وتحسبونه هيّناً (2):
الحرب في اليمن !؟
بسم الله الرحمن الرحيم
(رَبَّنا: عَلَيْكَ تَوَكَّلْنا، وَإِلَيْكَ
أَنَبْنا، وَإِلَيْكَ الْمَصيرُ.
رَبَّنا: لَا تَجْعَلْنا فِتْنَةً لِلَّذِينَ
كَفَرُوا، وَاغْفِرْ لَنَا.
رَبَّنَا: إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ).
(رَبَّنَا افْتَحْ بَيْنَنَا وَبَيْنَ قَوْمِنَا
بِالْحَقِّ، وَأَنْتَ خَيْرُ الْفَاتِحِين).
أيّها المسلمون في بلاد
العرب:
ألم تقرؤوا قولَ الله
تبارك وتعالى:
(وَمَنْ يَقْتُلْ
مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا؛ فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا، وَغَضِبَ اللهُ
عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا (93) [النساء].
ألم تقرؤوا قول المنتقم
الجبّار:
(وَمَنْ يُشَاقِقِ
الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ
الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيرًا
(115) [النساء].
والرسول صلّى الله عليه
وآله وسلّم يقول:
(إِنَّ دِمَاءَكُمْ
وَأَمْوَالَكُمْ، وَأَعْرَاضَكُمْ عَلَيْكُمْ حَرَامٌ، كَحُرْمَةِ يَوْمِكُمْ
هَذَا فِي بَلَدِكُمْ هَذَا، فِي شَهْرِكُمْ هَذَا، وَسَتَلْقَوْنَ رَبَّكُمْ،
فَسَيَسْأَلُكُمْ عَنْ أَعْمَالِكُمْ.
أَلاَ فَلاَ تَرْجِعُوا
بَعْدِي ضُلَّالًا، يَضْرِبُ بَعْضُكُمْ رِقَابَ بَعْضٍ.
أَلاَ لِيُبَلِّغِ
الشَّاهِدُ الغَائِبَ، فَلَعَلَّ بَعْضَ مَنْ يُبَلَّغُهُ أَنْ يَكُونَ أَوْعَى
لَهُ مِنْ بَعْضِ مَنْ سَمِعَهُ) أخرجه البخاريّ (4406) - وهذا لفظه - ومسلم (1679)
وهو مروي عن عددٍ من الصحابة.
يا أيها المؤمنون:
العار ولا النّار !؟
إنّ الحربَ الاستبقاقيّةَ
محرّمةٌ بين المسلمين، والمسلمُ بادئ الحربِ يقال له: باغ، وأعوانه البغاة.
والله تعالى يقول:
(وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ
الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا؛ فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا.
فَإِنْ بَغَتْ
إِحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَى؛ فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي، حَتَّى تَفِيءَ
إِلَى أَمْرِ اللهِ.
فَإِنْ فَاءَتْ؛
فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا بِالْعَدْلِ، وَأَقْسِطُوا إِنَّ اللهَ يُحِبُّ
الْمُقْسِطِينَ (9).
إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ
إِخْوَةٌ، فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ.
وَاتَّقُوا اللهَ
لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ (10) [الحجرات].
إنّ الجيش الذي يقاتلُ
دفاعاً عن الحدودِ التي رسمها لنا الاستعمار الغربيّ؛ ليس مجاهداً في سبيل الله،
ومَن قتل منه؛ فليس شهيداً أبداً، فهذه الحدود ليست مقدّسة، حتى تستبسلوا في
الدفاع عنها، بل هي عار على أمّة العرب!
جزيرة العرب وحدةٌ جغرافية
واحدة تمتدّ من سلطنة عُمان إلى قناة السويس، وعريش مصر.
وإذا سلّمنا بأنّ
السعوديّة تدافعُ عن حدودها - جدلاً وتنزّلاً - فمجرّد الظنّ والتخمين باعتداء
الحوثيين على حدودها؛ لا يسوّغ للمسلمِ قتلَ أخاه المسلم، حتى لو كان مبتدعاً في
نظره، فإنّ البدعةَ لا تبيح الدم الحرام!
أنصارُ الله الحوثيون؛ لم
يعتدوا على حدود السعوديّة، ولم يتجاوزوها، إنما السعوديّة هي التي دمّرت اليمن
بطائراتها، وهي التي بدأت الحرب.
فعليها هي أن توقفَ
الحربَ، وأن تكفّ طائراتها وصواريخَها عن اليمن، ولتترك أنفةَ الأعراب، وعارَ
الهزيمة جانباً؛ فإنّ الرجوع إلى الحقّ؛ خير من التمادي في الباطل!
وسواء كانت إيران تدعم
الحوثيين، أم كان غيرها مَن يدعمهم، أفليست أمريكا وبريطانيا ودول الغرب جميعها
تدعمكم، وتبيعكم السلاحَ لتقتلوا فيه إخوانكم؟
أمّا دعوى الشرعيّة التي
تزعمون أنكم تدافعون عنها؛ فأنتم على يقين بأنكم تكذبون بدعواكم، في كلّ مرّةٍ
تنطقون بها!
الثورة اليمنيّة في بداية
ستينات القرن الماضي، بدعْمٍ من عبدالناصر؛ أسقطت الإمامةَ، وتغلّبت على اليمن
وحكمته بالحديد والنار!
وأنتم معاشر السعوديين،
بدعم تامّ من بريطانيا؛ أسقطتم حكمَ الأشراف، واستوليتم على الحجاز وعسير وربع
اليمن، وأنتم تحكمون معظم جزيرة العرب بالحديد والنار، منذ مائة عام.
فهي الغلبة العسكريّة إذن!
وقد تغلّب الحوثيون على
الشرعيّة التي تدافعون عنها، وهربت الشرعيّة إلى قصور، أو فنادق الرياض، كما هو
معلوم، فبحكم شرعكم السنيّ؛ صار الحوثيون حكاماً شرعيين بتغلّبهم على صنعاء، ويحرم
الخروج عليهم!
وبحكم القانون الدولي،
الذي أنتم تحتكمون إليه، دون شرع الله تعالى؛ أنتم معتدون، تتدخّلون في شؤون اليمن
الداخليّة!
اسحبوا جيوشكم من اليمن،
ودعوا اليمنيين يَتصالحون، أو يتغالبون، ومن غلبَ؛ حكم، وأخرجوا أنفسكم من مزيدِ
غضبِ الله تعالى وأليم عذابه!
هذا هو منطق تاريخ العالم
كلّه، أمس واليومَ وغداً، وتاريخ المسلمين لا ينفكّ عن هذا أبداً، والسياسةُ لا
دين لها البتة، منذ عام (40 هـ) وإلى يوم الناس هذا !
ولا أرى ساسةَ العرب، منذ
ذلك التاريخ، وإلى اليوم، إلّا مع فرعون وهامانَ وأُبيّ بن خلفٍ، في نارٍ تلظّى!
فما مِنْ حاكمٍ تغلّب من
أجل الملكِ، إلّا قتلَ خلقاً من المسلمين عَمداً وعن سبق إصرار، وهذا وحده كافٍ
لأن يجعله خالداً في جهنم وبئس المصير!
(وَمَنْ يَقْتُلْ
مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا؛ فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا، وَغَضِبَ اللهُ
عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا (93) [النساء].
هكذا قال الله تعالى،
وليقلْ الكلاميون والفقهاءُ ما قالوا !؟
وإنني أبشّركم يا آل سعودٍ
ويا آل نهيّان بأنكم ستهزمون في اليمنِ شرَّ هزيمة، وستُدكّ الرياض ودبيّ وأبو ظبي
بمئات الصواريخ، وستندمون على هذه الحرب الحقيرة المجرمة - ولا أقول: العبثيّة - التي
ستقود إلى دمار بلادكم وزوال ملككم
«وكأنْ قدِ»!
والله تعالى أعلم
(رَبَّنا: ظَلَمْنَا أَنْفُسَنا، وَإِنْ لَمْ
تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنا؛ لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ).
هذا.. وصلّى اللهُ على
سيّدنا محمّد بن عبداللهِ، وعلى آله وصحبه وسلّم تسليماً
والحمد لله على كل حال.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق