التصوف العليم:
العَقلُ المسلمُ ما هو!؟
بسم الله الرحمن الرحيم
(الحمدُ للهِ، وسَلامٌ على
عِبادِه الذين اصْطَفى(.
أمّا بعد: نجد على هذا
الفضاء «الفيسبوك» أناساً أفاضلَ لديهم أدبٌ وأخلاق، ونمرّ على أناسٍ خالين منهما،
ممزوجين في الحمقى والسفهاء، والعياذ بالله تعالى.
وليس في رواياتِ المحدّثين
حديثٌ واحدٌ يصحّ في العقل، وإنْ جاءت آياتٌ قرآنية كريمة في معناه، بل في معانيه
وأبعاده.
أخرج الإمام ابن حبّان في
روضة العقلاء (1) والطبراني في المعجم الكبير (5928) والأوسط (2940) والحاكم في
المستدرك (151، 152) وجمع غيرُهم، من حديثِ أبي حازمٍ سلمةَ بن دينارٍ عن سهل بن
سعدٍ الساعديّ قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم: (إِنَّ اللَّهَ
يُحِبُّ مَكارِمَ الأَخْلاقِ، وَيَكْرَهُ سَفْسافَها) وهذا حديثٌ صحيح، وهو مرويّ
متّصلاً وموقوفاً ومرسلاً ومقطوعاً، عن عددٍ من الصحابة والتابعين.
قال
ابن حبّان رحمه الله تعالى: « لست أحفظ عَن النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وسلم
خبرا صحيحاً في العقلِ؛ لأنّ أبانَ بنَ أبي عيّاشٍ، وسلمةَ بْنَ وَردانَ، وعميرَ
بنَ عِمرانَ، وعليَّ بنَ زيدِ ابنِ جُدعانَ، والحسنَ بْنَ دينارٍ، وعبّادَ بنَ
كثيرٍ، ومسيرةَ بنَ عبدِ ربّه، وداودَ بنَ المحبَّرِ، ومَنصورَ بنَ صُقَيرٍ، وذَويهم؛ ليسوا ممّن أحتجُّ
بأخبارهِم، فأخَرِّجُ مَا عندَهم مِن الأحاديثِ، في العَقْلِ.
وإنّ
مَحبَّةَ المَرءِ المكارمَ مِن الأخلاقِ، وكراهتَه سَفْسافَها؛ هو نَفْسُ العَقْلِ.
فالعَقلُ
به يَكونُ الحَظُّ، ويُؤنس الغربةَ، ويَنفي الفاقةَ، ولا مالَ أفضلَ منه، ولا يَتمُّ
دينُ أحدٍ حتّى يَتمَّ عَقلُه»...
وأفضلُ
مَواهبِ اللَّهِ لعبادِه؛ العَقلُ!
ولقد
أحسنَ الذي يَقولُ:
وأفضلُ
قَسْمِ اللَّهِ للمرءِ عَقلُه ... فليسَ مِن الخيراتِ شيءٌ يُقاربُهْ
إذا
أكملَ الرحمنُ للمَرءِ عَقْلُه ... فقد كَمُلَتْ أخلاقُه ومآربُهْ
يَعيش
الفَتى في الناسِ بالعَقلِ، إنّه... على العقلِ يَجري عِلْمُه وتجاربُهْ
يزيد
الفَتى في الناسِ جَودةُ عَقْلِه... وإنْ كان مَحظوراً عَلَيْهِ مَكاسبُهْ) انتهى
كلامه.
ختاماً: متى وجدتُم إنساناً سفيهاً وقحاً، بعيداً عن مكارم الأخلاقِ؛
فاعلموا أنّه أُتيَ من قلّةِ عقلِه، فاجتنبوا صفحتَه، وادعوا له بالعافيةِ وصحّةِ
العقل!