الأحد، 24 نوفمبر 2024

التصوّف العليم:

الشيخ محمّد الكسنزان كما عَرفتُه (1).

بسم الله الرحمن الرحيم

بينَ يديِ البحثِ:

منذ مدّةٍ مديدةٍ؛ أحدّث نفسي بكتابةِ صفحاتٍ عن (الشيخ محمّد الكسنزان كما عَرفتُه) وفاءً بحقّه، وعرفاناً لفضله.

وما كان يمنعني من ذلك، إلّا أن يُظنَّ بأنني إنّما أكتب عنه لأنتقدَه، إذْ إنني أخالفُه في عددٍ من أصولِ منهاجِ التصوّف المعاصر وفروعِه.

ولا يخفى على القريبين من دوائر الصوفيّة؛ أنّ للشيخِ عندهم قداسةً خاصّةً، إنْ لم تبلغْ رتبةَ الرسولِ صلّى الله عليه وآلِه وسلّم؛ فهي دونها بدرجة أو درجتين وحسب، وأنا بعيدٌ عن مثلِ هذه المعتقداتِ غايةَ البعد!

وأنا الفقير ليس من أهدافي فيما أكتب؛ التنقيصُ من الرموز والهيئاتِ والشخصيّات، خلافاً لما يظنّه كثيرون!

إنّما أنا أحبّ الالتزام بالقيود الشرعيّة، وأكره الغلوّ والمبالغات، وأتجنّبها في نفسي ووالديَّ ومشايخي قاطبةً.

مثال ذلك: أنّ أتباعَ الشيخ محمّد الكسنزان يرونه وليّاً حقيقةً، ويرونه صالحاً حقيقةً، ويرونه غوثاً حقيقةً، ويرونه قطب الزمان وسلطان الأولياء حقيقةً!

وأنا الفقيرُ لا أعتقد بوجود مخلوقٍ مرتبته البدلُ، والمُعَصّب، والقطبُ، والغوثُ، وسلطان الأولياء، وخليفة الله!

إنني أرى الإمام عليّاً عليه السلام سيّد الأولياء والصالحين، بعد الأنبياء عليهم السلام، بيد أنّه ليس بدلاً، ومُعَصّباً، ولا قُطباً، ولا غوثاً، ولا هو سلطانُ الأولياء، ولا خَليفةُ اللهِ في الأرض، إذْ لم يقم لديّ دليلٌ يثبتُ وجود هذه المزاعم الصوفيّة!

فإذا كانت هذه رؤيتي للإمام عليٍّ عليه السلام، فكيف تكون رؤيتي لمشايخي من الصوفيّة؟

أقول: إنّ الإمامَ عليّاً عليه السلام وليٌّ من أولياء الله تعالى، وهو أعظم الصالحين كما قدّمتُ، من دون مثنويّة، إذ قامت الأدلّة الشرعية على أنه من أهل الجنّة هو وسائر أهل الكساء، أمّا غيرهم؛ فهو تحت مشيئةِ الله تعالى ورحمته.

فلا أقول: الحسن البصري، وداود الطائي ومعروف الكرخيّ والجنيد البغدادي والسريّ السقطي؛ إنهم أولياء، بل لا أجوّز هذا القولَ أصلاً، إنّما أقول:

الحسن البصريّ: أحسبه من أولياء الله تعالى.

معروف الكرخي من الأولياء، ولا أزكّيه على الله تعالى.

وجميع مشايخي الصوفيّةِ الكبار: الشيخ محمّد الحافظ التجاني، والشيخ محمّد الحامد، والشيخ محمد علي المراد، والشيخ عبدالحليم الجيلانيّ، والشيخ محمد الكسنزان، رحمهم الله تعالى؛ أحسبهم من الصالحين، ولا أزكيهم على الله تعالى.

لما تقدّم فإنّ كتابتي عن الشيخ (محمّد الكسنزان) ستكون ذكرياتٍ ومذكّراتٍ.

آمل أن يعينني الله تعالى على إتمامها، وأن يجعل فيها الفائدةَ للقرّاء الكرام، وتاريخاً أميناً صادقاً لسنواتٍ عشتها قريباً من حضرة الشيخ محمّد، رحمه الله تعالى.

والحمدُ لله على كلِّ حال.