اجتماعيات
(٣٨):
الرسوم
المسيئة إلى الرسول، صلى الله عليه وآله وسلم.
في الشمال
السوريّ المعارض!؟
بسم الله الرحمن الرحيم
(رَبَّنَا: عَلَيْكَ
تَوَكَّلْنَا، وَإِلَيْكَ أَنَبْنَا، وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ.
رَبَّنَا: لَا تَجْعَلْنَا
فِتْنَةً لِلَّذِينَ كَفَرُوا، وَاغْفِرْ لَنَا.
رَبَّنَا: إِنَّكَ أَنْتَ
الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ).
(رَبَّنَا: افْتَحْ
بَيْنَنَا وَبَيْنَ قَوْمِنَا بِالْحَقِّ، وَأَنْتَ خَيْرُ الْفَاتِحِينَ).
كتب إلي
وهاتفني عدد من الإخوة، يريدون مني أن أبدي رأيي بما حصل ، من ضجّة كبيرة، بشأنِ منهاج
السيرة النبويّة، الذي أحرقه أساتذة المدارس هناك؛ لأنهم وجدوا فيه إهانةً للرسول
صلّى الله عليه وآله وسلّم:
من صورٍ
مسيئةٍ إلى جنابه الشريف!
ومن
تعبيراتٍ قاصرةٍ، أو غير لائقة بجنابه المعظّم.
فأجبتهم على
الخاص، فلم يقنعوا، وقال بعضهم: طيلة عمرك تجاهر بما تراه صواباً فلم تريد هذه
المرة أن تكون أخا السرار؟!
أقول وبالله
التوفيق:
- كنت أنتظر
من بياناً من رابطة العلماء السوريين.
- وكنت
أنتظر بياناً من المجلس الإسلامي السوري.
- وكنت
أنتظر بياناً من سماحة مفتي سوريا الجديد؛ بأن يقوموا هم بتوضيح ما حصل، بعد دراسته
موضوعياً، ثم إعطاء الفتوى المناسبة.
هذا من جهة.
ومن جهة
أخرى؛ فأنا في الأصل خارجَ المعادلة السورية كلّها.
فلا أنا موال
للنظام، ولا أنا موال للمعارضة، بل أنا معارض لهما معاً !
فما أحببت
أن يُفَسّر كلامي على غير ما أقصد.
لكنني اليوم
الإثنين، قرأت لأحد أعضاء رابطة العلماء السوريين، وهو من أعضاء المجلس الإسلامي
السوري منشوراً على «الفيس بوك»
يواسي المسؤول الأول عن تلك الصور المسيئة للرسول صلى الله تعالى عليه وآله وسلّم
تسليماً وبارك.
فرأيت من
المناسب أن أكتب إليكم هذا المنشور.
أقول: عندما
سئلت عمّا وضع في تلك الكتب الدراسية من صور مسيئة، وتعبيرات لا تليق بالجناب
النبوي؛ فوجئت بذلك.
فقام ولدي
بتنزيل كتاب السيرة المعنيّ، وأطلعني على مضامينه.
وإذ إنّ
المسؤول الأول عن المناهج هو الدكتور عماد الدين رشيد، وأنا لا أعرفه ولم ألتق به
في حياتي؛ فقد تواصلت مع صديق مشترك بيننا، وسألته عنه؛ فأجابني بالآتي:
«السلام
عليكم ورحمة الله وبركاته.
الدكتور
عماد الدين رشيد، عالم مؤهل في العلوم الشرعية الإسلامية، وله في ذلك مؤلّفاتٌ.
وهو معروف
لدى رابطة علماء الشام.
ومعروف لدى
أعضاء المجلس الإسلامي السوري.
ومعروف لدى
هيئة علماء فلسطين - وثلاثتها في استانبول - ومن أخص أصدقائه:
سماحة
المفتي الجديد الشيخ أسامة الرفاعي.
وشيخ قراء
دمشق كُرَيّم راجح.
والداعية
المشهور الدكتور أحمد راتب النابلسي.
والذي أدين
الله تعالى به أن الدكتور عماد الدين رشيد، من المحال أن يقصد الإساءة إلى الله
تعالى، أو إلى رسوله صلى الله تعالى عليه وآله وسلم، أو إلى القرآن العظيم، أو إلى
الإسلام في أي قول أو فعل.
إنما هو رجل
عالمٌ، قد يكون له اختياراته التي يخالف فيها غيره.
وليس لدى
الرجل أدنى ميول شيعية» انتهى كلام
الصديق المشترك.
قال عداب:
وأنا سأظل
تحت سقف كلام الصديق المشترك، ولن أتجاوز على الدكتور عماد أبداً.
بيد أنني
سأتحدث عن الخطأ، الذي وقعت فيه المجموعة التي وضعت ذلك المنهاج، وأدخلت تلك الصور
التوضيحية، تحت إشراف الدكتور عماد وإذنه.
مع التذكير
بأنّ الدكتور عماد أصدر بيانين متناقضين:
دافع في
الأول عن نفسه، وعن مجموعته، مُصرّاً على أن ما فعلوه هو الصواب.
وفي البيان
الثاني، اعترف بالخطأ، وبيّن أنه كان غير مقصود.
ويُرَجّح
بعضهم أن اعتذاره جاء بعد خطاب وزارة التعليم التركية، وربما كان هذا راجحاً لديّ.
التراجع في
مثل هذه الحال؛ لا يكفي.
والاعتذار
تحت ضغط السلطة؛ لا يكفي أيضاً
إنما يجب
على المخطئ تجاه جناب المصطفى صلى الله تعالى عليه وآله وسلم ثلاثة أمور:
الأمر
الأول: القناعة بخطأ ما قام به حقيقة.
ولا بأس من
الحوار معه في ذلك، حتى لا يكون تراجعُه تحت ضغط السلطة التركية أو ضغط الشارع
المسلم، فإن هذا لا يفيده شيئاً، عند الله تعالى.
الأمر
الثاني: إبطال آثار هذا الخطأ، برضا وطواعية.
الأمر
الثالث: التوبة النصوح، وكثرة الصلاة والتسليم على الرسول الحبيب.
إن الخطأ:
هو ارتكاب المسلم المخالفة، عن غير قصد الإساءة، وهذا ما نظنه بالدكتور عماد وغيره
من أهل العلم، حملة الشهادات الشرعية العليا.
أما الغلط:
فهو ارتكاب المسلم المخالفة بقصد المخالفة، سواء بقصد مخالفة النص، أم مخالفة
الإجماع، أم بتغليب المصلحة المظنونة على دلالة النص العامة الظاهرة.
وكثير من تنويري
عصرنا، من حملة الشهادات الشرعية اليوم، يرجّحون المصلحة المتخيلة في عقولهم، على
الدلالات المعتبرة، بدعوى مواكبة العصر!
وما دام
الدكتور عماد الدين رشيد فرداً في أمّة، ومجموعته دونه في العلم غالباً؛ فكان عليهم
مراعاةُ الفتاوى الصادرة عن هيئاتٍ علميّة، بحرمة تمثيل أو رَسمِ أو نحتِ شخصيّة
متوهّمةٍ للرسول صلّى الله عليه وآله وسلّم، فضلاً عن رسم شخصيّاتٍ كثيرةٍ، كلّ
منها يعبّر عن الرسولِ، في مرحلة عمريّة معيّنة!
وقد سبق
لمجمع الفقه الإسلاميّ بمكة المكرمة، الذي يشارك فيه علماءُ كبارٌ من شتّى بقاع
العالم الإسلاميّ، أن أصدر فتوى بتحريم ذلك، بتاريخِ (30) ربيع الثاني، من شهور
سنة (1405 هـ) جاء فيها:
«إنّ
تخييل شخصه الشريف بالصور، سواءٌ كانت مرسومةً متحركةً، أم ثابتة!
وسواءٌ كانت
ذاتَ جُرمٍ أو ظلٍّ، أو ليس لها ظلٌّ، كلّ ذلك حرامٌ، لا يحلُّ ولا يجوز شرعاً، فلا
يجوز عمله ولا إقراره، لأيّ غرضٍ من الأغراض، أو مقصدٍ من المقاصد، أو غايةٍ من
الغايات، وإن قُصِد به الامتهان؛ كان كفراً».
ومن أعضاء
هذا المجلس العلميّ الكبير؛ الشيخ عبدالعزيز ابن باز، والشيخ عبدالله بن بيّه، والدكتور
وهبة الزحيليّ، والدكتور محمد سعيد رمضان البوطيّ، رحمهم الله تعالى.
والدكتور
عماد الدين رشيد، لا يوزن في الفقه بواحدٍ من هؤلاء، فضلاً عن أن يخالفهم أجمعين!
ختاماً: لست
ممن يعنيهم مهاجمة المخطئ، أو التشفي بمن أخطأ أو غلط، فهذا وذاك ليسا من أخلاق
الفرسان، فضلاً عن أن تكون من أخلاق أهل الإسلام.
لكنني أطالب
المخطئ بالتراجع عن خطئه حقيقة، وبالاعتذار إلى من أَخْطأ تجاهه وعليه، وأطالبه بالتوبة
النصوح.
ولا أربت
على كتفه، وأخفف عنه بعض معاناتِه، التي تسبب هو بها لنفسه، ولغيره من المسلمين.
والله تعالى
أعلم.
]رَبَّنا:
ظَلَمْنَا أَنْفُسَنا، وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنا؛ لَنَكُونَنَّ
مِنَ الْخَاسِرِينَ[.
هذا.. وصلّى الله على
سيّدنا محمّد بن عبدالله، وعلى آله وصحبه وسلَّم تَسليماً
والحمد
لله على كلّ حال.