً، كانت له دكّان لبيع العصير الطبيعيّ، وكان يحترمني جدّاً، ويكرمني جدّاً، وحين سألته عن سبب ذلك؛ قال لي:

أنا والله لست في حاجة إلى مخلوق، والحمد لله تعالى، لكنني أحترم العلماء، وخاصّةً علماءَ آل البيت!

قلت له: ومن أين عرفت أنني من آل البيت؟

قال: سبحان الله العظيم، أنت شريف حسينيّ، وربّ الكعبة، وأنا مثلك وابن عمّك!

قلت له: من أيّ بلدٍ أنت؟

قال: أنا من بني مُرّ، بلدِ السيد الرئيس جمال عبدالناصر حسين، وعدّ لعبدالناصر سبعة آباء، آخرهم خليل، وقال: نلتقي نحن والسيّد الرئيس في السيّد خليل!

قلت له: أعد عليّ نسب الرئيس عبدالناصر، وكتبتُه عنه، ثم قلت له: أعد عليّ النسب؟ فأعاده بتمامه ولم يتلكّأ!

قلت له: متى تذهب في العادةِ إلى بني مُرّ؟

قال: قلّما أذهب إلى هناك، لكن أذهب في الأعياد والمناسبات، رزقي هنا!

قلت له: بنفسي والله أن أزور بنيّ مرّ، وأتعرّف إلى أقارب جمال عبدالناصر عن قرب، ففي قلبي غصّة خانقة!

قال: متى شئت؛ أسافر معك، وتنزل في بيتي هناك ما شئت من الأيّام والشهور!

اتّفقتُ معه على يومٍ نسافر فيه إلى بني مرّ، لكنْ جاءتني معوّقات، فلم أذهب!

سبحان الله العظيم!

ذهبَ خصوم الحركة الإسلامية ليتّهموا قائدهم وزعيمهم، بمثل التهمة التي كانوا يتّهمون بها كبارَ خصومهم!

بيد أنّ خصومهم لم يقولوا عن الشيخ حسن البنّا: إنّه ابن زنا، وحاشاه رحمه الله تعالى.

إنّ مدينة الشيخ حسن البنّا معروفة، وقريته معروفة، ولا بدّ أنّ له أقاربَ في هذه القرية!

وأرى من الواجب على محبّي الشيخ حسن البنا المصريين، المقيمين هناك؛ أن يعرفوا لنا نسبَه، وأن يعرفوا لنا عدداً من أجداده، حتى تُقطع ألسنة الذين لا يخافون الله تعالى.

الشيخ حسن بن «أحمد عبدالرحمن» بن محمّد البنّا، ثمّ يسكتون!

سياقةُ هذا النسب لا تكفي أبداً في أيّ بلدٍ عربيّ!

قد كان أهلنا ونحن صغارٌ يقولون لنا: لا يكون الإنسان أصيلاً حتى يعُدّ سبعةَ جدود، ومن لا يعدّ سبعةَ جدودٍ؛ لا يكون أصيلاً في البلد الذي يقيم فيه.

ولذلك كان جميع أولاد أعمامي يحفظون سبعة أجداد، كان جدّي السيّد إبراهيم يقول: هم العصبة!

(عداب بن السيد محمود بن إبراهيم بن «محمد الحمش» بن خالد بن الخضر بن محمّد بن القاسم «الجاسم» شيخ الهبطة آل كنعان).

وكان جدّي رحمه الله تعالى، إذا ذُكرت بعض العائلات أمامه يقول: هذه العائلة دخيلة، وهذه العائلة دخيلة، والعشيرة الفلانية دخيلة، لم يمض عليهم (100) سنة في حماة!

هذه لفتةٌ ضروريّة، وليست بالصعبة ولا بالعسيرة، فرحلة واحدٍ من محبي الشيخ حسن البنا إلى مسقط رأسه، تمكّنه من معرفة ذلك، ثم نشره.

التقيت سيدي محمد الحافظ التجاني في نهار يومٍ، كانت ليلته ماطرة، منتصفَ الشهر العاشر، أو الحادي عشر، من سنة (1976) والذي دلّني على منزله وزاويته يومها وذهب معي إليها، فضيلةُ الدكتور أسامة عبدالعظيم، حفظه الله تعالى.   

كنتُ في كلِّ يومٍ أنهي حصتي من القراءات السبع على سيّدي الشريف محمد سليمان أحمد الشندويليّ، في جامع سيّدنا الحسين عليه السلام، ثم أنتقل إلى الزاوية التيجانيّة للقاء سيدي الحافظ، وتلقي علوم الحديثِ على يديه.

ذات يومٍ تأخّرتُ قليلاً، فوجدتُ سيدي الحافظ ينتظرني في بَهو الزاوية الواسع، وقال لي: تأخّرتَ اليوم كثيراً، وأنا أنتظرك من الصباح!

اليوم لن نأخذ درساً كالمعتاد، اليوم سأقصّ عليك تاريخاً يهمّك كثيراً، وأنت تجهل أكثره!

قصّ علي تاريخ الإخوان المسلمين، وعرّفني بأبرز رجالاته، وبالرجال الذي حرفوا مسارَ الجماعةِ، من مسارٍ دعويٍّ سلميّ، إلى «التنظيم المسلح السريّ».

وحدّثني بندم الشيخ حسن البنا، على السماح بوجود هذا التنظيم، وقال: إنّه سيدمّر الجماعة.

قلت له هنا: سيّدي أنا كنت في الإخوان المسلمين، هذا صحيح، وقد قرأتُ جميع كتب الشيخ حسن البنا مرّاتٍ، لكنني لست معجباً بشخصيّته ولا بكتبه!

هل كان الشيخ حسن عالماً؟

قطّب وجهه، وفتح عينيه وقال: عالم؟ عالمٌ وأكثرُ من عالم، وأبوه أعلمُ منه!

قلت له: أدركتم والده سيدي؟

تبسّم وقال: أدركته دهراً، وتعاونت معه في ترتيب مسند الإمام الشافعيّ وغيره، وكان يأخذ رأيي في بعض أعماله العلميّة.

قلت له: كان رجلاً صالحاً؟

قال: رحمه الله تعالى، كان رجلاً صالحاً صامتاً عالماً عاملاً، حييّاً خفيّاً، الأسرة كلّها كانت صالحة يا شيخ فيصل!

(اللهم أنت تشهد أنني صادقٌ فيما نسبتُ  إلى سيدي الحافظ، إن لم يكن باللفظ، فأكثره باللفظ، وبعضه بالمعنى من الحفظ)!

قبل تعرّفي إلى سيّدي الحافظ التيجاني؛ كنت مجتهداً لأن أكمل دراستي في جامعة الأزهر، وسعيت إلى ذلك بما لا مجال لذكره الآن!

لكن أرشدني أحدُ الإخوة إلى سيف الإسلام بن حسن البنّا، وحصّلنا هاتفه واتّفقنا معه على موعدٍ، وزرناه، ووعدنا خيراً، ثمّ سجّلني في الأزهر فعلاً!

زرت الأستاذ سيف الإسلام في بيته ثلاثَ مرّاتٍ، وزارني في منزلي في «ميدان الجامع» مرّتين، وصار بيننا صداقة، ليست بالحميمة!

حدّثني عن والده الشيخ حسن بأمورٍ لم يدركها هو، وحدّثني عن جدّه الشيخ أحمد عبدالرحمن أكثر مما حدّثني عن والده، وهو يعرفه جيّداً.

كان رجلاً شهماً كريماً نبيلاً، لكنه لم يكن من أهل العلم الشرعيّ أبداً!

وههنا أقول:

حدثني شيخي الشيخ محمد علي المراد.

وحدثني شيخي الشيخ أحمد المراد.

وحدّثني شيخي وهبي سليمان الغاوجي.

وحدّثنا الشيخ شعيب الأرناؤط - وكان معنا الأستاذ الدكتور محمد سعيد حوّى - جميعهم قالوا ما معناه - كلّ على حدته: الشيخ ناصر الألباني ليس ألبانيّا أصيلاً، أو قالوا: ليس أرناؤوطيّاً أصيلاً، إنّما جدّه الرابع، أو الخامس يهوديٌّ، من يهود الخزَر، أسلم وحسن إسلامه!

قلت لشيخي محمد علي المراد، وقلته ثانيةً للشيخ شعيب: إذا كنتم تقولون: حسن إسلامه، فأين المشكلة في الأمر؟!

كان جميعُ الصحابة إمّا مشركينَ، أو يهوداً، أو نصارى، وجميعهم تقولون: رضي الله عنهم!

قال الشيخ محمّد علي المراد: الشيخ ناصر ليس على منهج والده الرجل الصالح، فربما نزعه عِرقٌ يهوديّ، وقد كان مُغضِباً لوالده، أو كلاماً كهذا!

أقول: رحم الله سيدي وشيخي الشريف مروان حديد الرفاعي، فقد كرّر على مسامعي عشراتِ المرّات: «كم أتمنى لو كان أصلي يهوديّاً، أو نصرانيّاً» وكنت أتضايق من هذا الكلام كثيراً!

قلت له مرّةً بحدّة وقهر: سبحان الله تعالى، ما هذه الأمنية الغريبة!

قال لي بحدّة وغضبٍ هو الآخر: أين أنت عن قول الرسول صلّى الله عليه وآله وسلّم لقيصر الروم: (أسلم تسلم؛ يؤتك الله أجرك مرّتين) دعوا هذه الدعوات الجاهليّة، انتسبوا إلى الإسلام (أبي الإسلام لا أب لي سواه = إذا افتخروا بقيسٍ أو تميم)!!

ختاماً: إنّ عبّاساً العقّاد - وإن دافع عن الإسلام في بعض كتبه، وعلى طريقته الخاصّة - لكنّه لم يكن صاحبَ دين ولا صاحبَ التزام، وكان من أشدّ خصوم الإخوان، وكان ناصريّ الهوى، فكلامه والهواء سواء!

وحتى لو كانت أصول الشيخ حسن البنا أو أصول الشيخ الألباني يهوديّة؛ فقد تبيّن من تاريخهما؛ سلامةٌ في الإيمان، والتزام بالدين، ونبلٌ في الأخلاق، وليس مطلوباً من مسلمٍ أكثر من ذلك!

والله تعالى أعلم.

(رَبَّنا: ظَلَمْنَا أَنْفُسَنا، وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنا؛ لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ(.

هذا.. وصلّى الله على سيّدنا محمّد بن عبدالله، وعلى آله وصحبه وسلَّم تَسليماً.

والحمد لله على كلّ حال.

الثلاثاء، 31 مايو 2022

      مَسائلُ حَديثيّةٌ (39):

وفاةُ أبي طالبٍ على غيرِ الإسلام (3)!؟

بسم الله الرحمن الرحيم

(رَبَّنا: عَلَيْكَ تَوَكَّلْنا، وَإِلَيْكَ أَنَبْنا، وَإِلَيْكَ الْمَصيرُ.

رَبَّنا: لَا تَجْعَلْنا فِتْنَةً لِلَّذِينَ كَفَرُوا، وَاغْفِرْ لَنَا.

رَبَّنَا: إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ).

(رَبَّنَا: افْتَحْ بَيْنَنَا وَبَيْنَ قَوْمِنَا بِالْحَقِّ، وَأَنْتَ خَيْرُ الْفَاتِحِين).

في المنشور السابقِ (38) خرّجتُ حديثَ المسيّب بن حزْن المخزوميّ، وحديثَ أبي هريرة اللذين ينصّان صراحةً على أنّ أبا طالب رفضَ أن ينطق بالشهادتين، وماتَ على الشرك!

وفي هذا المنشور (39) سأخرّج حديثَ الإمام عليّ عليه السلام، الذي ينصّ على أنّه دفن والدَه، وهو ما يزالُ على الشرك!

بإسنادي إلى الإمام أحمد في مسنده الكبير، مسند العشرة المبشرة (1093) قال رحمه الله تعالى: حَدَّثَنَا وَكِيعُ بن الجرّاح الإمام: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ الثوريّ الإمامُ  عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ السبيعيّ الثقة المدلّس، عَنْ نَاجِيَةَ بْنِ كَعْبٍ «المجهول المخلّط في حديثه» عَنْ عَلِيٍّ عليه السلام، قَالَ: لَمَّا مَاتَ أَبُو طَالِبٍ؛ أَتَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقُلْتُ: إِنَّ عَمَّكَ الشَّيْخَ الضَّالَّ قَدْ مَاتَ، فَقَالَ: (انْطَلِقْ فَوَارِهِ، وَلا تُحْدِثَنَّ شَيْئاً حَتَّى تَأْتِيَنِي)

قَالَ عليٌّ: فَانْطَلَقْتُ فَوَارَيْتُهُ، ثمّ جئتُ، فَأَمَرَنِي، فَاغْتَسَلْتُ، ثُمَّ دَعَا لِي بِدَعَوَاتٍ، مَا أُحِبُّ أَنَّ لِي بِهِنَّ مَا عَرُضَ مِنْ شَيْءٍ» وأعاده أحمد في مواضع (759، 807، 1074).

وأخرجه جمع غفيرٌ من طرقٍ كثيرةٍ، لا حاجة بنا إلى ذكرها، إنما نسعى إلى تعيين مدار الحديث:

مدار حديثِ عليّ عليه السلام، على أبي إسحاق السبيعيّ، رواه عنه:

إبراهيم بن طهمان، عند أبي يعلى الموصلي في مسنده (423).

وإسرائيل بن يونس، عند البيهقي في السنن الكبير (1467).

سفيان الثوريّ، عند أحمد (1093) وأبي داود (3214) والنسائيّ (2006).

سلام بن سليم أبو الأحوص الحنفيّ، عند ابن أبي شيبة في المصنّف (11840).

وسليمان الأعمش، عند أبي الشيخ في كتاب الأقران (104) لكن عنده: عن أبي إسحاق عن رجل عن عليّ.

شعبةُ بن الحجّاج، عند أحمد (759) والطيالسيّ (122) والشافعي في مسنده (102) لكن قال البيهقيّ في الخلافيات (1: 530): «هَذا الحديثُ فِيمَا لَمْ يَسْمَعْهُ الرَّبِيعُ مِنَ الشَّافِعِيِّ».

قال البيهقيّ في السنن الكبير (2: 393) في نقد هذا الحديث:

«رواه الثَّوريُّ وشُعبَةُ وشَريكٌ عن أبي إسحاقَ.

ورواه الأعمَشُ عنه، عن رجلٍ، عن عَلِيٍّ.

وناجيَةُ بنُ كَعبٍ الأسَدِيُّ؛ لم تَثبُتْ عَدالَتُه عِندَ صاحِبَي الصحيح!

أخبرَنا أبو عبدِاللهِ الحافظُ: أخبرَنا الحسنُ بنُ محمدِ بنِ إسحاقَ: حدثنا محمدُ بنُ أحمدَ بنِ البَراءِ قال: قال عليُّ ابنُ المَدينيِّ: حَديثُ عليٍّ أن النبيَّ صلى الله عليه وسلم أمَرَه أن يوارِيَ أبا طالِبٍ؛ لم نَجِدْه إلا عِندَ أهلِ الكوفَةِ، وفِى إسنادِه بَعضُ الشَّيءِ.

رواه أبو إسحاقَ عن ناجيَةَ، ولا نَعلَمُ أحَدًا رَوَى عن ناجيَةَ غَيرَ أبى إسحاقَ».

قال البيهقيُّ: وقَد رُوِى مِن وجهٍ آخَرَ ضَعيفٍ عن عليٍّ هَكَذا:

حَدَّثَناه أبو محمدٍ عبدُ اللَّهِ بنُ يوسُفَ إملاءً، أخبرَنا أبو إسحاقَ إبراهيمُ بنُ محمدِ بنِ إبراهيمَ الدَّيْبُلىُّ بمَكَّةَ: حدثنا محمدُ بنُ عليِّ بنِ زَيدٍ الصّائغُ: حدثنا سَعيدُ بنُ مَنصورٍ: حدثنا الحسنُ بنُ يَزيدَ الأصَمُّ قال: سَمِعتُ السُّدِّيَّ يُحَدِّثُ عن أبي عبدِالرحمنِ السُّلَمِيِّ، عن عليِّ بنِ أبي طالِبٍ قال: لما توُفِّىَ أبو طالِبٍ أتَيتُ رسولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فقُلتُ: إنَّ عَمَّكَ الشيخَ قَد ماتَ) الحديث.

تَفَرَّدَ الحسنُ بنُ يَزيدَ الأصَمُّ بإِسنادِه هَذا.

وأَخبرَنا أبو سَعدٍ المالينيُّ: أخبرَنا أبو أحمدَ عبدُاللَّهِ بنُ عَدِيٍّ الحافظُ قال: «الحسنُ بنُ يَزيدَ الكوفِيُّ: لَيسَ بالقَوِىِّ، وحَديثُه عن السُّدِّيِّ لَيسَ بالمَحفوظِ».

قال الإمام البيهقيّ: ومَدارُ هذا الحديثِ المَشهورُ على أبي إسحاقَ السَّبيعِيِّ، عن ناجيَةَ بنِ كَعبٍ عن عَلِيٍّ.

قال الإمام البيهقيّ: «وقَد رَوَى إسحاقُ بنُ محمدٍ الفَرْوِيُّ عن عليِّ بنِ أبى عليٍّ اللَّهَبِيِّ عن الزُّهرِىِّ، عن عليِّ بنِ حُسَينٍ، عن عمرِو بنِ عثمانَ، عن أُسامَةَ بنِ زَيدٍ قال: دَخَلَ عليُّ بنُ أبى طالِبٍ إلى رسولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - فأَخبَرَه بمَوتِ أبى طالِبٍ» الحديث!

ثمّ قال: «هَذا مُنكَرٌ، لا أصلَ له بهَذا الإسنادِ، وعَلِيُّ بنُ أبي عليٍّ اللَّهَبِيُّ ضَعيفٌ، جَرَّحَه أحمدُ بنُ حَنبَلٍ ويَحيَى ابنُ مَعينٍ، وجَرَّحَه البخاريُّ وأبو عبدِ الرحمنِ النَّسائيُّ.

ويُروَى عن عليٍّ مِن وجهٍ آخَرَ هَكَذا، وإِسنادُه ضَعيفٌ.

وقد طوّل الإمام البيهقيّ في سياق طرق هذا الحديث، وضعّفها كلّها، فمن شاء؛ فليراجعها ثمّة (2: 393 - 398).

وقد كنّا يكفينا كلام الإمام البيهقيّ هذا في تضعيف هذا الحديث القبيح، لكن نودّ أن نزيد الأمر بعضَ الإيضاح!

ترجم الحافظ ابن حجر ناجيةَ بن كعبٍ في تهذيبه (10: 400) وقال: «أمّا ناجية بن كعب الأسديُّ؛ فهو الراوي عن علي بن أبي طالب، فقد قال ابن المديني أيضاً: لا أعلم أحداً روى عنه غير أبي إسحاقَ، وهو مجهول!

وقال العجلي: ناجية بن كعب كوفي ثقة، وذكره ابن حبان في الثقات.

وفرّق البخاريُّ وأبو حاتم ومسلم في الطبقات وغير واحد بين ناجية بن كعب الأسديّ، وبين ناجية بن خفاف العنزيّ، والله تعالى أعلم».   

قال الفقير عداب:

في كلام ابن حجر نظرٌ من عدّة جهات:

الجهة الأولى قوله: «فرّق البخاريُّ ...إلخ» متى قرأت هذا الكلام؛ فاعلم أنّ المترجَمَ ليس معروف العين، وهو مشتركٌ مع غيره، وهذا وحده يضعّف الحديثَ موضع الدرس!

الجهة الثانية: قوله: «ترجمه ابن حبان في الثقات» وهذا غير صحيح!

فقد ترجم في الثقات (4: 351) سَلْمَى بِنْتُ كَعْبٍ أُخْتُ نَاجِيَةَ بْنِ كَعْبٍ تَرْوِي عَنْ عَائِشَةَ.

أمّا ناجية بن كعب؛ فترجمه في المجروحين (1122) وهذه ترجمته بتمامها ثمّة:

«نَاجِية بن كَعْب من أهل الْكُوفَة، وَهُوَ الْأَسدي يَرْوِي عَن عَلِي.

روى عَنْهُ أَبُو إِسْحَاق وَأَبُو حسان الْأَعْرَج.

كَانَ شَيخاً صَالحاً، إِلَّا أَن فِي حَدِيثه تَخْلِيطاً، لَا يشبه حَدِيثَ أقرانه الثِّقَات عَن عَليٍّ.

فَلَا يُعجبنِي الِاحْتِجَاجُ بهِ إِذا انْفَرد، وَفِيمَا وَافق الثِّقَات، فَإِن احْتج بِهِ مُحْتَجٌّ؛ أَرْجُو أَنّه لا يُجرحُ فِي فعله ذَلِك».

وقد تنبّه الشيخ شعيب الأرنائوط من قبل إلى ذلك، في تخريجاته على مسند الإمام أحمد (759).   

الجهة الثانية: نقل ابن حجر عن ابن المدينيّ أنه قال: لم يرو عنه سوى أبي إسحاق وهو مجهول، ثم ذهب فقال في الثقات: ثقة!

وتعقّب البيهقيَّ في التلخيص الحبير (2: 269) فقال: «مَدَارُ كَلَامِ الْبَيْهَقِيّ عَلَى أَنَّهُ ضَعِيفٌ، وَلَا يَتَبَيَّنُ وَجْهُ ضَعْفِهِ، وَقَدْ قَالَ الرَّافِعِيُّ: إنَّهُ حَدِيثٌ ثَابِتٌ مَشْهُورٌ قَالَ ذَلِكَ فِي أَمَالِيه».

أقول: لا يخفى على طالب علم؛ أنّ توثيق العجليّ إذا انفرد؛ لا يعتمد عليه، وناجية بن كعبٍ مجهول الحال في أقلّ تقدير، وقد حكم ابن المديني بجهالته، وحكم ابن حبان بتخليطه، فعلامَ بنيت توثيقك أيها الحافظ ابن حجر؟

الجهة الثالثة: تقدّم في تخريج البيهقيّ للحديث؛ أنّ الشعبيَّ رواه عن أبي إسحاق، عن رجلٍ، عن عليّ، وهذه اللفتة توجبُ التيقّظ لأنّ أبا إسحاق مدلّسٌ، وقد قال: عن ناجية بن كعب، ولم يقل: حدّثني ناجية!

وهذه علّة أخرى تضافُ إلى ما سبق من علل الحديث!

وقد نصّ علماء الحديثِ على أنّ الثقةَ المدلّس إذا بصيغة «عن» عن شيخٍ له، وانفرد هو بذلك؛ لا يُقبل منه ذلك، ويُعدّ حديثه مدلَّساً ضعيفاً!

ختاماً: إنّ حديث ناجيةَ بن كعبٍ عن الإمام عليّ إسناده ضعيف جدّاً، لجهالة ناجية بن كعبٍ وتخليطه، ولتدليس أبي إسحاق السبيعيّ، الذي يستغرب منه أن يروي مثل هذا الحديث!

والله تعالى أعلم.

(رَبَّنا: ظَلَمْنَا أَنْفُسَنا، وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنا؛ لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ).

هذا.. وصلّى الله على سيّدنا محمّد بن عبدالله، وعلى آله وصحبه وسلّم تسليماً.   والحَمْدُ للهِ على كلِّ حالٍ.